17-03-2011 08:18 AM
كل الاردن -
عريب الرنتاوي
من ليبيا إلى البحرين مرورا باليمن ، تبدو قوى الثورة المضادة في حالة اهتياج ، لقد شحذوا أسلحتهم بعناية ، وقرروا الانقضاض على المواقع والمعاقل التي انتزعها الثوار بغالي التضحيات ونفيسها...العقيد القذافي أطلق العنان لطائراته وصواريخه مستفيدًا من التواطؤ العربي والنفاق الغربي...العقيد صالح يهاجم بموجات متعاقبة من البلطجية وقوات القمع ، المعتصمين في ميدان التغيير وجامعة صنعاء...مارشالات قوات دفاع البحرين و"درع الجزيرة" ، يهاجمون بكل قسوة المعتصمين في دوار اللؤلؤة وجامعة المنامة ، ويطاردون الثوار إلى القرى التي لم نسمع بها من قبل ، تماماً مثلما يحدث في شرق ليبيا وغربها...إنها الحرب في ربع الساعة الأخير ، أنها المواجهة في المربع الأخير...إنها لحظة إعادة ترسيم خطوط التماس الحمراء.
الثورة العربية الكبرى التي سجّلت في اندفاعاتها الأولى ، انتصارات ساحقة ضد قوى الفساد والاستبداد في تونس ومصر وليبيا ، وامتدت تأثيراتها إلى عشرات المدن والساحات ، تنتقل الآن ، إلى حالة دفاعية ، شبّانها وشاباتها يستميتون في الدفاع عن مواقعهم ومكتسباتهم ، الضحايا يسقطون بالمئات والألوف بين شهيد وجريح ومفقود...النظام العربي يكشّر عن أنيابه ، ويكشف عن وجهه القبيح ، لم يعد يخشى على صورته ، فهو يريد الحفاظ على "الأصل" أما الصورة فيمكن ترميمها لاحقاً...لسان حاله يقول: ما نفع الصورة أن سقط الأصل ؟،.
الغرب - الولايات المتحدة بخاصة - سقط أو يكاد يسقط في الامتحان...تردده في تأمين الحماية للشعب الليبي ، فهم كضوء أخضر من قبل "العقيد" ، فزمجر هدد وتوعّد ، صعّد ودمّر وقتّل وشرّد ، بعد أن ظهر على الشاشات عارياً كالفأر المذعور...الرسالة وصلت إلى "عقيد" صنعاء: لماذا لا أفعل ما يفعله القذافي ، وهل يحق لمجنون ليبيا ما لا يحق لغيره ، لحس وعوده بالإصلاح وأوامره لقوات بضبط النفس ونزل إلى الساحة بلباس الميدان.
الثورة المضادة تعصف في كل مكان ، ...
ليس مفهوما أبداً أن تحشد الدبلوماسية و"القوات" ضد ديكتاتور ليبيا من جهة...وأن تقوم بالحشد ذاته ، ولكن ضد الشعب ولصالح النظامين في صنعاء والبحرين...لم يأخذ أحدّ على محمل الجد "فزاعة" التدخل الإيراني في اليمن والبحرين...ولم يشتر أحد البضاعة الفاسدة التي يروجها "الناطقون باسم البترودولار وكتبتهم" ، ، عن تفاهم أمريكي - إيراني على اليمن من قبل والبحرين من بعد ، هذه حجج وذرائع غبية وممجوجة ، قد تنجح في تأجيج الغرائز المذهبية والدينية ، بيد أنها لن تنجح في اختراق عقولنا وتسميم وعينا...حتى واشنطن ، المتربص الأول بإيران ، الدولة الأعظم والأقدر ، نفت بالأمس أن تكون إيران حاضرة بقوة في صعدة واليمن ، وهي تنفي اليوم وجود أية مؤشرات ودلائل على تدخل إيراني في الشؤون البحرينية الداخلية.
غريب وعجيب امر هؤلاء ، لم يتركوا حجة إلا واستحضروها لتأبيد الفساد والاستبداد...وعندما أعيتهم الحجج واستنفذوا كل الذرائع لم يعد في جعبتهم سوى اتهام واشنطن ، سيدتهم ومرجعيتهم ، بأنها تتآمر عليهم ، لكأنهم مرة أخرى ، جياب وجيفارا وجمال عبد الناصر.
الثورة المضادة تطل برأسها البشع من جديد ، تعيدنا إلى أجواء الخمسينيات والستينيات ، زمن الحرب العربية الباردة والساخنة ، قبل أن ينقلب السادات على الناصرية ، وقبل أن تدخل المنطقة برمتها في "العصر الخليجي" ، وقبل أن يملأ كثير من الكتاب والصحفيين وأشباه المثقفين أقلامهم بالنفط الأسود بدل الحبر الأزرق.
الدستور