أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


سلطة القضاء .. أم قضاء السلطة

بقلم : علي الجازي
11-10-2015 01:30 PM
بعد الحديث عن الوجه الآخر لجهاز المخابرات , نضئ اليوم بقعة جديدة على مساحة مظلمة أخرى من وجه الدولة الحقيقي وهو جهاز القضاء , ولعل عنوان المقال هو العنوان الأهم و السؤال الأخطر الذي نواجهه عند حديثنا عن هذا الجهاز المهم , فهل حقا توجد لدينا سلطة قضاء توازي بأهميتها وقوتها السلطتين التشريعية والتنفيذية , أم أن القضاء ليس سوى جهاز تنفيذي يتحرك وفقا لحاجات ورغبات البعض , وهل تخضع جميع القضايا بأنواعها وشخوصها لسلطة القضاء أم أن القوانين ليست سوى نوع من أنواع القماش تُقص وتُفصًّل حسب حجم الزبون وكرمه .
قد لا يختلف جهاز القضاء عن غيره من الأجهزة التابعة للدولة العميقة من حيث الوظيفة , لكنه يمتاز عنها بأمرين جوهريين , الأمر الأول أن هذا الجهاز لا يوجد بداخله مجموعة الأشخاص التي تتحكم به وتديره لكنه جهاز يّتم التحكم به عن بعد وفقا لنمط عام يتناسب مع غايات وحاجات الدولة العميقة , ولو أردنا تقريب المعنى نقول أن هذا الجهاز يشبه الى حد بعيد محطة الوقود الخاصة محدودة الكمية معروفة الزبائن . أما الأمر الثاني أن هذا الجهاز لا يتمتع بنفوذ كبير كغيره من الأجهزة فهو جهاز محدود القدرات محدد الصلاحيات والتأثير يشبه سقف الشقة الطابقية من يقف تحته يراه فوق راسه ومن يقف فوقه يراه تحت قدميه .
ويُقسم جهاز القضاء بحقيقته الى قسمين : الأول وهو المعروف بالقضاء المدني وهذا القسم ليس له أهمية كبيرة سوى تقديمه لبعض الخدمات اليومية للأجهزة والمؤسسات الأخرى المكوَّنة للدولة العميقة – بالإضافة طبعا لمهامه الطبيعية المعتادة – أما القسم الثاني وهو الأهم والذي تعتمد عليه الدولة العميقة بالتحكم بالمجتمع بجميع مفاصله ومكوناته فهو مجموعة من المناصب المنتشرة في جسم الدولة والتي لا يربطها بالظاهر علاقة واضحة , هذه المناصب يشغلها أشخاص تربطهم علاقات مجتمعية ومصلحية تصب في نهايتها بشبكة العلاقات المكوَّنة للدولة العميقة , ويتمتع هؤلاء الأشخاص بصلاحيات قانونية ' وليس إدارية ' تتجاوز في كثير من الأحيان القانون الأردني نفسه . فمن الحريات العامة والحقوق المدنية والسياسية الى المعاملات التجارية والضرائب وصولا الى الحقوق الفكرية يقف هذا القضاء الإفتراضي سيدا أوحدا لا تُكسر له كلمة ولا يُرد له قرار .
أما طريقة عمل هذا الجهاز فهي ومع الأسف طريقة هزلية ينطبق عليها القول ' شر البلية ما يُضحك ' ففي حين تحتاج قضية ميراث أو فرز قضائي أو حادث سير الى سنوات طويلة للفصل فيها , لا تحتاج قضية سياسية لأكثر من أسبوع أو أسبوعين ليقول القضاء كلمته النهائية فيها , وهذا طبعا يكون وفق القاعدة المعروفة ' المتهم السياسي مذنب حتى تَثبت برائته أو يعفي ولي الأمر عنه .
لا يوجد الكثير لنقوله في حق هذا الجهاز , لكن آخر ما يمكن قوله أننا أمام مشكلة حقيقية , مشكلة لا يمكننا التجاوز عنها أو حتى تأجيلها إذا ما أردنا بصدق أن نكون مواطنون حقيقيون , مواطنون يعيشون في دولة القانون والمؤسسات وليس دولة الفلاحين وجُبات الضرائب والآغوات .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-10-2015 01:22 PM

للامانه والحقيقه القضاء الاردني نزيه جدا بشخوصه واتمنى ان تعيين القضاه يجب ان يكون مصدره واحد وهو المعهد القضائي الاردني فقط ولكن الخدمات المسانده والاداريه من دواوين وملفات واعمال محامين وتبليغ وحين تصل الى التنفيذيه وهناك موظفين صغار جدا متنفذين يتحركوا كيف يشائون من سكراتاريا وغيره مرجعية القضاء يجب ان لاتختزل في شخص واحد كما هو حاليا بل يجب التدرج بالمؤسسيه القضائيه الحضاريه لتوزيع المهام على خيرة الخيره في الجسم القضائي وهم كثر مهنيه ومصداقيه وأمانه خلقيه ومخافة الله والحمدلله

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012