ليس دقيقاً إطلاق وصف 'ركوب التيار' على سلوك بعض القوى والشخصيات السياسية المصرية في المعارضة الرسمية, إن ركوب التيار يحتاج لقدر من الشجاعة والمهارة لا يتوفر في كثير من الحالات التي نراها, والوجوه التي ظهرت مثلاً في الاجتماعات مع مدير المخابرات السابق عمر سليمان وفي المؤتمرات الصحفية التي تلت تلك الاجتماعات تبدو جبانة مترددة مرتبكة.
ثم أن التيار الحالي الذي حركته الثورة المصرية, تيار هادر عالٍ خطير ومهيب, وركوبه لا يعتبر أمراً سهلاً أو متيسراً لكل من يقف متفرجاً عند الشاطئ من هواة السباحة أو الراغبين في بلبلة أجسادهم بهدف الحصول على قدر من الانتعاش.
يحب المتحمسون للاجتماعات والمشاركون بها ومنظموها, لقب الحكماء أو العقلاء, باعتبار أن المتظاهرين في الميدان غير عقلاء ولا حكماء.. أو ربما مجانين.
كله هذا كوم, وحالة أحدهم وحدها كوم. هو شاب - نسبياً- لكنه أحب أن ينتمي إلى الحكماء, بصفته أكاديمياً مغترباً يعمل باحثاً بل 'كبير باحثين' في أحد مراكز البحث الأمريكية الشهيرة 'كارنيجي', وهو من المواظبين على الظهور على الشاشات سعيداً بجرأة أفكاره, وهي في الظروف العادية قد تكون جرأة فعلاً, لكن مصر الآن في مرحلة الثورة حيث تختلف مقاييس الجرأة.
صاحبنا موجود الآن في القاهرة, وبعد لقائه مع مدير المخابرات اقترح أن يتم التعامل رسمياً مع ميدان التحرير باعتباره 'هايد بارك' أي ساحة لإبداء الرأي والنقاش الحر. إنه يعتقد أن هدف المتظاهرين الوحيد أو الرئيسي هو ممارسة حرية التعبير عن الرأي, ولا يستطيع أن يرى نوع الغضب الذي يكاد لهيبه يلسعنا عن بعد.
صاحبنا له شركاء في كل أنحاء الدنيا, لا يغيبون عن الجماهير.. إنهم يحاولون صنع ثورة 'غنوجة' يقودها ثوار 'غنوجون'.