أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


انتخابات ...ام ...تصويت

بقلم : عبد الحليم المجالي
01-06-2016 03:14 PM

انتخابات ...ام... تصويت ؟
المتقدمون في السن امثالي والذين جاوزوا السبعين وعاصروا الطفرة التي مر بها الاردن لهم ذكريات من الماضي فيها من المفردات المعبرة عن كل مرحلة اجتماعية مر بها مجتمعنا الاردني . لاشك ان الاصول الاردنية في غالبها بدو او مزارعون ( فلاحون ) تطوروا بسرعة فائقه الى مجتمع حضري , يعكس هذا التطور ويعبر عنه تطور مدينة عمان من قرية صغيرة الى مدينة مترامية الاطراف .الاردنيون ونتيجة لسرعة وتيرة التطور لم يستوعبوه ولم يهضموه فجاءت نتائجه سلبية الى حد ما على التفكير في امور الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية .

اذكر في البدايات عندما انتقلنا من بيت الشعر الى بيت الحجر – في منتصف القرن الماضي - ان استهلاك العائلة من الماء وما تملكه من مواشي لايتجاوز ثلاث او اربع تنكات او قربه ماء يتم نقلها من آبار جمع مياه الامطار او من العين على ظهر الدواب او عل رؤس ربات البيوت – الورادات - العاملات المنتجات , لو قارنا ذلك مع استهلاكنا اليوم وطريقة وصول الماء الى بيوتنا وافواهنا لادركنا ان ذلك من الامور التي لاتصدق .

عدد المهن في البدايات كان محدودا ولا يتجاوز عدد اصابع اليد, حرا ث او مرابع او لاحوق واذا تطور الامر لبس عسكري . من الحكايات التي كنا نتداولها مع الاباء ان احد افراد العشيرة لبس عسكري في البادية فكان عندما يأتي الى العرب في اجازة يصبح فرجة ( بضم الفاء ) يتحلقون حوله , لاحقا ابن هذا العسكري اصبح وزيرا في عمان .. من القفشات الشعبية آنذاك : الحمد لله حنا تمدنا والكل منا شرى ساعة . اليوم في مجال الهندسة لوحدها عشرات الاختصاصات من كيماوي الى كهربائي ...الخ .

البرلمان الاردني المنحل , كآخر نموذج على تطور حياتنا النيابية يتطلب منا التساؤل والتعجب لماذا وصل الى هذه الحالة من كثرة العدد وتنوع الاسماء من نائب دائرة ونائب وطن وغيره والتركيز على خطاب المطالبة بالخدمات والحاجات الفردية وغياب الخطاب السياسي في وقت يضطرب العالم من حولنا سياسيا ؟ للوقوف على هذا التطور ومقارنة الماضي بالحاضر نأخذ محافظة الكرك على سبيل المثال كدائرة انتخابية في القانون الجديد يمثلها احد عشر نائبا , نأخذها كمثال كونها كانت مميزة عن باقي محافظات المملكة بوجود من يمثلها في وقت غاب هذا التمثيل عن غيرها من محافظات المملكة كونها لم تكن موجودة كقطاعات ادارية في ذلك الوقت .

مثل توفيق بك المجالي الكرك في مجلس المبعوثان العثماني لدورتين، حيث فاز في انتخابات العام 1908، والعام 1914، كانت مساحة الكرك اكبر من مساحة الاردن الحالية من جنوب تبوك الى حدود سوريا . المدة الزمنية منذ ذلك الوقت الى اليوم لا تتجاوز القرن ولا تتجاوز الجيلين حيث ان حفيد توفيق بك المجالي العميد الركن المتقاعد نشأت دليوان المجالي لايزال حيا يرزق اطال الله في عمره . بعد ذلك وفي عهد الامارة والمملكة ارتفع عدد ممثلي الكرك الى ثلاثة : مسلمان ومسيحي وآخر للطفيلة التي كانت جزءا من الكرك .

في مجلس النواب المنحل مجلس الحارات والمخاتير 150 نائبا كانوا يمثلون المملكة . بالعودة الى الكرك ونوابها في هذا المجلس لو وقفت على رأس شيحان الرمز الكركي ونظرت الى الجهات الاربع وضمن دائرة لا يتجاوز نصف قطرها 20 كم لوجدت نائبا في الشمال ونائبا ونائبة في الغرب ونائبا في الشرق وخمسة نواب في الجنوب ليصبح عددهم تسعة في لواء القصر وفقوع وقضاء الموجب التي كانت كلها الى وقت قريب لواء ا واحدا , واذا اضفنا اليهم نواب القصبة ونواب المزار والاغوار وعي لتضاعف العدد . واذا قارنا ذلك مع نائب واحد ( في مجلس المبعوثان ) يمثل الكرك يجلس مع نواب يمثلون الولايات العثمانية في اسطنبول ويتحدث بقضايا عربية بلغة تركية مع نوابنا كثيري العدد وقليلي البركة وحديثهم بقضايا خدمات ومصالح فردية نجد ان هذا التطور عكسي وانه خارج دائرة المنطق للاشياء ولا يصب في مصلحة التطور الديموقراطي للافضل .

من التطورات السلبية التي اثرت في حياتنا البرلمانية , من وجهة نظر الكثير , التضخم في التقسيمات الادارية وكثرة المحافظات والالوية وتقسيم الاردن الى بدو وحضر وتقسيم البدو الى شمال وجنوب ووسط وما ترتب علية من كثرة الدوائر الانتخابية وكثرة النواب مما افقد المجلس هيبته ويظهر ذلك واضحا من التعليقات على النواب في وسائل الاعلام وعلى صفحات التواصل الاجتماعي ايام عمله ويوم حله في غير اوانه . وفي مجال التضخم في التقسيمات الادارية نذكر انه كاد الاردن ان يقسم الى اقاليم لولا معارضة شعبية ادركت عبثية هذا التضخم وعدم ضرورته . ومن التطورات السلبية ايضا تعدد قوانين الانتخابات في مدة وجيزة فكم قانون انتخابات وضعنا منذ عام 1989 حتى اليوم ؟ وكم من الجدل والمماحكات رافق ذلك ؟ فالقانون الذي سننتخب على اساسه هو الرابع او الخامس في اقل من ربع قرن ومن المتوقع ان لا يصمد طويلا ....

كثرة الاحزاب والتي وصل عدد المرخص منها 44 حزبا , حزب ينطح حزب , من التطورات السلبية في حياتنا السياسية وعلى الجزء المهم فيها الحياة البرلمانية . 44 برنامج سياسي ومثلها اقتصادي واجتماعس ومثلها رؤى وتوجهات في كل شأن ولا تفسير منطقي لذلك الا فقدان التوازن الاجتماعي وفقدان الثقة في من يمثل من , وغياب المرجعيات السياسية والدينية . كثرة الاحزاب وقلة بركتها نتيجة ايضا لكثرة قوانين الاحزاب وفقدانها للتوازن والمنطق وغيابها عن مصلحة الشعب مصدر السلطات في الممارسات الديموقراطية الصحيحة ... كل ذلك يجري ونحن فاقدون الشعور به ونشجعه وندعمه وندعي اننا نتطور ولكن نخجل من القول بصراحه في أي اتجاه ....

الى الخمسينيات من القرن الماضي كان يطلق على عملية اختيار النواب تصويت كتعبير شعبي . مع الايام تقهقر هذا المصطلح امام مصطلح الانتخابات و اضيف اليه مصطلح العرس الديموقراطي . في الظاهر قد لا يبدو الفرق واضحا بين التصويت والانتخاب ولكن الواقع يقول غير ذلك , الانتخاب بالمعنى الديموقراطي يعني احتيار الافضل وحسب برنامج انتخابي معلن من بين المتقدمين ليمثلوا الشعب في مجلس النواب .

التصويت معناه ايصال ممثل الشعب الى مجلس النواب بعدد الاصوات التي يستطيع حشدها لتلك الغاية بدون برامج انتخابية وقد تكون القرابة او الجهوية والاقليمية المعيار في النجاح .التصويت في حالتنا الاردنية اصدق واقرب الى الواقع من الانتخابات , في الحالة هذه مقارنة مع الماضي نحن نسير نحو الكذب على انفسنا اكثر واكثر ونتلاعب في الالفاظ والمصطلحات لترويضها في خدمة تكريس الواقع وانه ليس بالامكان ابدع مما كان وسلام على الاصلاح والتغيير .






.


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-06-2016 03:42 PM

اتفق معك تماما اخي الغالي عبد الحليم بيك المجالي ،بأن التطورات التي نشهدها منذ اكثر من قرن هي تطورات عكسية بامتياز ، ومجلس النواب الاردني يجب الا يزيد عن اربعين نائبا فقط ، ولا مبر او مسوغ لمشاركة اللاجئين الفلسطينيين بالانتخابات .....

2) تعليق بواسطة :
02-06-2016 10:02 AM

كانت الورادات(بتشديد الراء)يذهبن كمجموعة لجلب الماء بشرط ان تبقى احداهن مع اطفال الاخريات على ان تكون مرضعا حتى ترضع اي طفل حسب الحاجة.الطريف انني علمت متاخرا ان لي عدد من الاشقاء والشقيقات من الرضاعة انتقل اغلبهم الى رحمة الله.لم نكن نشعر بوجود الحكومات لاننا لا نحتاج اية خدمة من الحكومة,نزرع الحبوب ونحصدها ونستهلكها,نربي الاغنام التي توفر لنا حاجتنا من الالبان ومشتقاتها واللحوم والجلود.بقية احتياجاتنا كالسكر والقهوة والتمر والكاز نشتريها من التجار,اذن ما حاجتنا للحكومة؟لا شيء تقريبا..يتبع

3) تعليق بواسطة :
02-06-2016 10:15 AM

يتبع...اما السياسة فلا علم لنا بها,المظهر الحكومي الوحيد هو قائد مخفر الشرطة وصحبه من الفرسان,ورغم ان رتبته لا تتجاوز الشريطتين(عريف)فانه يستطيع ان يسوق اهل القرية كلهم للاعتقال دون ان يحاسبه احد.نعم تغيرت الحياة كثيرا واصبحت الاحزاب بالعشرات دون تاثير يذكر على السياسة او الحياة العامة,نحن بحاجة الى زمن طويل لنعرف كيف نختار نوابنا ليكونوا نواب وطن وامة وليس نواب خدمات للاقارب والمحاسيب ,مجلس النواب القادم ربما سيكون نسخة مطابقة للمجلس الراحل او حتى اقل تاثيرا

4) تعليق بواسطة :
02-06-2016 12:20 PM

تحية طيبة للأخ العزيزعبد الحليم على مقالته التي ألهبت المشاعر وأعادتني إلى سنين مضت حين كان الوالد رحمه الله يحدثنا عن ماضي الكرك الجميل والذي لايختلف عن ماضي الريف الأردني وباديته .
لم يتاح لي وأنا ابن المدينة ميلادا ونشأة ولاللكثير من قراء ومتابعي موقعتا الوطني كل الأردن الإطلاع على حياة الآباء والأجداد والتي يجمع الجميع على أنها أفضل من حياتنا الحالية رغم المعاناة والفاقة وعدم توفر الخدمات فلا مجال للمقارنة بين الأمس واليوم والتطور هو صنو الحياة البشرية
فأوروبا الأمس غير أوروبا اليوم

5) تعليق بواسطة :
02-06-2016 12:34 PM

وإفريقيا الأمس غير افريقيا اليوم كذلك عرب اليوم غير عرب أمس بقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم ووعيهم وتعليمهم كما في لهجتهم وسحنتهم ومتوسط أعمارهم بسبب التقدم في الطب والخدمة العلاجية.
وبما أنك المعايش والمعاصر لجزء من ذلك الزمن الجميل حبذا لوأفردت جزءء من ذكريات خلت عشتها وتكتبها كمدونة ليطلع عليها الجيل الحالي ليعلم كيف عاش أجداده ويطلع على قيمهم وعاداتهم وطيبتهم التي استغلت من البعض وها نحن ندفع ثمن استغفالهم اليوم (الأجداد يأكلون الحصرم والأبناء والأحفاد يضرسون)مع تمنياتي لك بالصحة والعمر المديد

6) تعليق بواسطة :
02-06-2016 01:45 PM

الشكر الموصول للباشا الدكتور محمد العتوم على مروره اللطيف ورفيق الدرب عيسى الخطيب الذي اثرى المقال بمعلومات صادقه والاخ طايل البشابشه واؤيده ان التطور سنة الحياة وان الثابت فيها التغيير ولم اكتب مقالي مخالفا لذلك ولكنني طرحت هل كان هذا التغيير نحو الافضل ؟الجواب حسب قناعتي لا وردا على طلبك وضع مدونة هذا سهل ولكن وتيرة حياتنا وسرعة ايقاعها تجعل من تلك المدونة مادة مهملة لايقرأها الا من عايش احداثها للذكرى
الاخ عيسى تحدث بايجاز عن مجتمع العدل والكفاية وضرب مثلا شراكة الاطفال في حليب المرضعات

7) تعليق بواسطة :
02-06-2016 01:56 PM

اليست تلك هي الاشتراكية ؟ بلى وهي الفطرية بعيدا عن افكار ماركس وانجلز ... شراكة في الحليب وفي الحضانة التي تحتاج اليوم لعشرات التوقيعات لانشاءها وآخرها توقيع وزيرة الشؤون الاجتماعية
من كان لا يملك الضرع زوده المجتمع تطوعا به عارية مستردة تعود بعد قضاء حاجته
من كان لا يمللك البيدر يتيحوا له المجال لامتلاكه قادم من هنا وقادم من هناك
من كان لا يملك الزاد هنالك الشق ومن يتسابقون على قرى الضيوف ليأكل الجائع والمعتر
لم يكن احدا يشعر بالفقر لان عدالة السماء ساوت بينهم واذا كان من فرق فهو بسيط

8) تعليق بواسطة :
02-06-2016 09:18 PM

الاخ طايل البشابشة:ذكرياتنا عن الزمن الجميل يصعب حصرها:كانت دنيانا محدودة جدا تتمثل فيما يحيط بنا فقط,فلاحة الارض,تربية الاغنام,نسكن الكهوف شتاء وبيوت الشعر صيفا,لانعرف البطالة,الرجل يعمل منذ الفجر وحتى النوم,يحرث الارض ويزرعها بالقمح والشعير والعدس وغيرها,وفي الربيع يقوم هو والعائلة بازالة الاعشاب التي تنمو مع الحبوب,المراة تعجن العجين فجرا ثم تخبزه على الصاج او في الطابون,الذكور والاناث يشاركون في كافة الاعمال,تذهب النساء لجلب الحطب وتحمله على راسها,ترد على البير او النبع لجلب الماء...يتبع

9) تعليق بواسطة :
02-06-2016 09:29 PM

يتبع..تحلب المراة الغنم وتضع الحليب في السعن ليصبح رايبا ثم تخضه بالسعن او القرقعة الاكبر حجما فتفصل الزبدة عن اللبن المخيض,ثم تحول الزبدة الى سمن,واللبن الى جميد لمؤونة الشتاء.نتاول الخبز مع الشاي في اغلب الاحيان,والغداء رشوف من جريشة العدس وجريشة القمح واللبن,والعشاء عيش وهو جريش القمح مطبوخ مع اللبن,او ناكل بقول الارض كالخبيزا والصريصرة وغيرهما,نحصد بعض القمح وهو اخضر ونحرقه بالنار ليصبح فريكة,في موسم الحصاد نحصد الحبوب بالمنجل او باليد,ثم ننقلها للبيدر وندرسها بالحمير والبغال,ثم نذريها.يتبع

10) تعليق بواسطة :
02-06-2016 09:57 PM

يتبع.نفصل الحب عن التبن وننقلهما للمنزل,الحبوب نطحنها ونصنع الخبز منها والجريش,التبن والشعير غذاء للغنم والدواب,كانت النقود محدودة بحيث لم يكن في قريتي الا شخصين يملك كل منهما خمسة دنانير ورقة واحدة,كنا نقايض احتياجاتنا من التجار بالحبوب,ملابسنا كانت قطعة واحدة من القماش وهو الثوب,اما ملابس المدرسة فهي قميص وبنطلون لا نلبسهما الا عند الذهاب للمدرسة ونقلعهما فور العودة للمنزل,كان اهل القرية عائلة واحدة خاصة في الافراح والاتراح,كان زمنا قاسيا دون ان نشعر بقسوته,افضل ما فيه العدالة الاجتماعية,يتبع.

11) تعليق بواسطة :
02-06-2016 10:05 PM

يتبع..تحدد السهرة عند من عليه الدور بالقهوة فيقال:القهوة الليلة عند ابو محمد,يذهب الرجال هناك ويتسامرون عن الغزوات بين القبائل وما قيل عنها بالشعر البدوي,اما النساء فيتسامرن ايضا في مكان منفصل,لا ناكل اللحم الا عند قدوم ضيف عزيز والذي يعزمه الجيران ايضا ويتناولون الطعام جميعا.كنا اطفالا لا نشبع الا مرتين في العام بعيد الفطر وعيد الاضحى,لان مضافة الحارة تستقبل المهنئين وتتناوب العائلات تقديم الطعام في المضافة,فناكل طيلة النهار,اخي طايل:هذا غيض من فيض ارجو ان تكون قد استمتعت به,مع كل الاحترام !!!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012