علمونا في المدارس ان 'الثورة العربية الكبرى، رسالة نحن دعاتها وحماتها' وان الارض الاردنية كانت نقطة انطلاق العمليات العسكرية، وعلمونا ان بريطانيا العظمى ومعها الجمهورية الفرنسية قد خانوا الشريف الحسين بن علي وانجاله والقوميين العرب من خلال اعلان اتفاقية سايكس بيكو واجبار الملك فيصل على مغادرة سوريا الى العراق، واعلان وعد بلفور الذي اعطى فلسطين وطن قومي لليهود وما ترتب على ذلك من نزاعات وحروب خسر العرب من خلالها فلسطين ولا زالت المنطقة منذ ذلك التاريخ حتى الان تدفع ثمن ذلك الوعد.

حدث تاريخي بهذا الحجم مقابل غياب واضح لفعل ثقافي وسياسي رسمي وشعبي يحاكي الفعل - الحدث – التاريخي، باستثناء ما تم الاعلان عنه من برامج وفعاليات عسكرية، ثقافية فنية وندوات سياسية محليه متواضعة في شكلها و مكررة في معظم مضامينها.

اطرح سؤال بحجم الوطن الممتد، تتفرع عنه اسئلة تمتد خارج حدود الوطن المفتوحة منذ ذاك الزمن، لجرح انساني غائر يحاكي جرح الانسان الاردني عبر مئة عام. لماذا لم يُكرّم الثوّار الاردنيين والعرب الذين شاركوا في الثورة وكان ممكن من خلال تكريم احفادهم، من خلال انتاج افلام قصيرة تروي بطولاتهم، طباعة صورهم وتوزيعها؟ لماذا لم يتم اعداد برنامج زيارات لطلبة المدارس والجامعات لبيوت رموز الحركة الوطنية الاردنية التي مهدت الطريق للثورة قبل وصولها للأردن ومشاركة هذه الرموز في العمليات العسكرية حتى اخر طلقة؟

لماذا لم تعلن الدولة عن حفل (أممي) على رأسه الملكة العجوز (اليزابيث) ملكة بريطانيا العظمى، صنّاع سايكس بيكو ووعد بلفور الذي منح فلسطين للحركة الصهيونية واعلن الوصاية على الاردن بوصف اهلها رعاة عابرين؟ لماذا لا يُدعى وريث (ديغول وغورو) رئيس الجمهورية الفرنسية شركاء الانجليز في خديعة الشريف الحسين وانجاله والقوميين العرب عندما خاضت الحركة الوطنية السورية والاردنية معركة (ميسلون) ضد الجيش الفرنسي انتهت بانتهاء مملكة فيصل في دمشق.

الى جانبهم ايضا، يُدعى امين عام الامم المتحدة ومعه سجلات وقيود الذين تم طردهم من اوطانهم ظلماً وقسرّاً ومعه ايضاً كشف حساب بنكي بقيمة ما انفقه العالم عليهم مقابل ما انفقته الدولة الاردنية خلال قرن كامل؟ لا يمكن ان يغيب الاتحاد الاوروبي عن مناسبة بهذا الحجم ومعه مؤتمر المانحين في لندن، ليخجل كل منهم على نفسه من الشكوى والتذمر واغلاق الابواب في وجه الهاربين من الموت.

لماذا لا تُدعى الملكة العجوز وشركائها ليتشرّفوا بالسلام على نشامى الجيش العربي على امتداد حدودنا البرية مع سوريا والعراق، ليتوقف احفاد بلفور في احد المخيمات ليشهدوا بشاعة الوعد، ولا بد لهم من وقفة في مضارب البدو الممتدة منذ فجر (مؤاب) يقرأون في وجوههم كبرياء الانسان الاردني وحجم الانجاز والتحدي؟ اما ان الاوان ان تعتذر بريطانيا العظمى والجمهورية الفرنسية للأردنيين والفلسطينيين والعراقيين والسوريين واللبنانيين عما ارتكبت بحقهم من جرائم وان تعوضهم عن قرن كامل من الذل والاستعباد؟ كما اعتذرت وعوّضت غالبية الشعوب التي تم استعبادها؟ لماذا (قزّمنا) الحدث الهائل؟ اعتقد جازماً ان مئوية الثورة - ان اردنا ذلك – فرصة تاريخية في لحظة استثنائية تتجه فيها عيون العالم الى الاردن ليعلم الجميع (من نحن)؟ ومن هُم؟