أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ليس توقيعا على بياض !

بقلم : ادهم غرايبة
07-03-2016 10:40 PM
إستثمرت جهات متنفذة إرتدادت ' حملة اربد ' الأمنية مؤخرا ضد عصابة إجرامية لتجيرها لحساب ليس تسكين الوضع العام في الاردن فحسب , بل لابتزاز المواطنين و مقايضة تطلعاتهم بوطن يسوده القانون و العدالة الاجتماعية و تكون كرامة المواطن فيه نهجا للتمنن عليهم باليقظة الأمنية التي من المفروض انها الوضع الطبيعي , سيما ان الجهات الامنية في الاردن تحظى بنسبة وازنه من الموازنة العامة , و يحظى كبار الاجهزة الامنية بالدلال !
إنحياز الناس لجهود الاجهزة الأمنية و تقديرهم لتضحيات المنتسبين لتلك الاجهزة ليس طارئا و لا غريبا على المجتمع الاردني , تعاطف الاردنيين و مواساتهم لأسرة الشهيد راشد الزيود يتماشى مع موروث اجتماعي اردني تقليدي سبقه مؤخرا تعاطفهم مع اسرة الشهيد معاذ الكساسبه و غيرهم من شهداء الاجهزة الامنية .
هذا التعاطف و التماهي مع جهود و تضحيات الامن ليس توقيعا على بياض لجهات اخرى نافذة تتهرب من محاسبة ارهابيين اخرين في مجالات الاقتصاد و السياسة . حملة التعاطف الشعبي و اعتزاز الاردنيين بأجهزتهم الامنية له معان كثيرة و واضحة , و من غير الحكمة حرفها عن سياقاتها خدمة لعصابة اللصوص و فشل الحكومة في تقديم شيء للاردنيين . في مقدمة تلك المعاني ان الاردني متمسك بوطنه و متمسك يتصحيح مساراته و على رأسها برنامج وطني سياسي و اجتماعي يضع حقوق و كرامة المواطنين على رأس اولوياته .
في مسايره للمبالغات التي اعتدنا عليها فإن كل المبتهجين بحملة اربد الامنية مؤخرا اظهروا الاردن و كأنه من كوكب اخر و ان الحياة فيه لا ينافسها الا العيش في الجنة فقط , و هذا – طبعا – غير صحيح .
مخرجات الفساد في الاردن ليست ' اعتقادا ' يمكن اتهام ' معتنقيه ' بالتخوين و لا ' فكرة ' يمكن دحضها بارقام النمو التي لا معنى لها طالمها انها لا ترتد بالنفع الملموس على حياة الناس . الفساد و مخرجاته واقع يفرض نفسه بقسوة , و ما صبر الاردنيين على تمادي جهات متنفذة تغض الطرف عن بضع عشرات من كبار اللصوص الا خوفهم على انزلاق الاردن لدمار سبقه الينا عدد من الدول العربية , و للاسف ان جهات امنية و سياسية شوهت عمدا حرص الاردنيين على بلدهم فتمادت في غيها .
ما قامت به الاجهزة الامنية مؤخرا موضع إجماع و افتخار شعبي بلا شك , لكن لا يعني ذلك الا نذكر ان ما قامت به الاجهزة الامنية هو في صميم عملها و هو احدى المهام الاساسية لتلك الاجهزة اصلا , اكثر من ذلك ان الشعب و الحكم و الحكومه يضيعون على انفسهم استخلاص دروس الويلات التي نعيشها من حولنا , فلا الاردني يعفي نفسه من الانزلاق في مستنقعات الطائفية لحساب نزعة وطنية لا تتعارض مع هوية عروبية جامعة يزركشها التنوع الديني و الطائفي لابناء القومية الواحدة و لا هو ينخرط في مطالبات سلمية بحقوقه المدنية بل انه ينذر نفسه للانغماس في مشاغل هامشية و الانحياز لهويات عشائرية تارة و طائفية تارة اخرى , و لا الحكم و الحكومة يتقدمون على الشعب في المطالبات باصلاح سياسي و اجتماعي و اقتصادي جذري يحصن الوطن و الحكم من وباء ما يسمى ب ' الربيع العربي ' و يرد للاردنيين مكارهم التاريخية !
خلال الاسبوع الماضي طالعت عشرات المقالات و التصريحات و النشاطات التي تطرفت في المبالغة بحملة اربد الامنية و زاودت على دول اخرى متقدمة , و من غرائب الناس في بلدنا ان الاردني يعتبر الذين نفقوا من طرف المتشددين في اربد ' ارهابيين ' في الاردن بينما هذا الاردني يعتبر ان تلك الملة من ' الثوار ' على ارض غيرنا !! فعلى اي مسطرة نقيس ؟ و لماذا يحل لنا قتل هؤلاء بينما يتعاطف بعضنا معهم خارج بلدنا ؟! و من المضحك ان رئيس الحكومة نفسه استند لمادة إخبارية لصحيفة الاندبندنت اللندنية العريقة و واسعة الانتشار و نسب اليها مادة صحفية تصور الاردن و حكومته على انهما من كوكب اخر متقدم على دول اوروبا و امريكا و اليابان ليتبين ان ما نسب للصحيفة ما هو الا ' شطحة ' خيال اردنية !
حتى لو افترضنا ان كل صحف العالم تتغزل بلدنا فهل نشك بانفسنا و بقناعاتنا ان حياتنا تنحدر لقيعان البؤس ؟!
هل تراجع قطاعات الصحة و التعليم و الخدمات العامة مجرد خيال ندعيه ؟! هل غلاء المعيشة حالة افتراضية من وهم خيالنا ؟
حتما ننحاز للامن , لكن علينا التذكير ان الامن له معنى شمولي يندرج ضمنه الامن الاجتماعي الذي يستدعي تحصين الاردنيين في وضعهم المعيشي و يستدعي حملات امنية متواصلة بلا هوادة ضد تجار المخدرات و البلطجية و بيوت الدعارة وعصابات اللصوص . اذا كانت حقوقنا الاساسية - و التي ندفع اصلا مقابلها - في التعليم و الصحة و النقل و النظافة العامة متلاشية , فما جدوى السطوة الامنية ؟!
يتمسك الاردنيون بدولتهم و بنظامهم السياسي ايضا , لكنهم – بالأخر – يريدون تطورا ملموسا في قطاعات شتى , و هم عرضة للضغط المعيشي و التمادي السياسي الذي يجعل منهم بلا اي تحصين يميزهم عن سواهم حتى في وطنهم ! , فحالة الابتهاج و الاندماج مع الاجهزة الامنية لا تعني ابدا توقيعا على بياض !

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-03-2016 11:26 PM

كل التحيه ايها النشمي الاردني الواعي .توقيع على بياض غير موجود في قواميس الاردنين ويجب معالجة باقي الامور فاسدين او تجار مخدرات او مرتشين او خلافه .القتال هو الواجب الرئيس للجيش والاجهزه الامنيه ولا بد من وقوع خسائر واصابات .كما حوسب الخارجين بعنف يجب ان تعالج باقي الامور .اسلوب المعالجه للخارجين كان مبالغ به وبه بعض الارتجاليه وحتى الاحتفالات ما بعد الحدث كانت غير منظمه واحدثت اربكات بشوارع المدن .لا اريد توضيح ما كتبت صحف الاجانب عن ما حدث باربد لان حكومتنا لم ولن تكن شفافه ابدا وسلامتك .

2) تعليق بواسطة :
08-03-2016 01:33 AM

هي مناسبة وطوق نجاة مؤقت لصرف انظار الناس عن الفاسدين وناهبي اموال العامة وما ظاهرة اربد الا نتاج الحرمان والشعور بغياب العدالة والحياة الحرة الكريمة، في الوقت الذي نشيد بجهود الاجهزة الامنية ونثمنه عالياً نقول ان هذه من واجبات الاجهزة الامنية والغاية من وجودها؟؟؟

3) تعليق بواسطة :
08-03-2016 06:53 AM

الركمجة هي رياضة ركوب الامواج يمارسها الرياضيون على شواطئ المحيطات.
ويمارسها العربي بحياته الاعتيادية على اليابسة كي يتصدر بها المجالس والدواوين.
واكثر من هيك سيتم الإعتذار على التعليق

4) تعليق بواسطة :
09-03-2016 06:06 PM

*

أخي أدهم ، دعها هذه المره لتكون توقيعاً على بياض ، بياض الله وجهك .

*

5) تعليق بواسطة :
10-03-2016 10:22 AM

خليك بتمجيد النظام السوري و اجهزته القمعية.

6) تعليق بواسطة :
11-03-2016 12:14 PM

مر اسبوعين ولغاية الان ما عقدت الحكومه مؤتمر صحفي ووضحت ما حدث باربد والاجابه على كثير من الاسئله الغامضه .صحافة الغير تقول ان لا علاقه لهم بداعش وان لا احزمه ناسفه لديهم وان بنادقهم اقل من عدد الاشخاص وذخيرتهم لا تكفي لنصف ساعه قتال وان مخابراتنا لم تكن تعرف عنهم شيى وان المبلغ عنهم مواطن من قرية الشونه الشماليه حيث شاهدهم يتدربون وقيل ان اهدافهم لم تكن مدنيه او حتى عسكريه اردنيه وانهم خليط من الفلسطينين والاردنين الاقحاح وجميعهم من المهمشين والفقراء من بائع هريسه الى اثاث مستخدم وتالف .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012