بقلم : محمد عربيات
07-07-2016 10:44 AM
الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري رحمه الله وبقصيدته الشهيرة جروح فلسطين والتي انشدها على اثر ثورة البراق التي قامت عام 1929 وبعد محاولة اليهود وبمساعدة الانجليز السيطرة على الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف فقد انشد الجواهري قائلا بهذه القصيدة الشهيرة :-
فاضت جروح فلسطين مذكرة جرحا باندلس للان ما التأما
سيلحقون فلسطين باندلس ويعطفون عليك البيت والحرما
ويسلبونك بغداد وجلقة ويتركونك لا لحما ولا وضما
من يقرأ هذه القصيدة الشهيرة للجواهري رحمه الله والتي انشدها عام 1929 سيرى كيف هي النظرة الثاقبة لهذا الشاعر لاحوال الامة وما نحن فيه هذه الايام ندعوا الله العلي القدير ان يسخر لنا قائدا يتقي الله في امته ووطننا العربي الكبير .
اسوق هذه المقدمة لاتحدث عن اقليم عربي جرى الحاقه بدولة الفرس ايران كما هو الحال باجزاء اخرى قامت بريطانيا بالحاقها بدول تحيط بالوطن العربي فلواء الاسكندرونه الحق بتركيا والاحواز الحق بدولة فارس ايران وكأن الوطن العربي ارض سائبه قام الانجليز بتوزيعه كما يريدون .
تاريخيا اقليم الاحواز ومنذ انتصار العرب بقادسيتهم الاولى كان هذا الاقليم يتبع للبصرة ومن بعد قامت الدولة المشعشعية واعترفت بها الدولة الصفوية والخلافة العثمانية وحافظت على استقلالها الى ان سقطت على يد الشاه بهلوي عام 1920 واتفاق بريطانيا مع ايران على اقصاء امير الاحواز والحاقها بايران نظرا لان هذا الاقليم غني بحقول البترول حيث دخل الجيش الايراني وتم فرض السيطرة على الاقليم وتم اعتقال العديد من الثوار والزج بهم بالسجون الايرانية ولاقوا صنوفا من العذاب وسقط العديد منهم شهداء تحت سياط جلاديهم كما يفعل الصهاينة بالمعتقلين بفلسطين المحتلة فقد قد احتل الفرس اقليم الاحواز في العشرين من ابريل من عام 1925م في عهد الشاه بخدعة للشيخ خزعل الكعبي أمير الأحواز حيث تم استدراجه إلى فخ نصبه له قائد الجيش الإيراني الجنرال زاهدي من أجل إجراء مباحثات سياسية إلا أن الجنرال زاهدي قام باعتقاله وتم الزج به في زنازين النظام الصفوي الفارسي مع مجموعة من الثوار الاحرار المرافقين له فهذه شيم الخداع متأصله بهم وبقي الشيخ خزعل اسيرا بالمعتقل حتى عام 1936 وتقول روايات إن السم دس له بالطعام فمات مسموماً.
تساهم الاحواز بنصف الناتج القومي الايراني وبنسبة 80% من الصادرات الايرانية وللاسف يعيش فيها شعب فقير نتيجة السياسة الايرانية تجاه هذا الاقليم فكما مارست تركيا سياسة التتريك مارست ايران سياسة التفريس تجاه هذا الاقليم حتى انها غيرت الاسم الى خوزستان بدلا من اسمه الاصلي الاحواز وهناك قول مأثور للرئيس السابق محمد خاتمي ( ايران با خوستان زنده است ) ومعناها ( ايران تحيا بخوزستان ) وفي اطار سعيه لمحو الهوية العربية لهذا الاقليم ومن خلال سياسة التفريس يقوم النظام الايراني بفرض الثقافة الفارسية على اهل الاحواز في مختلف نواحي حياتهم حتى انه منع التحدث باللغة العربية في الاماكن العامة وفرض عقوبات على كل من يخالف هذا الامر ولم يكتفي بذلك فقد قام بفرض سياسة التهجير على اهل الاحواز وتوزيعهم على اقاليم فارسية لتذوب هويتهم العروبية الاصيلة التي يتمسكون بها ومنع تسمية المواليد الجدد باسماء عربية ومنع ايضا ارتداء الزي العربي وقام بتغيير اسماء المناطق كما يفعل اليهود باسماء في فلسطين اورشليم يهودا والسامرة سبحان الله نفس الاسلوب وعلى راي المثل دافنينوا سوا حتى اثار المنطقة لم تسلم من المصادرة والاتلاف لمحو الذاكرة العربية للمنطقة كما يفعل الصهاينة اليهود وهناك سلسلة من العقوبات ضد من يقف او يعيق فرض سياسة التفريس على المنطقة حتى ان توظيف اي مواطن بوظيفة عليه اجادة اللغة الفارسية .
قام الاحوازيون بعرض قضيتهم على جامعة الدول العربية ايام حكم الشاه ولكن انقسام مواقف الحكام العرب كما هو شائنهم هداهم الله لم يؤدي الى نتيجة لصالح قضية الاحواز فقد كان العراق هو رئة الاحواز والمساند لها الى ان تم محاصرته واحتلاله مما اثر سلبا على حركة التحرر الاحوازية عدا عن ذلك فان هذه القضية لا يكاد يذكر عنها شىء بالاعلام العربي وكأنها قضية لا علاقة لنا بها لا من قريب او بعيد اعلامنا الذي نرى حالته المزرية هذه الايام فالقضية الفلسطينية اصبح اي خبر عنها لا يتجاوز ثواني وليس خبر رئيسي فالحال من بعضه كما يقال فها هو النظام الصفوي بعد ان فتحت امامه البوابة الشرقية للوطن العربي يمارس سياسته بالانتقام من التاريخ العربي الاسلامي ليعيد مجد دولته البائدة فالصهاينه يقولون دولتك يا اسرائيل من النيل وللفرات ولا نستبعد بان الفرس يكملون الجزء المتبقي ومن المحتمل ايضا ان يكون هناك طرف ثالث يسعى لاستعادة مجده التليد يتدثر بمظاهر تبهرنا وتخدعنا كما فعل يهود الدونما ذات يوم .
لم يصمت الاحوازيون العرب على الاحتلال الفارسي لإقليمهم فقد قامت الثورات في مواجهة المحتل الإيراني الذي مارس سياسة الأرض المحروقة التي كان يتبعها المستعمرون فقاموا بتدمير القرى والمدن العربية وتم إعدام الشباب الأحوازي دون أي محاكمة أو فرصة للدفاع عن أنفسهم من أجل إرهاب باقي الأهالي .
لم يستكن الاحوازيون العرب لما يقوم به النظام الصفوي الفارسي من تنكيل لاحراره من الرجال والنساء فقد قامت الثورات المتتالية ضد حكم الشاة السابق والخميني المقبور ولا تقل عدد الثورات عن 15 ثورة ان لم تكن اكثر من ذلك ولا زال الاحوازيون العرب يقاتلون من اجل تحرير اقليمهم المسلوب ليعود الى حاضنته العربية بالرغم مما يمارسه الفرس من قتل وتدمير وحملات الاعتقال والاعدامات بدون محاكمة والتصفيات التي تتم بالشوارع كما يفعل اليهود الصهاينه مع اهلنا بفلسطين.
ان الكتابة عن هذا الاقليم المحتل لا يؤديه حقه وهو اضعف الايمان الذي اصبحنا نتعلق به هذه الايام بعد ان تهالكت الانظمة العربية واصبح همها البقاء بالسلطة ولو على حساب كرامتها وامور اخرى والله المستعان .
عاشت الاحواز حرة عربية والمجد والخلود لشهدائها الابرار .