أضف إلى المفضلة
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


التنوير .. يحارب التخلف والجهل والخرافات

بقلم : برهان جازية
10-08-2016 03:00 PM


انا من دعاة التنوير ... ومن دعاة الفلسفه والسؤال ... ومن دعاة اخضاع كل شيء للعقل والمنطق والتحليل والتفكير . وفي جميع المجالات دون استثناء... واي شيء يخرج من هذا المفهوم لا اتعامل معه ابدا .

التنويريين هم اصحاب رؤيه مستقبليه وبعيده المدى ويملكون عقل ثاقب .. هم من اطلقوا لعقولهم وافكارهم الحريه المطلقه بالبحث والسؤال والنقاش .. عقولهم متحرره الى اقصى درجه حتى انها تخرج من اطار بيئتهم وعالمهم الى عوالم اخرى غامضه.. لا يقف امامهم اي حاجز .. حطموا كل الحواجز .. حاجز الخوف وحاجز المواجهه .. وحاجز الاقناع .. وحاجز النظريات والعلم .. وحاجز الاساطير والخرافات .. حاجز العادات والتقاليد .. حاجز العلم والتقدم .. عقولهم ورؤيتهم متقدمه اكثر من العلم نفسه .

التنويري .. فضولي الى اقصى درجه .. يقتحم عالم الغموض ليفكك اسراره او يفهمه او يجد تفسيرا منطقيا لاي امر يعتبره الكثيرون امرا حتميا .. .. لا يرضى بالامور الجاهزه او المتوارثه ما دامها لا تخضع لعقله وتحليله .. لا يقتنع بسهوله ابدا .. لديه قدره عاليه بربط الاشياء ببعضها البعض ان كانت متجانسه او متباينه وان كانت من ذات العالم او البيئه او بعيدة عنها .

التنويري ... هو بطبيعته فيلسوف .. يفلسف الاشياء .. ويسأل .. واي شيء يأخذه كمسلمه حتميه وأمن به واقتنع به قناعه كامله فتأكد تماما انه اخضعه لتفكيره وتحليله وعقله ومنطقه فوجده مطابقا ومتوافقا مع العلم والعقل والمنطق فاخذ به بدون ادنى شك او ريبه .

التنويري هو مفتاح العلم .. هو المحفز الرئيسي للعلماء بالبحث بافكارهم والاجابه عن تساؤلاتهم .. اسئلتهم الغريبه والاستثنائيه والذكيه والغامضه لا يمكن تجاوزها ... تحليلاتهم لا بد وان تقف عندها طويلا ... تفسيرهم للاشياء مثيره للجدل وغريبه وجديده ولا تخطر على بال بشر ... فلسفتهم واطروحاتهم قد تثبت اشياء وترسخها وتؤكدها وقد تفند اشياء اخرى وتنفيها .. وقد تزيد من العلم وتوسع مداركه وتتحقق الفائده العلميه من الاجابه على اسئلته الغير متوقعه والمنطقيه بنفس الوقت .

ومن غرائب التنويري انه مجرد كلمه او كلمتين عن اي موضوع تطرحه امامه وان كان لا يملك معلومات عنه او مطلع عليه مسبقا تبدأ تتشكل لديه فورا مجموعه من الاسئله ويبدأ التحليل لديه تلقائيا لما تقول ثم يتوسع بفكره الى ابعد حد ثم يبدأ بطرح الاسئله التي لم تطرح من قبل وحتى ممن له فكره واسعه وضليع بهذا الموضوع .. مثال ... اذا طرح عليه موضوع يتعلق ب ( الذره ) وهو فعليا لا يفقه ولا يعرف شيء عن الذره سوى الاسم او معلومات بسيطه جدا عنها .. وما ان تطرح هذا الموضوع امامه وتسترسل فيه قليلا فتفاجئ بانه يبدأ بسؤالك اسئله عن الذره انت فعليا لم تسمع بها من قبل وبنفس الوقت تستهجنها والادهى والامر لا تملك اجابه عليها... واسئلته لها قيمه علميه وعميقه وتصيب سر وغموض وعمق الموضوع المطروح .

التنويري .. يأخذك الى عالم اخر لم تكن تتوقعه .. يفاجئك بجديد كل ثانيه وكل ساعه .. كل موضوع يطرح امامه مهما كان فورا تنهال عليك اسئله تربكك وتثير الشك بنفسك .. اسئلته تلجمك وتثير استغرابك لاقصى درجه... افكاره تصعقك ...تحليلاته وتفسيراته للامر المطروح امامه تستهجنها .. تنظر اليه نظره المغامر والهالك ... تجد فيه جرأه لا تجدها بشخص اخر .. تظنه معقد .. مريض نفسي .. شاذ .. خارج عن الطبيعه ... افكاره واسئلته الكبيره والعميقه والمتحرره .. كما وانه يشعرك بانك قزم امامه وبأنك متقوقع بعالم ضيق ومكبل وافكارك ضيقه ملقنه وبديهيه ومتوارثه ومستسلم لها كما جاءت لك دون اخضاعها للنقاش او التفكير او التحليل ..يشعرك بانك أمنت بهذه الافكار والنظريات والعلوم واي شيء كما تعلمته ممن قبلك على نهج التوارث باستثناء المسلمات الحتميه طبعاوالمحسوم امرها والتي اقيم عليها الدليل.

التنويري بسبب افكاره واسئلته وبسبب رأيه الشخصي النابع من العقل والمنطق يتعرض للكثير من الانتقادات والنعت والاتهامات والهجوم والنبوذ ويوصف بالجنون والشذوذ الفكري .. ويوصف باشد الاوصاف قساوه وظلم ... وقد يتعرض للقتل او السجن او النفي باحيانا كثيره .

التنويري يجب ان يكون متسلح بعلوم الدين ومتسلح نوعا ما بثقافه عامه بكافة العلوم والا سيتوه ويضيع وقد يسقط ببراثن اجابته الخاطئه عن اسئلته اذا لم يجد جوابا مقنعا من احد او يتوه نتيجه بحثه الخاطئ واستنتاجاته.. او قد لا يجد اجابه لاسئلته فيبقى امر قناعته بهذا الموضوع معلق دون قناعه او ايمان .. فيتركها للمستقبل للاجابه عليها هو يكون قد مات... هو فعليا يسبق زمانه بين ( 50 سنه ) الى ( 500 ) سنه حسب اعتقادي .
التنويري مما يعاني ؟ ... يعاني من الافكار والقناعات التي ترسخت بنفوس البشر وعلى مدار عقود وقرون وسنوات واصبحت جزء لا يتجزء من هذه النفوس والتي من الصعب جدا وربما من المستحيل نزعها واستبدالها بالافكار الجديده المنطقيه والعقلانيه والمستنده والمدعومه والتي اثبتت علميا فيما بعد... حيث بتقدم العلم تم اكتشاف اشياء جديده كثيره عملت على تصحيح مفاهيم خاطئه كانت مترسخه بنفوس البشر وكما عملت على تفنيد والغاء كثير من الامور والافكار والتي اثبت العلم تخلفها وجهلها وما هي الا خرافات واساطير واستنتاجات خاطئه وعادات وتقاليد واقوال متوارثه ليس لها اساس من الصحه .. وكل هذا قد كان مطروح مسبقا من قبل هذا ( الفيلسوف )وقد اشار اليه اما كسؤال واما كرأي او كتفسير او كتحليل او كفكره فلسفسه ناقشها مسبقا.

التنوير بدول الغرب ناجح تماما وساهم مساهمه فاعله بطريقه او باخرى باثاره مواضيع وتنشيط علوم وتقدم علوم او تصحيح او تفنيد بعض نظريات وتفسيرات علوم او افكار او حوادث او شواهد او غموض ما ... التنوير بدول الغرب اكثر انفتاحيه وتقبلا .. لا يوجد سقف محدد له .. تسأل بكل شيء وتناقش وتجادل وتطرح وتتفلسف بدون ان تنصدم باي سقف مجتمعي او ديني او سياسي او اي سقف مهما كان .. تنطلق بحريه كامله بطرح افكارك وفلسفتك وتجد لها صدى وتناقش وتناظر باريحيه مطلقه بدون انتقادات او تهديدات او خوف .

التنوير العربي ... فاشل لانه محكوم بقيود شتى وتأويلات ورفض تلقائي ومباشر وفوري .. لان الانسان العربي لم يتعود مثل هذه الافكار والاطروحات والاسئله والفلسفه على المواضيع التي يعتبرها مسلمات حتميه .. لذلك محفز الانفتاحيه والعلم وتصحيح الخطأ المتوارث غير وارد عند العرب .. فنبقى بدائرة القوقعه والتأخر والجهل والتخلف ونحن لا ندري .. هناك الكثير من المفاهيم التي نعيشها يوميا هي خاطئه ولا يتقبلها عقل ولا فكر ولا منطق .

التنويري لا يقيم وزنا لعالم او لانسان اخطأ .. او وجده مخطأ بأمر ما يخص البشريه.. ومن المؤسف ان العالم او الانسان العربي ( الا ما ندر طبعا ) و( بغض النظر عن مجال علمه ) لا يعترف بخطأه خوفا من انكساره امام مؤيديه او خوفا من الشعور بالخجل والاحراج .. او خوفا من الظهور بمظهر المتخلف والجاهل امام الناس .. فيصر على خطأه او على رأيه فيناهض التنويري ويحاربه ... اما العالم الغربي ( والغالبيه الكبرى منهم ) يعترفزن ويتراجعون عن خطأهم ويعتذرون .

التنويري يدعو الانسان العربي خاصه الى الوقوف لحظه بينه وبين نفسه ويستمع ويقارن ويشغل عقله ويخرج من دائرة ( القصور العقلي ) التي لديه .. هذا زمن تحرر العقل .. لا داعي للتبعيه الفكريه الخاطئه والمتوارثه من الاجداد ومن المكتوبه ايضا التي كانت تعتبر من الالغاز والاشياء الغامضه التي استندت الى تحليلاتهم وتفسيراتهم الشخصيه دون استنادها الى العلم والى المنطق والعقل والى المقارنه والسؤال والبحث ... العلم فسر كل شيء وغير الكثير من المفاهيم والاشياء .. لماذا الاصرار والعناد على تحجيم العقل ؟ لا ادري .

التنويري هو انسان اولا واخرا .. ولا يعلم الغيب .. لكنه مميز عن الاخرين ان اطلق العنان لعقله ولفكره ولخياله الى اقصى درجه .. التنويري لا يتجاوز المسلمات الحتميه بتاتا والتي حسم امرها بالدليل الثابت .. التنويري فضولي يثيروه اي شيء غير مقنع فيطرح الاسئله ويعبر عن رأيه وفكرته ويقدم تفسيراته وتحليلاته حسب وجهة نظره وحسب ما يرى .. ومما يسعد التنويري هو ان يواجه او يناقش انسانا هادئا ومستمعا جيدا ويتبادلان الافكار بانفتاحيه وبدون تزمت او عناد او تصلب بالرأي او انسحاب فوري من الجلسه... لان التنويري شعاره هو ( اريد ان افهم ) .

التنويري .. يتأمل كثيرا ... ويفكر كثيرا .. ويكلم نفسه كثيرا ويطرح على نفسه وغيره الاسئله الكثيره ... جلسته ملغومه.. قد تستمر دقيقه واحده او قد تستمر ساعات ..وذلك لغرابه افكاره واسئلته .
التنويري .. هو فعليا وعلى ارض الواقع سعيد جدا .. لانه يسافر بعقله الى اي مكان وباي زمان .. لديه خيال واسع .. يعيش بعالم اخر فيه من الغرائب والغموض مما يشعره بالنشوه .. يقف وسط هذا العالم يفسر ويحلل .. يبحث عن اجابه لاسئلته .. كم يكون سعيدا عندما يجد اجوبه لاسئلته كانت تعتبر غامضه ولا زالت تعتبر غامضه لكثير من الناس .. فهو يقدم لهم الجواب والتفسير المنطقي للغموض .. ولكن للأسف كثير من الناس تفتقد نعمة التصديق او قبول التفسير او تحليل الغموض .. تستهجنه وتستبعده .. والاسباب معروفه هو عقولهم المحجمه والمحبوسه والخوف من تجاوز سقوف هم وضعوها لانفسهم هم واجدادهم .

والسؤال هو ..... هل التنويري اوالفيلسوف اوالمفكر العربي ستتاح له الفرصه للانطلاق بدون سقف او قيود ؟ .. وهل المجتمع العربي والانسان العربي سيصل الى درجه عاليه من التحرر العقلي والفكري ليتقبل هذا التنويري وافكاره وفلسفته ليطغى عليهما جو الوئام والنقاش الهادئ وتبادل الافكار بدون اتهامات والذي كل شيء بالنهايه مبني على القناعه والمدعمه بالدليل العلمي او الدليل المنطقي ؟ .. مع التاكيد على انه ليس شرطا ان كل من هو (تنويري ) عاقل.. وليس كل من هو (غير تنويري ) جاهل .. العكس وارد بحساب الفلاسفه.
العيش الروتيني والمكرر والمتوارث ممل .. فيه شقاء ... التنويرين خرجو من هذا العيش الممل .. هم في كل ثانيه بمكان وزمان مختلفين .
برهان جازيه
Burhan_jazi@yahoo.com




التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-08-2016 03:25 PM

يذكر أن التنوير مصطلح ماسوني وضع أسس هذا الدجل اليهود وهومذكور في بروتوكلات حكماء صهيون الفكر التنويري

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012