أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025


عمالقة الاردن عبر التاريخ

بقلم : د .احمد عويدي العبادي
07-12-2015 12:10 PM
المتمعن في تاريخ الأردن عبر خمسة الاف سنة يجد ان ارضه وارحام نسائه لم تبخل يوما بإنجاب قادة وملوك عظام وامراء وعلماء وفقهاء وسادة عبر التاريخ، وكلما حسبنا ان أحدا لن يظهر انتجت الأرض الأردنية وارحام الاردنيات رجالا يتفوقون على من سواهم في عصرهم رغم محاولات بخس الأردنيين حقوقهم واشياءهم ممن احتواهم وحماهم وبعض العاقين من أبنائه، كما ان كثيرا من كتاب التاريخ الحديث أصيبوا بالعمى السياسي فلم يبصروا الكنوز الوطنية.

فقد كان الملك الأردني الملك حدد/ هدد بن بداد/ بدد ملك المملكة الأردنية الأدومية، (قبل ثلاثة الاف وخمسمائة سنة) وهو أعظم ملك في تاريخ الأردن بدون منازع وهو اول من وضع الفكر الوطني للحركة الوطنية الأردنية القائم على الشرعية والهوية والوطنية ورفض المحتل والاحتلال, وكافح لتحرير البلاد منهما , والاهتمام بازدهار الأردن ورفاهية الأردنيين وهي مبادئ الحركة التي بقيت عبر العصور وان تم إعادة انتاجها في كل عصر حسب مقتضياته , وكانت المملكة الأردنية الأدومية اول من كرس مبدا انتخاب الحاكم من الملك الى الوالي الى سائر المناصب المتقدمة.

الملك حدد بن بداد/ بدد كان صاحب أكبر واقوى اسطول بحري في العصر القديم وهناك نظريات تقول انه اول من اكتشف الأميركتين والقطب الجنوبي وسواحل افريقيا شرقا وغربا وجنوب شرق اسيا، قبل أكثر من ثلاثة الاف سنة ونصف الالف، وأشار اليه القران الكريم في سورة الكهف؛ (الآية 79). وبلغت الأردن زمنه أوسع مساحة عرفتها في التاريخ تزيد على 800 ألف كيلو متر مربع. وهو اول من اتخذ النجمة ذات الزوايا السبعة على العلم الأردني الأدومي، ولا تزال منقوشة الى الان على صخور السلع جنوب الطفيلة.

وظهر الملك الأردني المقاوم بولاق بن صفور ملك المملكة الأردنية المؤابية الذي قاوم بشراسة دخول بني إسرائيل بقيادة موسى عليه السلام الى الأردن وأشار القران الكريم الى اجوائه (تفسير الآيات 175-177 من سورة الأعراف) وذكرته التوراة وكتب التفاسير الإسلامية بالاسم.

وظهر الملك الأردني جالوت ملك المملكة الأردنية العمونية وأشار اليه القران الكريم بالاسم ثلاث مرات (من اية 249-251 سورة البقرة)، وأشار الى قوته وشدة باسه وضخامة جيشه وشجاعة الملك نفسه وانه كان يتقدم جيشه في المعركة، وان داود هو من قتله بإذن الله وليس شجاعة من داود ولا جبنا من جالوت.

وظهر الملك الأردني المحرر المطهر للأردن من الاحتلال وهو ميشع ملك المملكة الأردنية المؤابية الذي خلد انتصاراته على حجر ميشع الموجود الان في متحف اللوفر بباريس ورايته شخصيا هناك.

وظهر الملك الأردني الحارث الرابع ملك المملكة الأردنية النبطية الذي اكتمل زمنه نحت البتراء بعد عمل دؤوب استمر زمن الحوريين والأدوميين والانباط، على مدى الفي عام، وحول الحارث الرابع الأردن الى دولة واسعة الارجاء كثيرة الرخاء تحمل شعلة الحضارة والنضارة والازدهار وخدم الأردنيين ورفع من شانهم وسمي خادم شعبه وباني بلده.

وظهر أيضا الملك الأردني عوج بن عناق ملك المملكة الأردنية الباشانية الذي تصدى لليهود وحفلت التوراة بالحديث عنه كثيرا لشجاعته ووطنيته ورفضه الاحتلال الخارجي للأردن، وكان سريره من الذهب بطول 12 مترا حسبما تذكر كتب اليهود.

وظهرت من الأردن الملكة الأردنية المغفور لها الملكة بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر، ملكة المملكة الأردنية السبئية / الأدوماتية، وكانت عاصمتها الجوف / أدوماتو / دومة الجندل، وهي رحمها الله أعظم ملكة في تاريخ البشرية في العالم اجمع عبر كل عصور البشرية بدون منازع وبإجماع المؤرخين، وأشار اليها القران الكريم والى حكمتها وجمالها وقوة مملكتها الأردنية في سورة النمل (اية 20-44) وقد كتبت شخصيا عنها بحثا تاريخيا مطولا، وقد أشار اليها كتابا العهدين القديم والجديد.

وظهر من الاردنيات المغفور لها قطورة بنت جيثرو المدياني الجذامي حفيد النبي شعيب عليه السلام وهي زوجة سيدنا موسى عليه السلام وأشار اليها القران الكريم في سورة القصص (اية 23 – 29)

وظهر من الأردنيين الملك الحارث الغساني وبقية ملوك الغساسنة والملكة ماوية اخر ملكات الانباط وكانت عاصمتها السلط

وظهر الأردني الصحابي الجليل دحية الكلبي الذي كان سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام يتمثل به عندما يأتي على هيئة البشر الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وظهر الأردني الشهيد زيد بن حارثة الكلبي الأردني حب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو الصحابي الوحيد المذكور بالقران الكريم بالاسم (سورة الأحزاب ابة 37) وفروة الجذامي والنبي أيوب عليه السلام( مذكور في القران الكريم في سور الأنبياء والانعام والنساء وصورة ص ) ، ولقمان الحكيم ( سمى القران سورة باسمه وهي رقم 31 ) والمجال لا يتسع لكثرة النساء والرجال الأردنيين الذين صنعوا التاريخ وان أنصفهم التاريخ القديم وكتاب السيرة , وظلمهم كتاب التاريخ الحديث، وكثير منهم ذكرهم القران الكريم والتوراة بالإشارة او العبارة.

ان اكثر ظلم وقع على رجالات الأردن هو ما وقع عليه في القرن العشرين حيث غض من أسموهم :المؤرخين الطرف عن بطولات ووطنية الأردنيين بعامة ورجالاتهم بخاصة , ومن الرجالات الأردنيين العظماء : إبراهيم الضمور الغساسنة وزوجته الشيخة علياء اللذان قدما فلذتي كبديهما ضحية لإنقاذ الكرك من احتلال إبراهيم باشا الالباني , وإسماعيل الشوفي المجالي اول شهيد اردني على اسوار القدس من اجل قضية وطنية اردنية , والشهيد كايد مفلح العبيدات اول شهيد اردني على ارض فلسطين في القرن العشرين , وماجد العدوان وكليب الشريدة وراشد الخزاعي وقدر المجالي ومحمود بن طه الضمور وعودة أبو تايه وطراد بن زبن والشهيد حتمل بن زبن ودريبي بن زبن والشهيد سعد النزال الطواهية العبادي اول ثائر ضد الإدارة الانتدابية وتم إعدامه ميدانا بالمداهمة في مطلع القرن العشرين , ومئات الرجال والنساء من الملكة بلقيس الى الملكات خلدو/ خالدة وحنون / حنان ( زوجتا الحارث الرابع الملك الباني ), وماوية ملكة ايبريا الأردنية اخر ملكة اردنية نبطية والشيخة مشخص والشيخة بندر المجالي اول سجينتين سياسيتين في قضية وطنية في العالم العربي .

ولم تجف ارحام الاردنيات ولا التراب الأردني عن انتاج قادة عظماء، لان الأردنيين شعب عظيم والشعب العظيم ينتج القادة العظماء، يقدمون ارواحهم ضمن سلسلة من البطولات والتضحيات التي لا تنقطع رغم الأذى والاضطهاد وبخس الأردنيين حقوقهم واشياءهم وبطولاتهم.

ضمن هذه الكوكبة من العظماء يحتل المغفور له الشهيد وصفي التل مكانه بامتياز، وهو ابن شاعر الأردن الخالد عرار. وإذا كان إسماعيل الشوفي تم إعدامه على اسوار القدس، ونال كايد العبيدات الشهادة على ثرى فلسطين، وقدر المجالي تم إعدامه بدمشق، وسيق الابطال الأردنيين الى المقاصل في القاهرة ودمشق وإستانبول عبر التاريخ وتم اعدامهم هناك، فان وصفي التل قد لقي الغدر في القاهرة فخسر الأردن طودا شامخا ورجلا نزيها وطنيا مخلصا ضمن ما خسره من رجالاته عبر التاريخ.

ان أعداء الأردنيين يسعدون كثيرا عندما يروننا نلطم الخدود ونشق الجيوب ونبكي على الاطلال وعلى الرجال بلا انقطاع، لأنهم لا يريدون لأية قيادة اردنية وطنية جديدة ان تظهر، وهم يتمنون علينا ان نقف ونندب حظنا وحظ الأردن على اننا وطن مقفر من القيادات التاريخية الوطنية، وان ابطالنا موتى جميعهم، وأننا بانتظار ان يقوم أي بطل من هؤلاء الذين لقوا ربهم وافضوا اليه بما قدموا لينقذنا مما نحن فيه، ولن يقوم ميت قبل يوم القيامة.

لقد ادوا دورهم مشكورين وان البكاء عليهم يعتبر هروبا من البكاة عما عليهم من رسالة حياة ودور وواجبات تحتم عليهم ان يسلكوا طريقا اخر وهو بناء قيادات جديدة كل في جيله، فهناك قيادات اردنية لا تقل عن هذ القيادات التاريخية فكرا وشجاعة ونزاهة ووطنية وشرعية وهوية، ولكنها قيادات مضطهدة مثقلة بالركام السياسي والأمني ممنوع عليها التنفس، ولكنها ستظهر ذات لحظة دون سابق انذار وخارج التوقعات.

ففي كل جيل يوجد حدد وبولاق وميشع والحارث الرابع وبلقيس وماوية وخالدة وحنون وقطورة وعلياء ومشخص، وطراد وعودة وحتمل ودريبي وسطام وقدر وماجد وكايد وعرار ووصفي، وسعد النزال الطواهية العبادي وصايل الشهوان ومبارك أبو يامين العبادي.

وكما قال الله سبحانه: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (البقرة 134)

وقال سيدنا أبو بكر رضي الله عنه عند انتقال سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم الى جوار ربه: (ألا من كان يعبد محمدًا، فإنّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت)

ونقول: ان البكاء على الاطلال والأموات لا يعيدهم الى الحياة وانما يأخذ الاحياء الى موت الهمة والطموح، وما على الأردنيين الا ان يشرعوا من جديد وان يتوقفوا عن البكاء والعويل على الاطلال، وان يشمروا عن سواعد الجد لصنع امجاد وقيادات جديدة من تاريخ الأردن لكي يستمر ويستقر، فأرحام الاردنيات لم ولن تجف، فنحن قوم إذا مات منا سيد قام سيد، ولا نبكي على الاطلال. وعلينا ان نترك البكاء الى البناء. وكفانا بكاء على الاطلال

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012