29-01-2011 11:37 AM
كل الاردن -
طاهر العدوان
كتبت قبل يومين, بان الانظمة امام خيارين: الاصلاح او القمع. امس شاهدنا الخيار الثاني بيد الحاكم ليقتحم به وعي وعقل المواطن العربي اينما كان, المصدوم بما يشاهد من استهتار الانظمة بالشعوب. كيف ان حاكما يجلس على كرسيه منذ 30 عاما وبقانون طوارئ وانتخابات مطعون بها دائما, ثم نراه يواجه مطالب الملايين بالقمع وكأنه لا يسمع ولا يرى ابناء شعبه, من الاسكندرية الى اسوان, يطالبون بإسقاط نظامه وكما وصف احد المراسلين ما حدث امس: بانه لم يبق مصري في بيته الا وخرج الى الشوارع . كان عليه ان ينسحب من الحياة العامة ويقول شكرا للشعب ويدعو الى انتخابات جديدة حرة ونزيهة وبرقابة دولية, لافساح المجال لابناء مصر ان يتقدموا الصفوف لقيادة البلد, الذي ان صلح صلح العالم العربي كله وان اصابه وهن او فساد ارتجف الجسد كله بالسهر والحمى.
كنت في مصر, اثناء انتفاضة 18و19 يناير عام 1977 ضد انور السادات. قبل ذلك بيوم واحد كنت تعتقد وانت تتجول في شوارع القاهرة بان الشعب يدين بالولاء التام للسادات. فالارصفة كانت مليئة بالكتب والمجلات التي تندد بجمال عبد الناصر وعهده, اما صحافة مصر واعلامها وكتابها فكانوا يخرجون يوميا بالمقالات التي يكتبها موسى صبري ومصطفى وعلي أمين ومحسن محمد, وفكري اباظة الذين يبشرون بـ الانفتاح" الاقتصادي الذي سيجلب للشعب المن والسلوى, بعد ان جلب له "قائد العبور"النصر!! .
فجأة, في 18و19 يناير انفجر البركان واذا الشعب كله يهتف بصوت واحد على كل شبر من ارض مصر "ناصر..ناصر". فلم يجد السادات ولا اعوانه مكانا يفرون اليه الا في عمق صحراء الهرم. وكان ايضا خيار السادات انزال الجيش وقوات الامن لقمع "انتفاضة الحرامية" كما وصفها, لقد نجح في ذلك لكن الى ان حانت نهايته المعروفة..!
بعض القادة لا يقرأون التاريخ, واخرون لا يستوعبون اي درس من تاريخ بلادهم القريب. والنتيجة دائما مرحلة من تدمير البلد وملء السجون والمعتقلات وجر الاوطان والشعوب الى متاهات اخرى من الخراب والفقر والفساد.
قبل ايام من فراره وبعد 23 عاما من حكمه البوليسي خرج زين العابدين بن علي, على جماهير شعبه الثائر بخطابه الذي قال فيه عبارته الغريبة: "اليوم انا افهم, انا فهمتكم, انتم تريدون الحرية وحرية الصحافة والاعلام.!! في مصر وجه الشاعر احمد فؤاد نجم حمم احدى قصائده ضد نظام مبارك, يخاطبه فيها بدهشة تتكرر عند خاتمة كل مقطع من قصيدته.
"مطنش علينا وعامل عبيط..
كأنك مفيش .....
taher.odwan@alarabalyawm.net
العرب اليوم