أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أوصياء الشعب الأردني الجدد

بقلم : خالد عياصرة
19-08-2015 12:26 PM
لم تنته قصة، رفض الشعب الأردني للواقع الحالي بعد، فما نراه، ليس إلا استراحة محارب، هكذا خاطبي صديقي، ذات حوار متشعب، لم نصل فيه إلى نتيجة.
ما أكتبه اليوم، ليس إلا محاولات تثير تساؤلات، تبحث عن اجابات، تساؤلات تبدأ بـ“ كيف “ لكنها لا تعتمد على “ لماذا “ في بحثها.
بدأت المظاهرات الأردنية أواسط عام ٢٠١١، لم تختزل تحركات الشباب بشعارات تقليدية “ الشعب يريد اسقاط النظام أو أرحل، أو يا الله ما لنا غيرك“ لكنها خاطبت المجتمع قبل أن النظام. شعر الكثير بجدوها، ومقدرتها على إنتاج الأفضل، سيما وأن غالبية المظاهرات التي تم التخطيط لها – في البداية على أقل تقدير - انطلقت من محاور اصلاح النظام، لا اسقاطه، إذ لم تتبنى الجموع مطالب الشعوب العربية - الربيع العربي - فما كان يحصل في الأردن ليس ربيعاً، بقدر ما كان حركة مطالب شعبية بحته، تريد اصلاح الدولة لا هدمها، إلا أن الحراك تأثر بنتائج الثورات العربية، بعدما نجحت في تمهيد الطريق لفرح الشعوب بعد اسقاط قناع الأنظمة الإستبدادية، إلا أن شدة الفرح الشعبي صرفت الأنظار، عن أسقاط الرؤوس، وفصل الجسد، الجسد الذي قاد فيما بعد تحركاً مضاداً لنجاحات الشعب، بمساعدة الكوادر التباعة له، أسقط إنجازها ،ورمي بها في غياهب السجون !
حسنة تحسب للمظاهرات الأردنية، إذ عملت على استثارة أجهزة الدولة الأمنية في فهم طبيعة الناس، وكيفية التعامل معها في مثل هذه الظروف، إذ لم تنجر الأجهزة لتتصادم مع الشعب، لكنها افشالت المظاهرات، وسفهت القائمين عليها – الا في حالات معدودة تم احتواء أثارها - خصوصاً تلك التي انطلقت من الأطراف “ المحافظات “ لا من القلب “ عمان “ لنأخذ مثلا قيام الأجهزة الأمنية بتوزيع الماء والعصير على المتظاهرين – هذه الطريقة جاءت كنصيحة قدمتها الملكة رانيا زوجة للملك عبد الله الثاني للأجهزة الأمنية - الحركة عملت على هز المظاهرات وافقدتها شيئاً من زخمها، أضحت وسيلة للسخرية من المتظاهرين، وأعطت الأطراف الأخرى لحجة القول: انظروا إلى الأجهزة الأمنية والحكومية، كيف تتعامل مع المتظاهرين بمنتهى الديموقراطية ؟! نجحت الخطة، وأتت أؤكلها، حتى صارت بمثابة استراتجية أمنية ايجابية، تطبق، كلما دعت الحاجة، مؤخراً وخلال ارتفاع درجات الحرارة تم توزيع المياة على المواطنين من قبل مرتبات الأمن العام !
الربيع الأردني، هذا أن كان هناك ربيعاً - لم يأت لإسقاط النظام، بل من أجل نيل إصلاحات جذرية في بنيته وحمايته،، ومنع اصابته بداء الدول المجاورة التي تحول فيها الربيع إلى خريف دامي.
الإشكالية التي عانى المتظاهرين منها، انحصرت في الخطوة التالية في حال عملت الدولة على إصلاح بنيتها. هل يقدر هؤلاء على إدارة الدولة والمشاركة فيها؟ سيما وأنهم إلى الأن يفتقدون للبرامج التي تؤهلهم لذلك، ولم يندمجوا في العمل السياسي الأردني خلال العقود السابقة، لهذا لم نستعرب آنذاك طبيعة المظاهرات واعتمادها العاطفة بدل العقل، والأحكام المسبقة، لا الممنهجة، والفردية بدل التشاركية، و العشائرية المناطقية بدل الجمعية الوطنية في تحركاتها. ثمة مقولات منتشرة في الأردن، ترى أن أي تحرك أن أريد له النجاح، لابد له أن ينطلق من الجنوب، أما دون ذلك فإن الفشل سيكون رفيقه !
المصيبة أن لا أحد بات يتحدث عن الحرية والديمقراطية ومجلس النواب، وعن القوانين التي تنظم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الأردن، لا أحد يتحدث عن محاسبة الفاسدين، لا أحد يعقد محاضرات، أو حتى المظاهرات لتمكين الشعب من خياراته، وليكون أكثر تشابكاً مع الدولة في صياغة القرار والمشاركة فيه، ذاب الجميع كما الملح في الماء، وكأنهم لم يكونوا يوماً، إلا أن البعض مازال مصراً على الاستمرارية، حتى من وراء أجهزة الاب توب، وهنا مكمن الخطر والفشل في عين الوقت.
المشكل أن الحوار الإيجابي الذي انطلق في محافظات، وأمتد لاحقاً لعمان جنباً لجنب مع المظاهرات، تحول فيما بعد إلى جدل سياسي ومجتمعي عقيم، يقوده رجالات “ أنتيكة “ محسوبين على الحكومة والنظام، جدل لا يسمن ولا يغني من جوع، أسهم في إعادة ابتعاث “ شخصيات “ مكروهة شعبياً إلى السطح، بإعتبارها أكثر وطنية وحرصاً على الأردن من غيرها مع أنها كانت جزء من منظومة الفساد ومازالت إلى الأن. لا بل أن بعضهم إستحدث طريقة جديدة لإيصال مطالبه، تقوم على تأسيس جبهات وجمعيات يشترك فيها “ بعض “ المؤمنين بما يقول سدنة الدولة، جبهات تشكل عوامل ضغط على الدولة لكنها تتبع الأذرع المتصارعة فيها، تستطيع ابتزاز الأجهزة للوصول والمشاركة الفعلية في إدارة الدولة، ومؤسساتها، من خلال تقديم أنفسهم وأبناءهم والمحسوبين عليهم كحلول قادرة على قيادة الدولة، أهم ميزة هؤلاء أنهم يجمعون بين الإمارة والتجارة، هكذا يرون أنفسهم، فهم ساسة من جهة، يعملون لحساب الدولة، وتجار يعملون لأصحاب رؤوس الأموال من جهة آخرى.
صحيح أن لا أحد يثق بالحكومة، وصحيح أكثر أن السياسيين لا قيمة فعلية لهم داخل الدولة، أذ يعتبرون بمثابة أدوات تنفيذية واتصال مع الإقتصاديين من جهة ومع الشعب الواجب تخديره من جهة أخرى.
من الأهمية بمكان الإنتباه إلى أن الدولة تحُكم من قبل أصحاب شركات كبرى، تسيطر على أسوق المملكة ومواردها، لا يظهرون للعامة، ولا يشاركون في الحوارات التي تشتعل بين حين وآخر، فهمهم محصور في تجارتهم، وأرصدة بنوكهم ورضى سادتهم في الداخل والخارج عنهم.
كنا نأمل أن تتغير النمطية السائدة لدى المجتمع الأردني بحيث تصير أكثر وعياً واستقلالية، نمطية غير مرتبطة بأفعال الحكومة، تقدم المشكلة والحل، لكن هذه الآمال أسقطت وتلاشت، وأضحت وكأنها لم تكن، لننظر إلى طريقة إدارة العملية التشريعية في مجلس النواب مثلا وتصرفات النواب عيننهم، لننظر إلى طريقة إدارة الحكومة – ثمة نجاح بسيط فعلته الحكومة وابدعت فيه – لكنها إلى الأن لم تستطع التقدم ولو بخطوة واحده في سبيل انتاج حالة اصلاحية حقيقية، تبدأ من الشعب وتنتهي بالوزارات والمؤسسات، لا العكس ، لنأخذ مثلاً اعترضات النواب على قرارات وزير التعليم العالي الخاصة بالمقاعد الجامعية !
الأدهى والأمر من كل هذا، أن من شارك في المظاهرات التي شهدتها الدولة، وحتى الفعاليات الثقافية والإعلامية، جعلوا من أنفسهم أوصياء على الشعب، بإعتبارهم أصحاب تجربة نوعية، يتوجب الإنصياع لأقوالهم. هم بذلك يضعون الناس ما بين خيارين، الأول الحكومة والتي لا تكترث لأمرهم، والثانية الكوادر المعارضة “ المعترضة “ التي لم تع حقيقية مطالب الشعب ومشروعيتها بقدر وعيها لمصالحها ومطالبها الفردية، هذا التوجه أغفل الإنتقال من مرحلة الفردية إلى مرحلة التشاركية المجتمعية، وآثر التفرد بالمشهد.
مع العلم، هؤلاء بفرديتهم كانوا سبباً في افشال آي خطوة حقيقية تمت خلال السنوات الماضية، سيما وأن نظرتهم انحصرت بالمناطقية، والعشائرية والشللية، فإن كانت مثلًا المظاهرات أو تداعياتها في الجنوب أو الوسط نصروها ودعموها وشاركوا فيها، أما إن كانت في الشرق أو الشمال، فإنهم لا يكترثون لأمرها، كذلك، أن ظهر أسم يمتلك “ الكاريزما “ والمقدرة على التأثير في الناس والحكومة معاً من الشمال، عملوا على شيطنته، وافشاله، بهدف تفريغ الساحة، لهم، ولمحاسيبهم، أما إن ظهر من منطقة أخرى، تركوه وحيداً. الكثير من الأمور التي حدثت أضحت من الماضي اليوم، لكن، هذا لا يعني عدم للإستفادة منها.
بت اليوم أكثر قناعة في أن النظام الأردني رغم سيئاته – الكمال لله وحده - أفضل بأشواط ممن كان يعتقد في قرارة نفسه المقدرة على قيادة الدولة وانتشالها مما يمرضها، فالدولة وإن كانت لا تقبل بهذه الخطى، إلا أنها احتوت الجميع، بالمقابل قادت مشروعاً مصلحياً، لخدمة أنفسها أولاً وأخيراً، بإعتبارها مصالح عليا للوطن !
وعليه، فإن صناعة الدولة وحمايت ها، لا تتأتى من وراء الميكرفونات، أو المحاضرات، أو المقالات، أو من خلف الشاشات، بل من خلال التشابك مع الشعب، والتشارك معه في همومه، وطرح المشاريع والمبادرات، حتى وإن كانت بعيدا عن عمل الحكومة ومؤسساتها.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
19-08-2015 01:52 PM

بعدك تبحث عن المظاهرات والاعتصامات والفوضى

الاترى ماحصل ويحصل في البلدان العربية

انت ياعياصره شابا فلاحيا والفلاح طيبا

وخدوما لارضه ووطنه وحكومته فمالك ومال ها المشاكل والمصايب

يازم خليك اهناك غاد بساكب توكل تين

أحسن الك من ها التعنتر والتفرعن

الذي سوف يعود عليك ويجعلك كسير

النفس والعين والخاطر

اسمع مني

2) تعليق بواسطة :
19-08-2015 02:37 PM

تحليل مطول جدا كان يمكن فيه الإختصار كما أنه يستند في كثير مما ورد فيه على معلومات غير موثقه تسرع خالد في قبولها و منها أن جلالة الملكة هي من طلب توزيع المشروبات على المتظاهرين و هذا إن كان صحيحا فإنه يحسب لها لا عليها و كفا تحليقا في سماء نظرية المؤامرة فهذا لم يكن "طعما" و الشعب الأردني ليس غبيا و سبب الهدوء الذي شاب الشارع الأردني هو ما أبداه النظام من تقبل و تفهم للمطالب و و الإجراءات الكثيرة التي قام بها للتغيير كما أنه شاهد ما حدث في الجوار العربي فإكتشف بأن ما بان ربيعا إنما هو خريف /يتبع

3) تعليق بواسطة :
19-08-2015 02:41 PM

أما السبب الثالث للهدوء الذي حدث فإنه إكتشاف الشارع الأردني بأن كثيرا من الشائعات التي كان يروج لها في المظاهرات لم تكن صحيحة، أي ان المتظاهرين كانوا يطالبون بحل مشاكل غير موجودة إندفعوا إلى تصديقها تماما كما ورد في المقال من أمور غير مؤكدة و الله ما وراء القصد

4) تعليق بواسطة :
19-08-2015 03:17 PM

مازال امام الشعب الكثير ليعمله لم يتغير شيء ولم يتحقق شيء الا بالشكل، اما ماجاء في المقال من ان فكرة توزيع المياه والعصير من قبل الامن العام على المتظاهرين، جائت من جهة سماها المقال فان الشعب لم يتظاهر ليتلقى مياه وعصير ويسكت، ولكن يجب ان لايغيب عن الاذهان ان النظرة لدى الاوساط الامنية من السياسة التي اتبعت خلال الحراكات كانت هدر لكرامة الامن العام والتضحية بالاعتداء عليه وعلى كثير من افرادة بالايذاء الجسدي لأمتصاص غضب الجماهير وعاشت الدولة لمدة شهور عديدة بلا هيبة!،،

5) تعليق بواسطة :
19-08-2015 09:08 PM

لا حول ولا قوة الا بالله والصبر الصبر فليس كل ما يلمع ذهباَ......

6) تعليق بواسطة :
21-08-2015 09:21 PM

نعتذر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012