أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025
الأربعاء , 22 كانون الثاني/يناير 2025


صناعة الطغيان 2/2

بقلم : سالم الفلاحات
13-12-2015 12:11 AM
ذكرنا في المقال السابق خطوتين من خطوات صناعة الطغيان هما: تقسيم المجتمع إلى نحن وهم، والثانية طاعة الأوامر.
أما ما تستفيده من علم الاجتماع وعلم النفس في هذا الموضوع وهو نهايات الطاعة المطلقة، وهو جدير بالتوقف ومصارحة الذات فيقولون:- أن الفرد في المجموع العام يشعر أولاً بجهله مقابل علمهم، وضعفه وفرديته أمام جمعهم، وتواضع إمكاناته أمام خبراتهم وقدراتهم.
إنه يشعر بسطوة المجموع وهيمنته، لذا فمن الأسلم له الابتعاد عن صدامهم، ولئلا يدفع ثمن مخالفته كبيراً ولئلا يعاب عليه التخلي والتراجع ويوصم بالخوف والنكوص ونقض العهد و....
إذن فعندما يكون جزءاً من (نحن) المقدسة بينما (هم) الأنجاس وأصحاب الأجندة الخارجية... إلى نهاية الأوصاف الشيطانية، ويصبح يشعر أن طاعة مجموع (الأنا) خير كلها، ولازمة لا محالة ومن مستلزمات الوطنية والانتماء والدين والعبادة، وأنْ (لا) خسارة ومغامرة لا يطيقها، وأن الحماية في مظلتها فقط، وأن أخطاءها مهما كانت يجب أن تكون مغفورة لتحقيق المصلحة الكبرى، فيمكن الآن أن يوجَّه لتسجيل نقاط جديدة في مرمى الـ (هم) لصالح الـ (أنا) أو (نحن) حتى لو لم يقتنع بكثير منها، فلعل حكمةً غابت عنه ولا يعرفها إلا أولوا الأمر عنه وليس من المصلحة أن يطلعوه عليها وهي الخطوة التالية.
الخطوة الثالثة: والتي تتلخص في إلحاق الضرر بالآخرين، والآخرون هنا تتراوح بين فئة من يخالف (الأنا) الرأي، ويجتهد بأسلوب آخر، أو يتخلى عن التبعية ويغادر المجموع لسبب أو لآخر وينتقد (الأنا) أو حتى لو لم ينتقدهم فقد ارتكب جريمة التفكير المستقل المخالف، وعندنا أن الاجتهاد في غير النص الشرعي القاطع ذي الدلالة القطعية محمود ومأجور أصاب صاحبه أو أخطأ.
وتنفيذ إلحاق الضرر بـ (هم) يتدرج بين الاتهام أو الحرمان أو الأذى الجسدي أو يتجاوز ذلك.
· وهنا يستخدم سلاح التبرير بأنواعه التبرير العلماني، التبرير الغرائزي، التبرير الوطني، التبرير الشرعي، التبرير المصلحي، التبرير الحزبي، التبرير الدعوي...
· فلا مانع من شيطنة الآخر حقيقة أو حتى من باب (الاحتياط الاستباقي) بحق أو باطل (فنحن أو الأنا في معركة وجود!!)، وهذا مشتهر عند الدكتاتوريين بأنواعهم على مدار التاريخ.
· ولا مانع من الكذب لتحقيق الغاية العامة للمجموع (للأنا المقدسة) بل ويصبح الكذب فضيلة أو ضرورة، ومن أجل حماية الأنا والتي هي مبتغى الهدف الوطني والغائب المنتظر بل والمهدي المنتظر..
الخطوة الرابعة: وبعد هذا التسلسل الهادئ المتدرج والمستغرق لوقت طويل مع الفرد يصبح مألوفاً ومحموداً وعادياً ولا يستدعي المراجعة ويصبح الفرد جزءاً من المنظومة وسناً في دولابها لو توقف لأنكسر وتحطم.. حتى إنْ طُلب منه ما يخالف قناعته بل ويصدمه بقوة وجعله يتردد، قيل له: حدد موقفك واستجب وإلا تنحّ جانباً، أو سننحيك نحن وسترى ما يجري لك.. وفي الأنظمة الحديدية قد يصفى المتردد ويتهم بالانتحار – أو ما دون ذلك التشويش والاغتيال الشخصي.
وفي هذه الحالة تكون الأنظمة والجماعات أشد عداء للمخالف لها، والمنتقد لمواقفها، أو المنشق عنها، أشد عداءً مع سواه، وتتعامل معهم بقسوة أعظم لأنها تستشعر خطرهم عليها.
وخوفاً من الوصول إلى هذه الحالة وربما عمد كثيرون إلى الصمت والسلبية أو حتى تنفيذ كل المطلوب مهما كان مخالفاً للقناعات وبأعلى المستويات، لأن الرفض مكلف معنوياً ومادياً وقد لا يقوى عليه، من هنا نرى قيام البعض بمهام قذرة جداً قد تصل لمرحلة التصفية الجسدية للآخر.
وعند تعمق مفهوم (نحن) المقدس (وهُمْ) الشياطين – كثيراً – والطاعة الواجبة والاستعداد لتنفذ ما لا يقتنع به الفرد للأسباب السابقة تصل إلى المرحلة التالية.
الخطوة الخامسة والأخيرة:- وهي مرحلة الإبادة (والعياذ بالله)، وعندما تملك القيادة السلطة المطلقة وتكون جميع أدواتها النفسية والثقافية والمعنوية والمادية بيدها تبدأ عملية الإبادة والتطهير أو الطغيان والتسلط.
ويتم من كبار (المشاغبين) والمعارضين والمنتقدين و... ومن غيرهم بالقوة ومن يتجانس معهم في التفكير إمَّا جسدياً أو من إمكانية تأثيرهم في المجتمع، أو معنوياً.. وتحويل البقية إلى (قطيع منسجم متجانس!!!) في سلوكه ومواقفه وإرادته وذوقه، وتهيمن فكرة التطهير لتحقق الطهارة للأمة، للدولة، للكيان الاجتماعي أو السياسي من الـ (هم) الفاسدين المجرمين الخوارج المتطرفين المفرطين الـ......
ويتم إقصاؤهم عن مواقع التأثير وحرمانهم وتشويههم – وليشهد عذابهم طائفة من المؤمنين أو المراقبين في المجتمع، وليكون لهم في القصاص حياة وهكذا يتحقق الطغيان بهذه الخطوات الخمس المذكورة وقد تحرق بعض المراحل عند اللزوم.
إذا نظر الإنسان العادي السوي، والمسلم الواعي المبصر إلى الوصف السابق استنكره واستهجنه وظنه فقط في عهد الفراعنة وإرم وثمود والدول الحديدية في القرن الماضي فقط.
ولكنه إن دقق النظر وتخلص من المؤثرات الجانبية والعواطف وجده على مقربة منه أو في داخل بيته الكبير!!
فهل ننتفع نحن بعلم غيرنا في العلوم المحايدة ونعرض أنفسنا على التجارب البشرية المدروسة أم أن نبقى بنعمة التفوق والكمال والخيرية التي لا تعتريها شائبة ؟

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-12-2015 09:55 PM

نعتذر

2) تعليق بواسطة :
14-12-2015 06:33 AM

ابو هشام ودك اتشرق عوادي الحبيس الله واعلم دورك انتهى

3) تعليق بواسطة :
14-12-2015 09:18 AM

احترم هذا التفكير والتحليل المنطقي للكاتب بغض النظر عن الخلفيه السياسيه للكاتب المحترم

4) تعليق بواسطة :
14-12-2015 10:53 AM

من علامات الخير القادم للامه أن شالله اندثار جماعة الإخوان وإغلاق ملفهم للأبد .

5) تعليق بواسطة :
14-12-2015 11:44 AM

من وضع دم المسلم
في براميل الماء , وتوضأ بدم المسلمين
لن تطهره ثلوج القطب الشمالي والجنوبي
وبراد الجنه
تطهير من توضأوا بدم المسلم
نار جهنم
دماء المسلمين ممن قتلوا على يد الوهابيه والإخوانيه من مئة عام ولليوم
تصرخ وتستجير برب العرش العظيم
تستغلون الإسلام من أجل أهدافكم السياسيه الدونيه
وتقتلون أبناء أمتنا العربيه برصاصكم , وعند عدو الله وعدونا للتوضيح اليهود يطبب مجاهديكم نتنياهو وأنتم له من الشاكرين والحماة والرعاة لنصر إسرائيل
أتقوا الله
عودوا لله
إن الله يمهل ولن ولم ولا يهمل

6) تعليق بواسطة :
14-12-2015 07:41 PM

ما هي الخلفية السياسيه التي تتكلم عنها وهل هي خلفية الأسد او ايران او السيسي وهل هي خلفية سياسيين وحزبيين يباعو ويشتروا وهل هي خلفية الفاسدين . سيدي هم أنظف الناس وانظف السياسيين . هل من مجيب على سؤال وهو لماذا هم الوحيدون الذين لهم قاغده شعبيه رغم ضغط الحكومات ومحاصرتهم

7) تعليق بواسطة :
14-12-2015 10:38 PM

اولا - يا اخي الفاضل انا لست من هواه المناكفات والتزم دائما بادب الحوار وبامكانك مراجعه كل تعليقاتي من خلال هذا الموقع المحترم للتأكد من ذلك واحترم اراء الاخرين مهما اختلفت معهم.
ثانيا - سامحك الله فانا لست مع رئيس يقتل ابناء شعبه ويشردهم ولي موقف معلوم من هذا ، ولست من مؤيدي الانقلابيين في كافه اقطار الوطن العربي
وانا لست ضد ايران بالمطلق فانا ضد تدخلهم في سوريا والعراق واليمن ولكني احترم واقدر عاليا موقفهم من العدو الاسرائيلي ، اما موضوع الفساد فانا انسان امضيت جل عمري في الغربه

8) تعليق بواسطة :
14-12-2015 10:53 PM

ولم اتقلد اي منصب او وظيفه عامه ولله الحمد وكذلك ليس لي اي انتماء سياسي او حزبي وذلك راجع لعدم قناعتي بمعظم السياسيين وليس بسبب القاعده الفقهيه ( من تحزب فقد خان) .
ثالثا -ما اعحبني في المقال بانه يمثل نقدا ذاتيا متاخرا لاكثر من 70عاما قبل ان يكون رساله للانظمه العربيه حتى وان كان ينطبق عليها ايضا .
رابعا -انا ضداستخدام الدين لتحقيق مأرب سياسي ومن هنا جاءت الشعبيه فنحن جميعا والحمدلله مسلمين ويستغل تدين الناس لتحقيق اهداف سياسيه للبعض ويتم تكفير من لم ينتخب فضيله الشيخ لانه يمثل الاسلام

9) تعليق بواسطة :
14-12-2015 11:11 PM

لانه يمثل الاسلام .
رابعا- بكل احترام ارجو ان تسمح لي بالتحفظ على عباره( هم انظف الناس وانظف السياسيين ) فالتجربه خير برهان ولااسمح لنفسي باستعراض قائمه طويله من الاسماء التي فشلت في اول تجربه عمليه وخالفوا مبادئهم عند اول تجربه عمليه وكانت اسمائهم مليء السمع والبصر مع العلم بان عددا كبيرا من قياداتهم هم اناس اجلاء نقدرهم ونحترمهم ولا نهضمهم حقهم.
خامسا - اما موضوع( ضغط الحكومات ومحاصرتهم ) عبر تاريخهم كانوا الحزب او الجماعه الوحيده المدلله والمسموح لها بالعمل السياسي ومن هنا ايضا جاءت شعبيتهم

10) تعليق بواسطة :
14-12-2015 11:22 PM

فيما منع غيرهم من ممارسه العمل السياسي وهم الان يشربون من نفس الكاس الذي طالما اذاقوا غيرهم منه .
ومع ذلك فانا ضد حظر او منع ايا كان من ممارسه العمل السياسي .
وكذلك ظاهره صحيه ان تقوم الاحزاب بمراجعات لمسلكياتها السياسه ونقد الذات وتعديل المسار واجراء اصلاح ذاتي وممارسه الديموقراطيه الداخليه قبل مطالبه الانظمه بذلك .
مع احترامي

11) تعليق بواسطة :
15-12-2015 06:05 AM

كل المقصود من كلامي أن حزب الاخوان سلوكا واشخاصا أفضل من بقية الاحزاب نسبيا وبالمقارنه . واقول لك باني لست ضد اي كلمه قلتها الا مسألة الشعبيه ومصدرها
شكرا
بالنسبه لموقف ايران من اسرائيل واضح بأنها وسيله وليس هدف وبأنها تطمع ببلادنا وبالسيطرة علينا وتدعب حفا تاريخيا لها في العراق

12) تعليق بواسطة :
15-12-2015 02:16 PM

في البدايه لك مني كل الاحترام والتقدير على هذا الادب الجم في التحاور البناء واعود معك مره اخرى الى موضوع ايران فهذه دوله اقليميه كبيره ذات امكانيات اقتصاديه لا تخفى عليك ومن حقهاان تدافع عن مصالحها في المنطقه مثل اي دوله اخرى وتمكنت برغم الحصار من بناء دوله متقدمه اقتصاديا وعسكريا وطورت قدراتها التسليحيه والنوويه مما ازعج اسرائيل والعرب على حد سواء واصبح البرنامج النووي الايراني وبقدره قادر يشكل خطرا علينا نحن العرب فيما لم يكن السلاح النووي الاسرائيلي الجاهز للاستخدام منذ ستينيات القرن الماضي

13) تعليق بواسطة :
15-12-2015 02:43 PM

يزعجنا او يشكل اي خطر علينا ( سبحان الله ) والمشكله تكمن في ضعفنا وليس في قوه ايران فقد تخلينا عن العراق من قبل ومن بعد فاصبح العراق وشيعته العرب لقمه سائغه في يد ايران ،وصنعنا بايدينا عدوا لنا اسمه ايران وصديقا عزيزا اسمه اسرائيل وما زال الغرب واسرائيل يقنعوننا صبح مساء بهذا المفهوم الجديد للاصدقاء والاعداء في المنطقه مع العلم بان هذا الكيان الصهيوني مثل البرد سبب كل مصائبنا في المنطقه لان ذلك يصب في مصلحتهم ويمد في عمر كيانهم الغاصب ، لكن الصراع الايراني الاسرائيلي واقع لا محاله لسبب بسيط

14) تعليق بواسطة :
15-12-2015 02:53 PM

وهو ان اسرائيل لن تسمح بوجود قوه نوويه في المنطقه قد تشكل عليهم خطرا ولو خطرا محتملا في المستقبل .
اما موضوع شعبيه الاخوان فلا يخفى عليك اخي العزيز انهم مارسوا العمل السياسي والتنظيمي والتمويلي على مدار 70 عاما وكانوا دائما يستحوذون على وزارات محدده مثل الاوقاف والتربيه والتعليم وتمكنوا من تكوين قاعده شعبيه بالاضضافه الى استغلال العاطفه الدينيه والعمق الديني لدى الشعب المتدين بالفطره في مشروعهم السياسي عندما كانوا وحدهم على الساحه وكذلك استخدام المراكز الاسلاميه وصناديق الزكاه وغيرها وتقديم

15) تعليق بواسطة :
15-12-2015 02:55 PM

وتقديم مساعدات وخدمات اجتماعيه للفقراء وهذا بالاصل دور الدوله ومن هنا جاءت الشعبيه لهم
واعتذر للاطاله

16) تعليق بواسطة :
16-12-2015 12:36 PM

تحية الى السيد أبو مهند وتعليقاته الراقية

17) تعليق بواسطة :
16-12-2015 12:45 PM

وقفة مراجعة ولو أنها متأخرة ولكنها جريئة وتستحق الإحترام آمل أن يستفيد منها مفكري بعض الأحزاب التاريخية للمراجعة وتشخيص أخطاء أحزابهم التي اوصلت الأمة لما هي فيه والإستفادة من دروس التاريخ والإبتعاد عن سياسة عنزة ولو طارت

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012