بقلم : ياسر المعادات
20-08-2016 03:07 PM
المجد الاولمبي الذي سطره احمد ابو غوش هو أهم انجاز رياضي في تاريخ الأردن التي حازت عبر فتاها الذهبي أول ميدالية اولمبية، فحتى بطولات العالم في مختلف الرياضات 'باستثناء كرة القدم' لا تقارن بالألعاب الاولمبية التي لطالما ارتبطت بالمجد الاولمبي ذو التقاليد الراسخة و التنافس الرياضي المحموم من أجل الفوز و رفع العلم الوطني عاليا.
انجاز احمد ابو غوش يأتي في وقت انحدرت فيه لعبة التايكواندو إلى أسوء مستوياتها،حيث لم ينجح أي من اللاعبين الأردنيين باستثناء ابو غوش في التأهل إلى الاولمبياد،و حيث تحولت هذه اللعبة الشعبية تاريخيا في الأردن إلى لعبة تجارية تسعى العديد من المراكز فيها إلى استقطاب أكبر عدد من اللاعبين دون الاهتمام بالمستوى العام أو التخطيط الرياضي للانجاز،و المفارقة هنا أن هذه الرياضة في الأردن كانت ترتبط ارتباطا عضويا بالانجاز سواء على مستوى بطولات العالم أو على صعيد دورات الألعاب الاولمبية،وقت كانت لعبة استعراضية تقدم ميداليات شرفية لا تدخل السجل الاولمبي الرسمي،و من منا ينسى انجازات الأبطال : سامر كمال و احسان ابو شيخه و عمار فهد و غيرهم الكثير،بينما شهدنا تراجعا غريبا للانجازات الأردنية في هذه الرياضة بعد دخولها السجل الرسمي الاولمبي في سيدني عام 2000.
قد يشكل احمد ابو غوش ظاهرة رياضية فردية،كما هو الحال لدى العديد من الدول التي يظهر فيها نجم رياضي عالمي أو بطل اولمبي في فترة من الفترات،على غرار التونسي اسامة الملولي مثلا أو الكويتي فهيد الديحاني في حال اقتصرنا الظاهرة على الدول العربية،و لكن رغم هذا فإن ابو غوش هو نتاج عمل جاد و ارادة صناعة البطل التي اختلطت بالموهبة النقية و الفريدة،و التي من الممكن البحث عمّا يشابهها لتكرار انجاز قد يضحي تاريخا فحسب في حال لم تتم دراسة أسباب تحقيقه و الاستفادة منها.
موهبة احمد ابو غوش تجلت في تفوقه على أقرانه في مختلف الفئات السنية سواء ناشئين أو شباب وصولا إلى فئة الكبار التي أثبت علو كعبه فيها هي كذلك،موهبة ابو غوش نمت و ترعرعت برعاية مباشرة و توجيه حاسم من قبل مدربه فارس العساف،الذي رافقه في مختلف الفئات السنية التي لعب فيها و حرص على تنمية قدراته الفنية و انضباطه التكتيكي و هي الأمور التي آتت أكلها أخيرا في اولمبياد الريو،ناهيك عن توفير جهاز الدرك الذي يعمل فيه البطلان كل الظروف التدريبية الملائمة بما فيها المعسكرات و المشاركات الخارجية،بيد أن هذا الأمر لا يغني عن وجود رعاية رياضية احترافية للبطل الاولمبي الساعي لتحقيق الانجاز.
لابد أن تكون هذه الميدالية الاولمبية الذهبية محفزا للجنة الاولمبية الأردنية،من أجل اتباع نهج التخطيط الرياضي السليم الهادف إلى تحقيق الانجازات الاولمبية و العالمية،و ترك نهج التخبط الذي رافق كل المشاركات الأردنية الاولمبية سابقا،و الذي استمر حتى في اولمبياد الريو التي باستثناء ذهبية ابو غوش و انجاز الملاكم حسين عشيش (الدركي هو الآخر) الجيد كانت مشاركة خجولة كالمعتاد بحكم عدم تمكنا من ايصال سوى ثلاثة رياضيين عن طريق التنافس الرياضي،فيما نهدر كعادتنا بطاقات الدعوة الخمس التي هي بمثابة معيار للتخلف الرياضي،نهدرها على رياضيين لا يمكنهم اتخاذ الاولمبياد كمحطة تجربة و خبرة هامة للوصول لاحقا إلى المستوى التنافسي الذي يؤهل الرياضي مباشرة إلى الاولمبياد و بطولات العالم،فبينما يشارك بعض الرياضيون للمرة الثانية في الاولمبياد دون ظهور أي بوادر لتحسن في طريق الوصول إلى المستوى التنافسي،نجد رياضيين بقوا في الأردن دون أي مشاركة قد تحفز ظهور نوازع الانجاز لديهم،و هو ما يعكس سوء التخطيط الرياضي لدى اللجنة الاولمبية الأردنية،التي لابد لها من التقاط انجاز ابو غوش و محاولة تكراره عبر اتباع نهج رياضي سليم يساهم في خلق رياضيين متفوقين.