|
|
من وادي رم مرّ الرجال
بقلم : د عودة ابو درويش
29-08-2015 11:10 AM ان يستقبلك منظر لواد وجبال بهذا الجمال , أن لا تستطيع ان تغمض عينيك لأنك تريد ان ترى قدرة الخالق العظيمة في هذا التكوين المتميّز , الذي تندر مشاهدته في العالم , جبال ممتدة على مرمى البصر , ووادي رملي , وكأن بحر من الرمال الذهبية تمتد على جانبية , ورجال سمر يستقبلونك بحفاوة وتقدير , لوحّتهم الشمس التي ترافقهم من مطلعها الى أن تغيب خلف الجبال في منظر رائع , يمتطون الجمال , التي تتهادى بخيلاء في مشيتها وكأنها تقول , انا سفينة الصحراء التي اقطع الفيافي من غير كلل ولا وجل , أحملكم خلال هذا الوادي , على هذه الرمال التي يصعب السير عليها حتّى بسيارات الدفع الرباعي , التي تنقل الزائرين في جولات ليطلّعوا على جمال هذا الوادي . من هنا مروا , قبل أقلّ من مائة عام بقليل , بجوار الديسة ومنيشير والغال ورم , في حرّ تموز اللاهب , يحملون امتعتهم واسلحتهم وآمالهم بغد مشرق لهم ولأبنائهم واحفادهم , وجهتهم العقبة , الخليج المهم في نظرية الحرب , عاقدين العزم على أن تكون بداية الفتح لدولة عربية اسلامية , تجمّعوا من كلّ القرى والبلدات , من الجفر ومشاش حدرج ووادي السرحان , من الحجاز ونجد , من عرعر وطريف , من تبوك والحالة , ينوون مع الشريف القتال , يتمنوّن تحقيق الأمل الذي قامت من أجله ثورتهم وأحبطه تآمر المستعمرين , الذين لا يؤمنون على شيء , فكيف يساعدون على تحقيق أمل في وحدة وحرية وحياة فضلى . قائدهم الأمير عودة ابو تايه , الخبير في الحرب والصحراء , الذي يعرف البادية الاردنية جبالا ووديانا , رمالا وآبار مياه , القائد بفطرته , المحب لوطنه وارضه , يغذ معهم السير , نحو العقبة التي كان يعتقد أن من خلالها تفتح بلاد الشام , يستوقف أصحابه في وادي رم ليريهم النقوش التي نقشها أجدادهم الانباط على الصخور , وقبلهم نقش الرومان نقوشا بعضها يدل على مكان وجود المياه , وبعضها على الاتجاهات لتحديد المسير . يذّكرهم انه في يوم من الايام كان يعيش في هذا الوادي أناس كثيرون بدليل بقايا شجر الزيتون الذي أكتشف أن عمره أكثر من خمسة آلاف سنه , وآبار المياه المنتشرة في جنباته , وكأنّي به ينظر اليهم ويسألهم , يا ترى هل سيأتي يوم على هذا الوادي يكون آمنا , يزوره الناس من كلّ بقاع الدنيا , ليستمتعوا بجوّه الرائع ومناظره الخلاّبة , وبرفقة سكانه الطيبين الذين لم تغيّرهم المدنية ولم يغيروا لهجتهم ولا طبائعهم . أخبرك , أخو عليا , أن الوادي الذي جمعك والثوار على أمل بغد افضل لأبنائكم وأحفادكم , يجمع الناس الآن من كلّ بقاع الدنيا , في مكان آمن فيه من الروعة ما لا يوصف , ومن السكون هيبه , ومن غروب الشمس لوحة فنيّة رائعة لن يروها في مكان آخر .
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|