أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أبو ذر....فساد الجدي ودموع خَلَف.

بقلم : د.م حكمت القطاونه
26-11-2015 03:30 PM
كانت الحجة أم سلامه قد اتخذت كل الاحتياطات واستخدمت كل خطوط الدفاع للحيلولة دون أن يرضع الجدي حليب أمه العنز الرءوم، فلم يبقى من أغنام أبي سلامه ومعيزه غيرها بعد أن كان قد اصطحبها إلى سوق المواشي مرات ومرات، لكن لكبر سنها كان التجار فيها من الزاهدين، ورغم إلحاف حاجتة لثمنها إلا أنه كان يشعر بسعادة داخلية أن لم يتيسر لعنزه العجوز من يشتريها، ذلك أن لها من العمر عتيا ما يحكي جزءا ليس يسيرا من حكايته هو، كانت سبب رزقه يوما وقد أجدبت فيما بعد دنياه، له معها عشرة طويلة لا يوازيها إلا عشرته مع عجوزه أم سلامه وما زالت تُعطي.
دَخلت العجوز إلى العنز العجوز قبيل طلوع الفجر في صَرَة وصكت وجهها وقالت : الله يجعلك يا الجدي بالغزو أو يوكلك ذيب ويريحنا منك أو نُبتلى في (ضيوف لحم) ونخلص من فسادك وقصصك، قطع حبله وكسر لجامه وأزاح ( الشملة – كساء من صوف أو قماش يقي ضرع الشاة وقاية من أبنها) ورضع الحليبات، فكم تأسَتْ ألعجوز أنها أضمرت ليلا أن يُفطر فلذة كبدها سالم فطورا أساسه حليبات العنز، قبل أن يسري عائدا إلى الجامعة في عمان حيث يدرس والقفر فقر والجدب ضارب طنابه، تحسبهم أغنياء من التعفف، وما كان قد كان وقد سبق السيف العذل.
أبو سلامه، راح يُعالج (البك أب) قبل أن يُصلي الفجر وكما هو طبعه يجب أن يتفقد كل شيء في (البك أب العجوز) يوميا، يُشَغله فترة تسخين قبل إقلاعه وقد يحتاج إلى (دفشة) كونه منذ سنة بلا بطارية ويصطف على منحدر احتياطاً لذلك .
صلى الشايب الفجر وصعد إلى المقصورة خلف مقود (البك أب) وراح ينتظر سالم ريثما يودع أمه ويلتحق به ليوصله إلى موقف الباصات في مركز اللواء بعيدا عن القرية.
في الطريق دار حوار من طرف واحد، يحكي الشايب قصة طفولته وشبابه، مختزلا تاريخه كيف أنه كان يعيش بلا مصروف وكان دائما يدبر حاله وأحيانا يكسب رزقه بالقوة أو الحيلة ( صلبطه) في حالات الضرورة القصوى من بعض جيله ممن أنعم الله عليهم من فضله.
أوقف أبو سلامه (البك أب) قريبا من باص عمان وراح يودع فلذة كبده ويوصيه بالاجتهاد والحرص وأن لا يخذل القبيلة ويحافظ على سمعة أجداده الطيبة.
يقول له سالم الصموت بعد صمت طويل : يا (بوي بدي مصروف) ؟...فيسأل الشايب سالم : معك أجار الباص لعمان؟...فيجيب سالم بنعم، فيبادر الشايب : الحمد لله نعمه وفضل، في عمان الله بفرجها يا بني ....استدين من أصحابك ....دبر حالك،.... صير ذيب مثل أبوك.... خلي عينك بعين الله بفرجها عليك.
يصعد سالم إلى مقعده ملوحاً بيده لوالده من شباك الباص الذي يضج ويهتز بلحن عمر العبداللات قبل شروق الشمس ( لوح بيدك... لوح بيدك) !.
ألشايب متصنعا مبديا كأنما لم يلمح وداع ابنه من خلف الزجاج ويلوذ خلف (البك أب) من الجهة الأخرى يُغطي وجهه بطرف منديله وينتحب.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-11-2015 03:50 PM

الله يلعن هل جدي مص حليب الغلابا

2) تعليق بواسطة :
26-11-2015 05:22 PM

مبدع دائماً د. حكمت ياريت الكل يفهم ما بين السطور

3) تعليق بواسطة :
26-11-2015 06:03 PM

تحية وشوقا للأخ العزيز الدكتور حكمت
وشكرا لك على هذه المقطوعة البلدية من حكايات خلف المستوحاة من واقع مر أليم يصول ويجول في أطراف بلدنا الممتلئ بأمثال أبو وأم سلامةوولدهم سالم سلمهم الله جميعا وفرج كربهم.
نعم أخي أبو عمر مثل هؤلاء كثيرين في قرانا وبوادينا ومثل سالم العديد من الطلبة على مقاعد جامعاتنا وعرفت العديد منهم وخصوصا من أبناء العسكر
الذين نسمع بين فينة وأخرى أصواتا تطالب بإلغاء قبولهم في الجامعات إحقاقا للعدالة وعدم التمييز بين المواطنين وهناك البعض ممن يتهمهم
بأنهم هم من يقفون وراء

4) تعليق بواسطة :
26-11-2015 06:31 PM

وراء المشاحنات والمشاجرات المنتشرة بين طلبة الجامعات متناسين أن التطرف
والعصبية والنرفزة هي نتاج ما يمر به
المجتمع بشكل عام من غلاء وفقر وطبقية صادمة بين من معه ويتعنطز ويتفنطز ومن لايملك مصروف جيبه ولا حتى ثمن سيجارة ، وبالتالي الجوع والحرمان والظلم وقلة الحيلة وبيئة تبجل الفاسد وتجوع وتقهر الشريف لاتولد ولاتنتج إلا إنسان عصبي حاقد روحه في مناخيره .
وهكذا نقرأ كل يوم ونسمع عن مشاجرة هنا و قتل هناك وانتحار وسرقة وضبط العشرات من مدمني المخدرات ومروجيها
ومصانعها مما يعني أن سوقها رائجة .

5) تعليق بواسطة :
28-11-2015 12:18 PM

ما دخل أبو ذر "رضي الله عنه "بقصة الغلابا بتصور في اسماء لها قدسية في نفوسنا ما يجب أن تزج هكذا. مع احترامي لجمالية التعبير

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012