بقلم : العقيد المتقاعد معتصم احمد بن طريف
19-06-2016 06:11 PM
ان ما اصبح يعاني منه المتقاعدون العسكريون الاردنيون من اعباء على عاتقهم في ضل مجتمع استهلاكي وحكومات متعاقبة لجأت في الكثير من حلول لمشاكلها الاقتصادية الى جيوب الموطنين ، وبما ان المتقاعدون العسكريون من هؤلاء الموطنون التي اصبحت جيوبهم فارغة ورواتبهم التقاعدية لا تكفي لسد حصتهم من المديونية لبنك النقد الدولي والجهات المناحة ، والتي استحقت على كل مواطن اردني نتيجة تخبط حكومات متعاقبة وبرامج اقتصادية اثبتت فشلها ، وفي ظل حكومات متعاقبة لم تعر المتقاعدون العسكريون اهمية لحل مشاكلهم ، وقوانين وأنظمة تضع عراقيل على عمل المتقاعدون العسكريون في بعض الوظائف والمهن - ليس مجال لذكرها هنا - جعل المتقاعد العسكري فريسة سهلة في يد القطاع الخاص في حل وجود فرصة عمل له في هذا القطاع ، الذي استغله -هذا القطاع - اكبر استغلال ومنها فرض رواتب على المتقاعد العسكري اقل من المقررة للموظفين في هذا القطاع والذي بعضهم لا يملكون ولو 10 % من مؤهلات المتقاعد العسكري العلمية والعملية ، ومع ذلك يرضى بذلك في ضل قانون يجبره على قبول ذلك ، اما من لم يجد فرصة عمل فأصبح اما يعيش على الديون على امل ان يتم رفع الرواتب التقاعدية لسدد هذه الديون ، او يبقى يبحث عن اي فرصة عمل ولو بأقل الرواتب ، مما اضطر البعض منهم وكانوا في رتب عليا اثناء خدمتهم العسكرية والأمنية بان يتقدموا للعمل بوظيفة عمال وطن ، وهم لم يقدموا على هذه الخطوة من باب التنبيه لهم او الاستهزاء لكن حقا تقدموا لهذه الوظيفة لحاجتهم المادية لراتب هذه الوظيفة ، والذي لا يعلمه الاخوة الضباط وضباط الصف المتقاعدون العسكريون المتقدمين لهذه الوظيفة ان الانظمة والقوانين تمنعهم حتى من الحصول على هذه الوظيفة .
اتطرق الان الى الحلول المقترحة بعد ان اطلت المقدمة ، ان هذه الحلول تحتاج الى ان تكون هناك ارادة حقيقيه وجدية لدى الحكومة وأصحاب القرار لحل هذه المشكلة وذلك من خلال ان تتبنى الحكومة لهذه الحلول بنفسها ومن هذه الحلول المقترحات التي نضعها امام الحكومة وأصحاب القرار ما يلي :
1. فتح مشاريع تنموية في المحافظات تكون الادارة والعاملين في هذه المشاريع من المتقاعدون العسكريون فهؤلاء العسكريون الذي بنوا جيوش فأنهم قادرين على ادارة اي من المشاريع الانتاجية او الصناعية او الخدمية فمحافظتنا غنية بالموارد الطبيعية والبشرية فعلى سبيل المثال محافظات الجنوب غنية بالموارد الطبيعية يمكن ان يتم فتح مشاريع في هذا الصدد مثل مشاريع تتعلق ب ( المحاجر / المقالع / الزيت الصخري / المشاريع السياحية /مشاريع تربية الثروة الحيوانية والطيور وغيرها / مشاريع استغلال المنتجات الحيوانية من الالبان ومشتقاتها الخ ...) ام محافظات الشمال فيهي غنية في الناحية الزراعية فيمكن العمل فيها على انشاء مشاريع (زراعية ومشاريع استغلال الثروة الحيوانية / المصانع الانتاجية مثل مصانع الالبان ومشتقاتها / مصانع العسل ومشتقاته / مصانع التجفيف للفواكه وغيرها من مصانع الثروة الزراعية اما المحافظات الشرقية فانه يمكن الاستفادة من طبيعتها في مشاريع مثل ( مشاريع تربية الثروة الحيوانية والطيور / مشاريع زراعية في مجال تامين الثروة الحيوانية بالغذاء / استغلال الطبيعة في مجال المحاجر والمقالع / مشاريع الحصاد المائي / المشاريع السياحية / الخدمات الجمركية كونها منطقة حدودية / مشاريع خدمات الحدود ...الخ ) اما محافظات الوسط فيمكن العمل فيها على انشاء مشاريع (تجارية في مجال تكنولوجيا المعلومات /الاستيراد والتصدير / مصانع انتاجية خفيفة مثل الغزل النسيج مستلزمات مدرسية مصانع مستلزمات السيارات / وغيرها الخ ...) فلو ان هذه المشاريع و الثروات اطرت ضمن مشاريع صغيرة تتبنها الحكومة وتضع لها ادارة وأيدي عاملة من المتقاعدون العسكريون وتدعم الحكومة هذه المشاريع من موازنة المساعدات الخارجية المقدمة لمملكة الى ان تصبح هذه المشاريع قادرة على كفاية نفسها والتطور وعلى ان تكون هذه المشاريع كما اسلفنا منتشرة في جميع ارجاء المملكة وعلى ان يكون هناك حساب ومحاسبة للإدارة هذه المشاريع ومكفأة المبدع ومحاسبة المقصر .
2. عقد الاتفاقيات مع المنظمات الدولية والإقليمية مثل ( الامم المتحدة / الاتحاد الاوربي / حلف الناتو / جامعة الدول العربية / الخ .....) ان المتقاعدون العسكريون لديهم خبرات في العمل مع هذه المنظمات الدولية فهم من خدموا في كافة انحاء العالم في مجال حفظ السلام واثبتوا كفاءتهم دوليا وشهد لهم العالم بأسره بحكمة وإدارة القوات الدولية في العديد من مناطق النزاع في العالم وأيضا الكل يشهد بكفاءة القوات المسلحة والأجهزة الامنية الاردنية في عملهم فلو عقدت الحكومة اتفاقيات مع هذه المنظمات الدولية وأرسلت لهم المتقاعدون العسكريون المؤهلين للعمل في تلك المنظمات بعد ان يخضعوا لاختبارات لهذه الوظائف فانه سيتم حل جزء من مشكلة هؤلاء المتقاعدون خاصة وان جاء هذا التوجه من الحكومة وللعلم هذا النظام موجود في معظم دول العالم المتقدمة وحتى الاقل منا تقدما حيث معظم موظفين هذه المنظمات هم عبارة عن اشخاص متقاعدون من دولهم رضخوا لاختبارات تؤهلهم للعمل في هذه المنظمات وهذا ليس ابدعا منا فلنستفيد من تجارب الدول في حل مشاكل المتقاعدين العسكريون والمدنين في هذا المجال .
3. عقد الاتفاقيات مع الدول العربية والإفريقية في تسويق الكفاءات العسكرية والأمنية ، في تدريب وتطوير الجيوش والقوات الامنية في هذه الدول وخاصة ان الكل يشهد بقدرات القوات المسلحة والأجهزة الامنية الاردنية وما تملكه من كفاءات تستطيع ان تعمل على تطوير قوات الدول التي تحتاج الى تطوير وتدريب وتأهيل عسكري وامني ، حيث تمتلك المملكة - والحمد لله - قدرات تصنيع عسكري في مركز الملك عبد الله الثاني بن الحسين للتصميم والتطوير KADDB فيمكن ان يتم تسويق والترويج لهذه الصناعات خلال التدريب عليها من قبل هؤلاء المتقاعدون العسكريون في هذه الدول ، مما سيكون له اثره ومرود ه الاقتصادي الكبير على المملكة . فهذه المبادرات والاتفاقيات تكون برعاية حكومية وليست مبادرات فردية .
4. السماح لبعض المتقاعدون العسكريون من التنافس على الوظائف العليا في الدولة ، وهنا اقصد الضباط المؤهلين علميا وعمليا وإداريا لقيادة بعض المواقع العليا في الوزارات والدوائر الحكومية فكثيرا من المتقاعدون العسكريون مؤهلين لهذه الوظائف ولديهم خبرة علمية وعملية في وظائف مشابهة وهنا اقصد ان يسمح لهم القانون بهذا التنافس .
ان نجاح هذه الحلول المقترحة يحتاج بالإضافة الى الارادة لدى اصحاب القرار العمل على اعادة هيكلة مؤسسة المتقاعدون العسكريون مع احترامي للأشخاص القائمين على هذه المؤسسة وما قدموه من خدمات ألا انه لا تزال بعض الامور بحاجة الى تأطير وإعادة نظر وملاحقة التطورات المتسارعة والعمل على ايجاد حلول لهذه الاعداد الكبيرة من المتقاعدون العسكريون من الاجهزة العسكرية المختلفة وخاصة ان معظمهم يتقاعد بعمر صغير قادر على العطاء والإنتاج في مواقع كثيرة .
نعم اعلم ان البعض قد يقول لي ان هذه الحلول بعضها مطبق على الارض وخاصة مثل المشاريع السابقة فأقول وان كانت موجودة فهي مقتصرة على اشخاص فما هو ناجح منها لم يتم دعمه وتطويره والباقي معظمها مشاريع خاسرة لأنها لم تجد الدعم الكافي والإدارة الصحيحة .
ان هذه الحلول المقترحة وغيرها من الحلول التي تصدر من - الاخوة المتقاعدون العسكريون - يمكن ان تكون فعالة اذا تم تبنيها من قبل اصحاب القرار بجدية وتشكيل لجان من المتقاعدون العسكريون لديها القدرة على وضع رؤيا وأهداف واستراتجيه عملية قابلة لتطبيق على ارض الواقع لحل هذه المشكلة وليست نظريات توضع على ورق امام الحكومات المتعاقبة .
اخيرا حمى الله الاردن وطنا وشعبا ومليكا ونور الله بصيرة اصحاب القرار الى حل مشكلة المتقاعدون العسكريون امين .