أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الفلسطينيون بشر

بقلم : عبد الحليم المجالي
14-11-2015 12:18 PM
قال تعالى ( قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي انما الهكم اله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا )صدق الله العظيم . لله ورسوله المثل الاعلى , تعمدت ان ابدأ مقالي بخير الكلام , آية من كتاب الله الكريم يخاطب فيها الله جل جلاله رسوله الكريم قائلا : قل يامحمد انك بشر مثلهم وهم موضع رسالتك السماوية وانك رسولنا لهم نخصك من دونهم بالوحي لنساعدك على تبليغ رسالتنا : اله واحد وبعث بعد الموت وجنة او نار . فمن كان منهم يرجو لقاء ربه مؤمنا بالبعث والاخره وطامعا في جنته فعليه بالعمل الصالح وان لا يشرك بعبادة ربه احدا وتكون خالصة له من دون الجميع . الشاهد في هذه الاية وحسب الظاهر من النص ان الرسول بشر وانه يتعامل مع قضيته المتمثلة بتبليغ رسالة ربه الى البشر بشرا مثلهم يراعي ما استودعه الله فيهم من خصائص بشرية تتنوع وتتفاوت من بشر لاخر حسب قضيته وموقعه , ينسحب هذا القول على كل بشر له قضية يتبناها.

الفلسطينيون بشر وليسوا استثناءا فلماذا يعاملهم المهتمون والمعنيون بقضيتهم خارج هذا الاطار ونطالبهم بالتخلي عن بشريتهم وانسانيتهم او نلزمهم بصفات محددة وسلوكيات تبدو شاذة عن سلوكيات بني البشر, لماذا نطالبهم بأن يكونوا ملائكة فوق البشر او شياطين دون ذلك . آية ثانية يبين ظاهر النص فيها ان الله فطر الناس على الفطرة الالهية فقال تعالى ( فاقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) صدق الله العظيم الذي فطر الناس كل الناس من بدو وحاضرة من مؤمنين وملحدين ومن شرق وغرب على فطرته واستودع فيهم من آياته لتستقيم حياتهم في السلم والحرب في الصراعات والتفاهمات فكان الصراع بين الخير والشر والحق والباطل صراعا سرمديا منذ الازل والى ان يرث الله الارض ومن عليها وكان الاعوان لهذا الطرف ونقيضه وبهذا يعمر الكون ويمتاز الطيب عن الخبيث .
تشهد الاراضي العربية الفلسطينية المحتلة مقاومة للاحتلال الصهيوني من نوع جديد يمكن وصفه بالعمل الجماهيري بادبياته وخطابه وفرديا من حيث التنفيذ , ابطال هذا النوع من المقاومة في غالبهم من الشباب والنساء الذين طفح بهم الكيل كبشر وضاقت عليهم الارض بما رحبت وخذلهم الصديق وتمادى العدو في غيه وغطرسته عليهم فكان رد الفعل الطبيعي والفطري مواجهة الموت للتعبير عن رفضهم لواقع مفروض عليهم وللاسف من بشر من المفروض ان يرفضوه ولكنه لاعتبارات خارج الاطار البشري هنالك من يرضى بهذا الواقع ويطالب الاخرين بالرضى به. اطلق على هذا العمل المقاوم انتفاضة الاقصى الثالثه او هبة شعبية من اجل القدس وتفاوتت نظرة الفلسطينين لها وكذلك العرب بين مؤيد ومتحفظ , تميزت هذه الهبة او الانتفاضة بشمولها كل فلسطين بما في ذلك ما يعرف بعرب ال 48 .
ليست المرة الاولى التي يشهد فيها الاقصى مثل هذه الانتفاضة ويكون سببا لها , فقد شهد في عام 1929 اعمال مشابهه سماها البعض ثورة البراق في ظروف مشابهة الى حد ما الى ما يحدث اليوم من تمادي العدو الصهيوني في اجراءاته التعسفية مع اختلاف انها جاءت في مرحلة تاسيس الكيان الصهيوني واختلاف الداعم الرئيسي لهذا الكيان حيث كانت تلك المهمة لبريطانيا قبل ان تتعهد بها امريكا . المجال لا يتسع الى سرد وقائع تلك الهبة والمعلومات عنها متوفرة في الشبكة العنكبوتيه . استخلص الباحثون في تلك الهبة ثلاث حقائق :
الحقيقة الاولى : الصهيونية والوطن القومي اليهودي كانا يعتمدان في الاصل والنهاية على الحراب البريطانية ومن ثم يجب محاربة بريطانيا والصهيونية معا اذا اريد للصراع ضد الصهيونية ان يحقق اهدافه
الحقيقة الثانية: عدم قدرة زعماء الحركة الوطنية الفلسطينية على قيادة الجماهيرالفلسطينية ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني في فلسطين بسبب عدم إدراكهم الحقيقة الأولى، وجهلهم للرابطة العضوية بين الصهيونية والاستعمار البريطاني.
الحقيقة الثالثة: وعي الجماهير بأن الأسلوب المتبع في القتال ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني، وهو أسلوب الاحتجاج والتظاهر، غير ناجع، ولا بد من اللجوء إلى استعمال السلاح وتشكيل منظمات مناضلة مقاتلة. وكانت “عصابة الكف الأخضر”* أول منظمة مقاتلة فلسطينية تشكلت إثر أحداث ثورة 1929.

بعد مرور قرابة قرن على ثورة البراق وتطور الاحداث منذ ذلك الوقت الى اليوم وكيف وصلت الامور الى ما هي عليه وتراجع القضية الفلسطينية من صدارة الاهتمامات العربية الى موقع متأخر يطرح سؤال كيف تعامل العرب عامة والفلسطينيون خاصة مع هذه الاحداث ؟ وهل استفادوا من الدروس التي ابرزتها تلك الاحداث ؟ وهل تبين لهم من هو العدو ومن هو الصديق ؟ يقول الواقع ان ما حدث في الوطن العربي كتداعيات للاحتلال الصهيوني لفلسطين يعلم الدواب فكيف البشر ؟ اللدغات تتوالى من الجحر ذاته ومن العقرب ذاتها ومع ذلك هنالك من الايدي العربية ما تمتد الى ذلك الجحر مرارا وتكرارا . اسئلة كثيرة ولو خضنا في التفاصيل في الصراع العربي الاسرائيلي لغرقنا بها ولكن السؤال العام والشامل لماذا لا تتطور افكارنا واساليبنا كعرب مع تطورات الاحداث ؟ حتى الجمود في الافكار في حالتنا اصبح فضيلة باعتبار تراجعنا و تنازلنا عن حقوقنا كبشر من غير مقابل وتردي اوضاعنا من السيئ للاسوأ .....
لو تتبعنا ردود الافعال الرسمية العربية والشعبية والاحزاب والتيارات في الوطن العربي والاسلامي على هذه الانتفاضة لوجدنا تأثير الفوضى التي وضعنا عدونا فيها واضحا , في هذه الاجواء الفوضوية يصعب بل يستحيل تكوين رأي عام يعتد به ويؤثر في سير الاحداث . يمكن تتبع ردود الافعال من خلال ثلاث دوائر حسب مسؤولية التعامل مع هذا الحدث الدائرة الاولى فلسطين واهلها : الانقسام واضح , ومع كوننا نقر بوجود تعاطف شعبي واسع على الساحة الفلسطينية الا ان امكانية توحيد الجهود والرؤية في مواجهة غطرسة العدو ضعيفة . الفلسطينيون لا يملكون مشروعا وطنيا موحدا وهنالك عدة مشاريع متناقضة في معظمها لارتباطها بمحاور متصارعة اصلا وذات مصالح متضاربة . المشاريع الفلسطينية ايضا متأثرة بعدة مرجعيات فكرية تتراوح بين الدينية والعلمانية . تردد مصطلح الفصائل الفلسطينية ومع ما يمثله ذلك من تباين في الاصطفافات والمرجعيات يعكس الانقسام الذي نتحدث عنه . تلك الفصائل كانت قد تشكلت في الاصل متأثرة بالتناقضات العربية وبقيت تحمل تلك التناقضات ولا حل الا بالتخلص من تلك التناقضات بمراجعة شاملة تهدف الى توحيد الفكر الفلسطيني وتوحيد الاساليب . اذا كانت التناقضات العربية سببا في تشرذم القوى الفلسطينية فالمأمول من الشعب الفلسطيني وحرصا منه على قضيته ان يجتهد ليكون سببا فى وحدة العرب او على الاقل التقريب بينهم .

نبقى في الدائرة الفلسطينية لنتابع ما تناقلته وكالات الانباء من ردود افعال الجانب الرسمي الفلسطيني المتمثل بالسلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير حيث كان الشجب والاستنكار , وكان ابرز ما يجذب الانتباه تصريحات كبير المفاوضين صائب عريقات الذي اشار الى ان الحل للقضية الفلسطينية هو في اقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية . حل الدولتين الذي ينادي به بعض العرب مع علمهم انه من المستحيل انجازه لاسباب موضوعية منها وليس كلها : عنصرية الكيان الصهيوني , اعلان القدس موحدة وعاصمة ابدية لذلك الكيان , استمرار الاستيطان وتهويد القدس والضفة الغربية , عدم جدية راعي المفاوضات امريكا بانجاز هذا الحل وكان آخر ماصدر من تصريحات حوله ما جاء على لسان نتنياهو في زيارته الاخيره لواشنطن حيث قال انه يؤيد حل الدولتين وجاء التعليق فورا من البيت الابيض ان ذلك لن يبحث فيما تبقى لادارة اوباما من زمن في الحكم . الادارة الامريكية على زمن بوش الابن ضربت موعدا لقيام الدولة الفلسطينية 2005 ومر ذلك الوقت دون التقدم ولو خطوة بسيطة نحوذلك , نفس الادارة لعلمها ان الدولة الفلسطينية ان قامت لن تعيش الا كما يعيش المريض في الانعاش على الاجهزة طرحت مقولة دولة قابله للحياة . ردود الفعل الرسمية في الدائرة الثانية والثالثه العربية والاسلامية مطابق لرد الفعل الرسمي الفلسطيني , ردود الافعال على المستوى الشعبي العربي والاسلامي لم تخلو من بارقة امل ولو ضعيفة بان القضية الفلسطينية حية في ضمير كل عربي ومسلم مع كل التعقيدات واجواء الفوضى .

تصريحات اخرى كثيرة من القيادة الفلسطينية والتي تتعرض الى اقسى الانتقادات من الشعب الفلسطيني بسبب استمرارها بالتفاوض رغم عبثيته والابقاء على التنسيق الامني مع العدو وانحياز هذه القيادة الى فصيل فلسطيني بعينه دون الفصائل الاخرى . القيادة الفلسطينية تؤكد ما جاء في الحقيقة الثانية المستخلصة من ثورة البراق 1929 رغم مرور الوقت الكافي للمراجعة واستخلاص الدروس لصياغة مشروع وطني فلسطيني متكامل ومن ضمنه فرز قيادة فلسطينية منسجمة مع شعبها .
الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 , هذا المطلب الذي لا يعلم الاغلبية منا من صاغه ومن روح له في البداية لكن الاغلبية تعلم انه سيذهب ادراج الرياح كما ذهبت مقولة الارض مقابل السلام وكما ذهبت مبادرة السلام العربية وغيرها من مبادرات كمشروع روجرز والدولة الفلسطينية في غزة وسيناء , السبب في ذلك انها لا تتفق مع منطق البشر ولا مع الفطرة , العامة تقول لا يضيع حق وراءه مطالب فمن يستطيع قتل جميع الفلسطينين لكي لا يبقى مطالب ؟ ثم انه لمن العار ان ترتبط جغرافية هذه الدولة بحزيران 67 وما ادراك ما حزيران 67 . انها النكبة الثانية بعد نكبة 48 . انها الحرب المذلة للعرب والفريدة في التاريخ التي احتل فيها العدو الصهيوني ثلا ثة اضعاف مساحته في ستة ايام ومن ضمنها القدس الشريف , انها الحرب التي قتلت المشروع القومي العربي ليحل محله مشاريع قومية اخرى في الاقليم تطاولت على العرب واذلتهم واربكتهم .شباب وفتيات الانتفاضة المباركة تذكر الفلسطينين والعرب بعد ان خرب العدو ذاكرتهم انه لا دولة فلسطينية الا بعد التحرير وان الشعارات التي رفعها العرب بعد تلك الحرب ومنها ازالة آثار العدوان ولا صلح ولا مفاوضات ولا سلام هي التي يجب ان تحترم وهي التي تتفق مع منطق البشر والفطرة وغير ذلك كالزبد يذهب جفاء لان الفلسطينين بشر وعلينا ان نكون صادقين مع انفسنا ومع اعداءنا وان لا نتوانى عن المطالبة بحقوقنا المشروعة حتى لا تطول المعاناة والقتل والدمار وحيا الله ابطال الانتفاضة ولا نامت اعين الجبناء.






التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-11-2015 06:56 PM

اخي ابا محمد:وين هالغيبة الطويلة اولا؟ماذا جرى لعويل خليل؟اما فلسطين فقد طواها النسيان بعد ما حدث ويحدث في بلاد عربية كثيرة اضافة للتشرذم الفلسطيني وقلة الحيلة فلسطينيا وعربيا,نعم الفلسطينيون بشر مثلنا وعلينا ان لا نحملهم ما لا يطيقونه,اما العرب فتعلم ان ميزان القوى حاليا يميل تماما لصالح العدو,لا بد من انتظار ما سيسفر عنه الربيع العربي ونامل ان يتم على اثره اعادة صياغة الجغرافيا والتاريخ للوطن والامة

2) تعليق بواسطة :
15-11-2015 11:51 AM

طالما الريال موجود ستبقى فلسطين محتله وشعبها يسحق في الداخل والخارج كما حدث في الأمس بمخيم برج البراجنه
فالصراع والحروب القائمه في البلاد العربيه تجري بين طرفين
الطرف الريالي المستميت دفاعا عن إسرائيل وديمومتها وبسط هيمنتها على العرب كشريك مع السعوديه
والطرف الثاني المستميت هو الآخر أن يحارب إسرائيل كما جرى بحرب 2006
هنا فالحروب الجاريه الآن هي لإبعاد الخطر الشيعي عن إسرائيل
ومن يقوم بهذا الإبعاد هم جماعة السني
حتى إن إحدى أمراءهم وهو الوليد ال سعود قال
السنه ليسوا أعداء لليهود
وسنحمي إسرائيل

3) تعليق بواسطة :
15-11-2015 12:45 PM

تحية واحتراما للأستاذ عبد الحليم المجالي على نفسه العروبي الإسلامي وإيمانه بشعبنا العربي الفلسطيني المجاهد .
نعم أخي عبد الحليم في ظل هذا الوضع البائس الذي تمر به الأمة عامة والإنقسام الفلسطيني الحاد في الداخل والخارج فلا أجد رهان أكثر واقعية من الرهان على الشعب الفلسطيني نفسه في الداخل المتجذر في الأرض والغير مملوك أو تابع لأجندة يفرضها عليه حزبه أو انتماءه لأي تنظيم تابع أيضا لجهة عربية كانت أو أجنبية مدعوم منها وكلنا يعلم كيف تسيطر تلك الجهات الداعمة على القرار الفلسطيني ولنا في مواقف

4) تعليق بواسطة :
15-11-2015 12:56 PM

سلطة أوسلو خير مثال عندما دجنتها أمريكا ودولة بني صهيون في إتفاق دايتون المنبثق من اتفاق أوسلو وجعلتها رهينة للمساعدات والهبات لتدفع رواتب شرطتها ومؤسساتها وتمويل النمط الإستهلاكي للشعب الفلسطيني الذي ينتظر راتب آخر الشهر ليؤمن قوت عياله.
رهاننا سيبقى على الشباب الفلسطيني في مدارسه وجامعاته ونواديه بعيدا عن التبعية لجهة هي تابعة أصلا لمن يمولها .
نحن لانتوقع منهم تحرير فلسطين ..نريد منهم أن يقولوا لا للمحتل ولا للحل الذي يفرضه من يساند المحتل بحجارة بسكين بمظاهرة حتى لاتموت القضية.

5) تعليق بواسطة :
16-11-2015 05:26 PM

نعتذر

6) تعليق بواسطة :
16-11-2015 05:47 PM

الله يحماك ابو محمد......... من زماااااان ما قرأت اشي يعبي الراس زي هالمقال....... بس لو فيه زيك اكمن واحد...... المشكلة المنابر الاعلامية مستلمها ناس غير نوعيتك......... الله يرعاك...... بكل صدق

7) تعليق بواسطة :
19-11-2015 09:55 AM

بإعتقادي فإن حل الدولتين و حق العودا هو الحال الصحيح

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012