14-02-2011 10:20 PM
كل الاردن -
بعد أن ترك جمال الابن الأصغر للرئيس المصري السابق حسني مبارك وظيفته كمدير تنفيذي في بنك أوف أميركا بلندن منتصف التسعينيات، انخرط في علاقة عمل مع أكبر مصرف استثماري في مصر.
اليوم يملك جمال حصة كبيرة في أسهم الشركات الخاصة العاملة في مختلف قطاعات الاقتصاد المصري، من النفط إلى الزراعة إلى السياحة وحتى الإعلام.
خلال فترة حكم مبارك التي دامت ما يقارب 30 عاما، لم يكن هو وعائلته من النوع المتباهي بالمال كما هو الحال مع حكام الشرق الأوسط الآخرين. ولكن رغم عدم وجود ما يدل على تورط جمال مبارك أو المصرف الذي يرتبط به في نشاط غير قانوني، فإن استثماراته تظهر مدى عمق تغلغل الأسرة في الاقتصاد المصري.
مصارف سويسرا:
في غضون ساعات من استقالة مبارك يوم الجمعة، أمر مسؤولون سويسريون جميع البنوك في سويسرا بالبحث والتقصي وتجميد أي أصول تعود إلى الرئيس السابق وعائلته أو المقربين منهم. وفي مصر، تعهد زعماء المعارضة بالضغط من أجل إجراء تحقيق كامل حول الحالة المالية لمبارك.
قد يكون تتبع الأموال صعبا، خاصة أن معظم الأعمال التي تمت في مصر نفذت بسرية كبيرة بين مجموعة صغيرة من المرتبطين بمبارك.
رئيس الرابطة الوطنية من أجل التغيير المعارضة جورج إسحق قال "نحن الآن نفتح كافة الملفات. سوف نبحث في كل شيء ونتحرى عنهم جميعا: أسر الوزراء وأسرة الرئيس والجميع".
تختلف التقديرات بخصوص ثروة مبارك وتكثر الشائعات في ذلك النطاق، ولكن أقوى الشائعات ترجح فرضية مفادها أن ثروة آل مبارك قد تصل إلى 70 مليار دولار. المسؤولون الأميركيون يقولون إن هذا الرقم مبالغ فيه إلى حد كبير، وإن ثروة العائلة هي في حدود 2 إلى 3 مليارات دولار.
مستثمر ورئيس محتمل:
جمال مبارك الذي كان يجري إعداده ليكون الرئيس المقبل، وشقيقه الأكبر علاء، يعتبران من الشخصيات المهمة في نخبة رجال الأعمال بمصر.
الحزمة الضخمة من الأسهم المالية لجمال مبارك جاءت من خلال علاقاته مع المجموعة المالية "إي في جي– هيرميس" أكبر مصرف استثماري في مصر. هيرميس قال في بيان موقفه المالي لعام 2010 إن موجوداته تبلغ 8 مليارات دولار.
يعرف عن هيرمس أنه استحوذ بشكل محوري على صفقات الخصخصة، وشراء الشركات والمصانع الحكومية التي تم بيعها ضمن برنامج الخصخصة المصري، الذي يعتقد أنه وظف لمصلحة رجال الأعمال المتنفذين.
تعود علاقة جمال بهيرميس إلى منتصف التسعينيات بعد مغادرته لبنك أوف أميركا في بريطانيا وعودته إلى مصر، وتأسيسه شركة استثمار اسمها ميد إنفيست مع شريكين اثنين.
ميد إنفيست هي الأخرى مملوكة لصندوق دولي للأوراق المالية في قبرص يدعى شركة بوليون المحدودة.
ووفقا لهيرميس فإن جمال مبارك يملك نصف شركة بوليون، كما تظهر السجلات في قبرص أن علاء شقيقه هو الآخر منخرط في الشركة.
تمتلك بوليون 35% من الأسهم المالية الخاصة التي تصل قيمتها إلى 919 مليون دولار أميركي تحت إدارتها، طبقا للرئيس التنفيذي لهيرميس حسن هيكل.
كما يستثمر الصندوق في أسهم النفط والغاز والصلب والإسمنت والمواد الغذائية والماشية.
وقال هيكل إنه ما عدا الاستثمار في الأسهم المالية الخاصة، فإن جمال مبارك ليست له أي علاقة أخرى بالمصرف، سواء كانت "مباشرة أو غير مباشرة أو في الخارج أو من خلال العائلة".
ورفض هيكل الإجابة على قيمة رأس المال الذي بدأ جمال مبارك به أعماله في منتصف التسعينيات إبان عودته من بريطانيا.
وقالت متحدثة باسم هيرميس -في بيان أصدره المصرف- إن المؤسسة لم تتلق أي معاملة تفضيلية من الحكومة المصرية، وإن المصرف اتبع على الدوام الشفافية في أعماله.
خصخصة القطاع العام:
وقد دأبت أحزاب وجماعات المعارضة في مصر على الادعاء بأن حملة الخصخصة التي بدأت في منتصف تسعينيات القرن الماضي قامت ببيع أصول القطاع العام إلى عائلة مبارك وحفنة منتقاة من رجال الأعمال.
وفي وقت لاحق صعد نجم الكثير من رجال الأعمال أولئك، وتبوؤوا مناصب حكومية تشرف على الأعمال التي كانوا يديرونها هم أنفسهم. إن العلاقة بالقصر الرئاسي أيام مبارك تعني امتيازات جمة، مثل فرص الفوز بعطاءات تطوير المباني الحكومية وسهولة الحصول على قروض مصرفية.
أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة الأميركية بالقاهرة سامر سليمان قال "إن فساد عائلة مبارك لم يكن عن طريق سرقة أموال ميزانية الدولة، بل تحويل رأس المال السياسي إلى رأس مال خاص".
يحدث في بعض الأحيان أن يسقط أحد المقربين ويفقد حظوته، وعندما يحصل ذلك كان ذلك الشخص يدان مباشرة بتهم الفساد المالي، لكن بشكل عام ظلت شبكة الأعمال تدار من وراء ستار.
أحد رجال الأعمال الذين حصلوا على امتيازات كثيرة من الحكومة لتنفيذ مختلف مشاريع التنمية الرئيسية مجدي راسخ والد زوجة علاء مبارك. راسخ هو رئيس مجلس السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار، التي بنت واحدة من سلسلة من المشاريع المترامية الأطراف في الصحراء خارج القاهرة.
المشروع التنموي (مدينة 6 أكتوبر) -الذي تدعمه الحكومة ويسكنه نصف مليون نسمة- هو عبارة عن مدينة للقمر الصناعي الجديد، مع منطقة صناعية ومستشفى وبيوت وشقق سكنية للطبقة الوسطى. راسخ توارى عن الأنظار مؤخرا، ولم يكن بالإمكان الحصول منه على تعليق.
أخبار امتلاك عائلة مبارك لعقارات خارج مصر غذّت رغبة البحث والتقصي عن ثروة العائلة، لكن إلى حد الآن لم يظهر من جبل الجليد الذي يتحدث عنه الكثيرون إلا منزل في ضواحي لندن.
ثروة أخطبوطية:
القصة التالية توضح صعوبة التحري الدقيق عن ثروة آل مبارك، فبالتطرق إلى البيت اللندني، تقول امرأة تسكن المنزل إن جمال قد باع المنزل، لكن دوائر التسجيل العقاري تقول إن سجلات المنزل لم يجر عليها أي تغيير، والجيران حول المنزل يقولون إنهم رأوا جمال وأعضاء من عائلة مبارك يسكنون المنزل مرات عديدة في الآونة الأخيرة.
ووفقا للسجلات البريطانية، تعود ملكية المنزل إلى شركة تدعى مؤسسة أوكرال بنما. الجهة التي تولت تسجيل المؤسسة هي مكتب محاماة محلي. أحد المحامين في المكتب قال إنه لا يستطيع الكشف عن مالك أوكرال، وإن شركته تلقت تعليماتها بشأن أوكرال من شركة عمانية في مسقط رفض الإفصاح عن اسمها هي الأخرى.
مدير المركز الدولي لاستعادة الأموال في سويسرا دانيال ثيليسكلاف قال إن "على مصر أن تشرع في تحقيق جنائي، كما أن هناك الكثير يتوقف على الحكومة المصرية الجديدة".
وفي خضم احتدام الاحتجاجات الأسبوع الماضي، جمد المدعي العام المصري أصول خمسة وزراء في الحكومة وفرض حظر السفر عليهم. ويبدو أن هذه الخطوة كانت محاولة من جانب الرئيس مبارك لكي ينأى بنفسه عن رجال الأعمال الأثرياء الذين أصبحوا محط غضب العامة بسبب الفساد الذي تسببوا فيه.
ومن غير الواضح ما إذا كان الجيش، الذي يتولى إدارة البلاد اليوم، سيسمح بإجراء تحقيق في ثروة عائلة مبارك، خاصة أن شكوكا تحوم حول تورط بعض أعضائه في أمور تجارية ومالية.
مبارك وفساد عهده:
ولعل السؤال الأكثر صعوبة هو تحديد مستوى الفساد الذي يتورط فيه حسني مبارك شخصيا. دبلوماسيون أميركيون سابقون قالوا إن مبارك بدا يعيش ببساطة نسبية مقارنة بالحكام الآخرين في المنطقة.
وكان مقر إقامته الرئيسي خارج القاهرة بيتا بمجمع خاص في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، حيث ذهب بعد أن قدم استقالته من رئاسة يوم الجمعة. وقال الدبلوماسيون إن البيت لم يكن الأكبر في المنطقة التي يتواجد فيها، بل هو أصغر من منزل قريب تعود ملكيته لبكر بن لادن الأخ غير الشقيق لأسامة بن لادن.
فيلا السيد مبارك تقع في مجمع بناه سالم حسين، وهو أحد رجال الأعمال المصريين وصديق مقرب من الرئيس السابق. وكان حسين قد اعترف عام 1983 بأنه مذنب في استغلال علاقته بالرئيس لربح صفقة لشحن معدات عسكرية من البنتاغون إلى مصر بقيمة 8 ملايين دولار.
وعلى الرغم من إدانته فإن أعماله ازدهرت في عهد مبارك، كما أنه يدير أحد أكثر الأعمال نجاحا وأكثرها ريعا، وهو نقل الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل
(معا)