اسرائيل المستفيد الأكبر من البحر الميّت

السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024

اسرائيل المستفيد الأكبر من البحر الميّت

بقلم : محمد الوشاح
02-05-2016 08:00 AM
للبحر الميت كما يعرف الجميع قيمة اقتصادية وعلاجية لا تضاهيها قيمة فضلا عن أهميته السياحية الرائدة بعد أن أصبح وجهة لملايين السياح الذين يفدون اليه على مدار العام من كل البلدان للاستمتاع بمياهه العالية الملوحة وطينته العلاجية ومناخه المتميز .. اذ هو بحيرة ملحية مغلقة تحتوي على تركيز عال من الكالسيوم والبوتاسيوم والعديد من المعادن وقد رشّح خلال السنوات الماضية ليكون من عجائب الدنيا السبع الطبيعية .. وبينما نحن مشغولون بأمور خرافية مفادها بأن البحر الميت منطقة مشئومة يحرم الانتفاع منه أو التداوي بمائه فقد تمكنت الشركات الاسرائيلية العاملة بمجال التنقيب عن النفط من العثور على كشف بترولي جديد بمنطقة البحر الميت بكميات تجارية تحتوي قرابة 4 الى 11 مليون برميل بقيمة تصل الى 320 مليون دولار وأنّ عمليات استخراج النفط من البئر ما زالت مرشحة لكميات أكبر .

وتقول الدراسات والابحاث الاسرائيلية انّ منطقة البحر الميت تمتاز بوجود نزّازات نفطية ونسب عالية من المواد العضوية الموجودة في صخور المنطقة موضحة أنّ معظم حقول النفط المنتجة تجاريا في العالم قد اكتشفت عن طريق النزازات وأنّ منطقة البحر الميت واعدة بانتاج كميات نفط تجارية عالية .. في حين أننا في الاردن تمّ تشكيل ست فرق بحثية لمنطقة البحر الميت ولم تعثر تلك الفرق على شيء من النفط ويعود ذلك بالطبع الى نقص الخبرات والكفاءات والانشغال بالتفاهات والخرافات .

وهناك موضوع آخر في غاية الخطورة والأهمية وهي أنّ المنطقة أمام كارثة وشيكة اذا لم تسارع الجهات المعنية بانقاذ البحر الميت من الزوال بعد أن أثبتت الدراسات أنه ينخفض سنويا بمعدل متر واحد أو يزيد حتى غدت ملامحه الحالية تتغير شيئا فشيئا على الخارطة الارضية ومن هنا نرى أنه يتعين على وزارة المياه والري التسريع في انشاء قناة البحرين التي ستربط البحر الميت بالبحر الأحمر وهو مشروع سينقذه من الزوال وسيوفر 550 ميغاوات من الكهرباء و850 مليون متر مكعب من المياه العذبة مما سيسهم بصورة كبيرة بحل مشكلتي الطاقة وشحّ المياه اللتين تواجههما المملكة كما يحذر الخبراء من نشاف البحر الميت إذا لم يتخذ أيّ إجراء لزيادة منسوبه ويرون أنّ مشروع قناة البحرين هو الحل الوحيد والممكن لتفادي زواله لافتين الى أن مسئولية حماية البحر الميت هي مسئولية دولية باعتباره ثروة عالمية بعد أن فقد ثلث مساحته السطحية .. فمن 900 كم مربع أصبحت مساحته السطحية الآن 600 كم مربع وقد تقلصت خلال العقود الاربعة الماضية بما يزيد عن 35% فيما يصل عرضه في اقصى حد الى 17 كم بينما يبلغ طوله نحو 70 كم ويؤكد الخبراء كذلك أنّ الأمن المائي للاردن في المستقبل القريب مربوط عضوياً وبشكل استراتيجي بتحلية مياه البحر الأحمر المسحوبة الى البحر الميت .

ويتميز البحر الميت بانه أخفض نقطة في العالم حيث ينخفض حوالي 400 متر عن سطح البحر وسمّي بالميت من شدة ملوحته البالغة 34% وهي تشكّل تسعة اضعاف تركيز الاملاح في البحر المتوسط كما توجد بعض المعالم الهامة في المنطقة مثل مسعدة وخربة قمران وكهف النبي لوط بالإضافة إلى التشكيلات الملحية الطبيعية فيه فضلا عن المناخ السائد وكلها جعلت من البحر الميت نقطة جذب سياحية عالمية .. وهناك العديد من الفوائد العلاجية التي يحصل عليها الإنسان من ملح البحر الميّت وطينته اذ يعتبر علاجاً لكثير من الأمراض الجلدية كالصدفيّة وحبّ الشباب والأكزيما والنمش والكلف والتجاعيد حيث تقوم هذه الأملاح بتعديل الرطوبة للجلد ومنح النشاط للخلايا الدماغية والدورة الدموية .. كما يفيد ملح البحر الميت في علاج الروماتيزم والآم المفاصل ويريح الجهاز العصبي بالكامل .. ويبقى أن نشير بأنّ الإنسان منذ القِدَم تعرّف على فوائد أملاح البحر الميّت حيث تذكر الروايات بأنّ عددا من الملكات القديمات قد تعالجن به ومنهن الملكة كليوباترا وملكة سبأ .