أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


العسكرة

بقلم : عبد الحليم المجالي
05-12-2015 04:04 PM
تتعالى اصوات هنا وهناك تطالب بالحلول السلمية وبالحوار لحل ازمات متراكمة ومعقدة في وطننا العربي , على الارض وقائع لا تتفق مع هذه المطالب ولا تلبيها . تحركات لبوارج حربية وحاملات طائرات وقطعات عسكرية من خارج الوطن العربي وصفقات اسلحة وذخائر بالمليارات آ خرها الصفقة السعودية الامريكية . اموال بالمليارات تضخ في المنطقة لشراء المرتزقة وتجنيد امراء الحرب وتسليحهم بأموال الذين زادت اموالهم عن حاجاتهم فسخروها للعبث في المنطقة عن حسن نية او غباء او حماس غير منظم لعقيدة او نص ديني مقدس .الحروب على اشدها والجيوش المتحاربة في تزايد وكل يوم يحمل لنا انباء عن ميلاد جيش جديد باسم جديد حتى فاقت اعداد تلك الجيوش اعداد جيوش الحرب العالمية الثانية , وفاقت اعداد التحالفات حلفي المحور والحلفاء في تلك الحرب . على مستوى الدول الكبرى المشاركة في عسكرة المنطقة الانضباط ومراعاة مباديء الحرب واردة في كل اعتبارات العسكرة اما على الارض فالمتصارعون من ابناءها العرب يعملون وفق معايير الفوضى التي وضعنا اعداؤنا بها فوضى الفكر العسكري وفوضى السلاح .

من مظاهر عسكرة المنطقة في الوطن العربي وما حوله ما يمكن استخلاصه من بعض التصريحات الحديثة لاصحاب القرار في العالم من رؤساء دول ووزراء خارجية ووزراء دفاع وقادة عسكريين فاعلين في احلاف دولية وجيوش لها وزنها – الجيوش العربية ليست منها – ,الرئيس الفرنسي اعلن الاستنفار لحشد كل عسكر العالم لمحاربة داعش في الارض العربية سوريا والعراق واينما وجدوا وتعلن فرنسا اشراك طائراتها في قصف داعش في سوريا لاول مرة وارسال حاملة الطائرات شارل ديغول للمنطقة . رئيس وزراء بريطانيا استجدى مجلس النواب البريطاني للسماح للقوات البريطانية بضرب داعش في سوريا وتم له ذلك وارسل ست طائرات حربية بريطانية الى قبرص للمشاركة في ضرب داعش في سوريا والعراق وباشرت طلعاتها . وزيرة دفاع المانيا تتفاوض مع فرنسا لارسال طائرات المانية لمهام عسكرية استطلاعية . تصريحات للرئيس الامريكي اوباما ولوزير خارجيته كيري بان القصف الجوي لم يعد كافيا ولا بد من ارسال قوات امريكية برية محدودة للعراق مع وجود جدل امريكي عراقي حول ذلك . لم تقف التصريحات الامريكية عند هذا الحد بل ذهبت الى انه لا مانع من اشراك الجيوش العربية في حشد عسكري بري للقضاء على داعش كنتيجة حتمية لفشل التحالفات ضد داعش في تدميرها واللافت للنظر ان الجيش السوري غير مستثنى من المشاركة .

تصريحان مهمان وفي مجال العسكرة الاول للرئيس الروسي الموتور باسقاط الطائرة الروسية وقتل احد طياريها يقول فيه : ما الذي جاء بالجنود الاتراك في منطقة سقوط الطائرة في سوريا ؟ والثاني للرئيس التركي اردوغان ردا عليه : وما الذي جاء بالروس وعسكرهم الى سوريا ؟ ومن حق المواطن العربي ان يصرخ باعلى صوته وما الذي جاء بالروس والاتراك واليهود وغيرهم من شذاذ الافاق لوطننا ليعسكروه ويكون المواطن العربي ومقدراته وقودا لحرب عسكرهم واهدافا لترسانة اسلحتهم ولا نسمع صوتا عربيا رسميا او عسكريا يتسائل مع هذا المواطن ؟ لماذا دور العرب هامشيا في امور تهمهم بالمقام الاول ؟ المهام الموكلة للعرب في هذه العسكرة العالمية مهمات تكميلية مثلا يسند الى الاردن تحديد الارهابيين في سوريا ؟ ولماذا في سوريا فقط ؟ لماذا لم يكن تصنيفا شاملا للارهابين في المنطقة وعلى راسهم الصهاينة ؟ وهم الاخطر ارهابا على العالم كما جاء في استطلاعات الرأي في اوروبا مؤخرا ؟ لماذا يسند الى السعودية المهمة المستحيلة توحيد فصائل المعارضة السورية ؟ ولماذا لم تكن مهمتها توحيد المعارضات العربية بشكل شامل ومدروس ؟ البلدان العربية عاجزة في وضعها الحالي عن انجاز اية مهمة جدية في مجال العسكرة والعسكر لغياب الارادة والمفكرين العسكريين الغيورين على امتهم ووطنهم . اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بفشلها بالقضاء على داعش والاعتراف بان هذه المهمة هي للعسكر العرب حافز للعسكريين العرب العاملين والمتقاعدين لأغتنام هذه الفرصة والمبادرة بتشكيل قوة عربية قادرة على تحقيق ما فشلت قوات كبرى عن تحقيقه ومحاربة الارهاب بكل اشكاله وتصنيفاته والقضاء على ابرز صوره وهي فوضى السلاح والمبادرة لملأ الفراغ العسكري في المنطقة.

العسكرة بمعنى افتراض عدو والاستعداد لمواجهته هو ديدن القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي ما أن انتهت الحرب الباردة واختفاء الاتحاد السوفياتي حتى بادرت بالبحث عن عدو جديد , المفكر والمخطط للسياسة الامريكية – صموئيل هيتنجتون - اصدر كتابه في تسعينينات القرن الماضي – صراع الحضارات -. اتبعه بكتاب آخر يقرر فيه ان الاسلام عدو امريكا الاول الان ، وجعل عنوان الكتاب: «من نحن؟ تحديثات الهوية الوطنية الامريكية».جاء هذا الفكر متفقا مع فكر التحالف الامريكي مع الاعداء التقليديين للاسلام اليهود الممثلين بالصهيونية العالمية . استمر الغرب على نهجه في التعامل مع العرب والمسلمين كاعداء منذ التفكير بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين, هذا النهج الذي بدأ بالمؤامرات وانتقل الى العلن من وعود وحروب ادت الى شحن المنطقة بالكراهية بين ابناءها وتشرذمهم وصولا الى وضع المنطقة في اجواء الفوضى الخلاقة بعد حروب طالت كل اجزاء المنطقة .

الوطن العربي , مهد الاسلام ومنطلقه وخط الدفاع الاول عن مقدساته حري به ان يقابل العداء بالعداء والعسكرة بالعسكرة وحري بان ينهض من ابناءه اليوم من اصحاب الاختصاص بالعلم العسكري , من عاملين ومتقاعدين , والذين تلقوا تدريبهم وتعليمهم في ارقى المعاهد العسكرية العالمية ان يترجموا ردة الفعل المطلوبة على هذا العداء الغربي الى اعمال من الاستعداد العسكري الشامل من حشد وتدريب بعد وضع استراتيجيات لذلك تتفق مع حجم التهديد المعادي وان تراعى مبادئ الحرب المستخلصة من تجارب الامم والشعوب في حروبهم عبر التاريخ وان لا تترك الساحة فارغة يملآها عسكر من الداخل والخارج ضررهم اكثر من نفعهم .


أن تصبح عسكريا حسب العرف والعادة , وحسب التعبير الشعبي ان تلبس عسكري لا بد من المرور في مراحل من التمحيص الامني لضمان الاخلاص للجهات المجندة واجتيازاختبارات الذكاء واللياقة البدنية ومراعاة حاجة الجيش من المهن والعناصر . وبعد التجنيد لابد من المرور بمراحل التدريب على المهارات الاساسية للمقاتل والدورات العسكرية المقررة المتدرجة في المستويات والمعارف للتدرج في الوظائف القيادية في تسلسل منطقي مدروس . مقارنة مع ذلك نسأل كيف يتعسكر المسلحون الخارجون على القانون في الوطن العربي ؟ الجواب واضح ومن خلال تجنيد اعداد من الاقارب والمعارف نعرفهم لا تمحيص امني ولا شروط الا قناعة من يجندهم بانه يضيف اعدادا جديدة الى هؤلاء المسلحين ؟ اين يتدربون على المهارات الاساسية ؟ يتدربون في الاحياء السكنية وفي دور العبادة ولا مانع لديهم ان تكون آهلة بالسكان , ميادين التدريب على الرماية في الساحات والشوارع الآهلة بالسكان لذلك فاعداد القتلى - وخاصة الابرياء - مرتفع جدا لغياب اجراءات الامن والسلامة المتبعة عالميا .

نستطيع ان نلخص الموضوع بان العسكرة هي الغالبة على الساحة العربية وان الاقتصاد والعقوبات الاقتصادية اصبحت رديفة للعمل العسكري , الاعلام اصبح ذراعا للعسكرة وليس مستهجنا ان نرى اعلاما يساعد الارهاب العسكري ويدافع عنه .المستهجن ان يكون وطننا العربي اليوم كما كان دائما مستهدفا في الماضي من الرومان واليونان والفرس والمغول والصليبيين وهو مستهف اليوم من اكثر من جهة ونتركه نهبا للغزاة والطامعين وميدانا لتجارب اسلحتهم وسوقا لتجار ذلك السلاح وان يقوم العرب بحروب وكالة ظالمين انفسهم لان هذف تلك الحروب منفعة اعداءهم ولا نفع يرجى منها لهم . العسكرة المأمولة للعرب لا تجدي نفعا الا اذا انسجمت انماط الحياة مع تلك العسكرة وتخلى العرب عن الرخاوة واللامبالاة والخروج من شهوة الاستهلاك والاعتماد على الاخرين في اسباب معيشتهم وان نعيد النظر في هويتنا الوطنية العربية الشاملة كما تعيد النظر في ذلك الامم الحية كامريكا مثلا كما اسلفنا وان نتخلى عن الوطنيات الضيقة الاقرب الى القبلية والطائفية . علينا ان ندرك ان ما نضحي به من ارواح وممتلكات وخسائرمادية ومعنوية تكفي لا حراز تفوق على كل عدو مهما كان حجمه ,وان ما نملكه من سلاح نستطيع به اثبات ذاتنا كمدافعين عن وطننا المترامي الاطراف ومتعدد التضاريس الطبيعية التي تمنحنا درعا دفاعيا لو احسنا التصرف والادارة .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-12-2015 07:00 PM

اخي ابا محمد:انت تنفخ في قربة مخزوقة ,العالم العربي ما زال يعيش تحت حكم العسرك,هؤلاء لم ياتوا نتيجة لانتخابات نزيهة,وحتى لوكان بعضها نزيهة فان النتائج لا تتغير كثيرا,عشنا وما نزال على سيف عنترة ورضيع ابن كلثوم,بل ونبحث باستمرار عن بطل لا وجود له.العسكرة لا تتم الا باستلهام الجيش الانكشاري الذي احتل نصف اوروبا والشرق الاوسط برمته,فهل تقبل شعوبنا المتخلفة مثل ذلك النمط؟الطائفية والقبلية والجغرافيا لا تزال تسيطر على الغالبية العظمى من بلاد العرب,والتبعية للقوى الكبرى يراها حكامنا حبل النجاة

2) تعليق بواسطة :
07-12-2015 08:35 PM

تحية وبعد
سمعت في المثل الذي يقول ( يداك اوكتا وفوك نفخ ) مناسبته ان رجلا اراد قطع سطح مائي مستعينا بقربة نفخهابفمه ووكاها بيده وفي الاثناء ارتخى الوكاء وتسرب النفس وبدأ يغرق ويستغيث فجاءه الجواب يداك ....

من منا ياأبا منذر لا ينفخ في قربة مخزوقه اليساري ام اليميني المسلم ام الملحدالغني ام الفقير المتفائل ام المتشائم والدليل ان الكل يغرق ويستغيث
الكل يكرر كلماتك وفي كل مناسبة ويصف حالنا بما وصفت واكتفينا بالوصف الممل فاين علمك وتجاربك وعلم الاخرين والم يحن الوقت لرتق القربة وسد خزقها؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012