29-01-2011 11:07 AM
كل الاردن -
محمد أبو رمان
استمرار المسيرات والمظاهرات في الشوارع العربية يؤكد أنّ اللحظة التونسية لم تكن ومضة عابرة، وإنما نقطة تحول تاريخية تعلن بداية مرحلة جديدة في المشهد السياسي العربي الداخلي والإقليمي.
"استجابات" مطابخ القرار العربية لهذه اللحظة تبدو متباينة تماماً من دولة لأخرى، إذ دخل النظام المصري أمس في صدام مع الشارع بصورة مباشرة وحادّة، واضطر إلى قطع خدمات الانترنت والهاتف المحمول، والتشويش العلني على الإعلام، ومنع قطاع النقل العام عن مناطق حيوية في القاهرة، وإلغاء مباريات كرة قدم من الدوري المصري، ثم حظر تجول عام (حتى كتابة هذا المقال) في استنساخ كاريكاتوري لما قام به نظام زين العابدين قبيل الانهيار.
الشارع العربي اليوم ليس هو شارع الأمس، تلك هي الحكاية. وقد التقط الأردن المؤشرات بسرعة وتعامل بذكاء مع الموجة الجديدة، واستطاع أن يحتوي الموقف فلم نشهد مواجهات كتلك التي حدثت في عواصم عربية مختلفة.
الحالة الأردنية لها خصوصيتها، بكل تأكيد، وهنالك مرونة أوسع وأكثر قدرة على التعامل مع المزاج الاجتماعي، وهو ما يمكن ملاحظته بوضوح خلال الأيام الماضية من رسائل وإشارات متعددة تؤكد على تعاطٍ مختلف عن الطرق العربية الأخرى.
ذلك صحيح، لكن ما ينبغي أن يكون مدركاً تماماً أنّ القضية اليوم ليست في احتواء لشحنات غضب شعبية عابرة، وتجنب الصدام معها، نحن أمام متغيرات أكبر من ذلك بكثير، وإحداثيات لمرحلة مختلفة، تتطلب تطوير مقاربة الاحتواء نحو التحضير لمرحلة مقبلة عنوانها إصلاحات سياسية بنيوية حقيقية.
الإصلاح البنيوي اليوم هو المفتاح الحقيقي لحماية الاستقرار السياسي والدولة، والمرحلة الجديدة تتجسّد من خلال انفتاح وحوار سياسي وتفاهم على مرحلة مختلفة تماماً عنوانها قانون انتخاب جديد وشخصيات سياسية لديها الكفاءة والمصداقية تقود السفينة نحو مواجهة أكثر عمقاً وذكاءً للتحديات والمشكلات التي انفجرت خلال السنوات الأخيرة.
لقاءات الملك مع مجلسي الأعيان والنواب مؤخراً لم تُبق حيلةً لدى التيار الرسمي المعارض للإصلاح، سواء في الحديث عن قانون الانتخاب أو قانون الاجتماعات العامة أو حتى فتح ملفات الفساد الكبرى أو إطلاق الحريات العامة في البلاد.
ثمة تأكيدات رسمية من مراجع متعددة في اللقاءات المصغّرة على وجود نوايا حقيقية وجادة للإصلاح الشامل ما يستدعي وجود انعكاسات واضحة لهذه النوايا على أرض الواقع.
وجود شخصية محترمة لها حضورها السياسي والشعبي ومصداقيتها لدى الشارع ومواقفها الجريئة المعلنة في الإصلاح، وقبولها من مختلف القوى السياسية، كطاهر المصري، على رأس مجلس الأعيان يساعد على التمهيد مع القوى الأخرى لمرحلة مقبلة مختلفة تعبر في البلاد هذا المنعطف الحسّاس وهذه اللحظة الدقيقة.
خلال الأيام السابقة، لعب المصري دوراً كبيراً بتصريحه المعتبر وحواراته مع المرجعيات العليا والقوى المختلفة في احتواء الموقف، والإنصات للرجل خلال هذه الأيام سيساعد كثيراً على تحديد الأولويات المطلوبة.
الغد