بقلم : م. محمد يوسف الشديفات
13-03-2016 08:00 AM
يستمر الإعتصام المفتوح لطلبة الجامعة الاردنية احتجاجاً على قرار رفع الرسوم، الذي استطاع بكل اعتزاز وبأسلوبٍ سلمي وحضاري ان يحافظ على مطالبه المشروعة وأن يصمد وسط تصاعد الاحداث، والذي استطاع ايضاً أن يُسقط ورقة التوت التي تُواري سوءة عقلية صانع القرار والأسلوب الجديد المتبع في إدارة الأزمات.
بالرغم من الاشمئزاز الذي تشعر به وأنت تستمع إلى رئيس الجامعة 'الأم' وهو يتحدث بلغة الأرقام عن حاجة الجامعة إلى الأموال مقابل 'سلعة' التعليم التي تقدمها، وعن فشل إدارة الجامعة في توفير استثمارات ومشروعات حقيقية قادرة على سد العجز التمويلي الذي تعاني منه الجامعة، وبالرغم من لا معقولية نِسب رفع الرسوم بهذا الشكل وبين ليلةٍ وضحاها، وفي حين ان مسألة الاعتصام كان لا بد لها ان تبقى في حدود احتجاج طلابي واجتراح حلول من قبل إدارة الجامعة ومجلس أمنائها، إلا أن العقلية التي تدير الأزمة آثرت التصعيد وعملت على خلط الأوراق.
حديث رئيس الجامعة عن ألوان سياسية توجه الطلبة وتتلاعب بهم لمصالح وأجندات خاصة بها، كشف هو الآخر عن خطورة تستدعي الوقوف عندها طويلاً، الحديث عن الإصلاح السياسي والمناداة بتفعيل العمل الحزبي والمشاركة الشعبية في صنع القرار ودور الشباب في صنع حاضر الوطن ومستقبله، كل هذا يتهاوى عند أول اختبار حقيقي، فالرئيس يرى أن هنالك قوى 'تتلاعب' بالشباب الجامعي، معطياً لنفسه الحق في الحكم المسبق على آراء الطلبة التي يراها عُرضة للسلب، وفي الوقت الذي تعيب الحكومة على الأحزاب ضعفها وقلة حيلتها وهوانها على توجهات الشارع، يُنظر لتأثير الاحزاب أو 'الألوان السياسية' على انه هدم للوطن ومنجزاته، بل يصل احياناً إلى مستوى 'الإرهاب' كما وصفه أحد 'كتّاب التدخل السريع'.
لماذا إذاً نُنشئ الأحزاب وندفع لها من خزينة الدولة ونقرّ لها القوانين، وعندما تقول رأيها وتؤثر بشكل أو بآخر على الشارع نتهمها بالخروج عن النص الوطني؟ لماذا نعقد المؤتمرات والحوارات المحلية والعالمية التي تنادي بتفعيل دور الشباب والاستماع إليهم، وعندما يقول الشباب رأيهم نحكم عليهم بأنهم عرضة للتلاعب وأنهم غير مؤهلين لاتخاذ القرارات؟، ثم نهمز ونلمز ان الشباب الذي يطالب بحقوقه ويعبر عن نفسه هو عدو الوطن؟!! إلى متى سيبقى جيب المواطن هو الحل الأول والأخير لكل الاخطاء الحكومية المتراكمة؟!.
بعد انحسار تأثير 'التيار الإسلامي' على الشارع، لم تعد 'شمّاعته' مقنعة بالقدر الكافي، لذا تم استبدالها بألوان سياسية ويمين ويسار وقوى خارجية، وليس هناك اي مشكلة اذا وصل الأمر لحد الإرهاب ومعاداة الأجهزة الأمنية، المهم من وجهة نظر صانع القرار هو تحديث نظرية المؤامرة بما يتناسب مع متطلبات المرحلة، فهنيئاً لأي مسؤولٍ قادم على انجازاته العظيمة وقراراته الحكيمة التي لن يجرؤ أحد على ان يقول لها 'لا'، فلا تُناقش قرار المسؤول لانه يعرف مصلحتك ومصلحة الوطن اكثر منك، وإن حصل ذلك –لا قدّر الله- وقمت بالاعتراض على أية قرار، فأنت عدو الوطن، وعميل ومخرّب، وإرهابي!!.