23-04-2011 11:27 AM
كل الاردن -
اصدر المرصد العمالي الأردني/ مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بياناً حول اضرابات العمال في المناطق الصناعية المؤهلة QIZوتالياً نص البيان:
ينظر المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بعين القلق لما يجري حاليا من إضرابات لآلاف العاملين في العديد من المصانع في المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ). ويعتبر أن الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء العمال وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية، هي السبب الرئيس الذي يدفع العاملين فيها سواء كانوا أردنيين أم أجانب جلهم من الهند وبنغلادش وسيريلانكا إلى الإضراب.
ويرى المرصد العمالي كذلك، انه على الرغم من الجهود التي بذلت من قبل وزارة العمل ونقابة العاملين في الغزل والنسيج ومشروع 'عمل أفضل' الذي تنفذه منظمة العمل الدولية، إلا أن آلاف العمال في هذه المناطق ما زالوا يتعرضون للانتهاكات، ويحرمون من حقوقهم الإنسانية والعمالية الأساسية.
وما عشرات الإضرابات التي نفذتها قطاعات واسعة من العمال في هذه المناطق خلال العام 2010 والأشهر الأولى من عام 2011 إلا أدلة أخرى تضاف إلى جاء في التقارير الوطنية والدولية التي كشفت عن تعرض هؤلاء العمال للعديد من الانتهاكات. كان آخرها الإضراب الكبير الذي ينفذه في الوقت الحالي ومنذ عشرة أيام مئات العمال في أحد مصانع الألبسة، وامتد يوم الخميس الماضي ليشمل الآلاف من العاملين في مصانع مدينة سحاب الصناعية، وكان قد سبقه بعدة أسابيع إضراب امتد لعدة أيام نفذه العمال الأردنيين العاملين في احد مصانع محافظة الكرك.
تتركز جل مطالب العاملين في هذه المناطق الذين يبلغ عددهم ما يقارب (36) ألف عامل، يتوزعون على ست مناطق صناعية في المملكة، يشكل الأردنيون (29%) منهم، في رفع أجورهم إلى (150) دينارا الذي يعد الحد الأدنى للأجور في الأردن. إلى جانب اعتراضهم على العديد من الانتهاكات الأخرى والتي تشمل عدم حصول قطاعات واسعة منهم على أجازاتهم، وعلى أجورهم في مواعيدها، وإجبارهم على العمل لساعات طويلة (أكثر من ثمان ساعات يوميا ) والتلاعب في احتساب ودفع أجور العمل الإضافي، على الرغم من أن غالبيتهم يجبرون على أدائه، إضافة إلى ممارسات تقع فيها شبهات العمل الجبري، وكذلك عدم زيادة أجورهم بشكل سنوي.
هذا إلى جانب عدم التزام العديد من هذه المصانع بشروط الصحة والسلامة المهنية في أماكن العمل والسكن، ومنع الحرية، إذ تقوم بعض الشركات بحظر مغادرة أماكن السكن التي تشرف عليها الشركات، وتمنع التجوال للعاملين في مساكنهم ليلاً، لا بل وصلت الانتهاكات حد الاعتداء بالضرب على العمال لإجبارهم على العمل.
والغريب أن القرار الحكومي باستثناء العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة من تطبيق تعليمات الحد الأدنى للأجور ساهم في تعميق مشكلات العاملين في هذه المناطق سواء أكانوا أردنيين أم وافدين، مبررة ذلك بالحفاظ على الاستثمارات الأجنبية في هذه المناطق. وقد أصبح معروفاً أن حجم القيمة المضافة لهذا النوع من الاستثمارات الخارجية على الاقتصاد الأردني محدودا جداً.
وهذه الاستثناءات التي قدمتها الحكومة الأردنية في عامي 2006 و 2008 والمتعلقة بعدم شمول الحد الأدنى للأجور على العاملين في المناطق الصناعية المؤهلة، لم تكن للأسف لصالح الخزينة الأردنية أو المواطنين الأردنيين، بل كانت لصالح بعض رجال الأعمال الذين أرادو استغلال العمالة الأردنية والوافدة (المهاجرة) على حد سواء، وأرادوا أن ينتهكوا حقوق الإنسان بأبشع أشكالها على الأرض الأردنية، بهدف تحقيق أقصى أرباح ممكنة، مستفيدين من الدلال الحكومي غير المبرر.
أن المتتبع لمسار تطور تجربة المناطق الصناعية المؤهلة، يجد أن حجم الفائدة التي جناها الأردن متواضعة للغاية، لا بل فقد من رصيده المعنوي والإنساني الكثير، فقد تعرض خلال السنوات الماضية للعديد من الانتقادات الشديدة من قبل مختلف منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية بسبب الانتهاكات التي يتعرض لها آلاف العاملين فيها أردنيين وأجانب.
ولم يقتصر الدلال الحكومي على هذه التسهيلات، بل تم تقديم العديد من الامتيازات والتسهيلات للشركات العاملة في هذه المناطق، فهي تتمتع بالإعفاءات من رسوم التصدير، وإعفاءات من ضريبة الدخل والخدمات الاجتماعية بنسبة 75 بالمائة ولمدة 10 سنوات من تاريخ بدء إنتاج المصنع. وتتمتع مشترياتها المحلية من الضريبة العامة على المبيعات. هذا إلى جانب الاعفاءآت من ضريبة الأبنية والأراضي (المسقفات)، وغيرها من الامتيازات المتعلقة بمساحة البناء المسموح به في هذه المناطق.
وإذ أخذ بعين الاعتبار أن فرص العمل التي خلقتها هذه المصانع للأردنيين متواضعة للغاية، تقارب (8000) عامل يعملون في ظروف صعبة جدا، وأن مدخلات الإنتاج فيها ليست أردنية، نلحظ حجم الضرر الذي جناه الأردن من هذه التجربة.
لقد بات مطلوبا من الحكومة الأردنية الوقف الحازم والنهائي للانتهاكات التي تمارسها الشركات العاملة في هذه المناطق ضد العمال الأردنيين والأجانب، وأن تقوم بتقييم كامل لتجربة المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن وإعادة النظر فيها في ضوء المكاسب والخسائر التي نجمت عنها.