06-02-2011 08:40 AM
كل الاردن -
سلامه الدرعاوي
لعل اقالة حكومة الرفاعي تحت ضغوطات الشارع الذي حملها مسؤولية تردي الاوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وعدم تجاوبها لمطالب المواطنين بالشكل المطلوب يحمل رسالة الى مجلس النواب الذي كان قد منحها ثقة ب¯ 111 صوتا قبل اربعين يوما فقط.
تلك الثقة كانت مفصلا مهما في علاقة المواطنين ونظرتهم الى السلطة التشريعية, بعد تجارب مريرة عبر السنوات الماضية تشوهت تلك العلاقة. فالمواطنون شعروا ان النواب باتوا في جيب الحكومة السابقة التي حصلت على ثقة غير مسبوقة من نواب كانوا قد اشبعوها شتما في خطابات الثقة.
فقدان الثقة بين المواطن والحكومة انسحب على العلاقة مع النواب ايضا, خاصة ان الانتخابات التي جرت في عام 2007 كانت مزورة بامتياز, وبدا ان حديثا مشابها في الشارع بان الانتخابات الاخيرة لا تختلف كثيرا عن سابقتها التي حل الملك برلمانها بعد عامين تقريبا.
اقالة حكومة بعد 40 يوما من حصولها على ثقة مجلس النواب ب¯ 111 صوتا لها دلائل كثيرة, لعل ابرزها ان هناك خللا بات واضحا في شكل العلاقات بين السلطات يجب ان ينتهي الان, وان تمارس كل سلطة استقلالها المنصوص عليه بالدستور وان لا تستجدي تلك العلاقة بوسائل غير مشروعة تفقد ثقة المواطنين بتلك السلطات.
نواب ال¯ 111 مطالبون بتحصين انفسهم اليوم واستعادة ثقة المواطنين من خلال العمل الجاد والمبادرة الى تفعيل ادواتهم الرقابية والابتعاد عن المزايدات او استجداء الحكومات بالتعيينات والاعطيات. فكرامة المجلس من كرامة الدولة.
لا شك ان هناك ردة فعل سلبية لدى بعض النواب جراء اقالة حكومة الرفاعي وحتى تكليف البخيت بالوزارة الجديدة, وهم يتوعدون البخيت بمساءلته ومحاسبته عن اخطاء حكومته الاولى (2005-2007) والمقصود تزوير الانتخابات البلدية والنيابية وفضيحة الكازينو, وهي قضايا طالما كان الشارع يطالب بمحاسبة المسؤولين عنها في حين كان بعض السادة النواب السابقين والحاليين يتسترون على تلك الفضائح بسبب مكتسبات شخصية كسبوها من وراء سلوكياتهم التي اعتبرهم الشارع انهم والحكومات شركاء في التزوير وفي تلك الفضائح.
طبعا النواب الحاليون يريدون ان يثأروا من حكومة البخيت من خلال فتح الملفات ومن خلال الثقة التي يهددونها بها, والواقع ان الكثير منهم يلوح بتلك الشعارات حتى يستعيد وصلة الاتصال الخفية مع الحكومة والتي كانت دائما ما توفر للنواب خدمات خارج القبة, فهم يضغطون مقابل ثمن.
الواقع يفرض على السادة النواب ابداء مرونة وحسن نية تجاه الحكومة الجديدة بهدف الرقي بالعمل العام والاخذ بزمام الاختصاص الرقابي ومساءلة الحكومة وتقييم برامجها, وعلى هذا الاساس تتم المحاسبة بدلا من الشخصنة في العلاقات التي كانت تسود في السابق.
هناك الكثير امام النواب ليعملوه لاستعادة الثقة بالشارع ان كانوا معنيين بها اصلا, وفي اعتقادي ان تصريحات بعضهم في الاونة الاخيرة حول احقية الثقة بالحكومة الماضية والدفاع عنها بضراوة يعطي انطباع انهم في غيبوبة عن ما يحيط بالمجتمع من تداعيات سياسية واقتصادية جسيمة تتطلب فهما ووقفة شامخة لاستعادة ثقة المجتمع بمصداقية مؤسساته الدستورية, والا فان المجال والوقت لايسمحان بتجارب جديدة, وحينها سيكون مصير المجلس كمصير الحكومة التي منحها ثقة ال¯ ,111 خاصة ان الشعارات التي رفعها المتظاهرون ساوت بين رحيل حكومة الرفاعي ومجلس النواب معا.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم