أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الإخوان المسلمون: الانشقاق الثالث

بقلم : خالد عياصرة
02-01-2016 12:37 PM


يعد الإخوان المسلمون جزءًا أصيلًا من منظومة الدولة الأردنية، هذه الحقيقة لا ينكرها إلا جاحد؛ إلا أن أصالة الإخوان اصتدمت بمشاريع المنطقة، التي حملتهم مرة للسيادة والحكم، ومرة أخرى للشيطنة والإقصاء، خصوصًا بعد نجاح الانقلاب عليهم؛ لتثبيت خطواتهم أولًا، ومن ثم القضاء عليهم ثانيًا، وهذا ما تم فعليًا.

فهم، حسب وجهات نظر الأنظمة، يملكون مشروعًا قياديًا قد يسحب البساط من تحت أقدامها، مشروعًا تخريبيًا يعتبرونه خطرًا على كراسيهم، سيما وأن له حاضنة شعبية واسعة.

أردنيًا، شكل انفصال وفصل عدد من القيادات الإخوانية ضربة موجعة للتنظيم الأم؛ إذ مثل قادة مبادرة زمزم الوطنية خنجرًا في ظهر الجماعة - هكذا تم النظر إليهم- عملوا على شق تعاليمها ومشاريعها وقراراتها , بما يخدم مصالح الطرف الآخر, ويقوي من حجته، مصالح قائمة أصلًا على إنهاء الوجود الإخواني.

مع أن المبادرة ليست موجهة للإخوان؛ بل تخاطب أطياف المجتمع كافة، فهي تضم في جنباتها المسلم إلى جانب المسيحي، الليبرالي مع الإسلامي، ذو هدف تنظيمي إصلاحي.

خطوة زمزم تبعتها قفزة مرعبة، تصدر لها عدد من قادة الجماعة بعدما ضاقو ذرعًا بقيادتها؛ فآثروا الانفصال عن جسد الجماعة الأم الذي يرونه غير قانوني مقابل الوصال.

قادة التوجه سارعوا إلى تأسيس جمعية معترف بها قانونيًا. خطوة الجماعة -الجديدة- اعتبرها البعض تمهيدًا لإسقاط الشرعية عن الجماعة -الأم- بمساعدة الدولة الأردنية التي ترى في هذه الطرق وسائلًا لإضعاف الجماعة، انطلاقًا من حجج عدم الترخيص القانوني لها، متناسين أن التنظيم اللاشرعي شارك في العديد من الحكومات الأردنية, وقاد وتسيد عددًا من المواقع المهمة فيها، وشارك الدولة في عدد من المشاريع والبرامج التي حالت دون تطبيق رغبات الشعب الحقة.

الجمعية الجديدة، والتي أضحت حسب القانون تمثل الجماعة، تسابق الزمن لوراثة الإخوان المسلمين وهم أحياء؛ إذ تريد السيطرة على مشاريع وأرصدة ومباني الجماعة, باعتبارها حقًا شرعيًا لها كتنظيم قانوني!

السرعة في حركة الجماعة الجديدة مرتبطة بضرورة إغلاق الملف قبل رحيل الحكومة الحالية، تمهيدًا لمشاركتهم في الحكومة القادمة. وفق مشروع الدولة, لسد الفراغ, الناتج عن مقاطعة التيار الإخواني الحقيقي لها.

جماعة الإخوان، ومنذ سنوات مضت، وحتى قبل بداية ما أطلق عليه غربيًا ربيعا عربيا, أصيبت بعدد من الأمراض؛ أكثرها خطورة ارتبط بفردية القرار والسيطرة عليه من بعض الأسماء التي صارت بمثابة أصنام ترفض تداول القيادة وتحول دون الإصلاح الداخلي لها، بل والإصرار وتهميش ورفض الأصوات المطالبة بذلك.

إضافة إلى أن الجماعة حسبت على أذرع خارجية، بمعنى أن القرار خرج من أياديهم, وأضحى من يتحكم به ويوجهه من الخارج.

يقول أحد القريبين من التيار الإخواني الحالي: إن الجماعة تقع تحت سيطرة حركة حماس، وتسير وفق رغباتها؛ إذ يعد محمد نزال بمثابة الأمين العام الحقيقي للجماعة، يسيرها ويخطط لها كيفما يشاء، بما يخدم مصالح الحركة الإسلامية، دون اخذ أي اعتبار بمصالح الجماعة الأردنية التي تحولت إلى مجرد تابع مغلوب على أمره.

هذه الصورة أعادتني إلى سنوات قيادة مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي، الذي وجد أن إعادة حماس للبيت الأردني والاتفاق معها ضرورة حقيقية، وأن الإبقاء على تهميشها لا يصب في صالح الدولة؛ وكأن الرجل يعرف تمامًا قوة التيار داخل مجتمع التنظيم الإخواني, ويريد الاستفادة منه بما يخدم مصالح الدولة؛ لأن القول ببقائه خارج معادلة الدولة يعني حراكًا غير متوقع، مفاجئًا، لا يمكن السيطرة عليه, فهل هذا ما تريده الدولة ؟ وهل صدقت نبوءة الذهبي ؟

شرذمة الجماعة وأضعافها، ومن ثم تقطيعها بين تيارات متنافسة، تخدم توجه الدولة؛ إن لم تعمل الجماعة -الأصلية- على مراجعة نفسها. إذ لم نسمع عن عقد مؤتمرات لإصلاح الجماعة أو ما تبقى منها؛ بحيث يتم الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه -اللهم إلا لقاءات المناسف هنا وهناك - لم نسمع أن الجماعة دعت لعقد مؤتمر لإيجاد الوسائل الحقيقية لإعادة تفعيلها من الداخل، كما لم نسمع عن توجهات لحصر القرار الداخلي بيد أبنائها، بحيث يكون بيدها لا بيد حماس أو غيرها.

اليوم جماعة الإخوان المسلمين، سواء أقبلت هذا أم لم تقبله، تتحضر لاستقبال الانشقاق الثالث، الذي يشكل القاعدة؛ إذ إن الانشقاقين الأول والثاني جاءا من القمة؛ أي إن القادة هم من عملوا على الانفصال, ولم يكترثوا لقرار الجماعة الأم القائم على فصلهما من التنظيم؛ لأن أثرهم، مهما كان كبيرًا، يبقى محدودًا مقارنة مع غيرهم.

أما الانشاق الثالث, مرتبط بالقاعدة المجتمعية، يشكل سوادها الأعظم العنصر الشبابي، انشقاق وجودي (قد) يسقط الجماعة ان لم يعمل على منعه بالوسائل المتاحة بيد قيادة الإخوان -المتشددة- الحالية؛ إذ إن قوتهم الحقيقية تتجسد بقواعدهم الجماهيرية لا برؤس, القيادة، حاضنة اجتماعية عشائرية أردنية.

هنا أطرح السؤال التالي: هل سقوط القاعدة الشبابية في تنظيم الإخوان المسلمين يعني ضمنيًا عقد عين المحكمة التي فصلت قادة مبادرة زمزم وجمعية الإخوان الجديدة كمقدمة لفصل أعداد هائلة من المنشقين فصلًا يفقدها قاعدتها ومخزن إمدادها الحقيقي؟ أم أن وقع وهول الصدمة كفيل أن يعيد لها بعضًا من عقلها المغلف بشيء من التشدد والتزمت، بحيث يجبرها على ترتيب أوراقها ومصالحها بما يحفظ بقاءها واستمرارايتها؟

ماذا لو انسحب بعض أهم القادة من التنظيم, هل يبقى للتنظيم لونا أو طعما أو رائحة ؟

#خالدعياصرة
Kayasrh@gmail.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
02-01-2016 01:22 PM

لا يمكن اعتبار خروج مجموعة الدكتور ارحيّل الغرايبة او مجموعة عبد المجيد ذنيبات ،بمثابة انشقاقات بأي شكل من الاشكال ، والقصة معروفة جيدا لكل المتابعين والمهتمين بالموضوع ،وانا شخصيا اعتبرهما كمحاولتين لانشاء " كُشك" بجانب سوق تجاري كبير ، ولم يستطع الكشك تنفيذ اية عملية بيع او شراء ،عدا العلكة والشبس!!!!!
أما ما يجري حاليا من مخاض داخل الحركة ،والتي يقودها رجال تاريخيون في الحركة ،فهو الجدير بالاهتمام والمتابعة والتركيز ، وأعتقد أنه اذا لم يتدخل الحكماء العقلاء ،فربما يكون انشقاقا لانتمناه ابدا.

2) تعليق بواسطة :
02-01-2016 04:26 PM

يبدوا ان الحكومة اخترقت جماعة الاخوان اختراق جسور وستواصل اختراقها حتى تجعلهم أشلاء ممزقة ومشرذمة ؟؟؟

3) تعليق بواسطة :
02-01-2016 08:17 PM

زمزم ومجموعة الذنيبات هو انشقاق بامتياز والسيد العتوم يقول انهما ليسا انشقاق بينما تفسيره يؤكد انه انشقاق
ان الانشقاق فعل وليس قول ووفعل الحركتين هو انشقاق . نحن نتكلم هنا سياسه لا دبلوماسيه ..........

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012