أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الاحتفال بالثورة العربية الكبرى !

بقلم : د. محمود الحموري
06-06-2016 08:00 AM

بعيد عن التطبيل والتهويل والتزمير ، اتذكر الثورة العربية الكبرى بخير ، كما اترحم على قائدها 'الشريف الحسين بن علي' وكل قادتها اصحاب الهمة العالية من الاجداد الغر الميامين، الذين كانت طموحاتهم وامانيهم كبيرة في انشاء دولة عربية واحدة ينال فيها المواطن حقه في الحرية والعيش الكريم ويعيد مجده وكبريائه بين خلق الله على ارضه ومقدساته.

لكني لا اجد فكرا تنويريا ولا تثقيفيا ولا حتى حضاريا فيما اشاهد وارى من مشاهد واحتفالات ومهرجانات تتسبب في الفوضى، وتغلق بسببها الطرقات، وتعطل بموجبها الحياة العامة بمراسيم وقرارات لتمنح كثير من الفوضويين وربما الانتهازيين منابر للخطابة الانشائية بعيدا عن اعلاء شأن الوطن ومنح المطبلين فرص جديدة لمكاسب لا يستحقونها !

ولكني ما زلت اعتقد بأن مفهوم الثورة في مهمتها هو، تغيير الواقع الذي كان سيئا ولا يبشر بالخير بالذي سيكون افضل عليه الحال ولم يتحقق بعد، وهي الثورة التي اغتيلت او احبطت في بداياتها ولم تصل لمبتغاها، ولن يتحقق بالشكل الذي نريد واراده قادتها الا على النحو التالي:-

١. ان ترصد تكاليف الاحتفالات لاعداد برامج زمنية تنفيذية طبقا لما نصت عليه مبادئ الثورة الاساسية عند انطلاقها كثورة وحدوية عربية رائدة لتحقيق الاماني السامية.

٢. ان يتم التركيز على اصلاح المدارس والغرف الصفية ووسائلها التعليمية، ومرافقها الخدمية وكذلك دعم الجامعات بالاموال اللازمة لتنفيذ برامجها الطموحة ولتبيان الفرق لدى النشء من العامة، الذي يبحث بمرارة عن مستقبله بتندر وتحسر وترقب.

٣. تنفيذ مبدأ تكافئ الفرص في وظائف الدولة العليا والخدمة المدنية والعسكرية، علاوة على وقف تعيين ابناء الذوات ومحاسيبهم بمناصب عليا بشكل مستفز، واشبه ما تكون بتوارث المناصب كما يتواتر في مقالات الصحافة والجلسات العامة والخاصة والندوات وحتى داخل الابواب لدى الأسرة الواحدة، وكما هو الحال والواقع في تشكيل حكومات بلا لون سياسي ولا طعم تكنوقراطي، ولا تكافئ في الفرص بحيث لا يعرف الفريق الوزاري لماذا اتى والمستقيل او المقال لماذا ذهب !وكل ذلك دون ان يأخذ التكنوقراط المبدعون مكانهم بحسب تميزهم، لا حسب عائلاتهم وسلالاتهم، وفق سلم وموازين عادلة مقنعة تبعدنا عن فيض الغيط وتؤسس لمرحلة واعدة طال انتظارها.

٤. الاستفادة من التميز العلمي لاصحاب الكفاءات الكثيرة والمتنوعة في البحث العلمي لسبر اغواره ليساهم في التنمية المستدامة.

٥. ايجاد مشاريع طموحة واضحة المعالم تستوعب الخريجين المؤهلين والنشء الصاعد الذي يعاني من والاحباط والانزواء وراء مكاسب بسيطة وشهوات شخصية بعيدا عن العمل النافع الذي يعلي من شأن الوطن.

٦. اعادة صياغة وتفعيل ثقافة المسائل الكبرى بشكل مؤطر مثل تحرير فلسطين والوحدة العربية وعدم هدر الثروة والتفريط بالارض والارث التاريخي للوطن بحجة الخصخصة وابتلاع القطاع الخاص للقطاع العام.

٧. البعد عن تغليب الهاجس الامني على الدور الوطني للفرد، دون تقسيم الناس الى موالاة ومعارضة الامر الذي اصبح يفهم منه ان الرأي الاخر هو ضد الوطن وان الحكومة هي الدولة.

جميل ان يكون عندنا احتفالات نذكر فيها الماضي بكل تجلياته، ولكن الاجمل ان لا نضايق بعضنا بعضا، فالحياة تفاصيلها كثيرة وللناس حاجات لا نعرف جلها ولا تقال كلها، واختم ما كتبت من خلاصات وقناعات للقارئ الكريم بقول ابو الطيب المتنبي، فارس البيان وشاعر العصور حيث يقول:-

'وفي النفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتي بيان عندها وخطاب'


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
06-06-2016 12:34 PM

أبدعت يا دكتور محمود بهذا الكلام العلمي والوطني الحقيقي. ويمكن أن أضيف لما تفضلت به أنني كنت أتوقع أن يجري تكريم أبناء الشهداء في هذا العيد لكي يعبر عن تقدير لمن أسهموا ببنائه وضحوا بأرواحهم من أجل الحفاظ عليه. بارك الله بك وكل عام وأنت بخير.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012