أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025


صناعة الطغيان 1/2

بقلم : سالم الفلاحات
08-12-2015 02:18 PM
الطاعة الغافلة
تستغرب كيف يصل البعض إلى القيام بعمليات لا تجد لها تفسيراً، وكيف يقوم إنسانٌ سويٌّ نيابةً عن الغير بهذه الأعمال، وهل نسي العقوبة التي يمكن أن تطاله ولو بعد حين، وهل نسي القيم، وهل نسي الحلال والحرام وهل نسي الإنسانية، بحيث يصل إلى مرحلة يمكن أن نُسميها الطغيان.
فكيف تُصدَّقُ شائعات بلا دليل وهي غير قابلة للتصديق، والأسوأ من تصديقها اتخاذ موقف قاس منها، والأسوأ منهما القيام بفعل إجرامي ومحرم شرعاً وعرفاً.
كيف يصل الجلاد إلى القناعة للتنكيل بشخص مثله دون أن يعرف شيئاً عن جريمته ؟
كيف يصل السيَّاف إلى قطع الرؤوس كأنما يقطع حبة فاكهة ولا يرف له جفن ؟
كيف يصل الإنسان إلى إصدار حكم دون أن يكون مقتنعاً به ؟
لكنّ علماء النفس والاجتماع والسياسة توصلوا لتفسير هذه الظاهرة، وربما قدموها وصفة للطغاة حتى يحققوا طغيانهم، لكن يظهر أن من توقف عند الظاهرة منا قليل قليل.
لقد فاتنا نفع عميم كبير لقصر قراءاتنا وثقافتنا واطلاعنا ومناهجنا في التكوين على المصادر الإسلامية بل والحزبية الخاصة من مصادر التنظيمات نفسها، وقلما تجد حتى أدبيات جماعات أخرى في مكتبة داعية في جماعة ثانية وحتى عندنا في جماعة الإخوان المسلمين - إلا ما ندر..
لفتني أحد الإخوان قبل عقدين ونيف من الزمن على الأقل قائلاً: لِمَ تحبس نفسك وأنت كثير الإطلاع وشغوف بالقراءة على المصادر الإخوانية والإسلامية وتحرم نفسك من الكتب الأجنبية وبخاصة أنَّ عملك لصيق بالتعامل البشري الإنساني في التربية والتكوين، وهذه علوم تدرس في الجامعات ؟ فأين أنتم منها في مناهجكم ؟
لكنّي بصراحة أعرضت عن نصيحته، وربما اتهمتها بأنه يريد مني أنْ أهجر الأساسيات والمصادر الأصلية والمعتمدة والموثوقة إلى دراسات لا تُعرف أهدافها ومراميها وربما يقصد بها حرفنا عن مسارنا الإخواني وتخترقنا!!
اطلعت مؤخراً على دراسة مترجمة مصورة ناطقة بهذا الشأن، كأنها تقرأ حالنا نحن الإسلاميين في بعض الجوانب، وكأنَّها دراسة معدة لنا نحن خصيصاً، وما أجدرنا بالإطلاع عليها.
وهي تفسر ما بداخلنا أحياناً ولا نجد له جواباً علماً أننا بناءً على ما ذكرت سابقاً لكن البعض سيقول: إنَّ القياس مع الفارق ولا مقارنة بيننا وبين ما تذكر، والدراسة تتحدث عن الخطوات الخمس لصناعة الطغيان:-
الخطوة الأولى: تقسيم المجتمع إلى نحن وهم، ولا يتوقف هذا على تقسيم المجتمع الواسع، إنما تقسيم المجتمعات حتى الفئة الواحدة أحياناً لتصبح نحن الأصدق والأحكم والأنفع والأقدر ونحن أصحاب الحق نحن المتفوقون، وهم لا شيء هامشيون، جهلة، أصحاب هوى يحبون السلامة، يحبون الزعامة، جبناء، جهلاء... إلى آخر الأوصاف السلبية التي ترد في الذهن.
وفي فريق (نحن) نرى القذاة في عين الآخر ولا نرى الجذع في عين نفسنا مطلقاً، تماماً كما يرى الجمل رقبة الفرس عوجاء جداً تستحق السخرية بينما يرى رقبته مستقيمة تماماً.
وأنظر حولك الآن في أكبر المجتمعات وأصغرها هل تجد هذه الحالة ؟
(نحن وهم) تخترق الدول والدعوات والأحزاب أيضاً وتسبب لها المصائب، (ونحن) تمثل السلطة أي سلطة التي تصنع الطغيان أو ما يشبهه في المحصلة، هل (نحن وهم) تشملنا أم لا ؟
الخطوة الثانية: وجوب طاعة الأوامر: وكل فريق يسميها ويسوغها بطريقته .. طاعة ولي الأمر الطاعة العسكرية، الطاعة الحزبية، طاعة القانون، طاعة البيعة والالتزام، ونسميها نحن الإسلاميين السمع والطاعة في المنشط والمكره نفذ ثم ناقش ونلبسها ثوب طاعة الخلفاء الراشدين وتجعلنا نحن الذين عنانا الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (... أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة في المنشط والمكره، وعلى أثره علينا وأن لا ننازع الأمر أهله...)، مع أننا مئات الحركات الإسلامية ولها شيوخها وأمراؤها وبيعاتها والتزاماتها، فماذا لو قرر أحدنا ان ينتقل من جماعة إلى أخرى فهل يجوز ذلك بهذا الفهم ؟
ومع أن معظمنا يقول: نحن لسنا جماعة المسلمين، إنما جماعة من المسلمين، ونقول: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، ونقول: كلٌّ يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم، والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، بينما عملياً يفسد الود وحتى الإنصاف وحتى كف الأذى عند أول اختلاف قبل أن يصبح خلافاً يا للهول ؟!
ولكن لماذا يعمق المسؤولون في العادة ويتكئون عليه في موضوع الطاعة ليكون سيفاً مصلتاً على الرقاب طاعة، مبصرةً أو عمياء على حد سواء ؟ من حيث يدري الفرد أو لا يدري وما سرها وكيف يستجيب لها ؟
يفسرها علماء النفس على نطاق الدول أنها للحرص على تحقيق المصالح والارتقاء في الوظائف، والخوف من العقاب أو العتاب واللوم والتأنيب، ويجب التدقيق عند الجماعات الإسلامية ودراسة أبعادها وأسبابها الحقيقية وعدم الإتكاء على أنها للعبادة والطاعة.
وتلحظ أن الطاعة المطلقة تزداد كثيراً كلما انخرط الفرد في العمل التنفيذي وزيراً أو مديراً أو مسؤولاً و....، فتقل مساحات استقلاله التأملي والفكري في نوع المهمة والأداء فلا وقت لديه... وهكذا يحب أن يكون الكل من حوله على طاعة تامة مطلقة لينفذ المطلوب منه، حتى لو تمتم بشأنها بينه وبين نفسه أحياناً ووجد أن بعضها لا يوافق عليه أو هو غير مناسب أو غير واقعي أو مرجوح، وسرعان ما يتهم نفسه بجهله للحقائق، ويعود إلى الثقة المطلقة، والطاعة المطلقة والتي يسميها علماء الاجتماع بالطاعة العمياء وهي بدايات صناعة الطغيان.. وربما تُجمَّل وتحسن وتشذب عند الإسلاميين وهم بين اليمين وأقصى اليمين منها، فمن طاعة الولي الفقيه.. إلى الطاعة بمستوى استسلام الميت بيد الغاسل، إلى الطاعة التي يحظى بها أمير المؤمنين في العهد الراشدي مع إغفال شرائطها وكيفية تطبيقها ومستلزماتها وحدودها وإني هنا أتحدث عن ظاهرة مرضية خفية عامة لا تقتصر على فئة أو فريق أو مرحلة زمنية ولا يصح استمرارها والسكوت عنها دون تصويب، وللمقال بقية إن شاء الله.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-12-2015 02:46 PM

نتمنى على استاذنا الفاضل ان يدخل وبأختصار الى صلب الموضوع لا ان يأخذنا دوما الى اسباب حرب البسوس والحروب الصليبسيه وما بداخل الصدور والصدور وما فيها لايعلمها الا الله عز وجل وعدم ادانة هتلر او الدفاع عنه

2) تعليق بواسطة :
08-12-2015 03:03 PM

وانتم أيضا مارستم الطغيان والخداع جلستم على صدور المسلمين أكثر من 80 عاما تعدوهم وتمنوهم وتخطبون الخطب الناريه وتحمسون الناس بإقامة الدوله الاسلاميه والمجتمع الإسلامي وانتهى بكم الأمر إلى مقعد أو اثنين في البرلمان ثم خلافات ثم انفلاش الجماعه
انتم وقفتم طوال ال 80 عاما سدا منيعا أمام إقامة
الدوله الاسلاميه وواصلتم تخدير الناس وتحالفتم مع الانظمه سرا وعاديتموها علنا !!

3) تعليق بواسطة :
08-12-2015 03:46 PM

أرى أن تعرض جماعة الإخوان إلى المحاكمه وتنشر تفاصيل جراءمهم التي مارسوها بحق المسلمين على الناس
أجمعين ونزع القناع الديني عنها وفضحهم بكل المحافل
(هؤلاء من كذبوا على الله )وتاجروا بدينه وخدعوا المسلمين وأخذوا أموالهم بغير حق .
هذا هو الجذع في عين البعض الذي لايراه

4) تعليق بواسطة :
08-12-2015 08:29 PM

قرأت المقال مع وقفات عند بعض الجمل والنتيجه التي خلصت اليها تجعلني أتمنى على كل من تقع عيناه على المقال أن يفرأه بتجرد ورويه وبالتأكيد اذا فعل ذلك سيحصل على فائده ويوسع افق نظرته للأمور من حواليه
أشكر الاستاذ سالم الفلاحات على هذا الجهد الطيب لكل من يقرأه

5) تعليق بواسطة :
08-12-2015 08:48 PM

ناسنا عايشين على هامش الحياه وهيك بدها اسرائيل

6) تعليق بواسطة :
09-12-2015 07:39 AM

نعتذر

7) تعليق بواسطة :
09-12-2015 10:25 AM

الاستاذ سالم الفلاحات شيخ فاضل ورمز وطني شريف ومثله الدكتور عبدالحميد القضاه ورفاق مسيرتهم .
لست من الاخوان المسلمين ولكن حظيت بحضور اجتماعات بمعيتهم رسخت بقناعتي انهم اصحاب مشروع يخدم الامه .
كل ما نتمناه ان يتم الاهتمام بالهويه الوطنيه الاردنيه كأولويه . والوقوف بوجه محاولات طمس الهويه الوطنييه الفلسطينيه بذريعة الوحده الوطنيه .. وما اجملهامن وحدة وطنيه لولا انها حاليا تخدم المخططات الاسرائيليه .

8) تعليق بواسطة :
10-12-2015 01:59 PM

احيلكم جميعا الى كتاب " احجار على رقعه الشطرنج " التطبيق العملي لبروتوكولات حكماء صهيون للكاتب وليام جي كار - وستشيب الرؤوس للحقائق والمعلومات التي به وسيجيب عن كل الاسئله التي يطرحها نصف مليار عربي ومثلهم من المسلمين - القادم اعظم حسب البرتوكولات هذه

9) تعليق بواسطة :
10-12-2015 06:14 PM

هذا الكتاب قديم ويوجد على غراره وأقوى بكثير لكن كتابها يحاربون وشعبنا لا يقرأ ومؤسساتنا المدنية لا تتابع هذا المسائل حتى تسوقها . ولكني لم أوفق في ايجاد رابط بين المقال والكتاب

10) تعليق بواسطة :
10-12-2015 09:44 PM

مقال رائع ودسم ...............................
شكرا أ.سالم الفلاحات

11) تعليق بواسطة :
10-12-2015 10:07 PM

مهلا .. الكتاب الذي ذكرته قديم وهو كتاب شيطاني
ليس له على المؤمنين سبيل ويقول عز وجل ( أن كيد الشيطان كان ضعيفا ) لو أن شياطين الأرض كلهم وشياطين الإنس أجمعين كادوا المؤمنين لن يضروهم إلا بأمر الله فلا يشيب شعرك لكيدهم نحن أقوياء بالله وان الله يدافع عن الذين آمنوا .

رفعت الأقلام وجفت الصحف .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012