حَشْبُون...ملحمة تاريخيه

السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

حَشْبُون...ملحمة تاريخيه

بقلم : هاشــــــم المشـــــــــــاعله
09-03-2016 08:00 AM
مكان يُعرف اليوم باسم حسبان،‏ مدينة تبعد نحو ٢٠ كلم (‏١٢ ميلا)‏ الى الجنوب الغربي من ربّة (عمّان)‏ وتقع في منتصف المسافة تقريبا بين واديَي ارنون ويبوق.‏ سِيحُونُ مَلِكُ ٱلْأَمُورِيِّينَ ٱلَّذِي سَكَنَ فِي حَشْبُونَ،‏ وَٱمْتَدَّ حُكْمُهُ مِنْ عَرُوعِيرَ،‏ ٱلَّتِي عِنْدَ ضَفَّةِ وَادِي أَرْنُونَ،‏ وَشَمَلَ وَسَطَ ٱلْوَادِي،‏ وَنِصْفَ جِلْعَادَ حَتَّى وَادِي يَبُّوقَ،‏ ٱلَّذِي هُوَ تُخْمُ بَنِي عَمُّونَ حتى الآن لم يُعثر هناك على اية آثار تعود الى الفترة الكنعانية.‏ ولكن اكتُشف خزّان متهدم كبير على مسافة قصيرة شرق حشبون؛‏ وتحت المدينة بـ‍ ١٨٠ م (‏٦٠٠ قدم)‏ تقريبا يوجد نبع تشكلت منه سلسلة من البرك.‏ —‏ ‏ وقالو شعرا(عُنُقُكِ بُرْجٌ مِنَ ٱلْعَاجِ.‏ عَيْنَاكِ كَٱلْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَوَّابَةِ بَثْ رَبِّيمَ.‏ أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَانَ ٱلْمُشْرِفِ عَلَى دِمَشْقَ).‏ ؛‏ في نشيد الاناشيد تُشبَّه عينا الصبية الشولمية بـ‍ «البرك في حشبون عند بوابة بث ربيم».‏ كانت حشبون مدينة في اراضي جاد لكنَّها عُيِّنت للاويين.‏ ‏)‏ وفي حين يعتقد البعض ان بث ربيم هو اسم بوابة في حشبون مواجهة لمدينة ربة (‏عمان العصرية)‏ التي تقع شمال شرق حشبون،‏ يعتقد آخرون ان الاسم بث ربيم (‏اي «ابنة كثيرين»)‏ قد استعمل مجازيا ليعني مدينة حشبون الكثيرة السكان نفسها وأن البوابة دُعيت هكذا لأن اناسا كثيرين يدخلون ويخرجون من المدينة عبر هذه البوابة او يجتمعون عندها.‏ واليوم حول خرائب المدينة،‏ لا يزال هنالك دليل على وجود برك قديمة بالاضافة الى خزان كبير.‏ اما الوصف الشعري فيبرز صورة مناسبة للجمال الهادئ الشفاف الذي يُرى في عيني الشولمية البراقتين،‏ وربما تمثِّل بوابة المدينة جبهتها.‏
انتزع الملك الاموري سيحون حشبون من يد الموآبيين وجعلها مقرا ملكيا له.‏ وكانت هزيمة الموآبيين سبب شيوع مَثَل ساخر ضربه إما الاموريون او الاسرائيليون.‏ وإذا كان الاموريون هم مَن اطلقوا هذا المثل،‏ فقد اطلقوه للسخرية من الموآبيين واستذكار انتصار الملك سيحون عليهم.‏ اما اذا كان الاسرائيليون هم من ضربوا المثل،‏ فهو يعني انه كما انتزع سيحونُ حشبونَ من الموآبيين،‏ كذلك سيأخذ اسرائيل هذه المدينة ومدنا اخرى من يد الاموريين.‏ والجانب الساخر في هذا المثل هو ان انتصار سيحون مهّد السبيل امام الاسرائيليين ليمتلكوا الارض،‏ لأنه ما كان ليحق لهم اخذها لو لم تؤخذ من موآب.‏ —‏ ‏.‏ لِأَنَّ حَشْبُونَ كَانَتْ مَدِينَةَ سِيحُونَ،‏ مَلِكِ ٱلْأَمُورِيِّينَ،‏ وَهُوَ ٱلَّذِي حَارَبَ مَلِكَ مُوآبَ قَبْلًا وَأَخَذَ كُلَّ أَرْضِهِ مِنْ يَدِهِ حَتَّى أَرْنُونَ.‏ لِذٰلِكَ يَقُولُ ٱلشُّعَرَاءُ ٱلسَّاخِرُونَ:‏
‏«تَعَالَوْا إِلَى حَشْبُونَ.‏لِتُبْنَ وَتُشَيَّدْ مَدِينَةُ سِيحُونَ.‏ لِأَنَّ نَارًا خَرَجَتْ مِنْ حَشْبُونَ،‏ لَهَبًا مِنْ بَلْدَةِ سِيحُونَ.‏أَكَلَتْ عَارَ مُوآبَ،‏ أَصْحَابَ مُرْتَفَعَاتِ أَرْنُونَ.‏ وَيْلٌ لَكَ يَا مُوآبُ!‏ سَتَبِيدُونَ يَا شَعْبَ كَمُوشَيَجْعَلُ بَنِيهِ هَارِبِينَ وَبَنَاتِهِ فِي ٱلْأَسْرِ لِمَلِكِ ٱلْأَمُورِيِّينَ سِيحُونَ.‏ فَلْنَرْمِ عَلَيْهِمْ.‏سَتَبِيدُ حَشْبُونُ إِلَى دِيبُونَ،‏وَٱلنِّسَاءُ إِلَى نُوفَحَ،‏ وَٱلرِّجَالُ إِلَى مِيدَبَا
عندما رفض الملك سيحون ان يسمح للاسرائيليين بقيادة موسى بالمرور بسلام عبر ارضه واستعد لمحاربتهم،‏ مكّن يهوه شعبه من الانتصار عليه.‏ وقد حُرّمت المدن الامورية للهلاك،‏ بما فيها حشبون دون شك.‏ ‏«فَأَرْسَلْتُ رُسُلًا مِنْ بَرِّيَّةِ قَدِيمُوتَ إِلَى سِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ بِكَلَامِ سَلَامٍقَائِلًا:‏ ‏‹دَعْنِي أَمُرُّ فِي أَرْضِكَ.‏ فِي ٱلطَّرِيقِ أَسِيرُ.‏ لَا أَحِيدُ يَمِينًا وَلَا يَسَارًا.‏ اَلطَّعَامُ ٱلَّذِي تَبِيعُنِي بِٱلْمَالِ آكُلُهُ،‏ وَٱلْمَاءُ ٱلَّذِي تُعْطِينِي بِٱلْمَالِ أَشْرَبُهُ.‏ دَعْنِي أَمُرُّ عَلَى قَدَمَيَّ،‏ كَمَا فَعَلَ مَعِي بَنُو عِيسُو ٱلسَّاكِنُونَ فِي سَعِيرَ وَٱلْمُوآبِيُّونَ+ ٱلسَّاكِنُونَ فِي عَارَ،‏ حَتَّى أَعْبُرَ ٱلْأُرْدُنَّ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أَعْطَانَا يَهْوَهُ إِلٰهُنَافَلَمْ يَدَعْنَا سِيحُونُ مَلِكُ حَشْبُونَ نَمُرُّ بِهِ،‏ لِأَنَّ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ تَرَكَ رُوحَهُ تَتَصَلَّبُوَقَلْبَهُ يَتَقَسَّى،‏ لِكَيْ يُسْلِمَهُ إِلَى يَدِكَ كَمَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ.‏
‏«وَقَالَ يَهْوَهُ لِي:‏ ‹اُنْظُرْ،‏ قَدِ ٱبْتَدَأْتُ أُسْلِمُ سِيحُونَ وَأَرْضَهُ إِلَيْكَ.‏ فَٱبْتَدِئْ بِتَمَلُّكِ أَرْضِهِ فَخَرَجَ سِيحُونُ لِلِقَائِنَا،‏ هُوَ وَجَمِيعُ شَعْبِهِ،‏ لِلْحَرْبِ فِي يَاهَصَ،‏فَأَسْلَمَهُ يَهْوَهُ إِلٰهُنَا إِلَيْنَا،‏ فَهَزَمْنَاهُ وَبَنِيهِ وَجَمِيعَ شَعْبِهِ.‏ وَٱسْتَوْلَيْنَا عَلَى كُلِّ مُدُنِهِ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ وَحَرَّمْنَا كُلَّ مَدِينَةٍ لِلْهَلَاكِ،‏ ٱلرِّجَالَ وَٱلنِّسَاءَ وَٱلْأَطْفَالَ.‏ وَلَمْ نُبْقِ بَاقِيًا.‏ لٰكِنَّ ٱلْبَهَائِمَ نَهَبْنَاهَا لِأَنْفُسِنَا،‏ مَعَ غَنِيمَةِ ٱلْمُدُنِ ٱلَّتِي ٱسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا.‏ مِنْ عَرُوعِيرَ ٱلَّتِي عَلَى ضَفَّةِ وَادِي أَرْنُونَ،‏ وَٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي فِي ٱلْوَادِي،‏ إِلَى جِلْعَادَ،‏ لَمْ تَكُنْ بَلْدَةٌ قَدِ ٱمْتَنَعَتْ عَلَيْنَا.‏ أَسْلَمَهَا جَمِيعَهَا يَهْوَهُ إِلٰهُنَا إِلَى يَدِنَا.‏
بعد ذلك اعاد الرأوبينيون بناء حشبون ‏ وَبَنَى بَنُو رَأُوبِينَ حَشْبُونَ وَأَلْعَالَةَ وَقِرْيَتَايِمَ،‏ ،‏ وصارت من المدن التي اعطاها موسى لهم.‏ وبما ان حشبون مدينة حدودية بين سبطي رأوبين وجاد،‏ فقد صارت لاحقا جزءا من ارض جاد وأُدرجت بين مدن جاد الاربع التي عُينت للاويين.‏ ‏.‏ وَلِبَنِي مَرَارِي ٱلْبَاقِينَ،‏ أَعْطَوْا مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ:‏ رِمُّونُو وَمَرَاعِيَهَا وَتَابُورَ وَمَرَاعِيَهَا،‏
في وقت لاحق وقعت حشبون كما يَظهر في يد الموآبيين،‏ ويُرى ذلك من ذكر اشعيا وإرميا لها في اقوال الدينونة التي تفوَّها بها على موآب لِذٰلِكَ تُوَلْوِلُ مُوآبُ عَلَى مُوآبَ،‏ كُلُّهَا تُوَلْوِلُ.‏ عَلَى أَقْرَاصِ زَبِيبِ قِيرَ حَارِسَةَ يَتَأَوَّهُ ٱلْمَضْرُوبُونَ،‏ لِأَنَّ جِلَالَ حَشْبُونَ ذَبَلَتْ.‏ وَأَمَّا كَرْمَةُ سِبْمَةَ فَكَسَّرَ أَسْيَادُ ٱلْأُمَمِ أَغْصَانَهَا ٱلْحَمْرَاءَ ٱلزَّاهِيَةَ.‏ إِلَى يَعْزِيرَ كَانَتْ أَغْصَانُهَا قَدْ وَصَلَتْ،‏ وَفِي ٱلْبَرِّيَّةِ هَامَتْ.‏ وَإِلَى ٱلْبَحْرِ كَانَتْ قُضْبَانُهَا ٱلْوَارِفَةُ قَدِ ٱمْتَدَّتْ.‏
لِذٰلِكَ أَبْكِي عَلَى كَرْمَةِ سِبْمَةَ كَمَا أَبْكِي عَلَى يَعْزِيرَ.‏ بِدُمُوعِي أَرْوِيكُمَا يَا حَشْبُونُ وَأَلْعَالَةُ،‏ لِأَنَّهُ فِي صَيْفِكِ وَعِنْدَ قِطَافِكِ عَلَتْ جَلَبَةُ ٱلْمُحَارِبِينَ.‏
.‏ لكنّ ارميا اتى ايضا على ذكر هذه المدينة في قول على عمون.‏ ويرى بعض المعلقين في ذلك اشارة الى ان حشبون كانت قد وقعت في يد العمونيين بحلول ذلك الوقت.‏ ويقول آخرون انه ربما يُقصد بذلك ان حشبون الموآبية ستلقى مصير عاي نفسه،‏ او ان الحديث هو عن حشبون اخرى في ارض عمون.‏