16-03-2011 09:52 AM
كل الاردن -
أحمد أبو خليل
كما نعرف جميعاً, من غير المقبول أن يجري أمر ما 'بلا إحم ولا دستور', ويفضل وجود أحدهما على الأقل, أي إما أن توجد الـ 'إحم' أو أن يوجد 'الدستور', أو كلاهما بالطبع.
مع هذا فالتراث الشعبي المتناقل لا يجيز الاستعاضة عن أحدهما بالآخر في الممارسة اليومية, فالـ 'إحم' هي صوت خاص للتنبيه ولفت الأنظار, وتسمى العملية ككل 'النحنحة', فالداخل إلى قوم عليه أن 'يتنحنح' كي ينبههم إلى وصوله, وتكون النحنحة بتكرار لفظة 'إحم إحم' مع جواز حذف الميم بحسب الرغبة, ولكن في هذه الحالة يُشترَط التكرار لأربع مرات فما فوق. وعلى العموم فموضوع النحنحة على درجة عالية من التعقيد, وسبق أن تناولته في مقال خاص ليس مطلوباً من أحد غيري أن يتذكره.
أما كلمة 'دستور' فهي في الأصل فارسية ومعناها 'الرخصة' بمعنى السماح, وهي كذلك تعني الحجر الذي يوضع في زاوية البناء. وقد استخدمها العامة بالمعنى الأول, فعندما يقولها احدهم للآخر, فإنه يقصد بها: 'ارخص لي' أو 'اسمح لي', ولكن كلمة دستور في هذه الحالة وهذا الاستخدام (وبحسب العلامة المرحوم روكس العزيزي) هي في الأردن كلمة خاصة بحالة الرجل 'راكب الحمار' الذي عليه أن يقولها قبل أن يطرح السلام, إذ لا يجوز لراكب الحمار أن يبدأ الناس بالسلام قبل أن يبادرهم بكلمة 'دستور', وبالمقابل ينبغي على الذين توجه إليهم الكلمة أن يردوا عليه بكلمة 'أقلُط' أي تقدم, وحينها يمكنه أن يطرح سلامه ويواصل.
أما في الثقافة الرسمية فقد استخدم الناس, كلمة دستور بالمعنى الثاني أي حجر الزاوية, لأن الدستور هو بالفعل بمثابة حجر الزاوية بالنسبة للقوانين, إنه قانون من مرتبة خاصة, ومنهم من يسميه ابو القوانين.
هناك هذه الأيام لبس شديد في المصطلحات والمفاهيم, فبعضهم يستخدم كلمة دستور بمعنى 'إحم' فقط, أي بقصد لفت الانتباه إلى وجوده, وبعضهم يستخدمها 'بلا إحم' مطلقاً, وفي الطرف الآخر يوجد من يطالب بـ 'إحم معدلة' كي يوافق على فكرة 'دستور معدل', كما يوجد آخرون ممن يشترطون عليك أن لا تقول 'إحم' كي يقبلوا منك أن تقول 'دستور', وهم قد يفاجئوك عندما تكتفي بكلمة 'دستور' بأن لا يجيبوك بكلمة 'أقلط'.
(العرب اليوم)