أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


تحرش

بقلم : خالد عياصرة
29-08-2015 11:31 AM
ذات صيف حار كنت رفيقاً لأحد اساتذة جامعتي، سرنا من كلية الآداب إلى مبنى اللغة الإنجليزية، خلال ذلك لم يدع الدكتور فتاة إلا وقام بالنظر اليها من رأسها إلى أخمص قدميها، مع شيء من التعليقات التي لا تتناسب ووظيفته،من نوع ' إيش الطعجة يا نعجة ' خسة ' وغيرها من الجمل السوقية الساقطة، الدكتور هذا اليوم تم صناعته إعلامياً ليصير من ' أهم ' مقدمي البرامج الحوارية في الأردن.
مسؤول أردني يتحرش بموظفة أممية، ينتشر الخبر كما النار في الهشيم، ولأن المجتمع يبحث دوماً عن فعل الفضائح، دخل في لعبة الأسماء، هل هو وزير الخارجية السيد ناصر جودة أم غيره، هل المتحرش بها الممثلة الإميريكية أنجلينا جولي أم سواها .

من الأهمية بمكان التركيز على أن طرح أسم السيد ناصر جودة من قبل الناس، بعد الترويج للقصة من قبل المواقع الإخبارية بهذه السرعة والاتساع، إثر خبر مقتضب نشرته صحيفة ' الغد ' يدلل على أن الرجل مستهدف وثمة من يريد اسقاطه ' اغتيال شخصيته ' دون سواه، لأهداف معينة، مع أن لا أحد يعلم صدقية القصة وصحتها، وهل المقصود بالموظف وزير الخارجية أم غيره. يستطيع آي فرد انتقاد الوزير وعمله، لكن لا يحق لأي فرد التشهير به، للنيل من شخصيته، ثمة فارق كبير بين هذا وذاك.

لا شك قضية التحرش بحد ذاتها، سيئة، ولا تنم عن عقل سوي، سيما وانها صادرة من مسؤول حكومي، مطلوب منه التعامل باحترافية، داخليا، وخارجياً.

لكن، أن يتم تناسي جميع مشاكل الأردن ومصائبه، من قبل من كانوا أصلاً يرفضون على الأغلب المشاركة في مظاهرة مثلاً ضد رفع الأسعار، أو ضد قرار جائر يصدر من قبل الحكومة، مقابل التركيز على أخبار فضائيحية هنا وهناك، لأمر يدلل كما هي العادة على أزمة أخلاق حقيقية يعاني منها المجتمع وأزمة اولويات.

يا ترى ما الفرق بين المتحرش وهنا في هذه الحالة ' الحكومة ' وبين المتحرش به، وهنا ' الشعب ' وبين المتحرش ' المسؤول في الخارجية ' وبين المتحرش بها ' المسؤولة الأممية ' ألم تملك المتحرش بها الجراءة للدفاع عن كيانها أمام المتحرش به ودولته، بحيث رفضت الأسلوب وحاولت الرد عليه بما امتلكت من أدوات، لا تؤمن بالصمت ' خوفاً على العرض، وخوفاً من الفضيحة ' بل أثرت الرد، ألا تعد ' الموظفة هنا ' أكثر جراءة من الشعب الذي رفض معاقبة الحكومة على افعالها المتتالية، وقبل بالذل، بل واستطعم نكهاته، بحجة الأمن والأمان، والإستقرار، والمحافظة على البلد، حتى صار الشعب بمثابة حقل للتجارب لهم ؟ يتحرش به كل يوم، وفق ما تهوى انفسهم !

مع هذا، أليس من العار، كل العار أن نوقع فعل التحرش فقط، لان المتحرش مسؤول ويريد البعض التخلص منه، وينفيه عن المواطنين، أليست تلك القسمة ضيزى، لننظر إلى مدارس التي تتعرض فيها الطالبات للتحرش من المارة، ومن جافل الشباب الذين يطوفون حول المباني ويسعون في الطرقات المؤدية لها ، لننظر إلى ساحات الجامعات والكافيتريات، التي تتعرض فيها الفتيات لأقذع أنواع التحرش ' اللفظي والجسدي ' من قبل الطلاب وحتى أساتذة الجامعات. لننظر إلى المؤسسات التي يسيطر فيها المدير ' الديك ' على النساء باعتبارهن ' دجاجات ' لننظر إلى الشوارع والساحات العامة التي تتعرض فيها النساء لشتى أنواع التحرش، وتمر القضايا وكأنها لم تكن. جميعنا ينكر هذا، ولا يعترف به فقط لأنه جزء منه ومشارك فيه. أمازالت سيارات الشرطة تقف أمام مدارس البنات ؟ أمازال الأهالي يرسلون الشكاوى من تصرفات الشباب إلى المحافظ ؟

الى جانب هذا، لا ادرى هل نحن ' مجتمع فاضل ' ام ' يدعي الفضيلة ' عندما تتابع التعليقات الخبر، تشعر وكانك امام مجتمع مكبوت جنسياً، يستلذ بسماع القصص الجنسية، بل ويبحث عنها، ويروج لها، ويمتهن اساليب الفرز، فهذا صاحب اخلاق وذاك لا يحملها، وهذا رجل يتباهي بقبيلته النسائية وذلك رجل ' زير ' من النساء، تهوى اساليبه، ويعشق طرقه في الايقاع ببنات الناس !! وذلك رجل مسكين على باب الله، لانه لا يسير دروبهم . لماذا نكره انفسنا ؟

إن كان التحرش فردياً، وخاصاً بمسؤول - آي كان - انتقدناه، لكن إن كان خاصاً بأفراد عاديين، قبلنا به، وصمتنا حياله، حجة البعض في ذلك، 'أنني لست مسؤولاً ' لا يا سيدي، أنت كاذب كبير، فأنت مسؤول عن بيتك وامك واخواتك، وأقاربك، وتصرفاتك المنكره ذاتياً لا تقل سواءاً عن تصرفات المسؤول، وكما ترفض التحرش بهن، لابد لك ان ترفض التحرش ببنات الناس. نرى التحرش امامنا ونصمت عنه، وأن بادر آي طرف للتدخل، رد عليه ، أن الأمر لا يعنيك، وليس من شأنك، ولا علاقة لك به.

اخيراً: لننتبه لمجتمع أضحت تسيطر عليه الكراهية، ولننتبه إكثر إلى الأردن، قبل أن تضيع ملامحه .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
29-08-2015 12:00 PM

بصراحه قصة الأستاذ الذي سرت معه من كلية الآداب إلى مبني اللغه الانجليزيه ذات صيف وصار يقول للبنات ايش هالطعجه يا نعجه ويا خسه .... وصار يطقس على الطالبات مادخل راسي
وشكلها من تأليفتأليف
والقصيده من اولها كذب

2) تعليق بواسطة :
30-08-2015 02:21 AM

.
-- الأولى بالمسوؤل أن يحفظ مقامه والا يسرف في إحتساء الحكول ويسيء التصرف في المناسبات العامة ثم يتحول لواعظ عندما يصحوا .

.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012