09-02-2011 07:39 AM
كل الاردن -
محمد أبو رمان
سواء كانت تشكيلة الحكومة الجديدة مخيبة للآمال أم مقنعة، فإنّ المطلوب منها واضح وصريح، وموضع إجماع بين كتاب التكليف الملكي والحراك السياسي الشعبي من جهة، والمرحلة الإقليمية الجديدة التي تملي خطّاً محدداً من جهة أخرى.
يلتقط الإخوان المسلمون اللحظة الراهنة بذكاء عندما يقررون منح الرجل "فرصة" محددة من الوقت لإثبات جديّة "نوايا الإصلاح" لديه، إذ إنّ المعركة الحقيقية للحكومة هي عملياً في "الربع ساعة الأولى" وليس الأخيرة، فإمّا أن يرد البخيت الاعتبار لنفسه أمام الرأي العام والتاريخ، وإما أن يثبّت الانطباعات والأحكام المسبقة التي ولّدتها التجربة السابقة المريرة.
الأولوية اليوم واضحة وصريحة وهي للإصلاح السياسي الحقيقي بخطوات عملية ملموسة سريعة، ذلك يشمل القوانين الناظمة للعمل السياسي والمرتبطة بالحريات العامة في البلاد، ومنها قانون الاجتماعات العامة، وقانون المطبوعات والنشر.. وكذلك القيام بإجراءات سريعة تعزز هذا النهج والخط مثل فتح ملف المحكمة الدستورية، نقابة المعلمين، وقف التدخلات الأمنية في الوظائف والتعيينات، وتحرير الحياة السياسية عموماً من المنظور الأمني.
الأهم من هذا وذاك، وهو العنوان السياسي للحكومة، ومعيار النجاح والفشل، فيتمثّل في بناء حوار وطني موسّع للوصول لقانون انتخاب جديد يشكل رافعة للحياة الحزبية والبرلمانية، ما يساعد على إحداث النقلة النوعية المطلوبة في المعادلة السياسية.
التأكيدات التي لدينا أنّ البخيت سيطلب سحب قانون الانتخاب من مجلس النواب، وسيفتح نقاشاً مباشراً حوله، وصولاً إلى تعديل المحاور الحيوية والأساسية فيه، التي ترتبط بالقائمة الحزبية (النسبة التي يمكن أن تمنح لها مقابل الصوت الواحد)، والدوائر الجغرافية بما يسمح برفع سقف التمثيل السياسي إلى أعلى درجة ممكنة.
بعد إتمام قانون الانتخاب بتوافق وطني عام، فإنّ الشروط ستكون نضجت تماماً للتفكير بانتخابات نيابية مبكّرة، تأتي ببرلمان له حضوره السياسي ودوره المحوري، وإذا كانت النتائج مشجّعة ربما نحصل على حكومة برلمانية أو قريب من ذلك، مع توسيع قاعدة المشاركة في النظام السياسي، ما يسمح بتجديد قواعد اللعبة السياسية واحتواء الفاعلين الحقيقيين في الشارع، وتحديد موازين القوى الحقيقية، ضمن الأطر الديمقراطية والمعايير الدقيقة.
تلك، إذن، هي المهمة رقم (1) لحكومة البخيت الجديدة، وهي بمثابة مرحلة انتقالية، تحضّر فيها الحكومة البلاد للمرحلة المقبلة لـ"إطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي"، وهي مهمة بقدر ما تكون حسّاسة وحاسمة، بقدر ما هي واضحة وبسيطة وسهلة، وتمثّل فرصة ذهبية للبلاد لعبور مرحلة جديدة نتجاوز فيها تخبطات السنوات السابقة.
لا يجوز بعد اليوم الاستماع إلى التيار الرسمي وغير الرسمي الذي يخوّف من نتائج الإصلاح السياسي أو يريد فرملة المسار الجديد، ذلك أنّ هذا التيار هو المسؤول الرئيس عن الأزمة السياسية الحالية، ولولا مقولاته لما عشعش الفساد وانتشر، ولما وصلنا إلى هذا الاحتقان السياسي.
الرئيس لديه ضوء أخضر واضح من كتاب التكليف الملكي، والظروف الخارجية والداخلية تعمل بصورة ديناميكية قوية لتحقيق المهمة رقم (1)، وهذه لحظة تاريخية لن يقبل الشارع إضاعتها أو إهدارها بأي صورة كانت.
ليس هنالك أوضح من كلام الملك (مع قيادات الإخوان مؤخراً) عندما أكّد أنه لن يقبل بتكرار السنوات الماضية، وأنه مصرّ على فتح صفحة جديدة في مجال الإصلاح السياسي.
أجندة المرحلة المقبلة تكمن بإحداث إصلاحات سياسية حقيقية وجديّة، والمطلوب بناء الأرضية المناسبة لذلك عبر الحوار الوطني، وفي حدود أشهر معدودة لا أكثر.
(الغد)