02-02-2011 08:33 AM
كل الاردن -
حسين الرواشدة
اذا كان مطلوبا من الحكومات العربية ان تصغي لدرس "الزلزال" الذي جاءنا من تونس ومصر وان تتعلم منه فان "نخبنا" السياسية مدعوة ايضا للاصغاء والتعليم والاعتبار.
لقد اكتشفت "نخب" المعارضة في بلداننا العربية انها عاجزة تماما عن قيادة اي تغيير ، وانها تلهث خلف "شباب" ازدحمت بهم الشوارع احتجاجا على واقعهم البائس ، وتحاول ان تختطف منهم "حصاد" شجاعتهم وتعبهم ، وتجيّره لحساباتها السياسية فيما اكتشفنا نحن - للاسف - ان "شوارعنا" تتحرك بلا رؤوس وان فقرنا السياسي ليس صناعة حكومية فقط وانما صناعة "نخبوية" شارك فيها مجتمعنا بكل ما افرزه من شخصيات "اعتاشت" على اصوات الناس ومطالبهم وتاجرت بقضاياهم وتواطأت على قضاياهم العادلة.
لنعترف ان "بؤس" المعارضات في بلداننا لا يقل ابدا عن "بؤس" الحكومات وان الحالة التي انتهينا اليها لم تكن - فقط - بسبب مقررات الحكومات وسياساتها واجراءاتها وانما -ايضا - بسبب "جدب" النخب والمعارضات وسواء انسحبت من الميدان او مارست فيه دور "الكومبارس" وسواء تشابكت مع الحكومات او تناكفت معها ، فقد ظل خطابها بعيدا عن هموم الناس ، عاجزا عن التأثير فيهم ، بل ومقيدا لحركتهم ايضا.
الآن بطل "التغيير" في مجتمعنا هو "الشباب" هؤلاء الذين لم يتخرجوا من مدارسنا الحزبية ، ولم يتتلمذوا على يد "نخبنا" المعارضة ولم تقنعهم خطاباتنا الدينية والسياسية هؤلاء الذين عانوا من اتهاماتنا لهم بأنهم "جيل الإنترنت" او "جيل اللهو واللعب والطرب" هؤلاء الذين يئسوا من كلامنا الطويل وثرثرتنا حول "التغيير" فانطلقوا دون ان يأخذوا "اذنا" من احد ليعيدونا -نحن الذين اوهمناهم بأننا نمارس دور الاساتذة - الى مقاعد الدرس من جديد ، ويقودونا الى العناوين الصحيحة بدل العناوين المغشوشة التي تصورنا اننا حددناها لهم غبر "اساطير" التنظير السياسي التي افرزناها منذ ان خرج احتلال الاجنبي لبلداننا ودخل احتلال "الوطني" اليها.
ان اخشى ما اخشاه هو ان نختزل هذا "التغيير" الذي يقوده هؤلاء الشباب بإسقاط الحكومات او تغييرها فقط ذلك ان هذا النوع من التغيير ليس اكثر من "وهم" او -ربما - مجرد طلاء للتغطية على واقع شاركت "النخب" فيه ، وانتجته المعارضات ايضا ، ولهذا فان توجيه بوصلة الاحتجاجات والمطالبات الى "تغيير" هذه النخب او عدم تمكينها على الاقل من "قطف" حصاد هذه الثورات الشعبية العفوية واختطافها هو البداية الحقيقية للاطمئنان على سلامة السكة وجدوى التضحيات ومستقبل "التغيير" الذي يصنع مستقبلا افضل.. مستقبلا لا يستبدل الوجوه القديمة بوجوه جديدة او "يدوّر" نخبا مكان نخب اخرى.
باختصار ، لم تسقط الحكومات وحدها في امتحان "غضب" الشارع ، وانما سقطت ايضا احزابنا ونخبنا ومعارضاتنا واذا كانت نداءات "التغيير" اقتصرت -حتى الآن - على الحكومات فان انتاج التغيير الحقيقي لن يتحقق الا اذا تحررت مجتمعاتنا من "وهم" هؤلاء الذين تحولوا الى "كومبارس" خلف الشارع يكررون هتافاته ويستغلون غضبه ويقايضون تعبه وتضحياته لتحقيق مصالحهم فقط.
الدستور