أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


القيادة من مجموع ريمان لسيكولوجية الجماهير

بقلم : عمر الحباشنة
24-12-2015 01:24 PM
للرياضيات علاقة وطيدة مع كل العلوم فهي تعمل على توضيح العلاقة بين المترابطات بعلاقات محددة و تفتح أبواب و أبعاد جديدة للموضوع الذي يتم إخضاعه لها و من درس الفيزياء أو العلوم المجردة بشكل عام يدرك أهمية هذا الشيء و يعرف عمق الرياضيات ، و في هذا المقال سنأتي بجديد حيث لم يسبق لأحد أن عمل اسقاطاً بين علوم اجتماعية تربوية على الرياضيات و نأمل أن تكون هذه بذرة لعمل قادم أكبر و أكثر وضوحاً و مأسسة.
مجموع ريمان كفكرة ينص على أنَّ الأشياء الصغيرة التي تؤول للصفر تصبح ذات قيمة عندما يصبح عددها لا نهائي و هذا ما تعالجه النهايات حيث أنَّ التكامل رياضياً مكتوب في الصورة رقم-1- و قد بنيت عليه نظريات و توسَّعت علوم و تم حل مشاكل كثيرة و ابتداع علوم جديدة مثل الكم ، و لكن ما الرابط هنا بين هذا المجموع و وعي الجماهير؟؟
يقول غوستاف لوبون العالم الفرنسي ما مفاده أنَّ سلوك الجماهير و تصرفاتها مبالغ فيها كأن تكون هذه الجماهير شرسة جداً أو خاملة جداً و هي في ذات الوقت لا يمكنها أن تتصرف بناءً على براهين و حجج بل هي أقرب لرد الفعل السريع الفوضوي المبالغ فيه ، و لا تهتم الجماهير بالموضوعية في طرحها و أي محاولة للتعقل و الطرح الموضوعي بين الجماهير يعد خيانة عظمى إذا تعارض مع جزئية من طرحها و سرعان ما يقذف صاحب الطرح الموضوعي العقلاني خارج ماكينة الجماهير التي تسحق بلا رحمة و لا شفقة و تنسف كل التاريخ و تعتبر أن آخر ما فعله الفرد هو حقيقته المطلقة، و الجدير بالذكر أنَّه حتى المثقفين و الأكاديميين و العقلانيين و التجريبيين عندما ينخرطون في الجمهور يتصرفون بروح الحشد الملتهبة بتراكمات العقل اللاواعي الجمعي.
أي أنَّ المثقف و المتعلم لا يمكنه أن يسير بسرعة أكبر من سرعة المجموعة الموجود فيها و هنا يكون الشكل أشبه بحركة الجيوش فسرعة جيش ما مرتبطة بسرعة أبطأ جندي فيه و عليه فإنَّ وعي الجماهير يمكن تثبيطه بسهولة و لكن تحفيزة ليفكر بشكل أدق و أكثر عقلانية هو أمر صعب جداً و يحتاج لوق طويل من العمل لذلك تجد المثقفين و المتعلمين يعانون في المجتمعات المتخلفة عن ركب الحضارة و يمقتون أنفسهم و مجتمعهم لأنه لا يوفر لهم البيئة المناسبة التي تستمع لأفكارهم و هنا تظهر العزلة و الوحدة كمعالج موضوعي لهذه الأزمة التي يعانيها هؤلاء و نذكر أنَّ نيوتن و غاليليو و الأنبياء بدؤوا طريقهم بعزلة و أغلبهم عرفت قيمته بعد أن توفي مثل بدر شاكر السياب شاعر الرافدين، و هذا يعني أنَّ كل من يسعى لقيادة جمهور يجب أن يلتفت لتوافه أفكارهم فيعالجها أولاً و لا يبدأ بالمهم و عليه أن يقودهم من حيث يريدون و ينتهي حيثما المصلحة التي يرتئيها هو للجمهور و قد تكون شخصية أحياناً و إنَّ أي جمهور بلا قائد من السهل تفكيكه و تفرقة عناصره و بالتالي إيداع طموحاته من جديد في العقل الباطن إلى أن تحين فرصة أخرى تهتاج فيها الجماهير ولتقذف ما في العقل الباطن و هذه الفرصة تأتي في لحظة لا يمكن معرفتها و لكن يمكن تفسيرها بعد أن تأتي، فهذه اللحظة مرهونة بظهور قائد جديد يمنح الحماس للجماهير و يستشعر ألمها و طموحاتها و يداعب عقلها اللاواعي بخطابات رنَّانة حماسيَّة مهيِّجة و عنيدة تتبنى إعلا كرامة الجمهور كمجموعة و هذا ما قام به هتلر و صدام و عبدالناصر و نيلسون و لوثركنج و شارون و لينين و كينيدي و يحترفه أيضاً خطباء المساجدعند المسلمين.
و لكن ما زال السؤال : ما الرابط بين وعي الجماهير و مجموع ريمان؟
يعتقد البعض و للوهلة الأولى أن الجماهير عندما تكثر يزداد وعيها لأنها مجموع وعي الأفراد الذين فيها و لكن ذلك خطأ، و لكن العين الفرسة ترى الحقيقة غير ذلك فسلوك الفرد داخل المجموعة يكون بمقدار أقل من الوعي و يكون أقرب لمكنونات العقل الباطن و ذلك على عكس المتوقع فالعلاقة هي علاقة أكبر عدد صحيحو ليس منطبق على مجموع ريمان الذي وضحناه في بداية المقال فالروح الجماهيرية لا يمكن تحصيلها بالمجموع أو التكامل.
و لكن مجموع ريمان يصبح حقيقة شاخصة بين الجماهير عندما يتم تلخيص طموحات الجماهير في قائد يعرف الجماهير و مطالبها و لا يخونها فعندها يكون هذا القائد هو خارج تكامل الجماهير ، مجموع ريمان هو الجماهير و لكن التكامل كعملية متقدمة أو النهاية لمجموع ريمان هو قائد فاهم لمطلب الجماهير و يكون هذا القائد من صنف المهاتير محمد مثلاً ، فالقائد هو النهاية التي تتلخص بها الجماهير كقيمة واحدة فاعلة بإمكانها أخذ وحدة و كمية تغير بما حولها.
و أيضاً هذه النهاية التي تجدها الجماهير (القائد) يجب أن تبحث عن نهاية لوعيها و تاريخها القديم ليقدم لها نظاماً ينظم الدولة و يضمن لها التقدم للأمام فيما بعد تحقيق الكرامة و لو كان هذا التقدم ببطئ ، و على هذا التقدم أن يعيد قراءة نفسه بين الحين و الآخر مثل نظام ولاية الفقيه المعقد في إيران أو الماسونية في أمريكا و مجلس الحل و العقد في عهد أبي بكر عند المسلمين.
الموضوع معقد و شائك و لا يمكن ختمه و فهمه في مقال أو اثنين و من الأفضل أن يراجع كل منا كتاب سيكولوجية الجماهير لغوستاف لوبون و كتاب الأمير لميكافيللي و قراءة نظريات فرويد في العقل اللاواعي و فكرة الإنسان المتفوق عند نيتشه و متابعة خطابات عبدالناصر و هتلر و المهاتير محمد و صدام حسين و بروس تيتو و غاندي و مانديلا و غيرهم من العظماء في التاريخ يضيف لذلك لينين و ستالين و النبي محمد و النبي عيسى و يوسف.
في النهاية لا بد أن نستنتج أنَّ وعي الجماهير يجب أن يلد قائد ليترجم الطموحات لقرارات ثم أفعال فالجمهور وحده لا يمكنه تفعيل و ترجمة طموحاته لأن التفاصل تقتل روح القرار و تحتاج حسم يبت في موضوعها القائد وحده ضمن رؤياه الشمولية للمواقف.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-12-2015 11:37 PM

موضوع معقد لدرجة فهم ووضوح الغاية ... شيق جدا ومفيد

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012