29-04-2011 09:13 PM
كل الاردن -
كل الاردن : كتب ابراهيم اسعد الداود : أهالي الاردن يبادرون الخير مفتوحة قلوبهم كما هي مفتوحة بيوتهم , سباقين الى الخير في كل مكان وزمان .
حدثت هذة المواقف أثناء مسيرة النصرة لأهل درعا على الحدود الاردنية السورية في مدينة الرمثا.
الموقف الآول:
شاب في مقتبل العمر وفي مسيرة النصرة على الحدود يقول وتكاد الدوع تسقط من عينيه المنهكتين بشقاء العمل وقلة الامكانات , والمستعجبتين من هول فاجعة الأهل في درعا يقول بقلب ثابت كمن ملك الدنيا :
(البيت الهم وإلنا العتبة)
لا, لن تستطيع قصيدة ان تترجم هذة الجملة , لا , ولا الادباء يستطيعون صياغتها كما صاغها , خرجت من قلبه بغير صناعة , احسسته يمتلك كنوز الدنيا وسيقدمها الان رخيصة لأهل درعا , كلمة حاسمة فاصلة , لاتردد, لامجاملة , لاصخب, لامنصب او تزلف من ورائها , ربما لايمتلك حتى بيتا , ربما لايمتلك إلا ملابسه التي كان يرتديها , لكنني احسست به , رجلا حرا كريما شريفا صادقا , خجلت من نفسي وأنا اقف بين يديه, خجلت من نفسي لآنه حدثني أنا دون غيري , يريد أن يوصل رسالته فرآني منبرا لذلك , ايها السادة لقد أخجلني من نفسي حين قالها , لم استطع ان انطق بها كما نطقها , أحسست ان للحرية ثمن, أحسست ان الانسان الفقير يعيش حرا , وأن الذي لديه الكثير يعيش عبدا , إلا القليل , أجل ايها السادة ,
الموقف الثاني:
صديق يتصل من الاغوار فيقول لي : ( انتو مابصير هيك ماتحكولنا انو في مسيرة لنصرة اهلنا في درعا , هاظ حق مش الكو لحالكو هاظ واجب علينا كلنا ) احسست بالحرج واخبرته أننا تفاجأنا بخروج الناس سيرا دون سابق تنظيم او إعلان , وفي لحظات امتلئت الساحات , ...........كان عزاؤه الوحيد أنني أسمعته من هاتفي بعض الهتافات للمحتشدين , حتى أحسست انها قد هدأت نفسه قليلا , فقال لي: احنا جاهزين وبالله عليكو اي شي خبرونا , احنا اهل وواجب وحق علينا , أحسست بالخجل مرة اخرى أمام هذا الموقف العظيم كان كمن يريد البكاء ليعبر عما في داخله , بينما أنا لاأبعد سوى بعض الكيلومترات وسيارتي موجودة معي , وأعرف كل الطرقات...فتصاغرت امام تلك العزيمة التي تاتي من بعيد بينما انتظرت من يقلني بسيارته ولم أذهب بسيارتي!!!!!
الموقف الثالث
أثناء المسيرة , نظرت الى جانبي فوجدت فتا صغيراً, أضنه في السابعة من العمر , يسير معنا ويهتف عاليا (بالروح بالدم نفديك يادرعا, بالروح بالدم نفديكي يادرعا) وضعت يدي على كتفه معززا وقلت (يعطيك العافية) أجاب مباشرة : أنا من عمان , احسست انه قد اسقط في يدي, شعرت بالخجل مرة اخرى , أردت ان أحمله على كتفي كي اريحه من عناء الطريق واشعره بالتعزيز كما أشعرني , تذكرت نفسي ولي أولاد في عمره , ولكني لم آتي بهم خشية الضياع او التعب, وهاهو ذا يأتي من عمان عاصمتنا ومنارتنا ............ياللموقف
الموقف الرابع
قمت مع مجموعة من الاصدقاء بإطلاق مبادرة على إحدى المواقع الالكترونية في الرمثا لتنظيم استقبال المساعدات من المتبرعين بكافة اشكالها , في حال دعت الحاجة لذلك ,فبدأت تأتينا الردود من هنا وهناك , كان أول المبادرين أحد ابناء الرمثا المغتربين (السيد علي الخزعلي) أرسل لنا رقم هاتفه وأعلن عن استعداده لتجهيز اربعة شقق في منزله الجديد بفرشها واحتياجاتها لأربعة عائلات , ويتعهد بنفقاتها كاملة , من طعام وشراب ودواء ........ياللنخوة , ياللكرامة والشهامة ياللتفاني ......تذكرت سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما تبرع بالقافلة كاملة لفقراء المسلمين.
الموقف الخامس
أجرى أحد الشباب لقاءا تلفزيونيا مع إحدى المحطات الفضائية فسمعته يقول :
الحمد لله احنا جايين نعبر عن شعورنا لإخواننا وأهلنا في درعا , إحنا جايين والأمن بحمينا , ومافيش بلطجية يعتدوا علينا, وماحد رح يلاحقنا من اي جهة امنية ويطلعنا من بيوتنا , بنتمنى اهلنا في سوريا يعيشو زي عيشتنا واحنا بنفتخر وبنعتز بقيادتنا ,................أي إيجاز هذا وأي تعبير هذا , أحسست بانه يجب أن أصفق له .....لتنطلق الهتافات مؤيدة ومعززة......
أيها السادة شعرت بالحرج وشعرت بالخجل وشعرت بالتقصير وشعرت بالدهشة في كل موقف من هذة المواقف لكنني عندما جمعتها , شعرت بالفخر, تلك هي الاحجية , شعرت بالفخر الفخر أنني على هذة الآرض الطاهرة أرض الأردن المباركة ,مع أنني لست من دعاة الاقليمية أو الطائفية أو العنصرية ,شعرت بان هذة التركيبة تركيبة خير ومحبة, تركيبة بركة ورحمة, تركيبة أمن وأمان , تستحق أن تكون قدوة للآخرين ,
ها أنا ذا أعلن أيها السادة أنني اقدم التحية لكل من هو على الارض الاردنية , لكل هذة الجموع الخيرة , وأسأل الله عز وجل أن يديم علينا الأمن والأمان والسعة والازدهار وان يرحم إخواننا واهلنا في كل مكان.