18-04-2011 11:35 AM
كل الاردن -
مصطلح (السلفية الجهادية) مصطلح ينطبق عليه تسمية الأشياء بغير اسمها كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله:
«ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها». «صحيح الجامع» (5453) عن أبي مالك الأشعري.
فلقد انتشرت في أيامنا هذه بدعة تسمية الأشياء بغير اسمها؛ فالخمر (مشروبات روحية)، والربا (عوائد استثمارية)، و(فوائد قانونية)، والزنا والخنا (ترفيه)، والميسر والقمار (يانصيب)، والغناء والمعازف (غناء إسلامي)، والرقص واللهو (فنون جميلة)، والرسم والتصوير ـ لغير حاجة ولا ضرورة ـ ونحت الأصنام، وصنع الأوثان (فنون تشكيلية)، واعتقال الأبرياء والآمنين والتنكيل بهم (إجراءات أمنية)، وقتل وقتال الحكام والمواطنين والآمنين والمستأمنين والمعاهدين (جهاد في سبيل الله)، وتكفير المجتمع حكاما ومحكومين بالكبائر والذنوب (سلفية)، والخروج على الحكام بالقول واليد (أمر بالمعروف ونهي عن المنكر)..إلخ.
والسلفية مدرسة علمية سلاحها الكلمة الطيبة، والآية المحكمة، والحديث الصحيح، والأثر المتصل، والنص المنضبط، والأصل الأصيل، والقاعدة الفقهية الجامعة، والحكمة البالغة المأثورة شعراً كانت أو منثورة، تنتسب إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابنته وحبيبته فاطمة أم الحسنين رضي الله تعالى عنها وعنهما، وعليها وعليهما السلام:
«نعم السلف أنا لك». (مسلم (2450) عن عائشة)
وتنتسب (السلفية الصالحة) إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يودع ابنه إبراهيم عليه السلام، وبناته زينب ورقية عليهما السلام عند دفنهم بعيد الموت:
«الحق ـ و [الحقي] ـ بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون» (حسن لغيره، رواه ابن عباس وأنس والأسود).
فهي ليست حادثة، ولا طارئة، ولا فرقة، ولا مذهباً، ولا طائفةً، ولا تنظيماً، ولا حزباً، ولا طريقة، ولا جماعة دينية ولا سياسية، ولا قومية، ولا وطنية، ولا إقليمية، ولا تنتسب إلى رجل دون محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وليس لها قائد ولا زعيم، ولا أمير، ولا رئيس يتحكم فيها ويحكمها، وعلماؤها كل عالم عامل صالح تقي من أهل القرآن، والتفسير، والفقه، والحديث، واللغة، والأصول، يجمعها الفهم السليم، والقول الحكيم، والنية الخالصة، والعلم النافع المؤدي إلى العمل الصالح.
أولُ ما يسمعه السلفي حديث (الرحمة المسلسل بالأولية)، وآخر ما يُوصى به حديث (الإعانة والشكر المسلسل بالمحبة)، وبينهما يتلقى حديث (الاستعمال والتوفيق المسلسل بالحنابلة)، وبين الرحمة والمحبة والسعي للاستعمال والتوفيق يترعرع ويتقلب السلفيون.
همهم تحصيل العلم الشرعي ونشره، وتحصيله والعمل به هو الذي يقدمهم ويرفعهم، ويتحلون ويتربون بالتربية الإسلامية الزكية، محققين دعوة أبيهم إبراهيم عليه السلام:
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيم} [البقرة:129]
ويسعون سعياً دائباً لتحقيق مقصد رسالة نبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في التزكية والتعليم، والتربية والتصفية في قوله تعالى:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِين } [الجمعة:2]
يستشعرون فضل الله تعالى وَمَنَّهُ عليهم وعلى سائر الأمة الإسلامية، ويفاخرون ـ وبكل تواضع ـ بنسبتهم وصلتهم بنبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأسانيد صحيحة متصلة بثقاتِ وخيارِ وصالحي وعدول علماء هذه الأمة الخَيِّرَةِ المرحومة، ويعتزون بنسبة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم إليهم في قوله تعالى:
{لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِين} [آل عمران:164]
وإنهم ليوضحون ويؤكدون للعالمين ـ مسلمين وغير مسلمين ـ رحمتهم ومحبتهم التي تلقوها من علمائهم ومشايخهم والمتمثلة في قوله تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين} [الأنبياء:107]
ويستشرفون مستقبل أيامهم بقوله تعالى:
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون}[الأنبياء:105]
ويستعينون في ذلك بأمر الله تعالى لعبده ورسوله موسى عليه السلام في قوله تعالى:
{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين} [الأعراف:128]
ويعاهدون الله إن مكنهم في الأرض أن يكون حالهم ومآلهم ترجمة لقوله تعالى:
{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور} [الحج:41]
ويستلهمون من إيمانهم بالله وبرسالة الرسل وبعثة الأنبياء عليهم السلام قوله تعالى:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِين} [الروم:47]
هذه هي السلفية، وهؤلاء هم السلفيون، فأين هم من القوم القساة الذين يُجَهِّلون ويُكَفِّرونَ ويقتلون ويفجرون، لا يفرقون بين مسلم مسالم، ومواطن آمن، ومستأمنٍ زائر، ومعاهد معصوم!
أكرم زيادة
كاتب أردني