أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


دعهم يغرقون!

بقلم : الاستاذة الدكتورة امل النصير
07-09-2015 12:43 PM
انتهجت أوروبا العام الماضي سياسة هجرة غير إنسانية؛ أُطلق عليها : 'دعهم يغرقون'، فقد قرر زعماء أوروبا في مؤتمر بروكسل أن تقوم الدوريات الأوروبية في البحر المتوسط بدور حراس للحدود لا بدور منقذين للمهاجرين.
كان هذا القرار إعلانا لحرب شديدة على القوارب المتهالكة التي تحمل المهاجرين إليها من جحيم الحروب، فأصبح البحر المتوسط مقبرة جماعية لهم، وأتبع الأوروبيون ذلك بقرار يقضي بتنظيم عمليات ترحيل جماعية وسريعة لمن وصلوا أحياء… مستثنين منهم المستثمرين، ورجال الأعمال، والعلماء، وما يحتاجون إليه من أيد ماهرة، ومؤهلات.
لكن تصاعد أحداث الغرق والاختناق أحرج زعماء أوروبا، ومنعتهم من استمرار دفن رؤوسهم في الرمال لاسيما في ظل تحرك أفراد من شعوبهم إنسانيا إزاء ما يحدث، ومطالبتهم لهم إيواء اللاجئين، والبحث عن حلول لهذه المشكلة التي باتت تؤرق أوروبا.
زاد من ذلك انتقاد المنظمات الدولية سياسة الاتحاد الأوروبي بشأن المهاجرين، ومطالبتها الحكومات الأوروبية بفتح مسارات هجرة أكثر أمنا عن طريق زيادة حصصهم من المهاجرين، وتقديم المزيد من التأشيرات من أجل التعليم، ولم شمل الأسر التي فرقتها الحروب.
لا يمكن للغرب بعامة التغافل عن أسباب هذه الهجرة، وهو الذي أسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة بما يعيشه المهاجرون من جحيم الحروب التي باشرها الغرب بنفسه أو أسهم بخلقها في فلسطين والعراق وافغانستان، وليبيا، وتشجيعها أو السكوت عليها كما في سوريا واليمن... وما تبع ذلك كله من ظهور القاعدة وداعش وغيرهما من المنظمات المتطرفة؛ بمعنى أن كثيرا من هؤلاء المهاجرين هم ضحايا الغرب الاستعماري الذي امتص دماء مستضعفي شعوب الأرض، وأغرق منطقة الشرق الأوسط بالفوضى غير الخلاقة، وجعله يغرق في دمائه.
كان على الغرب أن يتوقع أن إشعال الحرائق في أنحاء العالم سيصيبه شررها لا محالة، ولعل تدفق المهاجرين، وهذه الفوضى التي تعيشها أوروبا اليوم ما هي إلا جزء يسير من بضاعتهم التي ردّت إليهم.
ويبقى السؤال الأهم إذا كانت أوروبا توصد أبوابها في وجه اللاجئين خوفا على ثقافتها، وخوفا من تزايد انتشار الإسلام بين ظهرانيها، ومن باب نظرة عنصرية عند بعضهم تجاه العرب، فلماذا تفعل ذلك بعض الدول العربية التي كانت لقرون طويلة تتغنى بقيمها من الكرم، وإغاثة الملهوف، ومساعدة الجار...؟! وأين هي من تعاليم الإسلام التي تُسمى به وقد حباها الله بمساحات شاسعة، ومليارات مكدسة يفيد منها المنعّم بأمنه وأمانه في دول الغرب، ويُحرم منها الملهوف والغريق... من أبناء جلدتهم!

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-09-2015 04:39 PM

الدكتورة امل نصير
مقالك على الرغم من قصره يتمتع برؤية

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012