14-03-2011 01:26 AM
كل الاردن -
· كل الاردن – قدم الكاتب ناهض حتر مقاربة سياسية للخروج بحل من معضلة وازمة الاصلاح السياسي التي تعيشها البلاد.
حتر عرض رؤيته عبر صحيفة 'العرب اليوم ' ننشر نصها لتعميم الفائدة، وتاليا نصها:
· المطالبات والنقاشات الجارية في البلاد الآن بشأن الإصلاح السياسي ( الدستوري والقانوني) تتسم بالجزئية وتجاهل المصالح الأخرى والرأي الآخر, بل ويظن بعضها أنه من الممكن الإلتفاف على الإشكاليات العميقة الصلبة عن طريق اللعب على الكلمات والمواقف.
لن أخوض في سجالات, لكنني سأشير, فقط, إلى بعض المواقف والاتجاهات, لأبيّن ما أعنيه بـ 'النظرة الجزئية' و 'تجاهل الآخر' و' الإلتفاف على الإشكاليات' بدلا من معالجتها.
أبرز مثال على النظرة الجزئية نجده في التفاهم الضمني الحاصل بين الحكم والإخوان المسلمين على أولوية إصلاح قانون الانتخاب العام. وقد تجلى هذا التفاهم في عناوين كتاب تكليف حكومة الدكتور معروف البخيت, وفي قرارها تشكيل لجنة الحوار الوطني المخولة مناقشة قانون الانتخاب العام وقانوني الاجتماعات العامة والأحزاب.
اصطدمت هذه النظرة الجزئية, وتصطدم بحقيقة أن إصلاح قانون الانتخاب العام لا معنى له طالما بقيت التعديلات اللادستورية على دستور 1952 قائمة. وهي التي تسمح بحل البرلمان كيفيا وتأجيل الانتخاب العام, ما يعني أن النقاش حول أفضل قانون انتخابي بلا معنى طالما أن الانتخابات يمكن تأجيلها سنتين, مرة بعد مرة, وطالما أن أفضل البرلمانات يمكن حلها من دون حتى إبداء الأسباب.
لكن جزئية النقاش في لجنة الحوار الوطني العتيدة سوف تصطدم أيضا بالأساسي. فلن يكون ممكنا التوصل إلى إجماع حول قانون انتخاب عام من دون التوصل أولا إلى حل وطني لإشكالية العلاقة الأردنية الفلسطينية في بعديها الخارجي والداخلي.
وهنا نأتي إلى ما أسميته ' تجاهل الآخر' في النقاش الدائر. ذلك أنه برز لدى البعض, من جهة, اتجاه لفرض صيغة توسيع تمثيل الديموغرافيا السياسية من خلال تحالف ممكن بين الحكم وتيارات شعبية, مدعوم بالتصور الأميركي للإصلاح السياسي في الأردن. وهو تصوّر يلخص ذلك الإصلاح بتمكين الأردنيين من أصل فلسطيني من زيادة حصتهم في التمثيل النيابي والمناصب الحكومية والعامة.
من جهة أخرى, برز ويبرز اتجاه مضاد يرفض أي إصلاح انتخابي يزيد من حصة الديموغرافيا على حساب الجغرافيا الاجتماعية, ولو أدى ذلك إلى تأجيل الإصلاح كله. ويستشعر هذا الاتجاه قدرته على نسف أي تفاهم بين الحكم والمعارضة التقليدية وواشنطن, من خلال قوة الشرعية الوطنية للمكونات الأصلية للبلد, والزخم الشعبي الذي يمكن حشده من قبل قيادات جديدة لا تخضع لتأثيرات الحكم والأجهزة الأمنية. ومن المثير للإنتباه أن الحكم والمعارضة التقليدية معا ما يزالان يتجاهلان نشوء تيار سياسي شعبي مستقل في المحافظات. لكنه تجاهل سيكون له ثمن باهظ.
يقودنا ذلك, مباشرة, إلى ما أسميته ' الالتفاف على الإشكاليات باللعب بالكلمات'. فهناك مَن يعارض فك الارتباط مع الضفة الغربية بفك الارتباط مع الصهيونية. ولكن هذه صيغة ديموغوجية للتهرب من معالجة إشكالية صلبة. وهي تخلق تعارضا لا معنى له. ففي الشروط الملموسة للواقع الأردني الفلسطيني يغدو فك الارتباط مع الضفة الغربية وتنظيم العلاقة والمواطنة بين الضفتين, جزءا من متطلبات فك الارتباط مع الصهيونية.
يلتف آخرون على هذه الإشكالية من خلال حث ' العقلاء' على تجاوزها بالنظر إلى وحدة الهدف ضد الاحتلال. لكن وحدة الهدف قائمة بالفعل, وعلى أساسها جرى ويجري تأخير الإصلاح في البلاد, كما أن وحدة الهدف لا تؤدي, مباشرة, إلى وحدة الوسائل. فربما تكون وسيلة مواجهة الاحتلال لدى البعض هي تمكين حركة حماس من استخدام الأراضي الأردنية لنشاطها السياسي والعسكري, بينما يرى آخرون أن الوسيلة هي سياسة دفاعية أردنية جديدة يتولاها الجيش الأردني. وقيام هذه السياسة الدفاعية مرهون بإصلاح جذري. والأخير مرهون بحل إشكالية المواطنة والعلاقة مع الضفة الغربية.
آخرون بالمقابل ما زالوا يتعللون بعدم التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية, ذريعة لتأجيل الإصلاح السياسي إلى أجل غير مسمى. وكأن على الأردن أن يعلق بين فكّي الاستبداد والفساد إلى أجل غير مسمى أيضا.
ما قصدت إليه سابقا هو إظهار العراقيل والعقبات والألغام التي تواجه أية رؤية إصلاحية تقوم على النظرة الجزئية أو تجاهل الآخر أو الالتفاف على الإشكاليات الفعلية.
من أجل التوصّل, بالمقابل, إلى سياق أصيل وديناميكي للحوار الوطني, لا بد من الإنطلاق من نظرة شمولية تقوم على الإعتراف بالآخر ومصالحه والمواجهة الصريحة والجريئة مع الإشكاليات الهيكلية نحو حلها ديموقراطيا.
يحتشد الفضاء السياسي الاجتماعي الأردني بالتناقضات. ووجود هذه التناقضات واقع لا يعيبنا. إن ما يعيب فعلا هو تجاهلها وتركها تتعفن وتتحوّل إلى صراعات تتهدد البلد كله.
وليست كل التناقضات, بالضرورة, تناحرية. والتناقضات غير التناحرية, كالتناقض الأردني الفلسطيني ,يمكن حلها بالتفاهم الأخوي الواقعي في ضوء أولوية التناقضات الأساسية, مثل التناقض الاجتماعي, وكذلك, في ضوء التناقض التناحري مع المشروع الصهيوني.
إن الأغلبية الشعبية بغض النظر عن أصولها تنوجد, موضوعيا, في جبهة اجتماعية في مواجهة الأقلية الأوليجارشية الكمبرادورية, وفي جبهة وطنية في مواجهة العدو الصهيوني. وهي تستطيع, بالتالي, التوصل إلى حلول أخوية وواقعية للتناقضات الفرعية من أجل توحيد الجبهة الديموقراطية التي لا بد من تعزيزها وانتصارها للتعامل مع متطلبات الجبهتين الاجتماعية والوطنية.
ولا يعني ذلك التسلسل الزمني الجامد في المهمات. فالمهمات الديموقراطية والاجتماعية والوطنية متداخلة موضوعيا في ملموسات الوضع الأردني.
هناك بدهيات منسية لا بد من التذكير بها هنا. وهي:
أولا, أن الإنتقال إلى الديموقراطية مشروط بتحديد المواطنة, فلا انتخابات ديموقراطية من دون معرفة عناصر الهيئة الناخبة, ولا يمكن تطبيق قاعدة أن الشعب مصدر السلطات في بلد ما قبل تحديد ضفاف هذا الشعب سياسيا وقانونيا,
ثانيا, أن الحل الواقعي الأخوي لأي تناقض لا بد أن ينطلق من الاعتراف بمصالح الطرف الآخر وهواجسه ونظرته لا كما هي مطلوبة ولكن كما هي فعليا,
ثالثا, أن الدول والديموقراطيات تُبنى على تسويات داخلية, اجتماعية وسياسية. والتسويات تتطلب تقديم التنازلات. ومن العجيب أن القوى السياسية من كل الأطراف مستعدة لتقديم تنازلات للأعداء أو الخصوم أو الأصدقاء الخارجيين من أجل التوصّل إلى تسويات, لكنها ترفض منطق التسوية الداخلي.
إن الديموقراطية ذاتها هي سياق دائم للتسويات الداخلية. ومنطق التسوية يقوم على الإعتراف بالآخر, لا على إلغائه بالقوة أو التخوين أو التكفير أو العزل. وهي كلها وسائل مستخدمة, بهذا القدر او ذاك, من قبل جميع الأطراف السياسية في بلدنا. وهو ما يعني أن التغيير الديموقراطي ليس مطلبا برسم النظام السياسي فقط, وإنما, أيضا, برسم القوى الشعبية التي تُظهر من التنابذ المتبادل والاتهامات المتبادلة والميل إلى إلغاء الآخر, ما يجعلنا نتوجّس من النزعات 'القذافية ' الظاهرة والمستترة في الحركة الشعبية.
إننا نواجه, اليوم, جملة التحديات السياسية والاجتماعية والوطنية معا, ولا مخرج للجميع من المأزق الوجودي الراهن, سوى بالتوصل إلى تسوية داخلية شاملة.
إن التغيير الديموقراطي أصبح حتميا. فنحن لسنا بصدد أزمة عابرة ولكننا بصدد موجة ثورية عربية عميقة وواسعة وطويلة المدى. وهي لن تنتهي إلا بتحول الوطن العربي إلى منظومة من الدول الديموقراطية الاجتماعية. وواهمٌ أي نظام سياسي عربي إذا ظن أن بإمكانه النجاة من حتمية التغيير الديموقراطي. فإذا افترضنا جدلا أن نظاما عربيا ما يستطيع الحفاظ على داخله من احتمالات الثورة, فإن البيئة الإقليمية العربية الناشئة وخصوصا تحت التأثير الهيكلي للمركز المصري لن تسمح ببقاء الصيغ غير الديموقراطية أو نصف الديموقراطية في البلاد العربية. ومن هنا, فإن التعامل مع متطلبات الإصلاح في بلدنا من منظور إدارة الأزمة, لن يفعل شيئا سوى مفاقمتها. وقد غدا ضروريا الاجماع الوطني على تفاهمات التغيير الشامل, نحو إعادة تأسيس الدولة كدولة مواطنة ديموقراطية اجتماعية. وهو النمط الوحيد من الدول القابلة للحياة في القرن الحادي والعشرين.
لكن التغيير الديموقراطي يستلزم تحركه في فضاء وطني موحّد ما زلنا عاجزين عن صنعه. ولن تصنعه سوى تسوية داخلية بين المكونين الأساسيين للشعب الأردني.
1- على الأردنيين الإعتراف بأن الوجود الفلسطيني في الأردن لم يعد طارئا أو خارجيا. وبغض النظر عن الحقوق التاريخية غير القابلة للتصرّف لكل أبناء الشعب الفلسطيني أينما كان, فقد غدا الفلسطينيون الأردنيون مكوّنا أردنيا.
وإذا كان من المرفوض مبدأيا القول بوجود شعبين في البلد. وهو قول يقود إلى ثنائية توطينية وصراعية مدمرة, او إلى كونفدرالية داخلية هي إطار للوطن البديل, فإن عدم الاعتراف بالمكوّن الفلسطيني الأردني كجزء بنيوي داخلي للشعب الأردني, يقود, حتما, إلى تلك الثنائية.
إن الاعتراف الصريح بوحدة الشعب الأردني على أساس المواطنة والمساواة, هو المقدمة التي لا غنى عنها للتغيير الديموقراطي.
2 - غير أنه من الضروري, بالطبع, تعريف المواطنة قانونيا. فالثغرات والالتباسات المقصودة في قرار وتعليمات فك الارتباط مع الضفة الغربية لعام ,88 وتجاهل تحويل هذه التعليمات إلى واقع دستوري وقانوني, ترك الباب مواربا أمام كل أنواع التلاعب السياسي والأمني اللاقانوني في ملف المواطنة. ومنذ 1988 وحتى اليوم, تم سحب آلاف الجنسيات من أردنيين من دون أساس قانوني, وبالمقابل, جرت عمليات غير قانونية تم بموجبها صرف عشرات آلاف الجنسيات لفلسطينيين لا تنطبق عليهم شروط المواطنة الأردنية وفق قرار فك الارتباط لعام 88.
إن هذا الوضع الغامض غير القانوني هو مصدر دائم لتشويش العلاقات الداخلية واحتقانها بين مخاوف سحب الجنسيات وبين مخاوف الإغراق الديموغرافي والتهجير والتجنيس اللاقانوني والتوطين السياسي.
إن وحدة الشعب الأردني تتطلب إغلاق هذا الملف على أساس قانوني, وفق مرجعية دستورية صريحة تنهي متعلقات الضم القسري للضفة الغربية, سياسيا وتنظيميا, لا في مجال المواطنة فحسب, وإنما في جميع المجالات الأخرى رسميا ونقابيا وحزبيا الخ.
وأوضّح, هنا, وعلى سبيل المثال, التناقضات المتضمنة في طروحات الإسلاميين الذين يريدون, من جهة, قانون انتخابات يزيد من حصتهم وحتى ملكية دستورية برئيس وزراء منتخب شعبيا أو برلمانيا, بينما هم لا يعترفون بفك الارتباط مع الضفة الغربية, ويواصلون, على هذا الأساس, علاقات تنظيمية مع حركة حماس الفلسطينية. هل يمكن القبول ببرلمان إخواني وحكومة إخوانية يرتبط رئيسها, تنظيميا, بحزب غير أردني? إن هذا الموقف المتناقض ليثير الهواجس.
سيكون موقف الإخوان المسلمين متسقا لو أنهم لا يتوقفون عند رفض فك الارتباط, وإنما يتقدمون ببرنامج سياسي كامل للإرتباط بين الضفتين. ولكنهم كسواهم من القوى التي ترفض فك الارتباط يتوقفون عند الرفض, ولا يطالبون بالارتباط! وهو ما يعني إخضاع المشروع الوطني الديموقراطي الأردني لمصالح فئوية وأجندات غامضة.
في رأينا فإن تعديل قانون الجنسية بحيث يلحظ فك الارتباط مع الضفة الغربية منذ ,1988 يتقدم على تعديل قانون الانتخاب العام. ويمكننا من معالجة ديموقراطية وتوحيدية للتمثيل السياسي في البلد. وقد آن الأوان للتخلص من البطاقات الملونة ودائرة المتابعة والتفتيش, وصولا إلى وضع قانوني مستقر يحدد المواطن من المقيم. وهي خطوة حاسمة للتخلص من الهواجس والمخاوف ولعبة الأرقام الديموغرافية الغامضة, حيث ما يزال التكتم على المعطيات الفعلية للمواطنين والسكان يسمح للإصطياد في الماء العكر, وتخويف الشرق أردنيين بأكثرية فلسطينية مزعومة, لضرب نزوعهم نحو الديموقراطية, وتخويف الأردنيين من أصل فلسطيني بالميول الإقصائية الشرق أردنية المزعومة لضرب توجههم نحو الإندماج في حركة التغيير الديموقراطي.
الملكية الدستورية ودستور 52
هنالك لبس بالمناداة بالملكية الدستورية. فالأخيرة هي اسم نوع من الأنظمة المقيدة بالدستور وليست نظاما سياسيا موصوفا. فكل ملكية مقيدة بدستور مهما كان هي ملكية دستورية. والسؤال المطروح حول مضمون هذه الملكية الدستورية يدور حول طبيعة الدستور الذي يقيد الملكية.
والتغيير المطلوب في الأردن ليس الملكية الدستورية, فالملكية الحالية هي دستورية, وإنما ملكية برلمانية ديموقراطية, تنبثق فيها الحكومة ذات الولاية العامة الحصرية عن مجلس نيابي منتخب على أساس قانون انتخاب ديموقراطي يقوم على النسبية,مجلس نيابي محصن من الحل, وانتخابات دورية لا يمكن تأجيلها.
وباعتقادنا أن اعتماد دستور 1952 كأساس يمكن أن يؤدي إلى نشوء ملكية برلمانية أردنية . لكن دستور 52 ليس كافيا وحده للتوصل إلى هذا الهدف. فإننا نقترح صيغة ' دستور 52 زائد'.
وهي تتضمن (1)شطب التعديلات اللاديموقراطية المدخلة على دستور 1952 (2) تحصين البرلمان من الحل نهائيا (3) تعديل المادة 35 لتصبح كالتالي:'الملك يعين رئيس الوزراء بناء على توصية الأغلبية البسيطة لمجلس النواب, ويقبل استقالته, ويعين الوزراء بناء على تنسيب رئيس الوزراء, ويقبل استقالتهم.' وهو ما يعني أن تحالف الأكثرية النيابية البسيطة هو الذي يسمي رئيس الوزراء, بينما تكون الثقة على البيان والوزراء. (4) تعديل المادة 45الفقرة 1 لتصبح كالتالي :'يتولى مجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية' . فيكون مجلس الوزراء, بذلك, مطلق الصلاحية في إدارة شؤون البلاد وفق مبدأ الولاية العامة.ولا يتمكن هو نفسه من تفويض صلاحياته.(5) مراجعة جميع المواد الدستورية بما يكفل اتساق النص الدستوري على هذه الأسس.
ونحيل هنا إلى مبادرة ملك المغرب, محمد السادس, في 9 آذار الجاري, والتي تتضمن تركيز السلطات والصلاحيات لدى مجلس نيابي وحكومة نيابية ينتخب أعضاء البرلمان رئيسها, لنلاحظ جرأة المبادرة التي تنسجم مع موجة التغيير الديموقراطي في العالم العربي.
المحكمة الدستورية:
في دستور 52 يشكل المجلس العالي نوعا من محكمة دستورية, بالنظر إلى أن رئيسه هو أعلى قاض في البلاد. لكن هذه الصيغة ليست مقدسة, ويمكن تعديلها الى صيغة محكمة دستورية.
إعادة التأسيس:
إن فك الارتباط مع الضفة الغربية يضعنا أمام ضرورة إعادة تأسيس للدولة تم تجاهلها منذ .1988 وآن الأوان لترجمتها دستوريا:
ونحن نقترح تعديلا على المادة 1 من الدستور لإنهاء حالة الغموض في العلاقة الأردنية الفلسطينية في بعديها الخارجي والداخلي, بما يمنع أية علاقات فدرالية أو كونفدرالية مع السلطة الفلسطينية ويؤكد قانونية مواطنة الأردنيين من أصل فلسطيني ويدمجهم في السياسة المحلية ويمنع في الوقت نفسه التجنيس اللاقانوني والتوطين السياسي.
المادة 1 تصبح كالتالي:
1- 1 المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي.
1- 2 يحد المملكة من الغرب, فلسطين, ومن الجنوب والشرق المملكة العربية السعودية والعراق, ومن الشمال سورية, في إطار الاتفاقات الدولية المبرمة لترسيم هذه الحدود.
1- 3 الشعب الأردني جزء من الأمة العربية. والمواطن الأردني هو من كان مواطنا مقيما بصورة اعتيادية دائمة في حدود المملكة أعلاه, قبل 31 آب 1988.
1- 4 ملك المملكة , فوق الأرض وما في باطنها واجوائها وموانئها ومياهها وثرواتها الطبيعية , لا يتجزأ ولا يقبل القسمة ولا ينزل عن شيء منه لا بالتنازل السيادي ولا بالبيع ولا بالتأجير ولا بالتخصيص الاستثماري او المناطق الحرة ولا بسوى ذلك قطعيا.
غير أن الإصلاح الدستوري الذي يمنح السلطات والحصانة للمجلس النيابي, والحكومة المنبثقة عنه, لا يكتمل إلا بإصلاح قانون الانتخاب الذي يشهد جدالا يمنع تحققه ويدور حول أولوية الجغرافيا والديموغرافيا.
قانون الانتخاب العام:
ينبغي أن يكون هذا القانون وطنيا بمعنى تأكيده على تمثيل الجغرافيا الاجتماعية المؤسسة للمملكة وديموقراطيا بتمثيله السكان والاتجاهات.
وفي رأينا أن أفضل طريقة لإحداث التدامج الوطني الديموقراطي من دون الإخلال بالمعادلة الوطنية هو الفصل بين دائرة الانتخاب ودائرة التمثيل. فدائرة الانتخاب يجب أن تكون دائرة واحدة. فتكون المملكة من حيث الانتخاب دائرة واحدة تتنافس فيها قوائم سياسية مغلقة على أساس النسبية, بينما تكون دوائر التمثيل على مستوى المحافظات من دون المساس بنسب التمثيل الموجودة حاليا.
في هذا النظام الانتخابي يكون على كل تيار سياسي أن يتقدم بقائمة مغلقة تطابق أعضاء المجلس النيابي , وتتكون من مرشحين عن المحافظات كلا بحسب عدد مقاعدها. وبالمحصلة فإن القائمة تحصل على عدد مقاعد مساو لنسبة الأصوات التي حصلت عليها, ويكون لها الحق بملء مقاعد المحافظات التي أعطتها أكبر نسبة تصويت.
وللتوضيح, يؤلف الحزب المعني قائمة يندرج فيها مرشحوه للمحافظات والكوتات بما يطابق العدد الكلي للمقاعد. ووفقا لقاعدة النسبية يحصل الحزب على عدد من المقاعد النيابية يتساوى مع نسبته من الأصوات الكلية, لكن توزيع هذه المقاعد على المحافظات يعتمد على نتائجه النسبية فيها, بينما يعتمد توزيع مقاعده على الكوتات وفقا لنتائجه الوطنية. وهو ما يحقق التمثيل السياسي الوطني من جهة, والتمثيل الجهوي والفئوي من جهة أخرى.
سيؤدي ذلك إلى التدامج السياسي واضطرار جميع القوائم إلى التفاعل مع جميع المحافظات والمكونات واعتماد خطاب وبرنامج يعكس تحالفا على المستوى الوطني. وهو ما سيخرج أية فئة إنعزالية من دائرة الفعل السياسي.
غير أن كل ذلك ليس سوى إطار للتحوّل الديموقراطي الذي لا يتحقق إلا في سياق اجتماعي هو, في الوقت نفسه, مهاده ومؤداه. إن المشكلة الجوهرية, بل مشكلة المشاكل التي تواجهنا تظل تتمثل في إخضاع أكثر من نصف المواطنين لشروط الإفقار والتهميش والتجويع لصالح الإثراء الفاحش للأقلية الأوليجارشية الكمبرادورية وفي قلبها مجموعات الفساد الكبير.
إن الأنموذج النيوليبرالي فشل. ولا بد من إعلان فشله والتراجع الصريح عن سياسات ما يسمى بتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي التي تصب في قطاعات سرطانية, كالقطاع العقاري والقطاع المالي. ينبغي وضع حد لهذا الأنموذج, والشروع فورا ببناء أنموذج بديل يقوم على تشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة والتعاونيات على المستوى الوطني, و إعادة هيكلة الزراعة والصناعة, وإحياء الريف والبادية في إطار منظومة تنموية متعاضدة.
إن مكافحة الفقر لا تتم بتحويل الفقراء إلى شحاذين. فلا يعني ذلك سوى المزيد من تهميش الفئات المفقرة. بل تتم من خلال التشغيل وزيادة الانتاجية في عملية مستمرة أثبتت المشروعات الكبرى أنها عاجزة عن توفير متطلباتها. فالقطاعان المهيمنان, العقاري والمالي, غير مولدين لفرص العمل, بل يستحثان استيراد العمالة الوافدة ويخلقان التضخم ويجمدان القدرة على تمويل التنمية.
ويتطلب السير في نهج تنموي التراجع عن مئات القوانين ومعظمها مؤقتة التي صُممت لخدمة البزنس خلال العقد المنصرم, والتوقف عن استهلاك الموارد لمصلحة النخب, وإعادة هيكلة الموازنة العامة جذريا لمصلحة المشروعات الصغيرة وتوسيع مظلة الدعم وتحسين الخدمات.إن هدر الموارد على إنشاء المزيد من الجسور والأنفاق يخدم شركات وتجار العقارات والسيارات والمقاولين, ولا يخدم الاقتصاد الوطني المكشوف تماما على الاستيراد.
إن معالجة العجز في موازنة تنموية واجتماعية, لا يتم بالاقتراض ولا بالمنح, بل من خلال نظام ضريبي ديموقراطي اجتماعي, يلغي ويخفّض ضريبة المبيعات ويقر وفق النص الدستوري الصريح الضريبة التصاعدية على الأرباح والدخول على نحو يكفل إعادة توزيع الثروة على المستوى الوطني.
واختم بأن الضمان الأساسي لعملية إعادة توزيع الثروة والقوة على الصعيد الوطني يكمن في تنظيم القوى والفئات الاجتماعية لنفسها بنفسها في نقابات وهيئات حرة, ينبغي تعديل القوانين لتشريع قيامها وقدرتها على الاحتجاج والتفوض.
بدلا من حالة حوار التنابذ, نقترح توضيح عناصر التسوية المطلوبة لبناء الديمقراطية الأردنية, كالتالي:
1- دسترة وقوننة فك الارتباط في كل المجالات, والإعتراف بالمكوّن الفلسطيني الداخلي بلا لبس ولا شروط ولا هواجس.
2- تعديلات دستورية تؤمن تفويض السلطة والصلاحيات لحكومات الأكثرية النيابية.
3- قانون انتخابات على أساس القائمة النسبية الوطنية يأخذ بالاعتبار تمثيل الجغرافيا والديموغرافيا معا.
4- الديموقراطية الاجتماعية في سياق تنموي