|
|
الثقافة العسكرية شامة مضيئة على خدّ الوطن
بقلم : طه عبدالوالي الشوابكه
05-11-2015 12:24 PM حين تأتيك الطعنة من أخيك وحين ينكر فضلك بنوك وحين ينساق المرء في تيار جارف من الردة على كل شيء بلا تمحيص فلا مجال للاستغراب من أي شيء بعدها يبدر منه. حين ينبري دواج من دواجي النعوت الكاذبة محسوب عدة من عديد هذا الوطن, غضبان (سياسيا) مستاء (اجتماعيا) غيور (مهنيا) إثر حادثة فردية ربما أصابته ولم يحتملها لسبب نجهله فهو أمر نفهمه ونقدره. كنا قد قلنا رأينا غير مرة من إن الثقافة العسكرية المنبثقة عن مؤسسة الجيش العربي المصطفوي هي أول شاهد على وعي هذا الوطن وانفتاحه على الحياة بدايات القرن المنصرم, حين كنا في عداء مستحكم مع الكلمة والقلم نتلهى عن ذواتنا ومتطلبات عقولنا بصراعاتنا على امتلاك ناصية العدم فوق ارض جرداء ورمال تتراقص عبثا على صلادم الصخر, تذروها رياح الخماسين, فتزمجر بلا اثر ولا يثور منها إلا غبار القدح والظلم والافتئات ليأكل بعضنا لحم بعض. منذ بدايات التأسيس لم تكن الثقافة العسكرية وليدة صدفة بل هي مولود هاشمي شرعي بشهادة الشهود العدول من وجهاء الوطن في البادية الجنوبية والشمالية الشرقية وخيرة الخيرة من العاصمة عمان والزرقاء يرحمهم الله جميعا, أي حين كان الوطن يعاني ما عاناه من حرب الكل ضد الكل فجاءت الثقافة العسكرية لتكون أول وسم (اثروي) في شتاء واعد بالخير والخصب لهذا الوطن ليقتات الشعب الطيب على جناه وها هو الثمر يتساقط رطبا جنيا في كل الأركان. حين غرس الهاشميون الغرس ورعوا التربة وعزقوا وهذبوا واقتلعوا منها العشب الموّات (الهالوك) ثم امسكوا برفق بتلابيب الأغصان وهزوها بحنان وتؤدة ففرح الشعب بعوائد المحصول وتنامت أرادب (أكوام) البيادر ارتالا وارتال, حين انبرى الجيش قيادة وضباطا وجنودا لاختصار الزمان والمكان وهم يلملمون شعث البنين من أبناء الوطن (صحرائه قبل حواضره) ليحولوهم من متعطلين مُهمَلين إلى متعلمين مثقفين ينعمون بنعمة التعليم والرعاية والتربية السليمة أسوة بغيرهم في أرقى الحواضر والمدنيات أقول حينها تحقق للوطن استثناء وسبق تعدى الأمم اسمه الثقافة العسكرية. لطالما استعرض المؤتمرون تجربة الثقافة العسكرية أمام الإخوة العرب في المؤتمرات والندوات واللقاءات من حيث الفكرة والفلسفة والغاية فكانت مثار إعجاب وتصفيق من خيرة الأكاديميين والمسؤولين خصوصا الحضور من الأشقاء العرب, لقد أفصحوا وبانت فرحتهم ودهشتهم من تجربة المملكة, والبعض منهم لم يخف غيرته وحماسه لاستنساخ تجربة الثقافة العسكرية | الجيش العربي الأردني (كالوفد المصري مثلا والسعودي خلال جلسات مؤتمر الإبداع التربوي الثالث في الجامعة الأردنية صيف 2013), البعض منهم أصابه الانبهار من وعي الجيش المصطفوي باستشرافه المستقبل وتخطيه لعقبة الزمن وهو يرعى ويقدم كل ما يستطيع لواحدة من مؤسساته (الثقافة العسكرية) من موارد مادية وبشرية ومعنوية وفق أرقى المعايير المحلية والدولية لتظل الثقافة العسكرية في حالة دأب قصوى من سيرورة العمل في المناطق النائية الجنوبية والشرقية قبل عمان والمراكز وما حولها, وهذا نقرٌ على رؤوس الناسين المتناسين تحت قيد الشخصنة, أما العارف الجاحد فاني أخاطبه متسائلا فأقول: هل من ذنب لهذه المؤسسة العسكرية فيما تقوم به من عمل دؤوب يتمحور جله في إعداد الشخصية الأردنية السوية وسبل تنشئتها تنشئة سليمة لتكون عونا للوطن وسندا له على مر الأيام؟ هل من ذنب لهذه المؤسسة وهي تسيّر الحافلات والآليات تنقل المعلمين والكتب والأرزاق بما تتطلبه حركتها ومسيرها من مصروفات باهظة, حافلات تراها كأنها (طلائع الفتح المبين) تدب الحياة في أوصال الجسد الذاوي كأنها العافية تنقلها الدماء القانية في الشرايين وتضخها إلى جميع أطراف الوطن ليلا نهارا صيفا شتاء حرا وبردا دون تخاذل أو تراجع قد يعكر صفاء الأهل ويحرم البنين من التعليم والرعاية في معظم الأرجاء؟ هل من ذنب لهذه المؤسسة العسكرية وهي تقتطع من ميزانيتها ميزانية كافية للثقافة العسكرية, تقتطع من مجهودها الحربي في ظل الحاجة الفعلية الملحة إلى كل مليم لحماية الثغور والذود عن وطن يتربص المتربصون به الدوائر كل لحظة وكل ثانية لأنها مؤسسة آمنت بقدسية الهدف والمسعى ولا تنفك تردد مع ذاتها أن أبناء الوطن أولوية قصوى تتوازى مع أولوية الدفاع (حيث طلب العلم فريضة) مثلما الإعداد (للمجهود الحربي) أيضا فريضة فاستوت في برامجها وخططها الأهداف لتغدو مسؤولية تعليم أبناء الوطن مسؤولية لا تقل أهمية عن مسؤولية حماية الوطن من الأعداء؟ لقد أدرك الجيش العربي الأردني برؤسائه ومرؤوسيه على الدوام أهمية الرؤى الملكية وتوجيهاتها فترسموها نبراسا ومنارة لتضيء سبيل الأجيال في ظلمة الليل الحالك؟ إذ أن كل عاقل بصير لم يعتوره العور يدرك ويرى بأم عينه كم يكون الجيش فخورا وكم يكون منتسبو الثقافة العسكرية سعداء فخورين وهم يطوفون أرجاء الوطن تاركين أسرهم ومتطلبات عيش أبنائهم ضاربين صفحا عن النوى والهجران والكد والسهر طيلة سنوات خدمتهم العسكرية ليقدموا ما تيسر لهم من معرفة وخبرة بين يدي النشء الطيب من أبنائنا في البوادي والأرياف الأردنية بكل سماحة وود وحنو لا يقل عن حنو الآباء والأمهات تفان وإتقان. في المقابل, أما علم الجاحدون (وهم قلة) أن الثقافة العسكرية إستراتيجية عليا وطموح يضعه كل أردني على هام السحاب وفوق سدة الأفق فيرنو إليه كصبّ عاشق يتعشقه لحظة بلحظة بغية تلمسه وتحقيقه ومواكبة نمائه, طموح يراه مشرقا مع شروق الشمس حين يتحقق واقعا ملموسا بفضل الجيش العربي الأردني المصطفوي ومن خلال هذه المؤسسة التعليمية وهي في حالة ديناميكية لا تني وهي تعلم وترعى وتوجه وتدرب ليعلو البناء وتتعاظم الانجازات بأيدي من تخرجوا من مدارسها من أكاديميين وقيادات عسكرية ومدنية ومجتمعية وفنيين وعمال وضباط وجنود يزينون وجه الوطن كأنهم وشم من الحناء يتهادى على صفحة خدٍّ أسيل؟ أما علم الجاحدون أي إثم اقترفوه حين يتجاهلون المعلم صانع المعرفة ومدير المدرسة والمشرف وكل قيادي وإداري في الثقافة العسكرية بلوغا إلى أعلى سلم المسؤولية وما علموا إنهم كلهم رجال وطن انصهروا طواعية في أتون معركة الحياة, يقارعون الصعاب لأجل هدف واحد مضمونه تخريج أفواج متعلمة مؤهلة تقوم بمتطلبات الوطن كما هي كل الأمم الحية؟ نعم, ومن يريد التثبت فليبحث عن (رجال في الشمس) رجال في جوف خزان من صفيح ساخن تلهبهم سياط المسؤولية الوطنية بقدسيتها فيحتملون لظاها ولهيب أوجاعها مصطبرين صابرين مثابرين على تطويع الشدائد والصعاب يقهرونها فتصغر وتخبو أمام نُبل أهدافهم ومقاصدهم؟ أما علم الجاحدون أن رجال الثقافة العسكرية هم أوائل من آمن بالوطن إيمان ورقة بن نوفل وخباب بن الارت وصحبهما مع مفتتح الدعوة الإسلامية, يتذلهبون تحت قيظ المهمة يقلبون جذوعهم فوق بطحاء الوطن النائية (جنوبا وشرقا وشمالا) يتجشمون دروبها الوعرة, يتنسمون عجاج الطوز فيها كأنه (رحيق البختري والنفل), فلا يكترثون بمن أنكر وجحد, لأنهم امنوا بالله والوطن والملك إيمانا خالصا محروسا بعناية الخالق وبركاته جل في علاه؟ أيها الجاحد (تحت قيد الضلالة والجهالة) لكأني برجال الثقافة العسكرية وحالهم مع الجُحّد (صيغة مبالغة للجاحدين) بحال عاشق عذري مزيون افتضح عشقه العذال المتربصون ممن أنكرتهم وصدتهم قلوب العذارى الحرائر لدمامة خلقتهم وسوء طباعهم وهوان أمرهم, فانبروا جميعا لهذا العاشق المحظوظ قدحا وذما, وقد أعمتهم خيبة العشق. نعم أيها الجاحد, هم رجال الثقافة العسكرية, العشاق للوطن عشقا عذريا يعف عن كل نقيصة ودسيسة فسطرت الأسفار تاريخهم على صفحات من نور خطت بمداد من ذهب, لينبري السؤال الصادم لكل مشكك مرتاب من نفسه: أي ذنب يقترفه معلم الثقافة العسكرية وهو يمسك بالكتاب ولوح الطباشير بيد وفي يده الأخرى صحفة (صحن) الطعام يقدمه لابنه التلميذ البريء الذي قست عليه الظروف في جوف فجر مدلهم لا يضيء عتمته إلا نور الملائكة التي تحف به وبطلابه, يخرجون من رحم العتمة ليقيتوا أبناءهم الطلبة قبل الشروع بالدرس؟ أولم يقل علماء النفس (أمثال ماسلو, عالم الحاجات) إن إطعام الدارسين وسد حاجاتهم الغريزية أولوية تسبق سد حاجاتهم العقلية في تدرج هيراركي (هرمي)؟ فأي ذنب اقترفه هؤلاء النساك المتعبدون في محراب الولاء والانتماء لله والملك والثرى الطهور؟ وهل إطعام الأبناء بلا منة ذنب ونقيصة كتبت عليهم وعلى الجيش الذي بظله يستظلون؟ أيها الجاحدون لنعمة الجيش ونعمة التعليم والرعاية والتوجيه انتم بنكرانكم كما الأبله الذي أعياه لسانه وعقله حين لم يجد من كلام مناسب يغازل فيه فتاة حسناء مهيوبة ساقها القدر فرآها فجأة أمامه, فخاطبها بلا وعي قائلا: (سود الله وجهك ما أجملك) حيث أعيته الدهشة وزاغ بصره من الانبهار, واني قياسا على ذلك اعذر البلهاء حين ينساقون كالسيل الجارف بالردة على كل شيء كسائق عربة محملة بالخردة تهوي من علٍ يريد الحوذي صاحبها إيقافها عند نقطة أرادها لكنه لفرط تهورها وثقل حملها لم يتمكن من إدراكها فداست وداس في طريقه كل شيء. ختاما: ألف تحية للثقافة العسكرية ضباطا وضباط صف معلمين وطلبة, ثم الحمد لله, له الفضل والمنة على ما حبانا من جيش عروبي مصطفوي علم الدنيا كيف تكون الإنسانية وكيف تكون الأخلاق نهجا ومرتكزا ومرجعية تحت ظل راية عبدالية هاشمية, ومن أراد الزاد يوما من علوم معرفية فليطالع في كتاب اسمه الهاشمية, إنها يا قوم (هاشمية هاشمية هاشمية؟).
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|