أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الأربعة الخضراء

بقلم : احمد محمود سعيد
02-02-2016 08:00 AM
السلسلة الخضراء
الأربعة الخضراء (3)
لقد انهك الإنسان بيئتنا بأشكال كثيرة من السلبيّات تحت مبررات شتّى منها التسارع في التعداد االسكاني او العمل على توفير الأمن الغذائي او المائي أو الإقتصادي وعندما وعى المسؤولون في الحكومات المختلفة من العالم سارع بعضهم الى التفكير في التكفير عن تلك الإنتهاكات من خلال إجراءات عديدة إضافة لحث الحكومات اللحاق بالدرب لحماية الإنسان وحقوقه وبيئته أينما كان ومن هذه الإجراءات التعويض عن الهدر المتفاقم في الموارد الطبيعيّة بإعادة تدوير ما يمكن من مواد بعد إستخدامها لجعلها قابلة للإستخدام البشري مرة اخرى واصبح هذا الإجراء يعود بالنفع المادّي على كثيرين إضافة للمردود البيئي على الإنسان وبيئة البلد الذي يعيش فيه .
يمكن تصنيف النفايات حسب مصدرها إلى منزلية وصناعية وزراعية، وتعدين وهدم وبناء، ونفايات ناجمة عن معالجة المياه العادمة (الحمأة). وأخطر أنواع النفايات الصلبة هي النفايات الصلبة الصناعية، نظراً لاحتوائها على مواد خطرة على البيئة (متفجرة، مساعدة للاشتعال، سامة،...) بالإضافة إلى النفايات الأخرى مثل البلاستيك والكاوتشوك التي تحتاج إلى مدة زمنية طويلة للتخلص منها عن طريق العمليات الطبيعية، لأنها مركبات معقدة التركيب لم يسبق للنظام البيئي أن تعامل مع مثلها.
يعتبر إعادة تدوير المخلفات أحد الأركان الأربعة الخضراء التي تقوم عليها عملية إدارة المخلفات أو ما يعرف بالقاعدة الذهبية 4R والتي يجب زيادة الوعي بها وأولها التقليل (Reduction) وثانيها إعادة استخدام المخلفات (Reuse) وثالثها إعادة التدوير (Recycling)والمقصود بإعادة التدوير هو إعادة استخدام المخلفات؛ لإنتاج منتجات أخرى أقل جودة من المنتج الأصلي, ورابعها الاسترجاع الحراري (Recovery) وتستخدم هذه التكنولوجيا في الكثير من الدول، خاصة اليابان؛ للتخلص الآمن من المخلفات الصلبة، والمخلفات الخطرة صلبة وسائلة، ومخلفات المستشفيات، والحمأة الناتجة من الصرف الصحي والصناعي، وذلك عن طريق حرق هذه المخلفات تحت ظروف تشغيل معينة مثل درجة الحرارة ومدة الاحتراق، وذلك للتحكم في الانبعاثات ومدى مطابقتها لقوانين البيئة, وتتميز هذه الطريقة بالتخلص من 90% من المواد الصلبة، وتحويلها إلى طاقة حرارية يمكن استغلالها في العمليات الصناعية أو توليد البخار أو الطاقة الكهربائية.
وبما أن الحديث عن التنمية الخضراء والتي تمس البيئة والإقتصاد معا فإنّ عملية إعادة تدوير وتصنيع واستخدام المخلفات، سواء المنزلية أم الصناعية أم الزراعية، وذلك لتقليل تأثير هذه المخلفات وتراكمها على البيئة هي الأكثر شيوعا والأبسط تكنولوجيا ، وتتم هذه العملية عن طريق تصنيف وفصل المخلفات على أساس المواد الخام الموجودة بها ثم إعادة تصنيع كل مادة على حدة .
بدأت فكرة التدوير أثناء الحرب العالمية الأولى ، حيث كانت الدول تعاني من النقص الشديد في بعض المواد الأساسية مثل المطاط، مما دفعها إلى تجميع تلك المواد من المخلفات لإعادة استخدامها.
وبعد سنوات أصبحت عملية التدوير من أهم أساليب إدارة التخلص من المخلفات؛ وذلك للفوائد البيئية العديدة لهذه العملية.
لسنوات عديدة كان التدوير المباشر عن طريق منتجي مواد المخلفات (الخردة) هو الشكل الأساسي لإعادة التصنيع، ولكن مع بداية التسعينيات بدأ التركيز على التدوير غير المباشر أي تصنيع مواد المخلفات لإنتاج منتجات أخرى تعتمد على نفس المادة الخام مثل: تدوير الزجاج والورق والبلاستيك والألمنيوم وغيرها من المواد التي يتم الآن إعادة تصنيعها.
هذا عن التدوير في العالم بشكل عام أمّا عن التدوير في الأردن فقد بدء تقريبا منذ العام 1995 عبر مشروع التدوير ونشاطات متفرقة اخرى .
كما إن التطور الحضري وزيادة عدد السكان والنمو الاقتصادي عادة ما يصاحبه عدد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأهم هذه المشاكل هي النفايات الصلبة، حيث تقوم أمانة عمان الكبرى والبلديات إضافة إلى بعض الشركات الخاصة في جميع أنحاء المملكة بإدارة النفايات الصلبة.
وكان مكب الرصيفة هو اكبر المكبات في المملكة قبل إنشاء مكب الغباوي، حيث يشغل مساحة 700 دونم وكان يخدم اكثر من مليوني شخص، وكان يستقبل المكب ما يقارب 2300 طن يوميا، وتبلغ نسب المواد التي يمكن اعادة تدويرها 23 % نفايات ورقية، 11% نفايات بلاستيكية، 2% نفايات معدنية، 2% نفايات زجاجية، كما كان يمكن الاستفادة من النفايات العضوية البالغ نسبتها ما يقارب 52% لإنتاج الغاز الحيوي والكومبوست ويتم ذلك عن طريق تجمع جزء من الغاز الحيوي الناتج من النفايات المطمورة في مكب الرصيفة وإرسالها إلى مشروع الغاز الحيوي ليتم توليد حوالي 6 ميغاواط بالسـاعة من الكهرباء إضافة إلى انه يتم توليده في مفاعلات المشروع من خلال تخمير بعض مخلفات المسالخ وأسواق الخضار والتي تم توريدها خصيصاً لغايات تخميرها لتوليد الطاقة.
وتعتبر إدارة النفايات الصلبة إدارة حديثة في المملكة , حيث يبلغ معدل النفايات المنزلية (0.9) كغ لكل شخص يومياً في المناطق الحضرية، ويصل حجم النفايات التي يتم إنتاجها في المملكة إلى (2.5) مليون طن سنوياً وعدد الأكياس البلاستيكية المستعملة في الأردن يصل الى اكثر من 3 مليارات كيس سنوياً، يتسرب ١ بالمئة منها اي حوالي٣٠ مليون كيس إلى البيئة سنوياً، وتحتاج ألف سنة حتى تتحلل .
وتقوم البلديات وأمانة عمان بجمع هذه النفايات وتوريدها إلى مكاب النفايات البالغ عددها 22 معظمها في الخدمة ولكن أكبرها مكب الغباوي الذي يخدم بعض محافظات الوسط ومعسكرات القوات المسلحة والذي يستقبل اكثر من نصف مجمل حجم النفايات الصلبة في المملكة بواقع اكثر ثلاثة الآف طن يومياً, ويعتبر مكب الغباوي الذي تبلغ مساحته 2000 دونم، و1000 دونم مخصصة للمشاريع الخاصة المصاحبة له، مثل مشروع الفرز وإعادة التدوير، وطاقته الاستيعابية تسع خلايا، تم إغلاق الأولى، والثانية سيتم إغلاقها بعد تعبئتها بأكثر من مليوني طن من النفايات، والخلية عبارة عن حفرةٌ بعمق 10 أمتار وعرض أكثر من 100 متر، وارتفاع 37 متراً، يتم تبطينها بمواد خاصة وعازلة من البولوإثيلين عالي الكثافة بعرض مساحة الخلية،, كما أن هذه الخلايا مزودة بنظام جمع للغاز الحيوي الذي يتم توليد الطاقة من خلاله, إضافة إلى جمع العصارة الناجمة من النفايات التي يتم طمرها, وتوضع برابيش لسحب السوائل السامة والمياه العادمة من أسفلها، ونقلها إلى برك صناعية للاستفادة منها في الزراعة بعد معالجتها, وهو المكب الأهم لأنه الوحيد المصمم هندسياً والذي تم افتتاحه والعمل به عام 1999 وقد تم افتتاح مكب الغباوي بعد إغلاق مكب الرصيفة, حيث تقوم الجهات المعنية بإعادة تأهيل مكب الرصيفة وعملية التدوير هي عملية إعادة تصنيع مواد خام او صناعية من خلال الاستفادة من الكميات الهائلة من المواد المستهلكة(النفايات) كمواد خام او مواد اولية لانتاج جديدة بتكلفة قليلة, وتكمن اهمية التدوير من خلال استغلال هذه المواد المستهلكة والتخلص من كميات هائلة من تلال النفايات المتراكمة والتي اصبحت مشكلة حقيقية عند حرقها لما تصدره من ابخرة وغازات لها تأثيرات خطيرة على الصحة.ولهذا تكمن اهمية عملية اعادة التدوير من خلال اعتنائها بالجانب البيئي، فهي عمليا تحمي البيئة من مضار تراكم النفايات و المواد المستهلكة من جهة ومن الجهة الاخرى تصون هدر موارد البيئة من حولنا باستغلال مواد متوفرة على الارض لا في باطنها كما نحافظ على الموارد الطبيعية وتوفر عملة صعبة وتقلل من إنبعاث الغازات الضارة , ونضرب امثلة لاحقا على تدوير بعض المخلفات القابلة للتدوير وإعادة تصنيعها من جديد ليمكن استخدامها من جديد .
وتعتبرإعادة تدوير الورق عملية اقتصادية من الدرجة الأولى؛ وذلك لأنه طبقًا لإحصائية وكالة حماية البيئة بالولايات المتحدة الأمريكية فإن إنتاج طن واحد من الورق 100% من مخلفات ورقية سوف يوفر طاقة (4100 كيلو وات/ ساعة) ، وكذلك سيوفر 28 مترًا مكعبًا من المياه، بالإضافة إلى نقص في التلوث الهوائي الناتج بمقدار 24 كجم من الملوثات الهوائية. وبالرغم من ذلك، فإنه كان يتم في الولايات المتحدة الأمريكية إعادة تدوير 20.9 طنًّا ورقيًّا سنويًّا فقط مقابل 52.4 طنًّا من الورق يتم التخلص منها دون إعادة تدوير, أما الورق المعاد تدويره فإنه يستخدم في طباعة الجرائد اليومية.
وكذلك لإعادة تدوير البلاستيك الذي ينقسم إلى أنواع عديدة يمكن اختصارها في نوعين رئيسين هما البلاستيك الناشف وأكياس البلاستيك ، حيث يتم قبل إعادة التدوير غسل البلاستيك بمادة الصودا الكاوية المضاف إليها الماء الساخن, وبعد ذلك يتم تكسير البلاستيك الناشف وإعادة استخدامه في صنع مشابك الغسيل، والشماعات، وخراطيم الكهرباء البلاستيكية، ولا ينصح باستخدام مخلفات البلاستيك في إنتاج منتجات تتفاعل مع المواد الغذائية. أما بلاستيك الأكياس فيتم إعادة بلورته في ماكينات البلورة.
بينماإعادة تدوير المخلفات المعدنية والتي تتمثل أساسًا في الألومنيوم والصلب؛ حيث يمكن إعادة صهرها في مسابك الحديد ومسابك الألومنيوم، ويعتبر الصلب من المخلفات التي يمكن إعادة تدويرها بنسبة 100%، ولعدد لا نهائي من المرات، وتحتاج عملية إعادة تدوير الصلب لطاقة أقل من الطاقة اللازمة لاستخراجه من السبائك، أما تكاليف إعادة تدوير الألومنيوم فإنها تمثل 20% فقط من تكاليف تصنيعه، وتحتاج عملية إعادة تدوير الألومنيوم إلى 5% فقط من الطاقة اللازمة.
بينماإعادة تدوير الزجاج الذي تعتبر صناعته من الرمال من الصناعات المستهلكة للطاقة بشكل كبير؛ حيث تحتاج عملية التصنيع إلى درجات حرارة تصل إلى 1600ْ درجة مئوية، أما إعادة تدوير الزجاج فتحتاج إلى طاقة أقل بكثير.
وإعادة تدوير المخلفات الحيوية التي تتمثل في بقايا الأطعمة ونواتج تقليم الأشجار والحقول، حيث يتم تدوير هذه المخلفات في وحدات تصنيع السماد العضوي لإنتاج مواد ذات قيمة سمادية عالية، ويتم ذلك بعدة طرق منهاالمعالجة بالتخمر الهوائي (طريقة الكمر) وتعتمد هذه الطريقة على عوامل كثيرة، منها الرطوبة، ونسبة الكربون إلى النيتروجين، وطريقة تكسير المخلفات، ومنها أساليب كثيرة مثل الكمر بتيّارات الهواء الطبيعي ، وطريقة الكمر بالهواء القصري،وطريقة الكمر الطبيعي
أو عملية التخمر اللاهوائي (البيوجاز) وتتميز هذه الطريقة بإنتاج الغاز الحيوي في أثناء عملية التحلل اللاهوائي، بالإضافة إلى الماء الناتج, ولقد تطورت وحدات البيوجاز في العشرين سنة الماضية بدرجة كبيرة, فوصل عدد وحداتها في الصين اكثر من 7 ملايين وحدة، وفي الهند اكثر من 120 ألف وحدة، وفي كوريا الجنوبية اكثر من 50 ألف وحدة، وتعتبر تكنولوجيا البيوجاز من التكنولوجيات الاقتصادية؛ حيث يولد المتر المكعب الواحد من الغاز الحيوي 1.25 كيلو وات/ساعة، وهي طاقة كافية لتشغيل موتور قوته حصان واحد لمدة ساعتين، هذا فضلاً عن الآثار البيئية الإيجابية؛ حيث يتم إبادة قدر كبير من الطفيليات والميكروبات المرضية في أثناء عملية التخمر اللاهوائي.
وأخيراطريقة التخمر بالديدان حيث تقوم الديدان بدور هام في تحويل المخلفات العضوية إلى سماد عضوي بجودة عالية تحت ظروف ملائمة من الرطوبة والحرارة والتهوية، ووجد أن سماد الديدان ذو كفاءة عالية وخالٍ من بذور الحشائش، ومفكك وخفيف الوزن، ويمكن استخدامه كتربة صناعية في المشاتل، كما أن العملية ذاتها غير ملوثة للبيئة واقتصادية وغير مستهلكة للطاقة.
وتلعب وزارة البيئة دورا في مراقبة عمل البلديات والمجالس الخدمية ومكاب النفايات وتقوم بالإدارة المباشرة لمكب النفايات الخظرة في سواقة كما تقوم بإعداد الدراسات لتطوير مكب نفايات الإكيدر في شمال المملكة ليصبح مكبا هندسيا صحيا ولفصل النفايات السائلة وزيبار الزيتون بعيدا عن مكب النفايات الصلبة كما تقوم الوزارة بتطوير إدارة النفايات الطبيّة والمواد السامّة والنفايات الإلكترونية والبطاريات والزيوت العادمة مع الجهات الرسميّة الأخرى .
وهناك دور كبير للجمعيات البيئية ومنظمات المجتمع المدني في نشر التوعية البيئية خاصّة فيما يتعلّق بفصل النفايات من المنزل والتركيز على توعية ربّات المنازل والأطفال حول ذلك وكذلك دور المدرسة ودروس الوعظ في اماكن العبادة حيث تحض مختلف الديانات على النظافة وغرس الأشجار والمحافظة عليها وحماية البيئة من أي اضرار او مخاطر .
ومن اهم مهام إدارة النفايات الصلبة الرئيسة هو تقليل مخاطر التغير المناخي وذلك بالتخلص من إنبعاثات ثاني اكسيد الكربون وغاز الميثان باستغلاله لتوليد طاقة كهربائية من الغاز الحيوي , ويهتم العالم حاليا بتخفيف ظاهرة الإنحباس الحراري والتغير المناخي والمساواة بين المرأة والرجل في التكيُّف مع هذه الظاهرة العالميّة والتي تتجلى ضمن ورش العمل المتعلقة بالتغير المناخي والنوع الإجتماعي وتمكين المرأة وإعطائها دورا في مكافحة هذه الظاهرة وحماية البيئة وإنخراطها في دعم توجه المجتمعات نحو التنمية الخضراء وتكريس مبادئ الإقتصاد الأخضر .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012