أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


لعن الله الفتنة

بقلم : سلطان الخضور
08-08-2015 01:30 PM
الفتنة التي نتحدث عنها هنا هي سلوك سلبي عن طريق شحن طرف ضد طرف آخر ومحاولة الآيقاع بين الناس لخلق مفسدة بقصد إشعال الفرقة وإحداث حالة من التشرذم في المجتمع لتسهل السيطرة عليه، وعليه فإن الفتنة لا يمكن أن تصدر إلا من عدو، فالصديق الصدوق يحرص على التوافق والإتفاق والهدوء والإستقرار والأمن والأمان فيزدري الفتن وأهل الفتن ،فلا يثير الفتن إلا مغرض ولا يمقتها إلا واع.
نضحك من أنفسنا وعليها إذا اعتقدنا أن الفتنة حالة عرضية تحدث بالصدفة ،فأهل الفتن ومثيروها أيضا كمن يمقتها يعون سلوكهم جيدا ويصدرون القول أو الفعل وهم يدركون نتائجه ، فهم من شياطين الأنس لهم أهدافهم ودوافعهم ، فالفتن لها مروجوها على مستوى الأفراد والجماعات ولها علماؤها ومفكروها ولها أدواتها من الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ،وتعد لها الدراسات التي تعرف من أين تأكل الكتف ،فتحدد البيئة الخصبة الملائمة لها - وغالبا ما تكون بيئة متخلفة - بموجب دراسة نفسية واجتماعية ، ثم تحدد الزمان والمكان والظروف الملائمة لاطلاقها بمتن مدروس أيضا من النواحي النفسية والإجتماعية وتقدر نتائجها وانعكاساتها ،وتعد الخطط لاستثمارها بأنجع الطرق التي تحقق الهدف المرجو منها .
مخطيء من يظن ممن يركبون موجة الفتن أنها على درجة من الذكاء بحيث تميز موقظها أو مشعلها فتحيد يشرها عنه ولا يجرفه سيلها ،فالفتنة حين تكون تصيب الجميع ولا تصيب شرورها الظالم وحده ،وهذا ما ذهب اليه العلماء حين فسروا الآية الكريمة ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم ) أي أنها لن تصيب الذين ظلموا وحدهم بل ستصيب الجميع .فهي إن أصابت مجتمعا حولته إلى فوضى وخلقت حالة من عدم الإستقرار ،فيهيم الناس على وجوههم لا يدرون ماذا يفعلون. فهم لا يدرون كيف يدرؤون شرورها ولا يعلمون لها نهاية ولا يستطيع أحد التكهن بنتائجها.
العاقل الفطن الكيس الذكي من لا ينجرف خلف الفتن ولا يلقي لها بالا أو ينساق خلفها ، بل وجب عليه أن يستخدم عقله وفطنته وكياسته وذكاءه في الإبتعاد عنها وإرشاد الآخرين أيضا لعدم الإنجرار خلفها لأنه على الأقل يدرك مخاطرها ،فالفتن بلا شك من سمات المجتمعات المتخلفة التي تعتمد الإشاعة كمصدر مهم من مصادر المعلومات ،فتكررها حتى يتبناها الجهلاء فينفخون فيها من نفسهم المسموم وهم سعداء بما يفعلون لأنهم أصحاب عقول متحجرة لا يستخدمونها إلا لذر الرماد في العيون .
وما نلحظه اليوم من تقلبات متسارعة على مستوى الأفراد والجماعات يفرض علينا التحلي بالصبر وإعمال العقل والتأني وعدم التسرع في تصديق ما نسمع بل التوقف والتدبر والتأمل وجعل عقولنا معايير تزن الكلمات قبل الأفعال. ومحاكمتها محاكمة موضوعية وتصور نتائجها مسبقا ففي التصور فرصة لدرء مفسدة . وليس التاريخ عنا ببعيد فيجب أخذ العبر من تاريخنا الذي شهد حالات من الفتن أطاحت بآلاف من البشر أغلبهم لا ناقة له ولا بعير فيما حصل وذنبه الوحيد أنه عاش في تلك الحقبة من الزمان ، وهذا الأمر يتطلب منا أن لا تعجل الأمر ونبتعد عن الأهواء والعواطف فلا يفرح كل قوم بما لديه لأن القوة تكمن في الجماعة والضعف والهوان يكمن في الفرقة والتشرذم . قال صلى الله عليه وسلم (الجماعة رحمة والفرقة عذاب .)
ونحن أحوج ما نكون إلى الحرص والإنتباه والتعامل بحذر مع كل ما نسمع حتى نحافظ على أمننا واستقرارنا والابتعاد عن الفوضى حتى يديم الله علينا نعمة الأمن التى افتقدها كل من يحيط بنا ،فكلنا ينام بلا أرق أو قلق إلا ما يصيبنا منه نتيجة ما يحصل من مشاهد لأخوة لنا في العروبة والإسلام يعانون من آثار الظلم والفرقة والتشرذم .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-08-2015 05:17 PM

من توصيف الكاتب للفتنة يُفهم انها وليده عمل جماعي مدروس ومخطط له ويمتلك أدوات مختلفه فهل تكفي اللعنه لتحصين مجتمعنا ام ان ما نحتاجه حيث أشار الى انها عاده ما تصيب المجتمعات المتخلفه الى نشر الوعي وجزء من المكاشفة والمصداقية في بث الأخبار حتى يسد الفراغ الذي تملئه الشائعات في حال فقدان الأولى؟!!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012