أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024
شريط الاخبار
أحزاب ومنظمات ومتظاهرون مغاربة يستنكرون تصريحات ماكرون في برلمانهم عن المقاومة الفلسطينية العمل: لا صحة لعدم تشغيل أردنيين بمول تجاري في الكرك محافظة: الأردن أول دولة عربية رائدة في مجال التربية الإعلامية والمعلوماتية نقابة الصحفيين تقرر إجراء الانتخابات في نيسان اتلاف مخدرات ضبطت في 58 قضية - صور طاقم حكام عُماني لمباراة الحسين إربد والوحدات ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 43163 شهيدا حسان يثني على دور المحافظين ويؤكد أهمية الدور التنموي لهم وإدامة التواصل مع المواطنين الأردن يدين مصادقة الكنيست على قانون يمنع فتح ممثليات دبلوماسية لفلسطين في القدس (153) مليون دينار صافي أرباح (البوتاس العربية) لنهاية الربع الثالث من العام الجاري رغم التحديات العالمية الخرابشة: نتطلع لأن نكون مركزاً لإنتاج الطاقة الخضراء سلطة وادي الأردن تحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي ضبط مركبة تسير بتهور على الصحراوي بدء تقديم طلبات الاستفادة من البعثات والمنح والقروض الداخلية رئيس وأعضاء مجلس الأعيان يؤدون اليمين الدستورية
بحث
الأربعاء , 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024


الشباب والمجتمع المدني

بقلم : علي فريحات
06-08-2015 01:13 PM
الشباب هم طليعة كل مجتمع، فهم عموده الفقري، وقوته النشيطة والفاعلة، فأهمية هذه الشريحة المجتمعية باعتبارها مورد وطاقة بشرية ينبغي الاهتمام بتنميتها وتأهيلها في أفق استغلالها في مجالات متعددة ومختلفة للنهوض بالمجتمع، في ظل التحدي للتحولات والتغيرات القائمة اليوم، ومن أجل المساهمة، بل والمشاركة في البناء الحضاري والتقدم البشري الذي هو غاية وهدف كل شعوب المجتمعات بجميع مكوناتها الفردية والجماعية، وتنظيماتها ومؤسساتها وقطاعاتها الحيوية، من بينها تنظيمات المجتمع المدني الذي يهمنا الآن، والمقصود بها كل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية التي تقدم خدمات على اختلاف تنوعها ومجالاتها التي أنشئت من أجلها بشكل إرادي تطوعي بين مؤسسيها ومنخرطيها دون تحقيق الغاية الربحية المادية، واضعة على عاتقها أدوار ووظائف تقدمها لفائدة المجتمع في علاقاتها بمتدخلين آخرين وعلى رأسها الدولة؛
إن الدور الأساسي لتنظيمات المجتمع المدني واضح لأنه مجتمع مستقل إلى حد كبير عن إشراف الدولة، فهو يتميز بالاستقلالية والتنظيم التلقائي وروح المبادرة الفردية والجماعية والعمل (التطوعي، والمحاسبة من أجل خدمة المصلحة العامة، والدفاع عن حقوق الفئات المستضعفة والمعوزة...)، مجال يرفض تفشي انتشار المحسوبية والعلاقات العائلية والمصلحية الضيقة لإيمانه الراسخ بالفعل والممارسة للذات الجمعوية الفاعلة فيه، التي تتجلى في العمل والاجتهاد بما تملكه من قدرات بشرية و مادية، وما يمكن أن تقدمه وتسديه في تأهيل الشباب لتحمل المسؤولية، وتمكينهم من الأرضية الصلبة التي تحميهم من الفراغ الإيديولوجي، لتفعيل دورهم في النهوض بمكانة المجتمع في العصر الحالي..
بالإضافة إلى تعقّد ظروف وشروط الحياة، تزايدت احتياجاتهم المتنوعة، وأصبحت في تطور مستمر، لذا فإن المجتمع المدني من خلال تنظيماته وجمعياته يساهم في إبراز أسلوب جديد للحياة في المجتمع وتنظيم العلاقات فيه، بما يضمن حل الصراعات بشكل سلمي في إطار الحوار تجنبا لكل مظاهر العنف، وذلك بناء على مجموعة من المعايير تتم ترجمتها إلي قيم ومعتقدات وسلوكات يومية، تشكل ثقافة الإنسان ونظرته إلي هذه القضية أو تلك، ومواقفه العملية فيها؛ وهذا يعني أن الفرد ملزم بالمشاركة الاجتماعية، والمساواة فيها؛
ويعتبر دور المنظمات رائدا في معالجة بعض القضايا ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وأصبح هذا الدور يضع خططا و برامج تنموية واضحة، أصبح الاختيار معها الآن رغبة ملحة وأكيدة من المجتمع ذاته على جميع الواجهات في إحداث التغيير والمشاركة في تحقيق التنمية؛
تتسم أبعاد العمل الجماعي والثقافي من داخل مكونات المجتمع المدني بأهمية بالغة في تنمية المجتمعات وتنمية قدرات الأفراد، على أساس أنه يمثل الفضاء الرحب لممارسة الولاء والانتماء للمجتمع، لأنه يمثل مجالا مهما لصقل مهارات الشباب و بناء قدراتهم بناء على استيعاب وفهم احتياجات المجتمع؛
إن الشباب هو العنصر الأساسي في عملية البناء والمستقبل؛ إذن لابد من تفعيل دورهم في بناء المستقبل الذي تتحقق فيه القيم الإنسانية وتحقيق الذات التي هي جوهر الديمقراطية؛ والاهتمام بالشباب هو مقياس المجتمع الفاعل؛ فالشباب هم الطاقة والإرادة والقوة، لذا يجب أن يكون على دراية ووعي بحقوقهم وحقوق المجتمع وواجباته.
إن التركيبة الديمغرافية للمجتمع تتميز بارتفاع التزايد السكان، وبالتالي ارتفاع حجم الشريحة الشبابية وزيادة معدلات النمو السكانية؛ وأن هذه النسبة العالية تشكل قويا عاملا في ترسيخ المجتمع المدني القائم على أساس التعددية والاختلاف؛
إن التمييز والظلم والاستبداد والفقر والتهميش والفساد والنهب المنظم لثروات البلاد والجمود الثقافي وتهميش الشباب وتشجيع انتشار الأمية والجهل، والمخدرات والدعارة، وارتفاع نسب البطالة وزرع ثقافة العنصرية والانغلاق على الذات وإقصاء الأخر وتوسيع هامش الخطابات الفاشلة وتعزيز نشر الثقافة التقليدية الرجعية للكبار وفرضها على الشباب، وخلق الصعوبات والأزمات الخانقة وتكريس عقلية رجعية عنصرية توصل إلى كارثة حقيقية مما لا يتناسب مع طموحات وأفكار شباب اليوم، وتضع الحواجز لكبح جماح رغباتهم وطموحهم نتيجة الموروث الثقافي التقليدي القبلي والعشائري والبيروقراطي المستشري في أوساط الماسكين بزمام السلط والأحزاب، التي تحد من مشاركة الشباب إذا لم يكن حسب منطقهم وسلوكهم حيث هناك خلط بين تطوعية العمل المدني والتطوعية الضيقة حسب الفهم الحزبي التي تدل على نظرة أحادية الجانب وعدم قبول الاختلاف والتعددية، لذا يحدث إهمال الإبداع والتبخيس منه، والتيئيس لكل مبادرة، والتهميش والمحاربة بكل الأشكال والأساليب المتاحة؛
لذا إن أي مجتمع لا يمكنه أن ينهض وأن يتطور ويتقدم، إلا على وعي أفراده في ديناميته وتنوعه واختلافه، على كافة الأصعدة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ومن هنا تأتي الضرورة لاندماج الشباب في تنظيمات المجتمع المدني، وفتح المجال لخلق أشكال جديدة من الفعاليات الحرة تعبيرا عن طاقاتهم وقدراتهم لبلورة مجتمع مدني قادر بالشكل المطلوب على تلبية احتياجات شريحة الشباب؛
وإذا كان الشباب هم الشريحة الأكبر في مجتمعنا اليوم، مما يؤكد على الدور الأساسي لهذا القطاع الاجتماعي في عصر الدينامية والتغيير والتطور والتنمية؛ ويعانون من التمييز والتهميش ومن مشاكل وعقبات تحول دون تحقيق طموحاتهم وطموحات المجتمع في العمل وتطوير النسيج الاجتماعي والبناء بغاية تحقيق التنمية المفتقدة؛ فالمجتمع المدني يفتح المجال والفرص أمام الشباب في اكتسابهم للمعارف وللقدرات الفكرية لتلبية احتياجات المجتمع؛
إذن تقع على الشباب مهام ومسؤوليات كبيرة خاصة في أخذ المبادرة في الإصلاحات على كافة المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وتفعيل العمل المدني التطوعي بجد وإخلاص، لتوعية المجتمع من خلال بناء تنظيمات جمعوية قوية ضمن نسيج المجتمع المدني التطوعي المشارك باختلافه وتنوعه؛ فمن داخل هذه التنظيمات يبرز دور الشباب بالوعي الثقافي والاجتماعي ومحاربة الفساد والاهتمام بالعلم والمعرفة والمشاركة التطوعية القائمة على التواصل والتكامل والتسامح والتنسيق في ظل ما يتعرض له مجتمعنا من ظلم وقسوة؛
والعمل الجاد يتطلب ترسيخ مبادئ الديمقراطية والمواطنة واحترام حقوق الإنسان وتوعية الناس وتعريفهم بسمو مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة، والترويج لصيانة سيادة القانون وترسيخه واستقلال القضاء، من خلال توعية ثقافية مجتمعية مدنية، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، والدعوة في التكثيف المشاركة في العمل المدني التطوعي المبني على روح المبادرة والعمل التطوعي في المجتمع، لأن المجتمع المدني هو حركة تجديدية دينامية كما هو الشأن بالنسبة للشباب؛
ولكي يؤثر الشباب في مرحلة البناء والعمل وتطوير النسيج الاجتماعي المدني، لابد من امتلاكهم واكتسابهم المعارف والمهارات والقدرات الفكرية والفرص لتلبية احتياجاتهم واحتياجات المجتمع، حيث تبرز أهمية استقلالية الشباب ومسؤولياتهم في معرفة حقوق الإنسان وقواعد القانون والانفتاح والتوسع وتشجيع الحوار بين الثقافات والوصول إلى القيم الإنسانية والنزعة الإنسانية، على اعتبار أن الإنسان هو مصدر المعرفة لإلغاء سلطة الظلم والاستبداد والتمييز والعنصرية بأساليب حضارية وسلمية ومدنية وإنسانية، تنبني على ثقافة التسامح ولغة الحوار، وما انجذاب الشباب إلى العمل من داخل تنظيمات المجتمع المدني، واهتمامهم بالفعل المؤسساتي المجتمعي، إنما هو إيمانهم بدورها القوي والمؤثر في إحداث التغيير والإصلاح لتحقيق حرية وكرامة الإنسان وتطوير المجتمع وتنمينه؛
إذن، لتوفير ظروف وشروط أفضل للممارسة والفعل من داخل هذه التنظيمات، ينبغي:
تعزيز انتماء ومشاركة الشباب في مجتمعهم وهمومه وقضاياه؛
تنمية قدراتهم ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية، مما يتيح لهم التعرف على الثغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع؛
تمكينهم من التعبير عن آرائهم و أفكارهم في القضايا العامة التي تهم المجتمع؛
توفير الفضاء والفرص المتاحة في أداء الخدمات والاهتمام بمشاكلهم ومشاكل المجتمع بأنفسهم؛
منحهم فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي تحتاجها البلاد، و المشاركة في اتخاذ القرارات؛
ففي ظل توفير هذه الشروط، أمكن الحديث عن وجود مجتمع مدني قوي ومستقل ومهني، يكمن في النأي بنفسه عن كل الاصطفافات والانحيازات الإيديولوجية والسياسية الضيقة، وتشبثه بأطروحاته المهنية والحقوقية، ليضع بينه وبين السلطة ومواليها ومعارضيها بونا يحول دون المنافسة لها، كي يضمن لنفسه هامشا من الحرية في أداء مهامه والقيام بالوظائف المنوطة به، دون أن يعني اتخاذه موقفا حياديا إزاء الحقوق والحريات، طمأنة لجميع الفرقاء، لاسيما السياسيين منهم، بأن المجتمع المدني ورموزه لا يشكلون خطرا عليهم أو على السياسة بإقحام أنفسهم للحصول على بعض المكاسب أو المناصب؛ وبذلك يكون المجتمع المدني قد حقق تمسكه بوظيفته في الرصد والمراقبة والاحتجاج والاعتراض والاقتراح لبدائل عما هو قائم، يساعد ذلك في إنتاج مواقفه المستقلة والناقدة تجعل منه شريكا وضامنا في الآن ذاته لديمومة عملية التغيير، على الرغم من الالتباس في هذا الدور وصعوبته؛

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012