أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


تلفزيون الخدمة العامة.. إضافة نوعية أم "دكان" جديد؟

بقلم : طارق الحايك
15-08-2015 01:07 PM
لعلّ من أكثر الأمور التي تشغل بال المهتمين بمحطة الخدمة التلفزيونية العامة التي ستنطلق قريباً هو مدى الاستقلالية التي ستتمع بها هذه المحطة، ومستوى الحصانة التي سيحظى بها مجلس إدارتها باعتبار أنه الموضوع الأهم في سياق إنطلاق محطة يراد لها أن تضاهي الـ BBC وفرانس 24 وغيرهما من محطات الخدمة وإن على الصعيد المحلي.
النية تتجه إلى أن تكون المحطة محصنة قانونياً وإدارياً لضمان استقلاليتها، ويقال أنه سيتم تعيين مجلس إدارتها بإرادة ملكية سامية لضمان عدم وجود تدخلات في عمله، على غرار المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان والهيئة المستقلة للانتخاب، وسيكون مجلس الإدارة هو المسؤول عن وضع سياسات القناة التحريرية واختيار الموظفين بمن فيهم الإدارات التنفيذية، ولكن هل يكفي ذلك لضمان استقلالية المجلس وحريته في اتخاذ قراره حين نعلم أن الحكومة ـ كما جرت العادة ـ هي التي ستنسب بتعيين هذا المجلس؟ وهل هناك ضمانات من إقالة المجلس إن غضبت عليه الحكومة أو رئيسها؟ وهي ليست ـ أي الحكومة ـ إلا واحدة من مراكز النفوذ المتعددة في بلدنا؟ فضلاً عما يقال من أن الحكومة هي من ستقوم بتعيين مدير المحطة، وبالتالي فهل يستطيع مدير معيّن من قبل الحكومة تجاهل توجيهاتها ورغباتها؟؟
لكن وبافتراض أن إدارة المحطة ستتمع فعلياً بالحصانة وسيكون لديها الصلاحيات الكاملة في رسم سياسة المحطة التحريرية وتنفيذها، فإن هناك أمراً لا يقل أهمية عن هذه النقطة، وهو الآلية التي سيتم بموجبها تعيين الإدارات التنفيذية، والمعايير التي سيضعها مجلس الإدارة لاختيار الكفاءات البشرية المؤهلة والقادرة على تسيير المحطة وتنفيذ سياستها الإعلامية كما ينبغي، والسؤال الأبرز هو هل سيتم استقطاب كفاءات حقيقية أم ـ كما جرت العادة ـ ستتدخل الواسطة والمحسوبية في الموضوع.
صحيح أن موضوع التعيين واختيار الإدارات سيكون مرتبطاً إلى حد كبير بمدى الاستقلالية التي سيتمتع بها مجلس الإدارة، لكنه أيضاً سيكون مرتبطاً بشخوص أعضاء المجلس وبالذات رئيسه، وإن كان يراد للمحطة أن تسير كما خُطط لها فإنه ينبغي أن يوضع على رأسها شخص يتمتع بصفتين أساسيتين؛ أولاهما أن يكون قادماً من القطاع الخاص أو يتمتع بعقلية هذا القطاع، لأن أبناء القطاع الحكومي سيعملون بذات العقلية التي تعودوا عليها في مراكزهم السابقة، وثانيهما أن يتمتع هو كشخص بالاستقلالية وألا يقبل على نفسه أن يخضع للضغوطات من أي نوع كانت، وهذا النوع وإن كان قليلاً في مجتمعنا إلا أنه موجود، فاستقلالية المحطة لا يمكن لها أن تكون حقيقة إن لم يكن على رأسها شخص مسقل وقوي يضع المعايير المهنية فوق كل اعتبار.
هناك من يطرح فكرة التعيين عبر ديوان الخدمة المدنية لضمان العدالة في التعيين وعدم تدخل الواسطة والمحسوبية في تعيين كادر المحطة، وهذا أسوأ بكثير، لأن العمل الإعلامي عمل إبداعي ينبغي ألا تتحكم فيه حسابات التعيين في الجهاز الحكومي والالتزام بالدور الذي ليس هناك من يلتزم به أصلاً، التعيين ينبغي أن يتم عبر اختبارات ومقابلات نزيهة وشفافة وتعتمد فقط على الخبرة والكفاءة المهنية بعيداً عن قوائم ديوان الخدمة المدنية، وبعيداً أيضاً عن حسابات المناطقية والعشائرية التي تتدخل في أدق تفاصيل حياتنا.
هناك مبدعون لا يعرف عنهم أحد لأن الفرصة لم تتح لهم بعد، هناك خريجون يملكون من الموهبة أضعاف ما لدى عشرات الوجوه التي نراها على شاشاتنا، ومن يقفون خلف تلك الشاشات أيضاً، هناك أيضاً صحفيون مهمشين في مؤسساتهم، والكثير من الطاقات التي لم تجد حتى الآن من يطلقها، والغالبية العظمى من المواهب الأردنية لا نشاهدها إلا على الشاشات العربية، لأن شاشاتنا المحلية حكر على أصحاب النفوذ ومن لفّ لفـّهم، لذلك فإن هذه المحطة أمام فرصة تاريخية لجمع كل هذه المواهب والطاقات في مؤسسة إعلامية محلية، وستكون في مواجهة اختبار كبير لتسخير هذه الطاقات في تشكيل حالة إعلامية مميزة وترقى إلى مستوى الطموح، أما أن تظل آلية 'الدحش' و 'التنفيع' و 'الترضية' و 'التزبيط' هي المتحكمة في تعيين كوادرها، فإنه مهما كانت درجة الاستقلالية التي ستحظى بها عالية، ومهما كان الدعم المالي الذي ستناله سخياً، فإنها لن تكون سوى مجرد 'دكان' ضمن 'دكاكيننا' التلفزيونية المحلية التي لا يشاهدها سوى العاملون فيها وبعض أصدقائهم.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
15-08-2015 10:44 PM

كلام موزون وعقلاني يوضح الحقائق المرة ويطرح حلولا منطقية، إذا ما أخذ بها فإنها سترتقي بإعلامنا إلى مستوى متقدم يحترم عقول القراء. فالإعلام أصبح سلاحا خطيرا في العصر الحديث لكونه يقود الرأي العام لما فيه خير الوطن بالتوجيه الصحيح. وتلفزيون الحكومه الحالي لا يحقق هذا المطلب لفقدانه المصداقية وابتعد عن نبض المجتمع. أما الفضائيات الأردنية الخاصة فهي أسوأ حالا، وكرست معظم برامجها لبث البرامج التافهة والأغاني الهابطة بعيدا عن رسالة الإعلام النبيلة. شكرا للسيد طارق الحايك على طرح هذا الموضوع الهام.

2) تعليق بواسطة :
16-08-2015 12:28 AM

الخلاصه
سيتم التوظيف حسب العشائر و الاقاليم و فلان ابن فلان

3) تعليق بواسطة :
17-08-2015 08:41 AM

استقلالية القناه ضروري .منذ سنتين ونحن نتصل بالتلفزيون ليصور المناهل الموجوده على جسر شركة الدخان بأتجاه مادبا وقد سرقت اغطيتها ووقع بها العديد من اطارات السيارات ولكن لاحياة لمن تنادي وتحدثنا مع سلامة الطرق في وزارة الاشغال ووضعوا مره واحده بها اطارات كاوشوك ونهبت والان مفتوحه لمزيد من الضحايا .اتصلنا بالتلفزيون ولم يلبي طلبنا ضنا منه انه حين يصوروها ويبثوها تكشف عورات وزارة الاشغال والمتعهد نطالب بوضع حد لهذه المناهل ونطالب بتلفزيون مستقل دون مجلس اداره معين لخدمة الاردن وسلبيات المتعهدين

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012