بقلم : طه عبدالوالي الشوابكه
26-01-2016 11:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين النبي العربي الأمين
نقطة نظام بين يدي الإخوة المتنادين لعقد مؤتمر المتقاعدين العسكريين مدار البحث على موقع ( كل الأردن).
بواسطة الكاتب زميل الجامعة (اليرموك) في ثمانينيات القرن المنصرم الأخ خالد المجالي.
بداية الشكر لكم موفور والثناء عليكم محمود على جهودكم وجميع الإخوة الذين شاركوا ويشاركوا في النقاش الدائر حول الفكرة (مدار البحث), لاني أرى في المتقاعدين العسكريين خيرا وإخلاصا وتفانيا لا يحده حدود ولا يجاريه تفان وإخلاص, وهو رأي أبثه ليس من قبيل المزاودة على احد فالأردن يزخر بالشرفاء والأحرار والمخلصين من مختلف الشرائح والفئات ممن قدموا لهذا الوطن وافنوا عمرهم في سبيل رفعته وتطوره في مختلف قطاعات العمل والبناء بلا حصر أو تحديد, واستنادا على ما تقدم فاني ارغب أن تكون لغة الاحترام والتوقير وإعطاء كل ذي حق حقه بالقول والتصريح والعمل والتطبيق هي من أهم اللبنات (إن لم تكن المدماك والأساس) في تعاطي جميع المتنادين والداعين مع هذه الفكرة الرائدة ولنتجاوز هذه النقطة إلى ما هو أهم منها من عمل وفكر جوهري نتفق حوله جميعا أمام أنفسنا وأمام الملأ بية ظنون أو تحسبات بعيدا عن نظرية المؤامرة التي طابعها سوء النية لا قدر الله.
الإخوة الأعزاء: اقترح أن ينطلق النقاش برمته من ثوابت تشكل منطلقات صلبة متجذرة لا يختلف عليها اثنان من المتقاعدين العسكريين والأمنيين, منطلقات قوامها ما بني عليه هذا الوطن منذ تأسيسه وهي (الله, الوطن, المليك), إن هذه الثلاثية المقدسة (تشكل في وجداننا كمتقاعدين رؤوس مثلث متساوي الأضلاع) بل تعتبر صمام امن وأمان ضد أية اختراقات أو تجاوزات أو تشكيك من أي مغرض يريد النيل من هذه الفكرة الجامعة المانعة الناظمة الرائدة (ألا وهي فكرة تجميع وتوحيد المتقاعدين على هدف وطني واحد).
الإخوة الأعزاء: اقترح أن نتفق على ما يطرح من مفردات وكلمات تشكل مصطلحات ومفاهيم جامعة مشتركة يدور حولها النقاش والمداخلات حتى لا يكون هناك ضبابية أو رمادية أو سوء فهم قد يتعدى إلى إساءة الظن فيما يطرح من رأي ورأي مقابل, فعلى سبيل المثال وليس الحصر:
لنأخذ مثلا, كلمة المتقاعد: هو من أمضى سنوات الخدمة وأحيل على التقاعد بطريقة روتينية في سلك (الجيش العربي, المخابرات العامة, الأمن العام, الدفاع المدني, الدرك) بلا أية تفرقة أو غمز أو لمز بحجة تفاوت العوائد التقاعدية أو الامتيازات لأنها (وان وجدت بفعل قرارات مرتجلة أحيانا وأخرى متعجلة أو أية ظروف أخرى) فإنها مجلبة لتشتيت الجهود وضرب وحدة الصف بما قد يستغله العابثون الكارهون للفكرة لأسباب كثيرة.
لناجذ أيضا كمثال آخر كلمة مؤتمر: تعني نموذج إرشادي واحد (بارادايم) يمثل شريحة المتقاعدين من سلك الدولة في الجيش ومختلف الأجهزة الأمنية والتي ذكرت سابقا لمناقشة الاتي :
القضايا الوطنية الإستراتيجية الكبرى (أمنية واجتماعية وإدارية واقتصادية وسياسية,.....).
القضايا المطلبية ذات الخصوصية المحضة لجميع المتقاعدين بما يكفل المساواة والعدل وفق معايير متفق عليها ومدروسة بعناية.
الرصد والتحري والبحث والاستقصاء لكل ما يعتري مسيرة الوطن من قضايا وظواهر ومشكلات ( تاريخية وحديثة) ( مبرمجة ومقصودة أو طارئة), وتشكيل رأي جامع لحلول جذرية ناجزة يلتزم بها صناع ومتخذو القرار مع التزام الجدية وإخلاص النية للمساهمة في الحل كل حسب مجاله في أجهزة الدولة بعيدا عن التسويف الذي يصل حد ( التخويث), بعد أن يجمع الجميع من المؤتمرين على موضوعيتها وواقعيتها, وهكذا يتم الاتفاق على كل المصطلحات الواردة التي يتم تداولها, بمعنى (توحيد لغة الخطاب) حتى لا تختلط الأمور ونقع جميعا في شرك (إساءة المفهوم).
علينا تحديد هدف عام (استراتيجي بعيد المدى) يرتقي إلى مستوى الوطن ويرتقي إلى طموح أبنائه خصوصا المتقاعدين العسكريين منهم بحيث لا يتحوصل الطرح في قضايا مطلبية تقلل من شان المؤتمر والمؤتمرين والداعين إلى هذا المؤتمر رغم أهمية القضايا المطلبية ومشروعيتها لفئة واسعة من الإخوة المتقاعدين السابقين.
علينا أن نحدد الأهداف الخاصة (قريبة ومتوسطة المدى) للمؤتمر والمؤتمرين والتي من خلالها يمكن معالجة جميع القضايا العالقة والمطالب الملحة التي يعاني منها ويتحدث عنها المتقاعدون بجميع تداعياتها وتفرعاتها وجزئياتها الدقيقة سواء كانت (اقتصادية, اجتماعية, سياسية, ثقافية, تنموية).
علينا أن نحدد الإجراءات والوسائل والأدوات والجهات المنفذة والجهات ذات العلاقة واليات التنفيذ ومؤشرات الأداء والإطار الزمني واللجان المختلفة التي يتطلبها العمل لإخراج المؤتمر إلى حيز الوجود.
علينا أن نتفق على نظام تأسيسي يؤطر عمل المؤتمر والمؤتمرين من خلال الدعوة إلى لقاءات تمهيدية تحضيرية ( وجاهية أو عبر وسائل التواصل المختلفة) يتخللها ندوات ومحاضرات وجلسات عصف ذهني من شانها أن تثري الفكرة مدار البحث وتشبعها بحثا سعيا لتكاملية الأدوار وتحقيقا للرؤى والأهداف والغايات بشكل فاعل.
أما عن المسوغات والمبررات لعقد المؤتمر مدار البحث:
فبدون مقدمات وبلا إسهاب أقول للجميع من خلال عطوفة الأخ خالد المجالي المحترم:
إن نسبة المتقاعدين العسكريين والأمنيين في أرجاء الوطن تشكل كتلة حرجة بما لها من عدد وما لها من مناصرين ( من عشائر وأبناء وأحفاد ومتعاطفين) حيث غض الطرف عن هذه الشريحة خطأ كبير ارتكبته الدولة ولا زالت تتعامى عنه بينما هسيس الاحتجاج والضيق يعتمل تحت الرماد, واني احذر من مغبة هذا التناسي والتغاضي ( مقصودا كان أم غير مقصود).
إن المتقاعدين العسكريين من فئة الرجال الذين هم في سن العطاء بات يشكل ظاهرة تتعاظم وتكبر بلا أي التفات إلى عواقب هذا الخلل, أضف إلى ذلك ما لدى المتقاعدين من وعي وتأهيل وتدريب وتحصيل علمي في شتى مناحي الحياة, مما خلق حالة من الململة والتذمر , واني احذر كل القائمين على أمر الوطن من خوف يعتريني ويعتري جميع الشرفاء على هذه الأرض ولنتذكر نصيحة القائد الأموي حين قال محذرا:
أرى بين الرماد وميض جمر .......... يوشك أن يكون له ضرام
وان النار بالعودين تــــــورى ............ وان الحــرب أولها كلام.
فحذار حذاري من مغبة التطنيش والتقليل من شان هذا الامر.
إن التعامي ونظرة الابتذال لرأي شريحة المتقاعدين العسكريين والأمنيين حول ما يجري من هجرات قسرية, وتشريع الأبواب على مصراعيه لكل من هب ودب والتجنيس والتوطين يعتبر من اخطر مبررات الضيق والضجر في نفوس هذه الشريحة, إن الأمور في هذا الباب تساق من قبل الدولة بلا أي حصافة وبلا أي اعتبار إلى رأي أهم شريحة قضت عمرها التشغيلي في صون الوطن وحمايته ضد كل الأخطار, كمن يطلب من حارس بناية السهر والحذر طيلة الليل ليأتي هو آخر الليل ببنات الهوى يدخلهن أمام عين الحارس بحجة انه الحريص الاحرص على امن البناية, ترى ما القناعة التي ستتولد وما هو الشعور الذي سيصيب هذا الحارس بعد أن يكون حاميها ......؟؟
إن المنطقة وما تمر به من عواصف هوجاء تحيط بالأردن قد أثرت سلبا على الجميع رغم التحوط الشديد والحذر والعمل الجاد من جميع أجهزة الوطن لتجنيب الوطن كل انتكاسة أو خلل, فقد كان انشغال المواطن الأردني والمتقاعد العسكري على وجه الخصوص بقوت يومه وهو يعض على امن وطنه بالنواجذ تحت مظلة فوبيا الحرص على دوام حالة الأمن والأمان حتى غدا المتقاعد على وجه الخصوص مدعاة لتغول الحكومات والقرارات بدفع ثلة من المتنفذين والسماسرة والفاسدين في مختلف قطاعات الدولة, الأمر الذي خلق فجوة واسعة بين مكونات الشعب وجله من المتقاعدين بأسرهم وأبنائهم وأحفادهم, فأصبح الغني متعاليا يتربع فوق الأبراج العالية بينما المتقاعد الفقير يغوص في وحل الحضيض وهو يرى الترف والبذخ والنعيم المادي والمظهري على فئة محدودة بينما هو محروم لا حول له ولا قوة, إن من يملك ( الحساسية الوطنية المفرطة كمجس صادق لا يخطئ القياس هم المتقاعدون العسكريون والامنيون), إنهم الأقدر على امتلاك ناصية الخطاب الأقوى والصادق والحريص بغية الإصلاح والتعمير فهم خريجو المؤسسة العسكرية ذات الأخلاق النبيلة, هكذا علمتنا حوادث التاريخ الطويل في صون كرامة الأوطان بفعل من تربوا في مدرسة المؤسسة العسكرية.
فمثلا: يذهب المتقاعد أيا كانت رتبته ومركزه السابق إلى السوق فيعود ملوما محسورا من نكد الباعة والأسعار والتدليس والتلفيق والنفاق بينما يظل هو الواضح كحد السيف يسير على الصراط باعتدال تعود عليه, فيعود وهو ناقم لما أصابه من خيبة أمل في تغير الحال الذي بات عنه غريبا هو وأبناؤه وقد أعجزته خصاله وسجاياه وشهامته مثلما أعجزته جيبه وعوائده التقاعدية عن مجاراة الآخرين من حوله.
كذلك يذهب المتقاعد العسكري أيا كانت رتبته إلى الدوائر والمؤسسات يبحث عن وظيفة لأحد أبنائه (الجامعيين المتعطلين بكثرة في كل بيت) فيعود منكسا مكسور الخاطر بحجة أن التعيين (شفاف وعادل ولا تجاوز فيه) ولا يتم إلا من خلال ديوان الخدمة المدنية على الدور, ليفاجأ بعد يوم أو عدة أيام (بغيبوبة وهزال ديوان الخدمة والقائمين عليه) وإذ بابن الوزير الفلاني أو الأمين العام العلاني أو ابن التاجر العلنتاني قد هبط فجأة بالبراشوت ليعين في الخارجية أو الداخلية أو الديوان الملكي أو رئيسا لمنظمة كبرى كالطاقة أو إحدى الهيئات الاقتصادية براتب خيالي فلكي بلا جواب يقنعه ويقنع أبناءه في مشروعية ما يجري من تجاوزات وتعديات صارخة.
إن من لا يفهم ( وربما لا يريد أن يفهم) وان من يتستر من بعض المؤتمنين على نصح القائد واسداء المشورة بنصيحة او راي موضوعي لا يقدر معنى أن تكون (متقاعدا من سلك الجيش أو الأجهزة الأمنية), وهو لذلك لن يشعر بمعاناتك وهمك, فقد غابت النظرة وتهشم المعنى بل أصبح مسخا طال كلمة متقاعد بل طال المتقاعد نفسه بحيث تناسى الناس وخصوصا المسؤولين الكبار أن المتقاعد العفيف الخلوق الوقور اليوم هو الشاب اليافع الفتي القوي بالأمس الذي نذر نفسه وروحه وأطفاله الصغار وزوجته مهملا أبويه المسنين بعيدا عنهم شمالا وجنوبا وشرقا وغربا لأجل المرابطة في موقع عمله (في مختلف الظروف الجوية والاقتصادية والسياسية) بلا أي تذمر أو تخاذل, لقد أصبح المتقاعد في نظر الدولة وزمرة من الفاسدين مجرد ورقة توت سترت عورات العموم حين كانت بهيجة نضرة وارفة في ربيع العمر حتى أضحت اليوم ذاوية في خريفها صفراء ملقاة على زوايا العمر تعبث بها رياح الفساد والتعدي والتهميش والإقصاء ولو قدر الامر لكل فاسد حاقد لداسوا على هذه الورقة بالنعال لتصبح يبابا في مهب الريح بلا اثر لها يذكر.
منذ عقود والجيش والأجهزة الأمنية تعج بخيرة الخيرة من منتسبيها وهم في غالبيتهم خريجو جامعات وحملة مؤهلات ودرجات علمية مرموقة ولديهم من الفطنة والذكاء والوعي ولديهم التدريب والتأهيل والتثقيف الجيد الذي اكتسبوه خلال سنوات خدمتهم في عملهم, وهم حين يتقاعدون لا يعني إنهم عاجزون, فهم لا زالوا الأقدر على تلمس وتفسير كل حالة تصيب الوطن (تماما كما يتلمس الأب الحاني والأم الرؤوم ملامح ابنهما الصغير حين يصاب باي عارض) بشكل لا يفوقهم فيه احد وعلى مختلف الصعد والمجالات, فلا يظنن أي متعام أو غشيم أنهم غير قادرين على التشخيص والتحليل والتأثير في كل مجال, لينتبه الجميع إلى هذه المزلقة والخيبة وليدرك صنّاع القرار أن المتقاعدين منذ ثلاثة عقود على الأقل هم قوة حاسمة وكتلة حرجة في تعديل وتصويب مسار الأمور إن لزم الأمر, فلتستغل الدولة إن كان بها بقية من حصافة هذه الكتلة في تقوية الوطن كل في مجاله بلا أية مسوحات أمنية أو تخوفات فهم الضامن الحقيقي لأمن الوطن وهم راس الحربة في أي معركة جنبا إلى جنب مع إخوانهم العسكريين العاملين في الجيش وباقي الأجهزة الأمنية والمدنية.
كما نوهت سابقا, المتقاعدون العسكريون والامنيون هم فئة مثقفة متعلمة تمتلك الفكر المستنير والشخصية القيادية المؤثرة, ولا يظنن أي احد إنهم في غفلة عما يجري من فساد وإفساد وتطاول على مفاصل وثوابت ومقدرات الوطن, إنهم ينظرون بعين السخط والغضب بعيون تتقادح شررا لكنهم العاجزون القابضون على جمر الصبر انتماء وولاء عن إبداء أي ردة فعل, وجريا على هذا الصمت والترفع منهم فقد أصبح المتقاعدون (في الجيبة) كما يقول التعبير الدارج, وأنا أقول لتتغير اليوم هذه (السيمفونية الرديئة باسطوانتها المشروخة المتآكلة), ولتصحح هذه النظرة, فالحليم الذي تظنه منذ عقود وعقود مضمون مركون في الجيوب الخلفية للسروال ربما يأتي الوقت والظرف عليه ليفر ممزقا كل السراويل والجيوب والعبوب, إن استفزاز الحليم بأكثر مما يحتمل مدعاة له ومبرر لتحطيم المداهن والخوابي على رؤوس الطماعين الذين يكدسون الأرصدة والمونة من قوت الفقراء, ربما يخرج المضمون (المُجيّر منذ عقود) من القمقم هائجا مائجا والعواقب لا اراها بعد ذلك محمودة.
إن المتقاعدين (العسكريين والأمنيين), يرون بكل وضوح وإدراك ما يجري من تجاوزات في نهب المال العام وتجاوزات في التعيينات والترقيات والبعثات لشخوص وأبنائهم واقربائهم وانسبائهم من محظيين طارئين لم يضربوا ضربة فأس واحدة في سبيل إعمار الوطن, إنهم الطراق عابري السبيل إنهم الدمامل والنتوءات والبثور المتقيحة صديدا، انهم الطارئون على جسد هذا الوطن كما يطرأ البرق فجأة ويختفي في ليلة ماطرة بلا اثر له من ضوء ينير سبيل الحيارى لكنه مع كل جحوده يجلب خلفه الرعد المدوي, فلننتبه ولنتحوط يا صناع القرار, يا من تدعون الحرص على الوطن.
إن ذروة سنام الضيق والضجر الذي يعاني منه المتقاعدون العسكريون والامنيون مرده ومبعثه أنهم يشاهدون عنوة بلا تذاكر فصول المسرحيات وفصول اللعب والعبث في الهوية الوطنية, نعم الهوية الوطنية ولا أقول كما يقول دعاة التلفيق والتضليل 'الوحدة الوطنية', فلنفرق في النظرة بين هذين المصطلحين تفريق الزيت عن الماء القراح, إذ لم يعد يقبل السكوت والصمت على هذا الخلط المضلل, إن (الهوية) يا قوم صيغة جامعة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لها مقومات أصيلة لا يختلف عليها اثنان سويان عقلا ونفسا, بينما (الوحدة الوطنية) يا ذات القوم خدعة سياسية تضليلية بامتياز لأنها تعني الزج والإجبار بكل (مصلحجي) ليتخذ من القول المأثور 'مكره أخوك لا بطل' لغة مجدية له, إنها حتما لغة من يريد إلقاء صرفه الصحي فقط فوق هذه الأرض التي اتخذها سبيلا ووسيلة لا أكثر, لغة من يريد التنفع على ارض (أي ارض) أينما كانت حتى لو في جزر التيه في صحراء يهود الغابرة لنيل مصالح ومنافع شخصية تعود عليه وعلى خاصته بعوائد ومكتسبات يعلمها هو, الوحدة الوطنية – يا قوم – دوغما وهذر وخزعبلات معرضة للزوال إذا ما تنافت مصالح قناصي الفرص بينما الهوية الوطنية طود راسخ في قلوب المؤمنين الصادقين الزاهدين حتى لو انعدمت أو تضاربت المصالح والأهواء, فلنعد إلى التعريف الدقيق لمصطلح الهوية الوطنية التي باتت مهددة بل لم يبق منها إلا ملامح شائهة, ولنتدراك ما يمكن لنا تداركه لنعيد بناءها وفق مقومات (الحقوق والواجبات, الأرض, العادات, التقاليد, والتضحية بالنفس والنفيس, ........الخ) بلا تهويمات أو غمغمات أو تشعبات أصابت ركائز الهوية الأردنية بحالة من الضياع والتماهي مع هويات قميئة دخيلة لوافدين من هنا ومن هناك (فاللباس والكلام والأفراح والأتراح والاحتفالات والسلوكيات والاستثمار والبيع والتجارة والإعلام والتعليم ووووو كلها مرتكزات أصبحت في دائرة الكفر والتشكيك والاتهام من قبل كل عشاق وحراس الهوية الجامعة, بينما دعاة الوحدة الوطنية لا زالوا يدلسون على الجميع خوفا من هاجس الهوية الجامعة المانعة لنيل ما خططوا له من مصالح وما سعوا له من نوايا سرية يعلمها المتقاعدون العسكريون قبل غيرهم وهم لها بالمرصاد.
أصبح حال المتقاعدين كما هو حال أهل الرقيم, باتوا (300 سنة) ثم بعد صحوة نزلوا إلى السوق وإذ بكل شيء غريب عنهم, عادوا فماتوا من كمد وغيظ, هل هذا جزاء الصبر على الطوى؟؟ هل هذا جزاء المرابطة في المغر والكهوف على مقدمات الثغور والمخاضات؟؟؟ هل هذا جزاء من توسد البندقية وتلحف العلم فأصابه السهد من طول السهر على بوابات الوطن؟؟؟ تساؤلات برسم الإجابة ربما تبرر دعوة الداعين إلى المؤتمر وتبز عيون المشككين في صدق النوايا.
لينتبه المتقاعدون العسكريون والامنيّون إلى قضية جوهرية, فقد وجدت جامعة الدول العربية كمخرج خبيث (سيء الطوية والنية) ضمن حلقة من حلقات لعبة الأمم (ولتسألوا مايلز كوبلاند عن ذلك في كتابه الممهور ب لعبة الأمم ) عن لعبة حيكت في أروقة المخابرات السرية الأمريكية من قبل عملاء ال CIA لتكون المسمار الأخير المكين المهين (من قياس النمرة عشرة) في نعش الأمة العربية, صارت معولا من معاول التفرقة والتفتيت للجسد العربي الواحد, وها هي اليوم مؤسسة المتقاعدين العسكريين (إكسسوار وديكور) تذرو الرماد في العيون وتحثو الغبار في الوجوه فلا اثر لها إلا أنها اسم بلا مسمى لإغلاق القيود كمرفق ثانوي من مرافق أي بيت ليس أكثر, صدقوني إنني شخصيا لا اعرف أين تقع هذه المؤسسة حتى اللحظة, ألا يكفي هذا دليل على حالة الغياب الذي تمارسه المؤسسة العتيدة؟؟؟ حيث لا اثر لها ولا برامج مجدية ولا صوت يسمع لها ولا أي دالة عليها تشعرنا بوجودها, إنها بلا ظلم أو افتئات أشبه بجثة هامدة في مقبرة نائية.
ختاما فاني كمتقاعد:
أدعو الزملاء ولست وصيا على احد إلى ما يلي:
الحذر من اصحاب الاجندة المأجورين، سيندسون ويشاركون وربما يحاولون خلق البلبلة والارباك بصور شتى واشاعة حالة من التمايز والتشكيك بين متقاعد بعوائد مرتفعة ومتقاعد بعوائد منخفضة، وعلى هذا المنوال البغيض ربما يتشرذم المتنادون.
التروي في الطرح وإمعان النظر في كل الظروف المحلية والإقليمية, ادعوهم (باحترام وتواضع) إلى دراسة نقاط القوة والضعف والتهديدات والمخاطر واستغلال الفرص المتاحة بشكل يكلل المساعي الحميدة بالنجاح إن شاء الله, أدعو الجميع إلى الابتعاد عن لغة التفريق والتناجش والتحاسد والتباغض بين جميع المتقاعدين على خلفية العوائد التقاعدية والامتيازات فهي مناط البحث لاحقا أن تكللت المساعي بالنجاح وخرج المؤتمر إلى العلن, وليكن منا خيارنا في مقدمة الأمر, فمنهم القادة الشرفاء الحاصلون على أعلى المؤهلات العلمية والقيادية والشخصية, إنهم موجودون في كل الأقاليم من وطننا ونحن خلفهم سنسير شريطة العمل ضمن ثلاثيتنا المقدسة (الله الوطن المليك) وأي خروج – لا قدر الله - عن أي مكون من مكونات هذه الثلاثية يعني إنني أول الخارجين عليكم المتبرئين من طرحكم وكل نفس بعد ذلك بما كسبت رهينة, وفقكم الله وكلل بالخير مسعاكم, حمى الله الوطن والقائد الهاشمي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المفدى, عاش الجيش عزيزا مهابا عشتم يا أبناء الجيش المصطفوي الغيارى على هذا الحمى.
وحيث لكل مجتهد نصيب فهذا هو رأيي ولكم انتم حرية التمعن والقبول, معتذرا متراجعا عن أي زلل أو خطل ارتكبته عن غير قصد.
العميد المتقاعد
طه عبدالوالي الشوابكه
تلفون ( 0772309107).