أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


السلطة التشريعية بالاردن

بقلم : علي الجازي
21-10-2015 01:16 PM
بعد الحديث عن إعلام الدولة العميقة , نتحدث اليوم عن مؤسسة التشريع بوصفها من أهم مؤسسات الدولة العميقة بالاردن , ولو أن هذا الحديث ليس بجديد ويعرفه القاصي والداني , إلا أنني سأحاول التطرق لهذا الموضوع بصورة مختصرة وسريعة .
إن حال السلطة التشريعية لا يختلف عن حال كثير من مؤسسات الدولة الشكلية التي تُشكل وتُدار بغرف مظلمة لا تعرف للمواطن حق ولا تعترف له بسلطة , فليس لممثلي الشعب بالسلطة التشريعية بالأردن أي دور أو تأثير في القرار السياسي أو التنموي أو حتى الرياضي , ولا يتعدى دورهم دور لوحة مزيفة وُضعت لتُخفي شرخا قبيحا في جدار متهالك .
فمنذ التسعينات وحتى اللحظة لم يَرى الأردنيون أي وجود مؤثر لتلك السلطة بشقيها المُنتخب والمُعيَّن في حياتهم اليومية , بل لم يرو موقفا واحدا حقيقيا وليس مُصطنعا يُعبِّر عن إتنماءاتهم الوطنية والقومية لقد أضاع الشعب ربع قرن من عمره السياسي وهو يتابع مسرحية هزلية نسيها الكبير وملَّ منها الصغير ولم يعُد لها لون ولا طعم ولا رائحة فيالِغباء المُخرج و يالِحماقة المؤلف .
وبعيدا عن الخوض في تركيبة المؤسسة التشريعية وآليات التعيين والإنتخاب فيها ومدى دستورية تلك الآليات وقانونيتها وقناعة الشعب بها , وبنظرة شاملة نجد أن هناك مراكز قوى بتلك المؤسسة تتحكم بجميع مُدخلات ومُخرجات القرار وتتابع جميع الإجراءات والتشريعات وتوجهها نحو تكريس نفوذ الدولة العميقة وتحكُمها بالدولة الأردنية يجميع مفاصلها , والحقيقة أن مراكز القوى هذه هي إنعكاس لحظي لتوزيع القوى بالدولة العميقة ومدى علاقة شخوصها بالمشاريع الإقليمية والدولية المرتبطة بالأردن , وليس للممثلي الشعب بتلك المؤسسة أي وجود أو حتى رأي يستحق الذكر, فعلى سيبل المثال إذا اراد صحفي أن يُجري مقابلة مع أحد النواب داخل مبنى المجلس التشريعي فإن عليه أولا أن يمر بالمستشار الإعلامي لرئيس المجلس ويُطلعه على أسباب المقابلة والأسئلة التي سيطرحها , وبعد موافقة المستشار يذهب الصحفي للمقابلة ويمر عند خروجه بالمستشار ليقدم له الردود التي قدمها النائب ليرى ما هو مناسب للنشر وما يجب حذفه وبالطبع يتم ذلك دون علم النواب أو حتى إستشارتهم فأين صوت المواطن وما قيمة من يُمثله بالمجلس .
ولا نُفشي سرا حين نقول أن نواب الأردن هم أهم اللاعبين الغائبين عن ديمقراطية الشركات التي تتحكم بالمؤسسة التشريعية , فليسو هم من يشرِّعون وليسو هم من يُراقبون بل ليسو هم من يمنحون الثقة , ولعل أقرب وصف يمكن قوله بحق مجلس النواب بأنه مجلس إفتراضي غير حقيقي يُدار بوسائل التواصل الإجتماعي والرسائل القصيرة , وأي عضو فيه يُفكر بالتمرد على هذا الواقع يُعاقب بحجب خدمة الواسطة والمحسوبية عن هاتفه الخلوي ويُستبدل باللعبة التالية بلاعب أكثر مرونة وأقل كرامة .
بقى أن نقول أنه لا يمكن لاي تعديل قانوني أو إجرائي أن يؤدي الى سلطة تشريعية حقيقية , فبدون إرادة شعبية جادة , وبدون حياة سياسية حزبية حقيقية , لن يكون بالأردن يوما سلطة تشريعية توجه أجهزته وتحمي مؤسساته . وأخيرا الى من أزعجهم هذا الكلام و يُحضرون أقلامهم ويشحذون هواتفهم للضغط والرد والنقد نقول إن وجودكم يزعجنا لكن من يُزعجنا أكثر هم أولئك اللذين يقفون على الحياد .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012