21-02-2011 10:50 PM
كل الاردن -
أ. د. محمد الحموري
برنامج مقترح للتنفيذ كخطوة أولى .
أدعو الى اصدار قانون احزاب يراعي ان مصدر الحق في انشاء الحزب هو الدستور وليس القانون .
الحلقتين السابقتين واقع الممارسات الحكومية والموضوعات القانونية كمنحلين للاصلاح السياسي .
ثالثاً: قانون الاحزاب :
إن الذي يحكم الحق في تأليف الاحزاب السياسية في الاردن هي الفقرة (2) من المادة (16) من الدستور الاردني. وتنص هذه الفقرة على ما يلي:
'للاردنيين الحق في تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية على أن تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف الدستور'.
ووفق هذه المادة, فإن الاردنيين يستمدون حقهم في تأليف الاحزاب السياسية من الدستور مباشرة, لا من القانون. ذلك أن الفقرة (3) من المادة (16) من الدستور حددت دور القانون في مجال ممارسة هذا الحق الدستوري, وحصرته في طريقة تأليف الاحزاب ومراقبة مواردها فقط, إذ الفقرة (3) تنص على أن:
'ينظم القانون طريقة تأليف الجمعيات والاحزاب السياسية ومراقبة مواردها'.
وفي ضوء ما سبق, فإن العناصر الاساسية لاي قانون للاحزاب السياسية, لا تخرج عما يلي:
1- أن ينص القانون على أن تكون غاية الحزب مشروعة, وأن تكون وسائله في العمل سلمية, وأن لا يخالف نظامه الدستور. فإن حدث أي خلاف بين مؤسسي الحزب وبين السلطة الادارية, حول أي من هذه المسائل الثلاث, فإن القضاء هو وحده المرجع والحَكَم في هذا الشأن, لا السلطة الادارية التي ليس من حقها أن تفسر الدستور على هواها, وتقرر أن غاية الحزب غير مشروعة أو أن وسائله غير سلمية أو أن نظامه يخالف الدستور. فمثل هذا التفسير والقرار بشأنه, يدخل في سلطة القضاء وحده.
2- أما عن طريقة تأليف الحزب ومراقبة موارده التي يمكن أن ينص عليها القانون, فهذه لا يجوز أن تمس أصل الحق نفسه, لان طريقة التأليف ومراقبة الموارد, مسائل تنظيمية وإجرائية ليس إلا, ولا شأن لها بالحق المقرر في الدستور إبتداءً. وبالنسبة لعدد المؤسسين للحزب, فلا داعي لاشتراط حد يزيد على ثلاثة, لانشاء حزب يكتسب الشخصية المعنوية. أما المساعدة المالية التي تقدمها الخزينة للحزب, فلا يجوز أن تعطى إلا للحزب الذي أوصل أحد أعضائه لمجلس النواب كحد أدنى, وعندها يكون الدفع للحزب تبع معادلة يدخل فيها عدد نوابه, وعدد أعضائه, ثم عدد الاصوات التي حصل عليها في الانتخابات. وعلى هذا, فإن قانون الاحزاب يمكن أن يشمل المسائل التنظيمية والاجرائية التالية:
أ. تقديم الطلب لتوثيق قيام الحزب.
ب. الجهة التي ينبغي تقديم الطلب إليها, وأقترح إنشاء سجل للاحزاب يقوم عليه مراقب فني وليس سياسي للتحقق من استكمال الطلب للمعلومات المطلوبة, وعند تقديم الطلب مستكملا لبياناته, يكون الحزب قد نشأ قانوناً واستكمل شخصيته المعنوية.
ج¯. ما ينبغي أن يحتويه النظام الاساسي للحزب, من حيث:
- اسم الحزب ومركزه الرئيسي وفروعه.
- أسماء الاعضاء المؤسسين.
- شروط الالتحاق بالحزب وكيفية إسقاط العضوية عن عضو الحزب.
- طريقة اختيار قيادة الحزب واختصاصاتها.
د. الموارد المالية للحزب واشتراكات وتبرعات الاعضاء, وعدم تلقي الحزب إعانات أو مساعدات من جهات أجنبية.
ه¯. ما تدفعه خزينة الدولة للحزب سنويا ومواعيد الدفع, وكيفية احتساب ما يستحقه الحزب من مبالغ مالية, على ما أسلفنا.
و. كيفية حل الحزب وكيفية التصرف بأمواله عند حدوث الحل.
ز. المعلومات التي ينبغي تدوينها في سجلات الحزب, والجهة التي عليها الاحتفاظ بالسجلات, وما ينبغي إبلاغه للسلطات الادارية في هذا المجال.
وانطلاقاً من منطق الحق والحرية الذي يعلي الدستور الاردني من شأنه, يلاحظ على المسائل السابقة التي تتضمنها قوانين الاحزاب السياسية عادة, ما يلي:
أ. أن المسائل السابقة ترد في قانون الاحزاب من أجل ضبط المتطلبات اللازمة لضمان سلامة الجوانب التنظيمية والادارية للحزب وتمتعه بالشخصية المعنوية وفق النظام القانوني للدولة.
ب. أنه إذا تبينت الجهات التي يقدم إليها طلب التأسيس, نقصاً في استيفاء الاجراءات أو البيانات أو المعلومات السابقة, وامتنعت عن توثيق تأسيس الحزب, أو استجد هذا النقص بعد قيام الحزب, واتخذت إجراء بحقه, فإنه يكون من حق طالبي التأسيس, أو قيادة الحزب, حسب مقتضى الحال, اللجوء إلى المحكمة, ويكون لحكم القضاء القول الفصل في هذا المجال.
جـ. أنه لا يجوز أن يفرض القانون على الحزب قبول أعضاء فيه رغماً عنه, كما هو الحال في مشروع القانون الذي سبق أن أعلنت عنه الحكومة.
د. أنه لا يجوز أن يتضمن قانون الاحزاب تجريم أفعال وفرض عقوبات لها, إذ ان ما ورد في قانون العقوبات في هذا المجال, كفيلٌ بزجر من يقارف أية تصرفات تبلغ حد الجرائم وردع غيره عن إتيان ذلك.
ولتأكيد ما سبق, يكفي أن نعلم أن الديمقراطيات المعاصرة, جعلت من الاحزاب وسيلتها في تحقيق الديمقراطية ومشاركة المواطنين في رسم السياسة العامة للدولة, ومن ثم كانت غاية الدساتير والقوانين عندها, تشجيع قيام الاحزاب السياسية, حيث بلغ تسهيلها لقيام هذه الاحزاب حداً يخدم نبل الغاية من إنشائها. وعلى سبيل المثال لا الحصر, نجد أن:
- المادة (18) من الدستور الايطالي تنص على ما يلي:
'للمواطنين الحق في إنشاء التنظيمات (associations, أي الاحزاب/النقابات/الجمعيات) بحرية, وبدون أي ترخيص, لتحقيق أهداف لا تكون ممنوعة بقانون العقوبات'.
- والمادة (9) من الدستور الالماني تنص على ما يلي:
'لجميع الالمان حق تكوين التنظيمات (associations, أي الاحزاب/النقابات/الجمعيات), وتعتبر التنظيمات التي يتعارض نشاطها مع قانون العقوبات ممنوعة'.
- ولقد وصل حال تسهيل إنشاء الاحزاب السياسية في بريطانيا حداً, دفعها إلى أن تجعل مراقب الشركات هو المسؤول عن تسجيل الاحزاب السياسية في سجل خاص بها يحتفظ به لديه, لابعاد هذا الامر عن أهواء الحكومات, وذلك عندما نصت المادة (1) من قانون تسجيل الاحزاب السياسية لعام 1998 على ما يلي:
'ينشأ سجل يسمى سجل الاحزاب السياسية, ويقوم على هذا السجل مراقب الشركات أو أي من الموظفين الذين يتولون تسجيل الشركات في كل من انجلترا وويلز بمقتضى قانون الشركات لعام 1985'.
- وأخيراً, يكفي أن نعلم أنه بالنظر الى أن خروج النشاط الحزبي عن القانون في الديمقراطيات المعاصرة السابقة, يحكمه قانون العقوبات, شأنه في ذلك شأن نشاط الافراد, فإن بعض قوانين الاحزاب في هذه الديمقراطيات, لا تعاقب إلا على فعل واحد وهو 'تلقي الحزب لتبرعات غير مشروعة أو استخدام أمواله بطريقة غير مشروعة'. أما العقوبة المقررة على هذا الفعل, فهي حسم ضعف مبلغ التبرع أو المال المستخدم بطريق غير مشروع من المخصصات التي تدفعها الدولة للحزب في السنة اللاحقة للمخالفة, على أن يتم توزيع هذا المبلغ المحسوم على المؤسسات الخيرية!! .
وفي المحصلة, فإنني أدعو الى إصدار قانون أحزاب يراعي أن مصدر الحق في إنشاء الحزب هو الدستور لا القانون, قانون أحزاب يقوم على الثقة بالمواطن وبانتمائه دون النص فيه على شروط تعجيزية لانشاء الحزب أو على عقوبات أو ممنوعات, والاكتفاء على التأكيد فيه أن تكون غايات الحزب وأنشطته غير ممنوعة بقانون العقوبات الذي يسري على المواطنين جميعا, قانون أحزاب يُلزم الدولة بأن تدفع بسخاء الى هذه الاحزاب لتمويلها في نشاطها, وعقد مؤتمراتها, وتغذية مشاركاتها في الانتخابات المحلية والبرلمانية, وتمويل مطبوعاتها ونشراتها, قانون أحزاب يجعل القضاء وحده, هو الرقيب على مشروعية أنظمة هذه الاحزاب, وبرامجها, ونشوئها, واستمرارية وجودها, وإغلاق أبوابها.
وفي هذا المجال فإني أقترح: أنه عند وضع أي مشروع لقانون الاحزاب في الاردن, الافادة من قانون الاحزاب الالماني الصادر في 24/7/1967 وفق الصورة التي أصبح عليها بعد التعديل الذي أجري عليه في 31/12/,1994 ذلك أن هذا القانون الذي يتكون من (41) مادة, يعتبر من أنضج قوانين الاحزاب في العالم.
رابعاً:قانون الاجتماعات العامة:
إن قيام المواطنين بعقد 'اجتماع عام', هو حق من الحقوق الدستورية التي كفلها الدستور الاردني لهؤلاء المواطنين. والاساس الدستوري لهذا الحق, هو المادة (16/1) من الدستور التي تنص على أن:
'للاردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون'.
وهذا النص هو الاساس الدستوري أيضا, لاي قانون يصدر بشأن حق الاردنيين في عقد الاجتماع العام.
وهنا, لا بد من التذكير, بأن من البديهيات في علم القانون الدستوري, أن القانون الذي يصدر للاجتماعات العامة, هو من أجل تنظيم الحق الدستوري ليس إلا. ومن ثم فإنه إذا كان من شأن القانون إفراغ الحق الدستوري من محتواه تحت ستار تنظيمه, فإن هذا القانون يكون قانوناً مخالفاً الدستور, وذلك بإجماع الفقه والقضاء الدستوري العربي والمقارن.
وفي ضوء ما سبق, فإننا نتبين أن قانون الاجتماعات العامة ينبغي أن يراعي ما يلي:
1- أن القانون الذي يعلق حق الاجتماع العام على إرادة الحاكم الاداري بالموافقة أو المنع, ينفي عن اعتبار الاجتماع حقاً دستورياً, لانه ينحدر بهذا الحق انحداراً يجعله يستقر عند مجرد الامل في هذا الاجتماع, في حين أن الامال المجردة لا ترقى الى مصاف الحقوق بأي حال. ولذلك, فإن القانون الذي ينص على هذا التعليق هو قانون يسلب من الحق الدستوري كل مضمونه, ومن ثم يصبح هذا القانون مخالفاً للدستور.
2- إن تنظيم حق الاجتماع العام بمقتضى القانون, يعني أن كتابة الاردنيين للحاكم الاداري برغبتهم في ممارسة حقهم في عقد اجتماع عام, يقصد منها أن يقوم هذا الحاكم الاداري بتوفير قوات الامن الكافية لحماية الاجتماع من أية أعمال شغب تسيء الى ممارسة هؤلاء الاردنيين لحقهم, ومنع أي خروج على النظام أو المساس بالاشخاص أو بالمصالح والاموال العامة والخاصة. وفي هذه الحالة, فيمكن للحاكم الاداري التعاون مع القائمين على الاجتماع من أجل تنظيم عقد هذا الاجتماع في وقت معين, في ضوء المهلة التي يحتاجها هذا الحاكم الاداري لتوفير قوات الامن المطلوبة, خاصة وأن هذه القوات قد تكون مشغولة بواجبات أخرى لها الاولوية.
3- إنه يدخل في واجب الحاكم الاداري وقوات الامن, وليس القائمين على الاجتماع العام, ضبط أي شخص يقوم بالشغب أو بالخروج على القانون وإلحاق الاذى بالاشخاص أو بالاموال, وتقديمه للعدالة, ليقوم القضاء بقول كلمته بشأنه وفق قانون العقوبات. ويترتب على ذلك, أن القانون الذي يضع على عاتق القائمين على الاجتماع مسؤولية ضبط هذا الاجتماع العام ومعاقبتهم بالحبس و/أو بالغرامة عند وقوع الاخلال بالامن أو النظام, بالاضافة إلى تعويض الاضرار عند حدوثها, هو قانون غير دستوري, لانه من ناحية يتضمن تنازلا من سلطات الدولة عن مسؤوليتها في ضبط الامن والنظام إلى جهات غير مختصة وغير مؤهلة وليس لها أية صفة دستورية, ومن ناحية أخرى, لان ممارسة القائمين على الاجتماع لحقهم الدستوري وفرض العقوبة عليهم بسبب خروج غيرهم على القانون, أمران يجعلان من الحق في الاجتماع وحرية ممارسته التي يكفلها الدستور, في حالة تعارض, ومن ثم لا يجتمعان من حيث الواقع أو القانون, والسبب هو أن تجنب العقاب المقيد للحرية بسبب الخروج المحتمل من الغير على القانون, وسيلته الوحيدة عدم ممارسة الحق أصلا, أي بعبارة أخرى, لان القيد الذي يسلب حرية ممارسة الحق الدستوري, يلغي واقعيا هذا الحق.
ومما يلفت انتباه أي باحث في مجال الحق الدستوري للمواطنين في عقد اجتماع عام, وعدم جواز إفراغ هذا الحق من محتواه بموجب قانون يصدر تحت ذريعة أن هذا القانون قد جاء لتنظيم ذلك الحق, موقف الدستور الامريكي من الحق المذكور. فقد صدر الدستور الامريكي عام ,1787 وفي عام 1791 جرى على هذا الدستور أول عشر تعديلات (Amendments), أصبحت تاريخيا تعرف ب¯ 'وثيقة الحقوق العامة' (Bill of Rights). ونص التعديل الاول من هذه التعديلات العشر على ما يلي:
'لا يجوز للكونغرس إصدار قانون... يحد من حرية التعبير, أو حرية الصحافة والنشر, أو حق المواطنين في عقد اجتماع سلمي ومخاطبة الحكومة في إنصافهم مما يلحق بهم من ظلم وجور.'
وبلغة الدستور الامريكي:
Congress shall make no law abridging the freedom of speech, or of the press; or the right of people peacefully to assemble, and to petition the Government for a redress of grievances.
ولا يزال هذا النص الذي يقدس حرية التعبير, وحرية الصحافة والنشر, وحق الاجتماع العام, قائما في الدستور الامريكي منذ عام 1791 حتى الان !! .
4- والنتيجة المترتبة على ما سبق في مجال حق الاجتماع العام هي:
أ. أن قانون الاجتماعات العامة ينبغي أن يؤكد على ما ورد في الدستور من حيث حق الاردنيين في عقد الاجتماع العام.
ب. أن يكون من واجب القائمين على الاجتماع العام إبلاغ الحاكم الاداري برغبتهم في عقد الاجتماع العام, وأن يتم تنظيم الاجتماع من حيث المكان والزمان والوقت المطلوب باتفاق الطرفين معا, وأن يكون من واجب الحاكم الاداري توفير قوات الامن الكفيلة بضبط الاجتماع.
جـ. أن يكون حق قوات الامن والجهات المعنية, في ضبط الخارجين على النظام والقانون وتحديد المخالفات المنسوبة لكل منهم, بموجب قانون العقوبات, ومن ثم تقديمهم الى القضاء, ليقول كلمته العادلة بشأنهم, مع مراعاة أنه لا يجوز للادارة فض الاجتماع.
خامساً: قانون المطبوعات والنشر:
1- المضمون الدستوري لحرية الطباعة والنشر:
تعتبر المطبوعات والنشر من أهم الوسائل في العصر الحديث, التي يعبر الانسان من خلالها عن رأيه, وإيصال هذا الرأي إلى الاخرين. وعلى الرغم من أهمية الاذاعات والتلفزيون والفضائيات التي نراها الان, إلا أنه يظل للكلمة المكتوبة سحرها ووقعها على النفس, وقدرتها على تشكيل الرأي العام وتوجيهه داخل الدولة. ومن هنا فقد حرص الدستور الاردني منذ عام ,1952 على إباحة ممارسة حرية الرأي, بطريقة تتميز عن ممارسة سائر الحريات الاخرى, عندما نصت المادة (15) من الدستور على ما يلي:
'1- تكفل الدولة حرية الرأي, ولكل أردني أن يعبر بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون.
الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون.
لا يجوز تعطيل الصحف ولا إلغاء امتيازها إلا وفق أحكام القانون.'
ونتبين من هذا النص, أن الدستور لم يكتف بتقرير حرية الرأي للمواطن فحسب, إنما أوجب على الدولة أن تتدخل بشكل إيجابي, من أجل استدراج رأي هذا المواطن, عندما استخدم النص المذكور عبارة 'تكفل الدولة حرية الرأي'. وهذه العبارة تعني أن على الدولة من ناحية, إزالة جميع العوائق التي تقف في وجه إبداء المواطن لرأيه, ومن ناحية أخرى, تشجيع المواطن على إبداء رأيه, ومن ناحية ثالثة, ضمان عدم التعرض للمواطن الذي يبدي رأيه.
أما الوسائل التي يعبر فيها الانسان عن رأيه, فهي وفق ما تقرره الفقرة الاولى, القول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير. وفي هذا الذي يقره الدستور الاردني, تعميم يشتمل على أية وسيلة للتعبير عن الرأي, سواء المعروف منها الان, أو الذي يمكن أن يستجد مستقبلا. وحيث أن الوسيلتين الاهم, اللتين كانتا سائدتين عند وضع الدستور عام 1952 ، هما الصحافة والطباعة, فقد خصص لهما الدستور الفقرة الثانية من المادة (15), ثم أورد في الفقرة الثالثة نصا خص به الصحف وحدها, ليمنع فيه تعطيل هذه الصحف أو إلغاء امتيازها.
2- دور القانون في تنظيم ممارسة حرية الرأي على النحو السابق:
لقد أشارت الفقرات الثلاث السابقة الى القانون, وهي تتحدث عن كفالة الدولة لحرية المواطن في التعبير عن رأيه, وذلك على النحو التالي:
- تشترط الفقرة الاولى بالنسبة لحرية المواطن في التعبير عن رأيه بكافة وسائل التعبير, أن لا يتجاوز حدود القانون.
- وتبين الفقرة الثانية أن حرية الصحافة والطباعة هي ضمن حدود القانون.
- وتؤكد الفقرة الثالثة أن تعطيل الصحف أو إلغاء امتيازها, يكون وفق القانون.
ولنا أن نتساءل, ما هو القانون المقصود في الفقرات الثلاث السابقة?
وقبل الاجابة على هذا التساؤل, لا بد من التأكيد على أن أي قانون تصدره الدولة في مجال حرية الرأي وحرية الوسيلة التي تنشر هذا الرأي, المقررتين في الدستور, ويكون من شأنه مصادرة هذه الحرية أو إفراغها من محتواها, هو قانون مخالف للدستور, وذلك بإجماع الفقه والقضاء. ومن ثم فإن وظيفة القانون الذي تصدره الدولة في هذا المجال هي, تنظيم ممارسة هذه الحرية ليس إلا. وفي مجال الاجابة على التساؤل, نبدي ما يلي:
أ. حيث ان حرية الانسان تنتهي عند بدء حرية الاخرين وحقوقهم, فإن حرية الرأي وحرية وسيلة النشر لا يمكن أن تكون مطلقة, إنما تكون مقيدة بعدم المساس بالاخرين, ومن ثم فإنه ينبغي أن يوقع العقاب على كل من يستخدم حريته في سبيل إلحاق الاذى بالاخرين. وهذا الموضوع العقابي, تكفّل به قانون العقوبات منذ نشأة الدولة الاردنية حتى الان, بدءاً بقانون الجزاء العثماني الذي ظل سارياً على الاردن عند استقلالها عن الدولة العلية, ومروراً بقانون العقوبات رقم (74) لسنة 1936 المنشور في العدد (652) من الوقائع الفلسطينية في 14/12/1926 وما تلاه من تعديلات متعاقبة وقوانين لاحقة, حتى صدور قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 الساري الان وما طرأ عليه من تعديلات.
ووفق قواعد قانون العقوبات السارية منذ عام 1960 حتى الان, فإن النصوص التالية هي التي تحكم حرية الرأي والنشر:
- جرائم الذم والقدح والتحقير, وتحكمها المواد (188-199) و (358-367) من قانون العقوبات.
- جرائم النشر التي تعرقل سير العدالة, وتحكمها المواد (,224 227) من قانون العقوبات.
- جرائم المساس بالاخلاق والاداب, وتحكمها المواد (319-320) من قانون العقوبات.
ومما يجدر ذكره هنا, أنه يدخل في صلاحية المحكمة التي تنظر أيا من الجرائم السابقة, أن تحكم على صاحب الرأي وناشره, عند إدانتهما, بتعويض من وقع عليه الضرر عند مطالبته بالحق الشخصي.
على أنه إذا كانت الوقائع التي يمكن أن تعرض على القضاء في مجال الجرائم والافعال السابقة, والمطالبة بالتعويض عنها, غير متناهية, ولا يرد عليها حصر أو تحديد, فإن القضاء وحده هو الذي يفصّل ويبيّن ما ينطبق عليه وصف الجريمة ويستوجب التعويض منها. ومن تراكم أحكام القضاء على الوقائع اللامتناهية هذه, تتشكل الافعال المحظورة والمباحة انطلاقاً من سوابق قضائية, فيتبينها من يقوم بإبداء الرأي ومن يقوم بالنشر, ليعرف موقعه منها.
ولذلك, فإنه يستحيل على القوانين أن تسرد كافة أنواع الافعال التي تدخل تحت كل واحدة من الجرائم سابقة الذكر, ومضمون كل نوع, والكيفية التي يتجسد فيها, ومن ثم فإن الامر يظل متروكاً للقضاء في هذا المجال.
لكن القضاء الاردني, لم يعط الفرصة المطلوبة في هذا الموضوع, لان الغالبية العظمى من السلوكيات التي تدخل في موضوع الرأي والنشر, كانت تتعامل معها الدولة بقرارات عرفية تمنعها من الوصول الى القضاء. واستمر الحال على هذا النحو حتى تم إلغاء تعليمات الادارة العرفية في عام 1991 وكان من شأن ذلك أن تعطل نمو السوابق القضائية في هذا المجال.
ب. وترتيباً على ما سبق, جاءت القوانين المتعلقة بالمطبوعات والنشر, خلال المرحلة التي أصبح يطلق عليها العهد الديمقراطي, بتفصيلات في موضوع حرية الرأي وحرية نشره, وكأنها بذلك تعالج نقص السوابق القضائية, في حين أن بعض ما ورد في هذه التفصيلات, لا مجال له في مثل قانون المطبوعات والنشر, لان وروده في هذا القانون, يسلب من الحرية الدستورية مضمونها:
فمن ناحية, نجد أنه لا مجال لتضمين قانون المطبوعات والنشر نصوصاً حول جرائم وعقوبات على تجاوز حرية الرأي والنشر, وبالتالي ينبغي أن يكون المقصود بالقانون الوارد ذكره في الفقرات الثلاث من المادة (15) من الدستور, على ما أسلفنا, في مجال جرائم الرأي والنشر, هو قانون العقوبات الذي يحكم الجرائم بوجه عام, من حيث توجيه الاتهام, والاختصاص القضائي, والحكم فيما إذا كان الذي صدر عن المتهم يدخل في باب الجريمة أم لا.
ومن ناحية أخرى, فإنه إذا كان من الممكن أن يحتوي قانون المطبوعات والنشر على جوانب تنظيمية تتعلق بتحديد من هو الصحافي وبإصدار المطبوعة التي ينشر فيها الرأي والخبر, ومالكها, ورئاسة تحريرها, وكيفية تصويب ما يتم نشره, ليصبح في هذه الحدود هو القانون الذي تقصده المادة (15) من الدستور في هذا المجال, فإنه لا يجوز أن يبلغ التنظيم حد وضع الرقابة المسبقة على النشر. ذلك أنه إذا كان الرأي المنشور يشكل جريمة, فإن قانون التجريم والعقاب يتكفل بزجر من قارفه, وردع غيره عن مقارفته مستقبلا, من خلال حكم قضائي عادل. ومن هذا المنطلق, فإنه يتعارض مع حرية الرأي تعيين موظف من قبل الدولة ليتولى الرقابة المسبقة وتقدير السلامة القانونية لهذا الرأي, فمثل ذلك يشكل اغتصاباً لدور القضاء في هذا المجال. وإن كان الرأي المنشور لا يشكل جريمة, فلا مجال لان يشهد الرقيب بذلك, من أجل السماح للرأي بالنشر, إذ ان مجرد الرقابة عليه مسبقاً, فيه سلب لمضمون الحرية التي أوجب الدستور على الدولة أن تكفلها.
وعلى هذا, فإن وجود نص يوجب على مؤلف الكتاب تقديمه الى دائرة المطبوعات والنشر, ويعطي لمدير هذه الدائرة حق 'إجازة طبعه' أو 'منع طبعه إذا تضمن الكتاب ما يخالف القانون', يسلب من حرية الرأي مضمونها الدستوري لا محالة, ويجعل النص مخالفا للدستور. كما أن النص الذي يمنع الطابع أو الناشر من طبع الكتاب الذي لا يحظى بموافقة مدير دائرة المطبوعات والنشر, هو نص مخالف للدستور أيضا, لانه يسلب من حرية النشر مضمونها الدستوري كذلك.
ومن ناحية ثالثة, فإنه لامر بالغ الشذوذ أن يتضمن قانون المطبوعات والنشر, نصاً يعطي لمدير دائرة المطبوعات حق الموافقة أو الرفض, على استيراد الكتب وبيعها في المكتبات, وأن يمتد حق الموافقة أو الرفض هذا, ليشكل رقابة على الجامعات الاردنية عندما تقوم باستيراد أنواع من الكتب لمكتباتها لتكون مرجعاً بين يدي الطلبة. إن مثل هذه النصوص, تجعل مدير دائرة المطبوعات وصياً على حرية استقاء الثقافة, بل وعلى الحرية الاكاديمية في الجامعات, وإفراغ تلك الحرية من مضمونها.
إن الرأي الذي تتكفل الدولة بحريته, لا يتكون من فراغ, ولا يحدث نتيجة هبوط وحي على صاحبه, إنما يدخل في تشكيل هذا الرأي قراءات لمطبوعات منشورة. ولذلك فإن القيود على حرية الرأي والنشر التي ترد في قانون المطبوعات على النحو السابق, تفرغ الحرية الدستورية من محتواها, ويقتضي الاصلاح في مجال الحريات, مراجعة هذا القانون, وحذف القيود التي سبق ذكرها منه.
ومن ناحية أخرى, فإن حرية الرأي التي تكفلها الدولة, تستوجب بالضرورة أن يتاح لصاحب هذا الرأي إيصاله إلى الاخرين. وفي هذا المجال, فلا يجوز أن تكون وسائل إعلام الدولة الممولة من جيوب المواطنين, مخصصة للاعلان والدعاية لتلميع من يمارسون السلطة, ومحتكرة لاصوات وأقلام من يوظفون من أجل القيام بالتلميع للمسؤول وتبرير أخطائه وتجاوزاته, وإغلاق أبواب تلك الوسائل عن أصحاب الرأي الناقد لسلوك الحكومات وتجاوزاتها حتى لا يصل إلى المواطنين. إن الاعلام الذي يمول من جيوب الناس هو إعلام دولة بجميع مكونات أطيافها لا إعلام شخصيات حكومية تتناوب على كراسي السلطة, ومن ثم يكون على هذا الاعلام نقل رأي السلطة ومن يختلف معها في الرؤى على حد سواء.
وفي المحصلة لما سبق جميعه أقول:
إن أوجه الاصلاح التي يسعى إليها شعب أي دولة, لا يمكن أن تتحقق, إلا إذا التزمت الدولة بمبدأ تلازم السلطة والمسؤولية, بحيث يصبح كل من يتولى سلطة خاضعاً للمساءلة والحساب. وهذا يستوجب أن يصل شعب الدولة وسلطة الحكم فيها, الى تحقيق التوازن في الالزام التبادلي بينهما. ومؤدى ذلك أنه إذا كانت السلطة قادرة على إلزام الافراد داخل المجتمع بالقواعد التي تحكمهم, فإنه ينبغي أن يكون بقدرة هؤلاء الافراد إلزام السلطة بالقواعد التي تحكمها. ومهما بلغت إدعاءات السلطة ووسائل إعلامها وما توظفه من أقلام, بوجود الديمقراطية داخل الدولة, فإن هذه الادعاءات تظل أحاديث لا جدوى منها, إذا لم يكن بقدرة الافراد إلزام السلطة بالقواعد التي تحكمها. لكن القواعد التي تحكم السلطة ليست صناعة محلية, إنما هي قواعد تم أخذها من ديمقراطيات عريقة استقر فيها مدلول كل قاعدة, ومضى على هذا الاستقرار أكثر من قرن ونصف. وقد ترتب على هذا, أن أصبحت القواعد الاساسية التي تحكم كلا من النظام البرلماني والنظام الرئاسي السائدين في العالم اليوم, قواعد متوازنة ومستقرة, معلومة المدلول واضحة المعنى, وعلى نحو أصبح فيه قيام دول العالم الثالث الذي ننتمي إليه, بالتعديل والتبديل في تلك القواعد, كما هو الحال عندنا, مؤدياً لا محالة الى انفراد حكومات تلك الدول بالسلطة, ومصادرة حقوق المواطنين وحرياتهم في المشاركة في صنع القرار الذي يحكمهم. كما غدا فرض مدلولات لتلك القواعد المتوازنة والواضحة, كما هو الحال عندنا أيضاً, لتصبح مختلفة عن مدلولاتها المستقرة في الانظمة التي أخذت منها, يشكل وسيلة لمصادرة حقوق الانسان وحريته, والعبث بفكرة الديمقراطية التي يتطلع إليها.
إن الاصلاح ينبغي أن يبدأ بالاسس, وبغير هذا, لن تستطيع الدولة تجديد حيويتها وشبابها, وسوف يبقى الاصلاح مقتصرا على القشور, كما سيبقى التعامل مع الفرعيات من هذه القشور, حبيس إرادة الحكومات, تستجيب له مرة لاحتواء ظروف آنية ضاغطة, وتتجاهله مرات ومرات. وفوق ذلك, فإنه في غيبة الاصلاح في الاساسيات التي أسلفناها, سوف يظل الوضع راكداً متخلفاً كما كان, رغم خطورة ما يترتب على ذلك من آثار. لكن هذا يقتضي وجود رغبة وإرادة سياسية في الاصلاح بدءاً من الاسس, وتوافر الثقة بصدق انتماء المواطنين وبأن قانون العقوبات الاردني كفيل بزجر كل من يخرج على القانون والنظام وردع غيره من مقارنة مثل هذا الخروج.
وأقترح, في ضوء ما أسلفنا, أنه بعد إجراء التعديلات الدستورية والقانونية بحدها الادنى السابق, أن يصار الى إجراء انتخابات نيابية نزيهة وشفافة, لنبدأ منها بمرحلة جديدة يشارك فيها المواطن بالقرار الذي يحكمه.
حق الدولة في حماية نفسها مما يمكن أن تخشاه من آثار واقعية قد تترتب على تطبيق الطروحات السابقة:
إن التطبيق الكامل للطروحات السابقة, يمكن أن ينقل الدولة, في مجال ممارسة الحقوق والحريات, نقلة نوعية, ويحقق إصلاحاً نوعياً, ويجعل الاردن دولة النموذج بين دول الوطن العربي. لكن قد يرى البعض أن من حق الدولة في مقابل ذلك, أن تتخوف من آثار تطبيق الطروحات السابقة وتقول, إن الاردن يعيش في وسط إقليم عربي يعوزه الاستقرار, بل وتتقاذفه المطامع والاهواء. ومن شأن الديمقراطية والحريات التي تفتح أبوابها الطروحات السابقة, أن تشكل مداخل يعبر منها من دول الجوار وغير الجوار ما يشكل خطراً على الاستقرار والنظام في الدولة, خاصة, هكذا قد يُطرح, أن ذكريات قادمة من الماضي ومنسوبة الى تلك المداخل, لم يفصلنا عنها سوى فترات قصيرة من الزمن. ومثل هذه الذكريات تحتاج الى تشدد أمني يستدعي فرض القيود على ممارسة الديمقراطية والحريات الدستورية, من أجل حماية الاستقرار والنظام في دولتنا.
والحقيقة أن مثل هذه التخوفات, من حيث المبدأ, هي تخوفات مشروعة, لكن المتفحص لواقعنا يجد أن أولئك الذين لا سقف لسلطاتهم وممارساتهم, وأدخلوا السلطة الى رحاب البزنس والاثراء, قد ضخموا تلك التخوفات, لتكون السبب وراء ما شهدناه من تبريرات وطروحات حكومية يتم الاعلان عنها بين الحين والاخر حتى الان, لتعطيل أية جدوى من هبات شعبية أو مطالبات لقوى وتجمعات سياسية. كما قد تكون تلك التخوفات هي السبب الذي أدى الى أن تعمل الحكومات بطرقها الخاصة على عرقلة نمو الاحزاب, بل وتفكيك الكتل النيابية عندما يكثر عدد أعضائها.
وحتى تكون الامور في نصابها الواقعي, فإن هناك ثلاث مسائل يمكن أن تؤدي الى طمأنة الدولة والى الديمقراطية في آن معاً:
المسألة الاولى:أن الظروف الدولية القائمة الان, لم تعد تسمح بتدخل دولة عربية في شؤون دولة عربية أخرى, سواء كان هذا التدخل مباشرا من قبل حكومات, أو غير مباشر من خلال تنظيمات سياسية أو تجمعات تآمرية, أو شراء ذمم لتجنيد أتباع وأنصار. فمثل هذه التدخلات, أو مجرد الشبهة فيها, أصبحت محل عقاب دولي, يفتك بالانظمة الحاكمة التي تقف وراءها, كما شهد ويشهد واقعنا العربي الان.
المسألة الثانية:أن الدستور الاردني يفرض في أول مادة منه, ثلاثة ثوابت جوهرية في الدولة وهي, أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي. ووفق المشروعية الدستورية والقانونية في الدولة الاردنية, فإن أي مساس بهذه الثوابت الثلاثة تحكمه قواعد صارمة في التجريم والعقاب, ومن ثم فإن تلك القواعد تفرض على الاردنيين أفراداً ومؤسسات حزبية أو نقابات مهنية أو تجمعات سياسية أن تحترم الثوابت الثلاث سابقة الذكر وتلتزم بها.
المسألة الثالثة:أن من حق الدولة, بل ومن واجبها, أن تبسط جميع مخاوفها من تطبيق الطروحات سابقة الذكر, وفي هذه الحالة يكون على جميع القوى السياسية والاجتماعية أن تتعامل مع هذه المخاوف كأمر مشروع للدولة, بحيث يتم ترجمة هذه المخاوف عند نقص التشريع بشأنها الى نصوص قانونية تفرض العقاب على كل من يخرج على القانون ويمس النظام في الدولة, ما دام ذلك جميعه يتم في إطار المشروعية الدستورية والقانونية. فإن تبين من خلال الحوار أن النصوص القانونية الموجودة كافية, فإنه لا يكون هناك أي سبب لاضافة نصوص جديدة.
وفي ضوء ما سبق حول تطمينات الدولة من المخاوف التي قد تكون لديها, يصبح الاصلاح الدستوري والقانوني ضرورة للاصلاح السياسي, من أجل أن نكون أمام ديمقراطية مسؤولة, وتصبح الحرية حرية مسؤولة, وتصبح السياسة في ضوء الاصلاح المنشود حواراً ونقاشاً حول أهداف وغايات وخطط تتوخى مصلحة الوطن, بين تيارات وأحزاب وقوى فاعلة في المجتمع, لا بين آمر يفرض ما يريد بقوة السلطان, ومأمور عليه الطاعة خوفاً من التجويع أو الاضطهاد أو سوط السجان. وهكذا, فعندما يكون أساس التنافس بين القوى السياسية هو مصلحة المجتمع والوطن, في وضح النهار, وتكفل الدولة, كما ينص الدستور, أن تكون مشاركة جميع عقول الاردنيين في خدمة وطنهم, دون خوف أو مخاوف يمكن أن يكونوا قد استصحبوه أو استصحبوها من الماضي, يستطيع الاردنيون بناء مجتمع ديمقراطي قادر على إنتاج تقدم متميز, قادر على القضاء على الفساد والمحسوبية, وفي النتيجة التخلص من حالة التيه التي جعلته يصفق للمسؤول في العلن ويتضرع إلى الله في الخفاء أن يخلصه من ظلمه واستبداده ومصادرته لحقوقه وحرياته.
(العرب اليوم)