28-02-2011 09:28 AM
كل الاردن -
إن الكتابة في هذه الأوقات الصعبة ليست بالأمر اليسير فالتغييرات الدراماتيكية في أقطارنا العربية ما زالت تتوالى والمشهد السياسي ما زال يلفه الغموض وليس من الواضح إلى أين تتجه الأمور، لن أضيف جديداً إذا قلت إن الشعوب العربية فاض بها الكيل، وأنها تريد التغيير الذي انتظرته سنين طويلة ولم يأت إلى ان جاء الوقت لتقوم الشعوب بنفسها بالتغيير، صحيح ان شعوب المنطقة مع بعض الاستثناءات القليلة ترزح وتئن من شبح الفقر الذي يجثم على صدورها، الا ان تلك الشعوب رفعت سقف مطالبها للاصلاح السياسي الذي يقدر ويصون كرامة الشعوب فلقد صدق فعلا من قال ليس بالخبز وحده يحيا الانسان، ان كرامة الانسان هي الفيصل في تميزه وتفرده عن بقية المخلوقات، وكلما كانت الكرامة بمعناها الكلي محفوظة كلما عنى ذلك ان الانسان يسير في المسار الصحيح وفي مستوى عال من الرقي والسمو الذي يسعى اليه، لا اريد ان اخوض في التحليل السياسي والاجتماعي الذي دفع ويدفع بالشعوب العربية لهذه الثورات الشعبية الهائلة والتي يشيع صداها في ارجاء الوطن العربي الا انني استطيع القول ان تراكم القهر وشيوع الفقر وغياب العدالة والاصلاح السياسي الحقيقي كل ذلك مجتمعا ادى إلى هذه الانفجارات الهائلة والتي ما زالت تتوالى في اقطار الوطن العربي.
عند الحديث عن الاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي فان حتمية الامور تدفعني إلى الحديث عن الاصلاح السياسي الذي دعا اليه واطلقه جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، فالامور عندنا مختلفة، وكيف ذلك؟ انه وبالعادة تبدأ الثورات من القاعدة حتى تصل القمة ولكن بحمد الله فان الدعوة للاصلاح السياسي الحقيقي بدأت عندنا من القمة وآن الأوان لكي لا يتلكأ أي مسؤول او يتردد في السعي نحو الاصلاح ونحو الافضل ولم يعد ممكنا ان يختبئ احد تحت مظلة رفضها وادانها جلالة الملك، وهي ان هنالك تعليمات من فوق لتبرير التردد والعجز عن اتخاذ القرارات الصعبة والتي تحتاج إلى الكثير من الشجاعة ووضوح الرؤية وقبل ذلك كله الايمان المطلق بالله والوطن والشعب والملك.
على الحكومة ومجلس النواب الاسراع في تنفيذ إرادة ورغبة جلالة الملك والشعب الأردني في الخروج بأسرع وقت بقانون عصري للانتخابات يجذر الديمقراطية الحقيقية التي يحلم بها الناس مبتعدين كل البعد عن المصالح الشخصية التي ثبتت انها دائما الشعرة التي تقصم ظهر البعير.
لم يعد مقبولاً من احد القول بان الاحزاب لا تشكل رافعة للنهوض بالاصلاح السياسي فالاحزاب كما يريد لها جلالة الملك والشعب ستشكل هي حكومات المستقبل، الحقيقة انني فهمت كتاب التكليف السامي على ان هنالك اصرارا للسعي نحو الاصلاح السياسي الذي ولا بد ان يوازيه اصلاح اقتصادي عدا عن الاصلاحات الادارية والقانونية الكثيرة والتي تحتاج إلى جهود حقيقية ومثابرة فعلية من الحكومة ومؤسسات الدولة مجتمعة عدا عن جهود السلطة التشريعية المطلوبة للوصول إلى الهدف النهائي الذي يعني الحياة الافضل بالمعنى الكلي وعلى جميع الاصعدة.
ان الوقت لا يحتمل مزايدة من احد في الانتماء لثرى الاردن الطهور والولاء المطلق بل الحب الكبير الذي يكنه الشعب الاردني لملكه بل وللاسرة الهاشمية، كلنا نحب الوطن والملك وبالتالي لنسعى للانطلاق نحو التغيير الذي يتلاءم وزخم التاريخ، فلا احد يستطيع ان يعيد عقارب الساعة إلى الوراء والحراك السياسي الذي يليه الاصلاح السياسي اصبح واجبا اكثر منه مطلبا.