أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025


د. احمد عويدي العبادي يكتب : السفهاء الفاسدون

بقلم : د .احمد عويدي العبادي
31-10-2015 01:47 PM

بقلم د احمد عويدي العبادي

ان آفة أية أمة أو شعب هي جبن العلماء وعلو السفهاء وأكاذيب الكبراء وفساد الخبراء وقمع الحكماء وسجن الأقوياء وصمت الضعفاء وتقدم اللئام على الكرام، ووصول الوشاية وحجب الشكاية، وتجريم العدالة والنبالة، وسيادة الجور والنذالة، فاذا تحققت هذه في شعب او امة فانه يخرج من التاريخ والزمن، ويتحول الى قطعان كالأنعام بل هم اضل سبيلا، بلا كرامة ولا إرادة ولا احترام ولا هوية ولا شرعية، تتناهشهم ذئاب البشر الذين لا يرعون فيهم الا ولا ذمة (' الإل '، يعني: القرابة، و ' الذمة '، العهد).

وعندما يبتلى (بضم الياء) أي شعب بالمهرجين الفاسدين والسفهاء الموتورين الذين يدعون انهم علماء وكبراء وخبراء وحكماء واقوياء وعظماء ليسدوا الفراغ الذي خلقوه (هم) في هذه المجالات، فان ذلك يعني ان تلك الامة او الشعب يقترب من الوصول الى لحظة الحقيقة، وهي اما الرضوخ والتلاشي الكامل، واما النهوض والتغيير الشامل، وفي الحالة الأخيرة يهرب العرابون الكذابون والسفهاء الفاسدون لواذا الى حفرهم النتنة التي جاءوا منها، إذا لم تدركهم سنابك خيل بني امية>

وكما قال القاضي عبد الوهاب المالكي البغدادي (ت) 422 هـ/ 1031 م:

وَمَنْ يَثنِ الأَصَاغِرَ عَن مُرَادٍ ... وَقَدْ جَلَسَ الأَكَابِرُ في الزَّوَايَا

وَإِنّ تَرَفَّعَ الوُضَعَاءِ يَوْماً ... عَلَى الرُفَعَاءِ مِن إحدَى الرَّزَايَا

إِذَا اسْتَوَتْ الأَسَافِلُ والأَعَالِيْ ... فَقدْ طَابَتْ مُنَادَمَةُ المنَايَا

وبين حين وحين، ودونما سبب او مبرر وطني، يطلع علينا عرابون، يتبجحون انه لم تعلق المشانق والاعدامات للمتآمرين على الأردن، وانما حصلوا على التسامح وأعلى المناصب. وهذه لعمري دعوة لكل أردني يتشوف الى منصب، انه لا يحقق بغيته الا بالتآمر على الأردن وحرق علمه والسخرية منه وشتمه ورفض وجوده وهويته. حينها ستتم مكافأته بحجة انه لا توجد مشانق للمتآمرين بل مكافأة تلو المكافأة.

ان هذه الدعوة مدانة تماما بكل معايير التاريخ والوطنية والكرامة والذوق، وهي خطيرة على الأردن وأهله ودعوة للفوضى والتمرد والعنف طلبا للحقوق، وليس لها مسوغ الا بمعيار المهرجين والعرابين، والسفهاء الفاسدين والمتآمرين على الأردن، والكذابين الذين يتجاوزون مسيلمة الكذاب فيما ادعاه.

فإعدام الأردني هو بإهانته والسخرية من شرعيته وهويته وانحراف البوصلة الوطنية، وليس بالمشانق، ولو فتحت السجون او علقت المشانق للمتآمرين كما فتحت وعلقت للوطنيين لما سمعنا هذه الأصوات النشاز، ولما كان حال الوطن على ما هو عليه الان من حال.

نذكر (بتشديد الكاف) العرابين انه إذا تم الصفح عن الخونة والمتآمرين، فان السجن القاسي قد طال الوطنيين الأردنيين بدون رحمة ولا تسامح، فقط لفكرهم الوطني الأردني المسالم وحرصهم على الأردن وحبهم له ووقوفهم ضد التهريج والسفاهة والفساد والافساد ودعاته، ودعوتهم للإصلاح والحرية والديموقراطية ومحاسبة الفاسدين وإعادة الأموال والأراضي والمقدرات المنهوبة، الى خزينة الدولة، ولأنهم طالبوا التخلص من رموز الفساد والتهريج في المناصب ومحاسبتهم.

العرابون الذين جلسوا على صدورنا أكثر من نصف قرن يتقلبون في المناصب والمراتب وورثوها لأبنائهم وانسبائهم واقربائهم وشللهم، يعملون دائما على إعادة انتاج أنفسهم بكلمات سخيفة، وانهم رجال المرحلة في كل مرحلة.

فقد كانوا رجال الفساد والرشوة والتلوث في مرحلة القمع والتعذيب والقتل والاذى ضد الأردنيين، وبقدرة قادر، وبين عشية وضحاها صاروا رجال مرحلة الديموقراطية والحرية والنزاهة والإصلاح، حتى إذا ما تمكنوا من السرج واللجام وسط الأمواج المتلاطمة أجهضوا جهود وتضحيات الأردنيين وأعادوا الأمور الى ما كانت عليه من السوء والمهانة بحجة السيطرة على الأوضاع وهيبة الدولة وتحقيق الامن والأمان ؟؟؟؟.

العرابون يرون في الدعوة الى الإصلاح انها دعوة للدمار والهدم لان الإصلاح عدوهم اللدود، وفي الحرية خطرا على البلاد والعباد لأنهم لا يستطيعون البقاء إذا سادت الحرية، ويرون ان العدالة تعني الجور وضياع الهوية، لأنها تمنعهم من تحويل الوطن الى مزرعة لهم ولأبنائهم وبناتهم وانسبائهم وأقربائهم ومن يدور في فلكهم.
وهم يرون في النزاهة ضياعا للنزاهة وخزينة الدولة وموارد البلاد، لأنها تمنعهم من الاستمرار بالفساد والافساد ونهب المقدرات، كما ان قاموسهم يخلو من هذه الكلمة، همهم البقاء في المناصب وتوريثها لأبنائهم، وهم يتهمون الاخرين بالخيانة والتآمر لان الاخرين يريدون مصلحة الأردن وأهله وهويته ويشيرون الى الخونة والمتآمرين بأصابع الصدق الوطني.

العرابون يحتكرون الاعلام ويسرقون فكر الناس المحترمين وافكارهم ويطرحونها على انها من بنات أفكارهم وانهم أبدعوا شيئا جديدا، ويقاتلون لمنع الآراء التي تقول الحقيقة لان الحقيقة نور يتلاشى امامه ظلام التهريج والكذب والسفاهة والتفاهة، انهم لصوص الوطن والمال والسياسة والفكر وسراق التاريخ (مفردها سارق).

لا يمكن ان يتحقق الإصلاح والبناء والحفاظ على البلاد والتوازن والامن ما دام هؤلاء يمسكون بتلابيب الأمور، ولم يبقى منصب الا وتقلبوه. وقد اكل الدهر عليهم وشرب فعجز عنهم وهرب منهم لأنهم أكلوا الوطن والناس وهرعوا الى الدهر ليأكلوه ويشربوه. فهرب بريشه .

انهم يريدونها من المهد الى اللحد ومن الأجداد الى الأحفاد. ولا يؤمنون بتقلب الأيام وتداولها، ولا بكفاءات الاخرين، ولا بالوطنية الا إذا كانت على مقاسهم، ولا يؤمنون بالنهاية ومواجهة الحقيقة. فالإصلاح عدوهم تماما مثلما فعل الكبراء المجرمون عبر التاريخ، فهم يطففون ميزان الحقيقة، وينقصون مكيال الناس ليأكلوا حقوق الناس بالباطل، ويبخسون الأردنيين اشياءهم وكأن ميراث وتركة الشعوب المسخوطة من قوم شعيب ولوط وثمود قد الت إليهم كما وصفها القران الكريم.

ولكننا نقول ان الأردنيين اقتربوا من لحظة الحقيقة التي ستكون اشد مرارة على العرابين والسفهاء والكبراء المجرمين من وقع الحسام المهند: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (123) الانعام، ولا يحيق المكر السيء الا بأهله.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
لا يمكن اضافة تعليق جديد
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012