أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الحرائق كوارث بيئية

بقلم : د. أيّوب أبو ديّة
05-11-2015 12:11 PM
ما يحدث اليوم في اندونيسيا قد جعل العالم يستفيق من غفوته حول التلوث الذي تسهم به 'الدول النامية' في الجنوب بالرغم من أن حججاً كثيرة قد سمعناها في مؤتمرات الأمم المتحدة حول التغير المناخي التي سوف يعقد آخرها قريباً في باريس COP 21، ومفادها أن الدول الصناعية الكبرى هي التي تلوث البيئة العالمية بصورة أساسية. هذا صحيح، حيث تسهم الصين والولايات المتحدة وحدهما في التلويث الكلي للعالم بنحو 42% ولكن حجم الحرائق في اندونيسيا مؤخراً والغازات الدفيئة التي أطلقت خلال الأسبوعين المنصرمين يقال أنها تزيد عما تطلقه ألمانيا كلها في عام واحد. ولاندونيسيا تاريخ طويل في تلويث البيئة بفعل البراكين، مثلاً، حيث أدى انفجار بركان تامبورا Tambora عام 1815 إلى التأثير على مناخ العالم لعدة سنوات نتيجة حجب أشعة الشمس لفترات طويلة أدت إلى انهيار المحاصيل الزراعية وتغير المناخ وتفاوت شدة سقوط الأمطار.
فهل تنجح الحكومة الاندونيسية في سن قوانين تمنع حرق المحاصيل الزراعية وقطع الغابات؟
وهل تنجح إجراءَات الشعوب في الدول المحيطة باندونيسيا في مقاطعة الشركات الكبرى التي تصنع الورق من هذه الغابات وتنتج محاصيل غذائية على إثر تلك الكوارث، كما فعل سكان سنغافورة والفيليبين وغيرهم؟
نعتقد أن المجتمع الكوني عليه أن يتدخل ليوقف هذه الجرائم ضد الإنسانية حيث يتعرض نحو 43 مليون نسمة من السكان حول المناطق المنكوبة لخطر المرض والموت، وبخاصة الأطفال وكبار السن. فالغابات والتلوث في الهواء ليس ملكاً للدول وحدها بل للعالم بأسره ولذلك يجب اتخاذ إجراءَات كونية لمواجهتها.
وفي بعض أركان العالم العربي فإن الوضع لا يقل سوءَاً، ففي مصر على سبيل المثال يتم حرق بقايا الزراعة القطنية وغيرها وتحدث تلويثاً عظيماً يطلق عليه الغبار الرمادي؛ أما في الأردن فالضرر محدود جداً ولكن هذا لا يمنع من اتخاذ إجراءَات وقاية لحماية الغابات المحدودة لدينا والتي نشهد أحياناً عجز الأجهزة المعنية عن الوصول إليها، بل والعجز عن الاستجابة للحريق بالسرعة الكافية. إذ نأمل أن يتم تخصيص أدوات لرصد الحرائق مبكراً للتعامل معها بأسرع وقت.
وهذا الرصد ينبغي أن يشمل الحرائق البسيطة أيضاً للتبليغ عنها لأنها ناجمة عن حرق مواد إنشائية وفضلات في ورشات البناء وهي تطلق غازات شديدة السمية. وكذلك هناك محارق خاصة لعمال النظافة، ومن خلال تجربتي الشخصية أشهد يومياً حرق فضلات على جانبي شارع الأردن ابتداء من مستشفى الملكة علياء حتى مدخل أبو نصير وعلى جانبي الشارع؛ وكذلك في وسط عمّان وفي الحاويات. وأذكر على وجه الخصوص محرقة في أول شارع وادي صقرة (وصفي التل) بجوار مركز جنبلاط التجاري وحرائق على جانبي شارع أحمد بن حنبل بدءَاً من إشارة مدارس سمير الرفاعي صعوداً وهو الشارع الذي أسكن فيه وأشهد على مضرم النار شخصياً بصورة شبه يومياً. والحال لا يختلف كثيراً في باقي المناطق الأمر الذي يجعل من هواء عمّان الذي نستنشقه مصيبة كبرى وبخاصة في ضوء تردي نوعية الديزل بشكل كبير وازدياد كثافة المركبات على الطرقات والتي تقل في معظمها عن حمولة السائق وحده.
وأخيراً نأمل من التوجه صوب استيراد المشتقات النفطية من الخارج ألا تسمح المواصفات والمقاييس بدخولها إلا إذا انطبقت عليها مواصفتنا للديزل التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 2005 لعل الأشهر القادمة تحمل نسبة تلوث أقل لمدينتنا الجميلة عمّان ويعود الهواء فيها عليلاً كما كان أيام زمان.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012