أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


بيتنا القديم وياسمينة البرندة

بقلم : نبيل عماري
05-09-2015 12:38 PM
ها هو العمر يمضي والايام تمضى ولا تبقى سوى الذكرى .. هناك البيت والحارة ... ورائحة الياسمين الدمشقي ... وبيوت تملؤها المحبة والالفه ... والضحكات وعبق الذكريات .. بيوت تسكنها تعابير الفرح ... هنا الصوفة الملونة بألوان الربيع ومخداتها الجميلة الأسطوانية والتي استوطنتها قسمات المرح بصوت جدتي وأمي وحول الصوفة وعلى طفطاف البرندة المطلة على الشارع تنكات من الزريعة تتلون كل ربيع
هنا كانت تتجمع نساء الحارة في زيارة صباحية على فنجان قهوة وسواليف ... هذا البيت ولدنا فيه ... لعبنا في ارجائه ...رسمناه بدواخلنا ... كل زاوية به يضم أحلى الذكريات .... هنا الراديو الكبير ذو المؤشر القماشي موضوع عند زاوية الصالون مزين بشرشف أبيض ومزهرية برتقالية بها وردات ربيعية من الورد البلدي ذو اللون الزهري
وعلى .. وعلى اليمين ماكنة الخياطة اليدوية سنجر ولها غطاء خشبي ومازال وجهها يطل بمخيلتي وهي تلظم أبرة الماكنة لتخيط ثيابنا وترثي الجرابات بواسطة بلبل الخشب والكشتبان .
كان مطبخنا مول صغير يحوي كل المونة من رب البندورة المصنوع يدوياً ومرطبنات التتطالي . والمخلالات , والمقاديس من زيتون وباذنجان ومجادل البصل والثوم ومرطباتات اللبنة المدحبرة والحبنة البيضاء والسمن البلدي والكشك والبرغل والجميد ووو كلها تعبق برائحة ذكرى وحنين .
بيتنا الصغير شهد ولادتي ومدرستي وصوت أمي توقظني للذهاب الى المدرسة ومن بيتي نبتت احلامي ونمت ومن سطح بيتنا تعلمت علم الفلك حين كنت أفترش السطح بفرشة الصوف وبصمت الليل أعد النجوم واعرف اسماء الكواكب من المشتري إلى زحل , والمريخ , أناجي القمر واحتضن راديو الترانزستر. واسمع لسيدة الشرق ام كلثوم الاطلال , وانت عمري , وهذه ليلتي .
بيتنا الجميل الحلو تغبر وتلك الدالية والتي كانت تصل على معرش وصلت الطابق الثاني هوت كأنها تعلن زعلها يوم الرحيل وتلك الياسمينة ذبلت وحتى الملوخية صارت بلا طعم يوم صارت تباع بأكياس بلاستيكة مفروطة ليس فيها روح الحارة ونساء وهن يجتمعن على عتبات البيوت يلقطن الملوخية والبامية ويسمعن اذاعة عمان وصوت كوثر النشاشيبي ( ما يطلبه المستمعون )
كلهم ذهبوا إلى دار الحق ولكن الذكرى تبقى لترسلنا لزمن كان أحلى وأجمل وأروع

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-09-2015 05:31 PM

ذكريات جميله ووصف بديع لايام خوالي كان عنوانها البساطه والبراءه والالفه والجيره الطيبه .
بالامس كنت في زياره لديره الاهل والاحبه والعزوه في كرك العز والتاريخ فأخذني الشوق والحنين لزياره بيتنا القديم حيث ولدت ونشأت فكل حجر وزاويه وقناطر فيه تذكرني وتعود بي لايام الطفوله والبساطه وعادات وتقاليد تربينا عليها لن استطيع ان اكمل ..شكرا استاذ عماري

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012