أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


متى يَبكي الرجال

بقلم : تمارا سالم الدراوشة
16-12-2015 01:27 PM
عندما نتحدث عن مسؤول او نستمع لحديث المسؤول ، أياً كان موقع المسؤولية الذي يَشغله ، فإننا ننظر الى جانبٍ واحد فقط ، وهو جانب النقد والإنتقاد ولا بأس ، فكما قالوا دائماً ( عين الناقد بصيرة ).
ما أُريد أن اتحدث عنه هنا ، هو الجانب الإنساني لأحد المسؤولين والذي يتقلد حالياً موقعاً مهماً أعانه الله على حمل مسؤولياته ، الجانب الإنساني هو أن هذا المسؤول وصاحب المعالي ، صَدَف أن تعرضت والدته المُسنًة الى وعكةٍ صحية شديدة ، مما دعا إلى إدخالها أحد المستشفيات الحكومية ، والتي تقع في الأطراف ، وهذا المستشفى قريب من مكان عمل وإقامة هذا المسؤول (شفى الله والدته وكل مريض ).
وبالرغم من البِطانة والحاشية التي تُحيط به ، إلا أنه رفض أن يتدخل أحد في خدمة والدته ، فكان هو من يقوم على خدمتها ، وبشكل ترى فيه عمق العلاقة بين الإبن وأمه ، وأضيف أنه كان وهي على سرير الشفاء , يُقبل يديًها ويُقبل قدميًها وهو يبكي حزناً على الحالة التي اصابت والدته ، ويدعو لها وهو يحاول أن يخفي دموعه ، مما يجعلك ترى صدق رضى الوالدين ومعنى أن الجنة تحت اقدام الأمهات .
هذا جزء من المشهد الإنساني الذي شاهدته صدفة وأنا ازور صديقة لي ترقد على سرير الشفاء ، في ذات المستشفى وبنفس القسم ، وهذا ما دفعني إلى أن اقترب من هذا الإبن الستيني الذي يُقبل أقدام والدته التسعينية ، وبعد أن قمت بزيارة والدته وتمنيت لها الشفاء العاجل ، إقتربت من هذا الإبن البار الذي لا يرى الكثيرين من شخصيته إلا الجانب الرسمي ، والذي يسعى من خلاله إلى تطبيق التعليمات وتنفيذ القوانين ، في حين يرى فيه بعض الأشخاص أن هذه التعليمات وهذه القوانين تضر بمصالحهم الشخصية فيسعوا الى إغتيال الشخصية .
المهم سألته مُباشرة وقلت له ، معاليك لم اتوقع أن ارى يوماً الجانب الحقيقي لشخصيتك ولم اتوقع مدى صدق ونُبل ورقة هذا الجانب ، الذي لم تمحوه السنين ، او تطغى عليه المناصب التي تقلدتها في مسيرتك السياسية .
فأجابني والدموع في عينيه رغم محاولته إخفاءها ، يا إبنتي هذه ليست والدتي فحسب بل هي صديقتي ، فأنا صحوت على هذه الدنيا ولم أرى سواها بعد وفاة والدي رحمه الله وأنا صغير ، فأصرًت والدتي على رعايتي رعايةً تحملت خلالها كل وجع السنين ، فرافقتني في غربتي للدراسة ، ورافقتني في كل مكان كُنت اذهب اليه ، حتى اصبحنا شخصين بروحٍ واحدة ، فأصبحت هي والدتي وصديقتي ورفيقة دربي ، فأنا وهي يجمعنا سقفٌ واحد دائماً وابداً
لم اجد ما أرُد عليه سوى أنني قُلت له كم تمنيت أن يرى الجميع هذا الجانب المُشرق من حياة معاليك ، وأن لا يعتقد الأخرين أن المسؤول شخصٌ قادم من الفضاء ، بلا مشاعر او إنسانية ، فهو إنسان أولآ وآخراً ، لكن أن تكون باراً بوالدتك إلى هذا الحد ، في الوقت الذي تمتلك فيه وحولك كل مُغريات الحياة الزائلة ، فهذا ما لا يتوقعه أحد .
أخيراً فكما نحن ننقد المسؤول وننتقده ، ونركز على ما يُزعجنا من شخصيته ، ارى أنه من العدل أن ننقُل الجانب الإنساني من شخصيته عندما نراه ، فهذا جزءٌ بسيط من مشهد لم استطع إلا أن اكتب عنه ، لأن باقي المشهد هو تصرفات من إبنٍ بار حقاً بوالدته ، تعجزُ كل الكلمات عن وصفه .
(اللهم إشف كل مريض )

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-12-2015 02:54 PM

هذا المسؤول ربح من الدنيا شيء بسيط ولكنه عند الله عظيم، جزاه الله خير واكثر من أمثالة وقلل من أمثال من يلقون بوالديهم في دور رعاية المسنين في أبشع صور العقوق والنكران والجحود ؟؟؟

2) تعليق بواسطة :
16-12-2015 08:29 PM

إن الإنسان لا يشعر بتقدم العمر إلا حين يفقد والديه...شكرا للكاتبة على هذه اللفتة الرائعة للعناية بالأم وبغض النظر عن الإبن

3) تعليق بواسطة :
17-12-2015 11:03 AM

وماهي الفائده من هذه الدموع اذا كان هؤلاء المسؤلين منفذين لسياسات الهبت ظهور المواطنين غلاء وضيق عيش
وكم ذرف رجال ونساء في هذا الوطن دموع بسبب عدم مقدرتهم على تلبية متطلبات أبناءهم بسبب ضيق
ذات اليد والغلاء وتقلص الرواتب .

في المره القادمه اكتبي عن هؤلاء .

4) تعليق بواسطة :
18-12-2015 12:29 AM

لولا دعاءها له بالخير والتوفيق لما استلم منصب وأصبح مسؤول في هذه الدنيا
الله يكرم العبد بدعاء امه

5) تعليق بواسطة :
27-12-2015 02:50 PM

أن كان باراً بوالدته ؟؟؟ فلماذا لا يكون متعاطفاً مع أبناء وطنه ضد سياسات الغطرسه الذي يتعرض لها المواطن من قبل الحكومه بالرفض أو حتى باالاستقاله مثلاً !!! كل الاحترام للاخت الفاضله تمارا.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012